باب السلامة في مواقع العمل
المنشآت والحِرَف الخطرة (طبيعة عمل المنشأة)
تلعب طبيعة عمل المنشأة دورًا بارزًا في تصنيف الخطورة، وذلك بالاستناد إلى طبيعة الأعمال والمهام التي يقوم بها العاملون، وعمليات الضبط والسيطرة على السلوك البشري داخل المنشآت، فكثيرًا من الأحيان تضع المؤسسات الحكومية الضوابط والنُّظم واللوائح التي تنظم عمل المنشآت، وتُسْهم في تعزيز ثقافة السلامة والحماية والأمان، وتهتم إدارة المنشآت في تطوير نُظُم السلامة العامة، وتدريب العاملين على التعامل الآمن واللائق داخل بيئة العمل.
إنَّ أهم الضوابط والمعايير التي تستند إلى مجموعةٍ من المعايير تتمثَّل في التالي:
تأسيس أنظمة السلامة وبيئة العمل بما يتناسب مع طبيعة التهديد الداخلي للمنشأة والمواد الخطرة المستخدمة في المنشأة، واتباع منظومة تهوية وإنارة تساعد العاملين على أداء مهامهم دون أي خللٍ، وتستند المؤسسات الحكومية على العديد من الاشتراطات الفنية لإنشاء بيئة العمل وَفْق التوجُّهات التي تضعها منظمة العمل الدولية والوكالات الحكومية للسلامة والوقاية والتأمين على حياة العمال والتوعية المستمرة بمصادر الخطر، ويمكن للأدلة الإرشادية التي تُصْدرها الجهات الرسمية أن تُزوِّد أصحاب المنشآت أو مسئولي السلامة بالمعلومات التي تساعد في توفير بيئةِ عملٍ آمنةٍ ولائقةٍ تلتزم بالمواصفات والمقاييس المحلية.
معيار بيئة العمل الآمنة:
وَضعت لوائح السلامة والوقاية العديد من الاشتراطات التي تُلْزم الشركات والمؤسسات وأصحاب المنشأة بتعيين شخص مسئول عن الرقابة على أنظمة السلامة، والحد من المخاطر، ومتابعة الالتزام بالأنظمة والقوانين الخاصة بالسلامة، وتطبيق السلامة القياسية، ويعمل مراقب السلامة أو مسئول السلامة والوقاية على الحصول على التحديات المستمرَّة لبيئة العمل بالتنسيق مع المؤسسات المختصَّة بالسلامة، وتحديث أنظمة السلامة والوقاية، ويقدم أنشطة التدريب المستمر للعاملين، ويراقب جودة الإنتاج بما يُسْهم في استدامة السلامة العامة في المنشأة، فتأسيس بيئة العمل الآمنة لحماية الموظفين من جهة، وتجنُّب الملاحقات القانونية بعدم الالتزام بمتطلبات السلامة والوقاية.
إنَّ التأسيس لبيئة العمل يمكن أن يُعزِّز قدرة المنظمات على الإنتاجية بجودة أعلى، وتقليل الخسائر المتوقَّعة، وتحسين السلوك البشري داخل المنشأة، وهذا يتطلَّب تقدير الخطر المتوقَّع قبل وقوعه من خلال إعداد مصفوفة المخاطر قبل تشييد المنشأة، والمخاطر التشغيليَّة المتوقَّع حدوثها؛ مما يُسْهم في وَضْع متطلبات وإجراءات الحماية لمنع مزيدٍ من الخطر، ووضع دليل السلامة التشغيلية للحدِّ من الآثار أو الأضرار على بيئة العمل، وبالتالي توقف العمل في حال تفشِّي خطرٍ ما، أو الأضرار الناتجة عن الأخطار التشغيلية، ولتحقيقِ بيئةِ عملٍ آمنةٍ ولائقةٍ لا بد من مراعاة الاشتراطات التالية:
- التهوية الطبيعية وَفْق طبيعة عمل المنشأة: وغالبًا بعض المنشآت تحتاج لتهوية صناعية، والحد من دخول الهواء، خاصةً في مصانع الإنتاج الغذائي.
- الراحة الحرارية: والتي ترتبط بالحفاظ على درجة حرارة تتلاءم مع طبيعة جسم الإنسان، وتمنحه حرية التحرُّك والتنقُّل دون ظهور إجهاد حراري.
- الإنارة الطبيعية: تُسْهم الإنارة الطبيعية في تجديد الدماء للعاملين؛ ممَّا يُسْهم في تحسين الإنتاجية، وتطوير الجهود الخاصة بجودة المنتجات.
- التشطيب الملائم: إنَّ من عوامل السلامة في المنشآت الخطرة: استخدام التشطيب الملائم لطبيعة عملها، والذي يمنع تجمُّع الغبرة والأبخرة السامة والدخان، وكذلك استخدام تشطيبٍ للأرضيات تمنع الانزلاقات، وتساعد على سهولة الحركة والانتقال.
- التحكُّم بمصدر الضوضاء داخل المنشأة، وهذا يرتبط بسلوك العاملين.
معيار سلوك المُوظَّفين:
تهتمُّ المؤسسات الخطرة بالمراقبة المستمرة لبيئة العمل، وخاصة العلاقة الوظيفية بين الموظفين ومساحات العمل للتأكُّد من اتباع إجراءات السلامة التشغيلية، وتحقيق معايير الأمان المطلوبة أثناء التشغيل، وهذا يتطلَّب معاملة الموظفين باحترامٍ، وعدم إرهاقهم، وتوفير الراحة الجسدية والنفسية لهم لاستمرار العمل ضمن الحدود المسموح فيها لتوفير الأمان النفسي.
يجب أن تعمل الإدارة العليا على احترام الموظفين، وعدم التحرُّش بهم داخل مكان العمل، والتعامل مع شكاوى الموظفين أو العملاء وَفْق الأنظمة الخاصة بالمشروع، وتحذير الموظفين الذين يتصرَّفون بطريقة غير لائقة تُعرِّض أي شخصٍ للخطر، ويمكن أن تصل العقوبات في حال تكرار السلوك المؤثر على زيادة الخطر على المنشأة إلى فصل الموظف، وإبلاغ الجهة الحكومية المختصَّة التي تتابع قضايا العمال مع توثيق المشاكل كافة التي تسبَّب فيها العامل في سجلٍّ خاصٍّ، وهذا الإجراء يضمن بيئة عمل آمنة للجميع.
تعمل المؤسسة أو الشركة أو المنشأة على تجهيز الطواقم للتعامل مع الحالات الطارئة، وتدريبهم على خطط الإسعاف الأَوَّليِّ، وإمدادات الطعام، وتوفير مكانٍ آمنٍ من الغازات السامة يمكن الوصول له بسهولةٍ؛ إذ إنَّ التدريب المستمر، والتدريب الافتراضي، والمناورات الاختبارية تُسْهم في تحسين أمان بيئة العمل في حالة وقوع المخاطر ذات المصدر الطبيعي أو البشري.
معيار سلامة المُعدَّات:
تهتمُّ المؤسسة بالصيانة الدورية للمُعدَّات والأدوات داخل بيئة العمل التي تساعد في تجنُّب المخاطر الميكانيكية أو الكهربائية، أو المخاطر الكيميائية، أو المخاطر التي تنتج عن سوء التشغيل، أو سوء تنظيم العلاقة بين المُعدَّات والمواد الخطرة ممَّا يهدد بيئة العمل، ويرفع من مستواها، إن التحميل الزائد على المُعدَّات يزيد من مستوى الإشعاع الحراري الناتج عنها، ويقلل من العُمر الزمني لها.
إن قدرة المنشآت الخطرة على وَضْع منظومة للرقابة والإدارة الذاتية للمُعدَّات يساعد في تحسين ظروف العمل، والتقليل من المخاطر، وهذا يعتمد على الإمكانيات المتوفرة لدى الشركات والمؤسسات في تعزيز العلاقة بين المؤسسات المختصَّة في السلامة والوقاية ومراكز الفحص الفني والصيانة الدورية والرقابة المستمرة والسيطرة والتحكم في مصادر الخطر كافة، مع وَضْع شبكة للعلاقات الوظيفية بين مصادر الخطر ومتطلبات السلامة والوقاية داخل المنشأة؛ ممَّا يُعزِّز توفير بيئة عمل آمنة ولائقة.
ختامًا:
إن قضية المنشآت الخطرة وتصنيفها من القضايا الشائكة التي ترتبط بتطبيق معايير ومؤشرات السلامة العامة، ومنع الحَدَث قبل وقوعه، وحتى هذه اللحظة لا توجد معايير ثابتة لتصنيف المنشآت والحِرَفِ الخطرة، وتعتمد بالدرجة الأولى على المواد الخطرة، وكمِّيتها، وطريقة تخزينها، والخطر المترتب عليها؛ لذا سيتمُّ تقديم مقالة مخصصة في هذا الجانب لتوضيح المواد الخطرة، وسلوكها في المنشآت والحِرَفِ الخطرة.