مقدمة:
تشهد صناعة تكرير النفط في الدول الأعضاء في منظمة الأقطار العربية المُصدِّرة للبترول (أوبك) تطورًا ملحوظًا في مجال الاهتمام بقضايا الحدِّ من طرح المُلوِّثات الناتجة عن عمليات التكرير، وذلك نتيجة تنامي الوعي بخطورة الآثار السلبية للتلوث البيئي على صحة الإنسان والبيئة.
ويستعرض هذا المقال عددًا من التجارب العملية لمشاريع قامت بها بعض الدول الأعضاء في (أوبك) لخفض انبعاثاتها، مع ذكر أهداف تلك المشاريع، وطبيعة الصعوبات التي واجهتها.
تجربة شركة (أرامكو) السعودية في خفض الانبعاثات المتسرِّبة من منشأة (شدقم) لمعالجة الغاز الطبيعي:
في إطار خُطَّتها لتحسين التزامها بمتطلبات التشريعات البيئية الخاصة بحماية البيئة من التلوث, نفذت شركة (أرامكو) السعودية برنامجًا لكشف وإصلاح الغازات المتسرِّبة من الصِّمامات، وتوصيلات خطوط الأنابيب، ومحاور المضخات والضواغط LDAR في منشأة (شدقم) لمعالجة الغاز الطبيعي في المملكة العربية السعودية بهدف تخفيضها إلى المعدلات التي تحددها التشريعات البيئية في المملكة، وهي أقل من (500 في المليون) للملوثات البيئية الخطرةHAP2 ، وأقل من (10000 في المليون) للمركبات العضوية الطيَّارة VOC3 .
1- مراحل تنفيذ البرنامج:
تتكوَّن منشأة (شدقم) من وحدات معالجة الغاز الطبيعي، وإنتاج الغاز الجاف، وسوائل الغاز الطبيعي، والكبريت، وقد تمَّ تنفيذ البرنامج على النحو التالي:
تحديد مصادر الانبعاثات المتسرِّبة من المجموعات الرئيسة التالية:
- تسرُّبات المعدات؛ كالصمامات، والتوصيلات، وخطوط الأنابيب، وصمامات الأمان.
- التبخُّر الناتج عن عمليات تحميل وتفريغ المنتجات النفطية السائلة.
- الأبخرة الناتجة عن انسكاب السوائل الهيدروكربونية على الأرض.
- انبعاثات وحدات معالجة المياه الملوثة.
- تثبيت علامات مميزة على النِّقاط كافة المراد مراقبتها، وإعطاؤها رقم تصنيف مميزًا Bar Code.
- تثبيت أجهزة التحليل والقياس والمراقبة على النقاط المراد اختبارها للبدء بتحديد معدلات الانبعاثات من كل نقطة.
- إجراء عمليات الإصلاح للنقاط التي أظهرت نتائج المراقبة أن معدل التسريب فيها يزيد عن المعدل المسموح.
- إعداد تقارير هندسية تتضمن معدل التسريب في النقاط المحددة كافة، وتوزيعها على برامج هندسية علمية، وتسليمها إلى الجهة المختصة.
2- نتائج تنفيذ البرنامج:
أظهرت نتائج تنفيذ برنامج الكشف عن التسرُّب ومعالجته في معمل (شدقم) في المملكة العربية السعودية لمعالجة الغاز الطبيعي وجود (153 نقطة) يزيد فيها معدل التسريب عن القيم المسموحة من مجموع (2016 نقطة) شملها برنامج المراقبة، أي ما يعادل (7.6 في المائة) من مجموع النقاط.
تجربة دولة الكويت في إعداد خطة خفض انبعاثات مصافي النفط:
نفذت شركة البترول الوطنية الكويتية KNPC مشروع الخطة الوطنية لخفض انبعاثات مصافي النفط بالتعاون مع معهد الكويت للأبحاث العلمية KISR .
- أهداف المشروع:
تتلخَّص أهداف الخطة الوطنية لخفض انبعاثات مصافي النفط في دولة الكويت فيما يلي:
- إعداد قائمة جرد انبعاثات مصافي شركة البترول الوطنية الكويتية الثلاث: ميناء الشعيبة، وميناء الأحمدي، وميناء عبد الله، وذلك باستخدام طرق حساب الانبعاثات المُتَّبعة في العالم؛ مثل: طريقة وكالة حماية البيئة الأمريكية.
- حساب إجمالي الانبعاثات في كل مصفاةٍ، وإجراء تحليل إحصائي.
- إعداد خطة مراقبة مستمرة.
- مراحل تنفيذ المشروع:
نفذ مشروع إعداد قائمة جرد انبعاثات التي تطلقها مصافي النفط الكويتية من خلال أربع مراحل، وهي:
- المرحلة الأولى: إعداد نماذج البيانات.
- المرحلة الثانية: تجميع المعلومات.
- المرحلة الثالثة: حساب كمية الانبعاثات.
- المرحلة الرابعة: اختيار أفضل تقنيات التحكم بالانبعاثات.
- نتائج تنفيذ المشروع:
أسهمت نتائج مراجعة قائمة جرد انبعاثات مصافي النفط الكويتية في توجيه الانتباه نحو ضرورة معالجة مصادر الانبعاثات، كما تولَّت هيئات حماية البيئة مسئولية إصدار تشريعات بيئية وطنية تُحدِّد القِيَم القصوى لكمية الانبعاثات التي تطلقها المنشآت الصناعية، ومن ضمنها: مصافي النفط.
ويُبيِّن الجدول التالي القِيَم القصوى لبعض انبعاثات مصافي النفط في المعايير الوطنية لدولة الكويت:
كما شهدت مصافي النفط في دولة الكويت تنفيذ العديد من الإجراءات الهادفة إلى خفض الانبعاثات، وضرورة حماية البيئة من التلوث، وقد جاءت هذه الإجراءات على مراحل متتابعة، حيث تمَّ تنفيذ بعضها في مشاريع مستقبلية وقائمة الآن، على سبيل المثال:
- تركيب مرسبات كهروستاتيكية في وحدة التكسير بالعامل الحفاز المائع.
- أسهم تطبيق برنامج الكشف عن التسربات في الحصول على النتائج التالية: خفض (50%) من الهيدروكربونات المتسربة من محطات التسويق المحلية.
- تركيب حراقات منخفضة أكاسيد النيتروجين في الأفران، ومحطات توليد الطاقة.
- خفض تركيز كبريتيد الهيدروجين في شبكة الوقود الغازي.
- تركيب منظومة استرجاع غازات الشعلة: أدَّى تركيب منظومة استرجاع غازات الشعلة في كلٍّ من مصفاة ميناء الأحمدي، وميناء عبد الله، إلى خفض انبعاثات (140 ألف طن) من ثاني أكسيد الكربون في السنة.
