لمَّا كانت السلامة والصحة المهنية هي مسئولية الجميع، لذا نجد حرص الكثيرين في العمل على تطبيق معاييرها واشتراطاتها للحفاظ على أرواحهم؛ خاصةً وأنه إذا ما توافرت في أي بيئة عملٍ مجموعة من المخاطر؛ سواء كانت مخاطر سلبية، أو مخاطر هندسية (المخاطر الكهربائية – المخاطر الميكانيكية)، أو مخاطر فيزيائية، أو كيميائية، أو مخاطر بيولوجية، أو مخاطر الحريق بأنواعه، كلُّ تلك المخاطر – مجتمعةً أو منفردةً – قد تُسبِّب حدوث أضرارٍ، وتلك الأضرار ينتج عنها خسائر في أحد ثلاثة أو كلها (الأرواح ، والممتلكات ، والبيئة المحيطة)؛ لهذا كان الإجماع على أن ماهيَّة السلامة والصحة المهنية -إلى جانب كونها علمًا- تبحث في وَضْع مجموعةٍ من الإجراءات، والقوانين، والقرارات، والتوصيات، والتدابير، والاشتراطات التي تحافظ على سلامة وصحة العامل، والبيئة المحيطة من مُسبِّبات الحوادث والأمراض.
ونجد السلامة والصحة المهنية تعتمد قبل كل شيءٍ على الأسلوب أوالسلوك، فهو يُعدُّ المُحدِّد الرئيس قبل التشريع في الالتزام بتطبيق معاييررواشتراطات السلامة والصحة المهنية.
ولذلك، ومن واقع الجانب التطبيقي والعملي في مجال التدريب بمقتضىوَظِيفَتِي كمُدرِّبٍ بمعهد السلامة والصحة المهنية أحد روافد المؤسسة الثقافية العمالية بمصر- قمتُ بحصر مَجْموعةٍ ليست بالهيِّنة من مُعوِّقات تطبيق السلامة والصحة المهنية، وذلك من خلال مناقشاتٍ لمجموعاتٍ من المتدرِّبين كنتُ أقوم بتوزيعهم في ورش عملٍ أثناء محاضراتـي معهم، خاصةً وأن غالبيَّتهم يعمل بقطاعات متعددة، وأنشطة صناعية وغير صناعية متنوعة، وما يلي هو نتاج عيِّنة عشوائية لمجموعة ورش عمل بلغ مجموعها عشرين ورشة عمل، كلُّ مجموعةٍ تضم خمسة متدربين بينهم تنوُّع في الوظائف، وما قصدتُ من سرد تلك المعوقات إلا بهدف الوقوف على ماهيَّتها، والعمل على إزالتها، وهو أمرٌ ليس بالهيِّن، فهو يحتاج إلى تكاتف كافة الأطراف المَعنيَّة بالسلامة والصحة المهنية من دولةٍ، وأصحاب عملٍ، وعمالٍ، وكذلك قيام الجهات التنفيذية المَعنيَّة بالسلامة والصحة المهنية بتفعيل مَهامِّها بشكلٍ يكون أكثر إيجابيةً:
- السلوك السلبي، أو الأسلوب الخاطئ لدى كثيرٍ من العاملين.
- غياب الرقابة، والمتابعة، والإشراف على كثيرٍ من المنشآت.
- ضعف الإمكانات المادية.
- غياب الوعي لدى كثيرٍ من أصحاب الأعمال والعمال بأهمية الالتزام بالسلامة والصحة المهنية.
- عدم وجود الفحص الدوري في كثيرٍ من المنشآت، وإن وُجِدَ لا يتمُّ إلا على المُعرَّضين فقط.
- عدم توفير أدوات ومهمات الوقاية الشخصية لدى الكثيرين، وإن وُجدَت تكون غالبيتها غير مطابقةٍ للمواصفات القياسية.
- عدم وجود توعية بالمخاطر، وكيفيَّة إدارتها وتحليلها بشكلٍ دوريٍّ ومستمرٍّ.
- إهمال الصيانة الدورية لكثيرٍ من المعدات والآلات، وبالتالي زيادة احتمالية وقوع الخسائر.
- عدم مراعاة توزيع العمال بشكلٍ يتناسب مع قدراتهم وإمكاناتهم.
- عدم وجود طبيبٍ دائمٍ في كثيرٍ من المنشآت.
- التوعية بالسلامة والصحة المهنية تكون قاصرةً في كثيرٍ من المنشآت على اللجنة والجهاز الوظيفي فقط.
- اعتماد بعض أصحاب العمل على علاقاتهم أو إمكاناتهم المادية في تجاوز القانون.
- قلة عدد مُفتِّشي السلامة والصحة المهنية بالمقارنة بعدد المنشآت الموجودة في مصر.
وأخيرًا،
أُؤكِّد على أن ما سبق عرضه من استقراءٍ لواقع السلامة والصحة المهنية إنما هو محاولة لإلقاء الضوء على ثروةٍ ماديةٍ، وغير ماديةٍ تتعرَّض للنزيف المستمر بهدف تصحيح المسار من قِبَل المَعنيِّين بهذا المجال.