مقالات المجلة

الذكاء الاصطناعي.. المنقذ الحقيقي في إدارة الكوارث

مقدمة:

مع التطور السريع للذكاء الاصطناعي (AI) في السنوات الأخيرة، حان الوقت للتفكير في كيفيَّة تأثيره بشكل إيجابيٍّ على حياة البشر، وغالبًا ما تكون الكوارث الكبرى مصحوبةً بفوضى واسعة النطاق، وفي مثل هذه الأوقات تُعدُّ القدرة على التصرف بسرعةٍ، والوصول إلى المعلومات الدقيقة ضرورة حتمية للمنظمات الإنسانية، ويمكن أن يؤدِّي دمج التقنيات الرائدة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي (AI) في أنظمة الطوارئ الحالية إلى تسخير إمكانات تدفُّقات البيانات الحالية، وتحسين التخفيف من حدَّة المخاطر وإدارة الكوارث. 

ويحاول خبراء الذكاء الاصطناعي الذين يُركِّزون على إدارة الكوارث مَنْع الأخيرة؛ حيث ظهرت التكنولوجيا والأبحاث التي تحاول مساعدة الحكومات على التنبؤ بشكلٍ أفضل بالكوارث؛ مثل: (الفيضانات، وأمواج تسونامي، والزلازل)، والاستجابة لها، ونستعرض من خلال هذا المقال الذكاء الاصطناعي، ودوره في الحدِّ من مخاطر الكوارث، ومفهوم استخدام روبوتات المحادثة القائمة على الذكاء الاصطناعي لمساعدة فِرَقِ الإنقاذ من خلال توفير معلوماتٍ دقيقةٍ على الفور، والإجابة على الاستفسارات.

الذكاء الاصطناعي، والحد من مخاطر الكوارث:

نظرًا لأن الوصول إلى البيانات الضخمة أصبح أسهل، فإنَّ التقنيات الحديثة (مثل: تحليلات البيانات، والذكاء الاصطناعي، والتعلُّم الآلي) تُمكِّن من إنشاء أنظمة ذكية يمكنها معالجة كميات كبيرة من البيانات في الوقت الفعلي لتوفير رؤى قيمة، والتنبُّؤ بالأحداث، وحتى البدء في استجابات التخفيف. ويمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي فِرَق الاستجابة على فَهم المخاطر الطبيعية، ومراقبة الأحداث في الوقت الفعلي، وتوقُّع مخاطر مُحدَّدة في مواجهة الكوارث الوشيكة أو المستمرة، وفيما يلي نُقدِّم أربعة أمثلة محددة؛ حيث يتم تنفيذ الذكاء الاصطناعي لدعم الحد من مخاطر الكوارث.

المثال الأول: في جورجيا، يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)  على إنشاء نظام إنذار مبكر للأخطار المتعددة على مستوى الدولة (MHEWS) للمساعدة في تقليل تعرُّض المجتمعات وسبل العيش والبنى التحتية للطقس والأخطار الطبيعية التي يُحرِّكها المناخ، ولتشغيله يتطلَّب هذا النظام تنبُّؤات دقيقة، وخرائط مخاطر لأحداث الحمل الحراري الشديدة (مثل: عواصف البَرد والرياح)، ومع ذلك، فإنَّ تطوير هذه المنتجات يُمثِّل تحديًا كبيرًا؛ نظرًا لنقص شبكات المراقبة في الموقع في جميع أنحاء البلاد؛ لذلك يستخدم الخبراء الذكاء الاصطناعي لإنشاء أداةٍ تتنبَّأ باحتمالية مراقبة حدث الحمل الحراري ليومٍ محددٍ في مكانٍ مُعيَّنٍ في ظل ظروفٍ مُعيَّنةٍ للأرصاد الجوية والمناخية.

المثال الثانـي: الذي يتعلق بالفيضانات السريعة، يستخدم أيضًا الذكاء الاصطناعي للمساعدة في مجموعات البيانات المحدودة، وتعتبر الفيضانات المفاجئة خطرةً بشكل خاص؛ لأنه غالبًا ما يكون هناك القليل من التحذير المسبق من الكارثة الوشيكة، أو لا يوجد أي تحذير مسبق، ولاكتشاف مثل هذه الأحداث عند حدوثها من المهم أن يكون لديك شبكة كثيفة من أجهزة الاستشعار لرصد واكتشاف التغيُّرات في التصريف عَبْر مستجمعات المياه، ففي حوض نهر (كوليما) بالمكسيك، الذي يتراوح ارتفاعه من (100 إلى 4300 متر) (م)، تُستكمل المحطات الهيدرولوجية بشبكة متعددة من أجهزة الاستشعار، تتكوَّن من أجهزة استشعارٍ، ومحطات الطقس.

ويُوضِّح المثال الثالث: كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في (الجيوديسيا) لاكتشاف موجات تسونامي، وتجنُّب المشكلات المتعلقة بالبيانات الحساسة التي تعبر الحدود الوطنية. ويُوفِّر تطبيق المعالجة في الوقت الفعلي للنظام العالمي للملاحة بالأقمار الصناعية المتقدم (GNSS) لتحديد المواقع، والتصوير (الأيونوسفير)- تحسينات مهمة للغاية في الإنذار المبكر بكارثة تسونامي، ويتم استخدام (GNSS) في علم الزلازل لدراسة عمليات النزوح الأرضي، وكذلك لرصد الاضطرابات في محتوى الإلكترون الكلي في الغلاف الأيوني (TEC) التي تتبع الأحداث الزلزالية بشكل شائع، وقبل عشر سنواتٍ عندما ضرب (تسونامي توهوكو) المناطق الساحلية الشمالية لليابان، استغرق الأمر عدة أيام لفَهْم كامل الدمار الهائل، ويمكن استخدام عمليات رصد الأرض -جنبًا إلى جنبٍ مع الذكاء الاصطناعي والتعلُّم الآلي- لتقييم التهديدات والاستعداد مسبقًا؛ لتقييم التأثيرات عند ظهورها (أقل من 20 دقيقة بعد وقوع الزلزال)، والاستجابة بسرعةٍ أكبر في أعقاب ذلك لإنقاذ الأرواح أثناء عمليات التعافي.

ويستكشف المثال الرابع: كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتوفير اتصالٍ فعالٍ في حالة الأخطار الطبيعية والكوارث، وعلى وجه التحديد يبحث في كيف يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة المستجيبين للكوارث الطبيعية في تقييم شدة المخاطر، وتحديد أولويات متى وأين يستجيبون، ويتم تغذية البيانات المُهَيكلة وغير المُهَيكلة -بما في ذلك مصادر التنبيه- بالمخاطر، والضعف، ومؤشرات القابلية للتأثر والمرونة، ومصادر الأخبار.

روبوتات المحادثة القائمة على الذكاء الاصطناعي:

وفيما يلي ثلاثة طرق يمكن أن تساعد بها روبوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في إدارة الكوارث من أجل عمليات الإنقاذ الفعالة:

  •  توفير تحديثات المخزون في الوقت الفعلي:

تتمثَّل إحدى الميزات الأكثر قيمةً في روبوت المحادثة للتعافي من الكوارث المدعوم بالذكاء الاصطناعي في تمكين فِرَقِ الإنقاذ من تقييم المخزون في الوقت الفعلي؛ ممَّا يؤدي إلى الاستخدام الأمثل للمخزون المتاح، وعلى سبيل المثال: إذا قال عامل الإنقاذ لروبوت المحادثة: «طعام للأطفال»، فإنَّ برنامج المحادثة الآلي يعرض جميع المنتجات ذات الصلة؛ مثل: عبوات الحليب إلى جانب الكميات المتاحة، وبالمثل عند السؤال عن مخزون الأرز، يمكن للروبوتات عرض المخزون الدقيق من الأرز على الفور بالكمية المتاحة لمساعدة فِرَقِ الإنقاذ في التخطيط، وتوزيع الموارد بشكلٍ أفضل. ومن الناحية المثالية يجب أن يقوم هذا الحل بتخزين وتحديث تفاصيل المخزون محليًّا، وكذلك المزامنة مع قاعدة بيانات مُسْتضافة على السحابة الإلكترونية للحفاظ على التكرار في قاعدة بيانات مركزية؛ ممَّا يتيح تبادل المعلومات عبر المناطق الجغرافية.

  •  التغلُّب على حواجز اللغة:

يمكن لروبوتات الذكاء الاصطناعي استخدام خدمات ترجمة اللغة؛ مثل تحويل الكلام إلى نصٍّ، وتحويل النص إلى كلامٍ، ومحلل النغمات لتحليل المدخلات التي تدخلها فرق الإنقاذ باستخدام أجهزتهم المحمولة.

النتيجة: فِرَقُ الإنقاذ الدولية قادرة على التواصل باللغة الإقليمية كما هو مطلوب؛ ممَّا يجعل جهود الإنقاذ أكثر استهدافًا وفائدةً، ويمكن لروبوتات المحادثة الذكية أيضًا الرد على كمياتٍ كبيرةٍ من الاستغاثة، ومساعدة المكالمات، وتحليل نبرة صوت المتصلين لتحديد الإلحاح، وبالتالي إعطاء الأولوية لجهود الإنقاذ، وعلى سبيل المثال يستفيد برنامج الغذاء العالمي (WFP) -وهو منظمة إنسانية رائدة تكافح الجوع على مستوى العالم- من روبوت المحادثة الاستقصائي القائم على الذكاء الاصطناعي للتواصل مع الأشخاص المتضررين من الأزمات بعشرين لغة مختلفة.

  •  تحديد المجالات ذات التأثير الكبير:

أثناء الكوارث يُعدُّ توافر الطاقة والشبكة تحديًا كبيرًا يعوق قدرة المنظمات على الاستفادة من الإمكانات الكاملة لحلولها التقنية، وفي مثل هذه الحالات يمكن أن يضيف روبوت المحادثة القائم على الذكاء الاصطناعي قيمةً كبيرةً من خلال عرض خريطة مؤشر مستوى الخطورة المحددة جغرافيًّا (خريطة الحرارة) للمنطقة المنكوبة بالكوارث، وعلى سبيل المثال: إذا تمَّ فصل الكهرباء والهاتف والإنترنت، فسيتم تحديد المنطقة الجغرافية على أنها ذات تأثيرٍ كبيرٍ. 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *