حلول وضوابط للحدِّ من ظاهرة العنف المدرسي من منظور التسلسل الهرمي للسيطرة على المخاطر
تعتبر ظاهرة العنف المدرسي بجميع أنواعها ومُسبِّباتها مُعْضلة تُهدِّد استقرار وأمن البيئة التعليميَّة تستلزم اتِّخاذ إجراءات معالجة شاملة، والَّتي ولابدَّ أن تتضمَّن تفعيل معايير الأمن والسلامة المدرسية كعامل أساسي للحدِّ من هذه المعضلة، ومن الملاحظ أنَّ معظم الجهود المبذولة لمعالجة المشكلة تُركِّز على الجانب السُّلوكي التعليمي من خلال التَّركيز على السلوكيات والممارسات التعليمية والتربوية الإيجابية لتعديل السلوك العنيف. ولا شكَّ أنَّ هذه الإجراءت فعَّالة، وخاصةً إذا ما كانت البيئتان (المدرسيَّة، والأسريَّة) متعاونتين ومتكاتفتين، ولكن ومن أجل ضمان الاستفادة القصوى من هذه الإجراءات السلوكية التعليمية لابد أيضًا من بناء البيئة الفيزيائية للمدارس بحيث تُعزِّز فاعليَّة الإجراءات التنظيمية والقانونية، وذلك من خلال تفعيل أنظمة ومعايير السلامة المدرسية المناسبة للحدِّ من هذه المعضلة، ومن خلال هذه السلسلة أودُّ أن أتطرَّق إلى أهمِّ الحلول والضوابط، والتي اعتمدت في تصنيفها على التسلسل الهرمي للسيطرة على المخاطر للحدِّ من التعرُّض للمخاطر، أو إزالته بالكامل، مع التركيز على الضوابط الثلاثة الأخيرة لمناسبتها، وقابليَّة التطبيق في مدارسنا.
الحلول الهندسية للحدِّ من العنف؛ سواء داخل المبنى المدرسي أو في الساحات الخارجية:
- توفير أنظمة المراقبة الأمنيَّة لأجل تحقيق السيطرة الأمنيَّة الداخلية والخارجية للمدرسة، مع الاهتمام بتوفير الإضاءة والإنارة الداخلية والخارجية الكافية.
- تصميم المبانـي المدرسيَّة بنقاط دخول محدودة، والتأكُّد من مراقبة هذه النِّقاط، والتحكُّم فيها بشكلٍ جيدٍ.
- تنفيذ أنظمة التحكُّم في الوصول؛ مثل: تقسيم المبنى التعليمي إلى نطاقات مُرتَّبة حسَب المرحلة المدرسية، ومن المفيد استخدام الأبواب التي تفتح باستخدام البطاقات أو الماسحات الضوئية البيومترية لتقييد الدخول للموظفين المُصرَّح لهم فقط، وتسهيل التحكُّم في الوصول.
- إعادة تصميم الأسوار الخارجية للمدارس بحيث تكون مُصمَّمةً بما يناسب معايير الرؤية الواضحة التي تُسهِّل المراقبة والتحكُّم؛ مثل جَعْل السور نصفه خرسانيًّا، والجزء العلوي يكون من السياج.
واستكمالًا لمقالتنا التي تطرَّقت إلى الحلول والضوابط لمعالجة والحدِّ من العنف المدرسي، إليكم أهم وأشهر الحلول الإداريَّة التي من شأنها الحد من العنف؛ سواء داخل المبنى المدرسي، أو في الساحات الخارجيَّة:
- التأكيد على نَشْر لائحة السلوك الأخلاقي، وإدراج التوعية بالأنظمة الجزائيَّة بما يخصُّ العنف بكل أشكاله ضمن المناهج والبرامج المدرسيَّة.
- تفعيل دور الرقابة المدرسيَّة وتكثيفه من خلال رفع عدد المراقبين المشرفين مع فترة الاستراحة، وكذلك نهاية الدَّوام بحيث تشمل الساحات الخارجية أثناء الخروج.
- توفير نظام إدارة الزائرين بحيث تؤخذ بيانات جميع الزائرين، وتسجيل الدخول، والسماح لهم بارتداء شارات الهُويَّة حال ضرورة التنقُّل بين مرافق المدرسة، أو مرافقتهم أثناء تواجدهم في الحرم الجامعي.
- توفير سيَّارات دوريَّة للحراسات المدرسيَّة (عند الحاجة) في المدارس الكبيرة، والتجمُّعات لتسهيل عمليات التفتيش اليوميَّة.
- تعزيز دور المرشد الطلابي في تهيئة البيئة التربوية والأسرية للحدِّ من العنف بكلِّ أشكاله.
- تنفيذ اللِّقاءات الأسرية لتفعيل دور مشاركة الأسرة، وتكثيف الجهود لدعم النتائج المرجوَّة من خلال تفعيل المشاركة المجتمعيَّة، والاستعانة بالمستشارين والمختصِّين المدرَّبين الذين يمكنهم تقديم الدعم للطلاب الذين يعانون من المشكلات العاطفيَّة أو النفسيَّة.
- التَّشجيع على البحث العلمي فيما يخصُّ تقليل العنف المدرسي بكل أنواعه، ودراستها كظاهرة تستوجب اتِّخاذ إجراءات تنظيميَّة وتصحيح سلوكيات، وطرح المسابقات، وورش العمل في ذلك، وسيكون من المفيد أن تتعاون إدارات الأمن والسلامة بالمناطق مع الإدارات ذات الاختصاص بهذا الشأن.
وختامًا، وفيما يخصُّ الضوابط الشخصيَّة حسب التسلسل الهرمي للسيطرة على المخاطر، والتي من شأنها المساهمة في الحد أو منع ظاهرة العنف المدرسي، والتابعة لمقالتينا السابقتين، فإليكم أهمها وأشهرها:
تنفيذ البرامج التوعوية والتثقيفية التي من شأنها تطوير شخصية الطلاب والطالبات، والتي تُسْهم في تعزيز حالتهم الصحيَّة السلوكيَّة بحيث لا يقتصر أثرها على التطوير الدراسي، والحد من ظاهرة العنف داخل المدارس، بل تتعدَّى إلى بقيَّة حياتهم العملية والمهنية، وقد تشمل هذه البرامج:
- السَّيطرة العاطفيَّة، وتطوير الذات، وحل المشكلات الاجتماعية، وحل النِّزاعات الاجتماعية، والمهارات الاجتماعية الإيجابيَّة، والعمل الجماعي.
- تنفيذ برامج التوعية بالصحة العقلية، وتوفير الموارد للطلاب الَّذين يعانون من تحديات الصحَّة العقليَّة.
الاستثمار فيما يخصُّ تطوير الكوادر البشريَّة من هيئة التعليم بتأهيلهم للعمل الإرشادي والصحَّة النفسيَّة لدعم التعامل مع المشكلات الطلابيَّة، وتدريبهم على مهارات تشخيص الحالات الفردية، والتدخُّل المبكر لعلاج حالات العنف، وتدريبهم على وضع خطط العلاج النفسي، والاجتماعي، والمعرفي السُّلوكي.