مقالات المجلة

حادثة زلزال مراكش بالمغرب

مقدمة:

خاضت فِرق الإنقاذ سباقًا مع الزمن للعثور على ناجين بين الأنقاض أثر الزلزال الذي خلَّف أكبر عدد من الضحايا في المغرب خلال أكثر من (6 عقود)؛ إذ تجاوز عدد القتلى (2100) جرَّاء الكارثة التي دمَّرت قرى في جبال الأطلس.

وانضمَّت فِرق إنقاذ من إسبانيا وبريطانيا لجهود البحث عن الناجين من الزلزال الذي وقع على بُعْد (72 كيلومتر) جنوب غربي مدينة مراكش في وقت متأخر من يوم الجمعة الموافق 8/9/2023م، وبلغت قوته حسب التقديرات (7.2 درجة)، بحسب مقياس ريختر.

وقضى كثيرون من الناجين ليالي في الخلاء بعد أن تهدَّمت منازلهم، أو أصبحت غير آمنةٍ بسبب أعنف زلزال هزَّ المغرب منذ عام 1900م على الأقل. وذكر التليفزيون الحكومي في وقت متأخر أمس الأحد أن مُحصِّلة القتلى بلغت (2122)، بينما بلغ عدد المصابين (2421).

وقالت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية: إن زلزالًا قويًّا بقوة (6.8 درجة) ضرب وسط المغرب، وأضافت أن مركز الزلزال كان على بُعْد (71 كيلومتر) جنوب غربي مراكش، وعلى عمق (18.5 كيلومتر).

وتوافد المغاربة بأعداد كبيرة على مراكز التبـرُّع بالدم استجابةً لدعوة أطلقتها السلطات الصحية للمساعدة في علاج المصابين الذين يحتاجون إلى نقل دم.

وأعلن ملك المغرب/ محمد السادس، حدادًا وطنيًّا لمدة ثلاثة أيام على أرواح ضحايا الزلزال المدمر، كما أمر بتسريع عمليات الإنقاذ.

أسباب وقوع الزلزال:

وحول الأسباب العلميَّة لوقوع الزلازل، قال غسان سويدان مدير مركز رصد الزلازل في الأردن: «هناك أسباب طبيعية، وأخرى اصطناعية؛ الأولى: تكتونية، بمعنى أنها تتعلَّق بحدوث تصادم بين الكتل الصخرية الضخمة في القشرة الأرضية. أمَّا الثانية فتتعلَّق بالتفجيرات النووية، وتفجيرات مقالع الحجارة والمناجم».

لكن، لماذا وقع الزلزال في هذه المنطقة من المغرب تحديدًا؟

طرحنا هذا السؤال على سويدان الذي أكَّد على وجود صدعٍ نشطٍ في المنطقة كان في حالة سُبَات في السابق، لكن تراكم الإجهادات عليه من حركة الصخور الضخمة أدَّى إلى وقوع الزلزال.

وقال: «إنَّ الزلازل لا تحدث إلا على حدود الصدوع في الكرة الأرضية، ولا تحدث عشوائيًّا».

وتوقَّع خبير الزلازل الأردني حدوث هزات ارتداديَّة، حيث قال: إنَّه سجَّل وقوع زلزال متوسط بقوة (4.8 درجة)، وهو ليس من النوع المدمر، لكنَّه عندما يقع بعد زلزال قوي بقوة (7 درجات)، فقد يكون الأثر التدميري له أكبر بسبب تخلخل البنية التحتيَّة من أبنيةٍ وسدودٍ وجسورٍ بفعل الزلزال الأكبر، كما قال سويدان.

وأضاف سويدان: إنَّ منطقة شمال أفريقيا مُعرَّضة للمزيد من هذه الزلازل؛ لأنها «قريبة من منطقة التصادم بين صفيحتين تكتونيتين؛ هما: الصفيحة الأفريقية المتجهة شمالًا، والصفيحة الأوروآسيوية في أوروبا، حيث تغوص الصفيحة الأفريقية تحت الأوروبية، فنجد أن مناطق اليونان وقبرص والدول التي تطلُّ على البحر المتوسط تشهد وقوع العديد من الزلازل بين الفَينة والأخرى».

 تأثر التراث الثقافي:

وتدريجيًّا بدأ يظهر تأثر التُّراث الثقافي في المغرب بالزلزال:

  • تضرَّرت المباني في المدينة القديمة بمراكش المُصنَّفة على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
  • كما أَلْحَق الزلزال أضرارًا كبيرةً بمسجد (تينمل) التاريخي الذي يعود للقرن الثاني عشر، والواقع في منطقة جبليَّة نائية قرب مركز الزلزال.

ونشر المغرب الجيش في إطار تعامله مع الزلزال، وقال: إنه يعزز فِرق البحث والإنقاذ، ويوفر مياه الشرب، ويوزع الأغذية والخيام والبطاطين.

وتسردُ هذه المقالة قائمةً بالزلازل الكبيرة التي ضربت المغرب، وخاصَّة تلك التي كانت بُؤْرتها في المغرب، وكان لها تأثيرٌ كبيرٌ على البلاد.

وقال الدكتور جاد القاضي، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر: «إنه أعنف زلزال يضرب المغرب منذ عقود، فهو أقوى منذ زلزال أغادير عام 1960 (15 ألف قتيل)، وزلزال إقليم الحسيمة شمال المغرب عام 2004 (أكثر من 600 قتيل)»، مضيفًا أنَّ «منطقة مراكش من المناطق التي تتميَّز بالمباني القديمة تاريخيًّا، والتي تفتقر إلى الكود الزلزالي المنظم لعمليات البناء الحديث، خاصةً في الريف، حيث العديد من المباني بالطوب اللبن، ممَّا فَاقَمَ من أعداد المباني التي انهارت بعد وقوع الزلزال»، موضحًا لـ«الشرق الأوسط» أن: «المنطقة مركز الزلزال مجاورة لمنطقة جبليَّة، وهو ما فَاقَم من أعداد الضحايا نتيجة الانزلاقات الأرضية التي تسبَّبت في وقوع أضرار كبيرة في الأرواح والممتلكات».

وعن الفروق بين زلزال المغرب وتركيا قال: «إنَّ زلزال المغرب يختلف كليًّا عن الزلزال الذي وقع في تركيا، وتأثرت به مناطق في سوريا في فبراير (شباط) الماضي، فزلزال المغرب ورغم قوته الكبيرة، فإنَّه أقل خطورةً؛ لأنه وقع في صدعٍ جبليٍّ، وبالتالي اقتصرت خطورته على الهزات الارتدادية التي وقعت في محيطه فقط، وتحديدًا في منطقة مراكش بالمغرب، أمَّا زلزال تركيا فقد سبَّب دمارًا؛ لأن مركزه كان غرب محافظة غازي عنتاب بالقرب من الحدود مع سوريا، وتبعته هزات ارتداديَّة عنيفة بمناطق مأهولة بالسكان».

مساعدات خارجية:

ذكر التليفزيون الحكومي أنَّ الحكومة ربما تقبل عروضًا بالمساعدة من دول أخرى، وستعمل على تنسيقها إذا اقتضت الحاجة.

  • وجَّه رئيس دولة الإمارات الشيخ/ محمد بن زايد آل نهيان، بتسيير جسر جوي لنقل مساعدات إغاثيَّة عاجلة إلى الأشقَّاء المتضررين من الزلزال الذي ضرب بعض مناطق المملكة المغربية الشقيقة، وتقديم مختلف أشكال الدعم.
  • وجَّه العاهل السعودي الملك/ سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير/ محمد بن سلمان، بتسيير جسر جوي لتقديم المساعدات الإغاثيَّة المتنوعة للتخفيف من آثار الزلزال على الشعب المغربي.
  • وجَّه أمير قطر الشيخ/ تميم بن حمد آل ثاني، بإرسال مساعدات عاجلة، وفِرق إنقاذ لمواجهة تَبِعَات الزلزال الذي ضرب المغرب.
  • قالت وكالة الأنباء الكويتية (كونا): إنَّ أمير البلاد نواف الأحمد الجابر الصباح، أمَر الحكومة بتجهيز المستلزمات الإغاثيَّة كافَّة اللازمة للمغرب.
  • قالت وكالة الأنباء العُمانية: إنَّ السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، أمر بإرسال فِرق إنقاذ ومساعدات إغاثيَّة وعلاجية عاجلة إلى المغرب.
  • قالت بريطانيا: إنها أرسلت (60 متخصصًا) في البحث والإنقاذ، وأربعة كلاب، فضلًا عن فريق تقييم طبي مكون من أربعة أفراد.
  • قالت إسبانيا: إنها تلقَّت طلبًا رسميًّا من المغرب للمساعدة.
  • وكانت فرنسا من بين الدول التي عرضت المساعدة، حيث قالت: إنَّها على استعداد للمساعدة، وتنتظر طلبًا رسميًّا من المغرب.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *