مقالات المجلة

9- تقنيات التَّحقيق في الحرائق الكهربائية ورسم الخرائط القوسيَّة لضمان السلامة

المُقدِّمة:

تؤدِّي تقنيات التحقيق العلمي في الحرائق دورًا محوريًّا في تحديد أسباب الحوادث، ومنع تكرارها، خصوصًا عندما يتعلَّق الأمر بالحرائق الناجمة عن الأعطال الكهربائية، أو تأثيرات الحرارة العالية، ومع التطوُّر الكبير في أدوات الفحص والتحليل (مثل: رسم الخرائط القوسيَّة (Arc Mapping)، وتقنيات قياس عمق التفحُّم والتكلسات، أصبح بالإمكان إعادة بناء مسار الحريق بدقَّة، وتحديد نقطة البداية، وأسباب الاشتعال المحتملة.

ويستند هذا العمل إلى معايير دولية؛ مثل: NFPA 921 الَّتي وَضَعتْ أُسُسًا علميةً موثوقةً للتحقيق في الحرائق والانفجارات؛ ممَّا يُعزِّز من دور السَّلامة الهندسية في حماية الأرواح والممتلكات، والبُنْية التحتية الحيويَّة. ويستعرض هذا المقال أهمَّ الأجهزة والتِّقنيات والإجراءات الميدانية والمخبرية الضرورية للوصول إلى نتائج دقيقة وموثوقة.

مخطَّط مؤشرات وأنماط الحريق وأماكن تواجدها

عمل مخطَّط بالأماكن التي تأثَّرت بحرارة وشدَّة النار، وبأماكن ونِقَاط مؤشرات الحرارة والدخان، وآثار الحرائق على الموجودات في موقع الحريق، وترقيمها بالتسلسل بموجب التَّرتيب الذي اتُّخذ في طريقة المعاينة والفحص, على أن يكون المخطَّط الخاص بمؤشرات ونماذج الحرائق متضمِّن تسمية المكان، ورقم المؤشر، واتِّجاه الشمال برسمه، أو تصميم يُوضِّح أبعاد الموقع الذي تمَّ فيه الحريق واتِّجاهاته، ومسمَّيات الغرف والأماكن.

أجهزة قياس مدى عُمْق التكلسات

مجسَّات القياس القرصيَّة

: تُسْتخدم لقياس عُمْق وأبعاد التفحُّم والتكلُّسات التي حَدَثتْ من جرَّاء تأثيرات الحرائق على الأخشاب والديكورات الحائطيَّة، وأعمال الجبس المزخرفة, تُسْتعمل لقياس الأبعاد الداخليَّة، وأعماق الثُّقوب والتَّجاويف بوَضْع إبرة القياس داخل منطقة التفحُّم، وأخذ قراءة القيمة الصَّحيحة من مؤشر القياس، والحصول على قيمة الكسر العشريِّ من خلال قراءة مؤشر الساعة. 

جهاز قياس عُمْق التفحُّم

القوس الكهربائي Electric Arc أو قوس التفريغ Arc Discharge 

(وميض القوس الكهربائي): هو قوس الضَّوء والحرارة الناتج عن انتقال الكهرباء عَبْر الهواء بين نقطتين (تفريغ كهربائي)، ويحدث عندما يتوفَّر مسار ذو مقاومة منخفضة عَبْر الهواء؛ ممَّا يسمح بتسريب التيَّار خارج المسار المفترض، فيَنْتج عنه انفجار شديد للطاقة الحرارية النابعة من المصدر الكهربائي مُسبِّـبًا حرائق وأضرار خطيرة للأشخاص والممتلكات والشَّبكات الكهربائية, يحدث بسبب انهيار العازلية الكهربائية للغاز المحيط مُحْدثًا تفريغ متواصل يؤدِّي إلى سريان تيار كهربائي في وسط غير مُوصِّل كالهواء.

مفهوم (التقوُّس الكهربائي)، أو (الانحناء الكهربائي)

: هو التعطيل الكهربائي, ويمكن التَّعبير بهذا المصطلح عن فشل منظومة الدائرة الكهربائية، أو نظام الكهرباء؛ ممَّا يترتَّب عليه فشلٌ بأداء الوظائف, وهذا يرجع إلى هبوطٍ حادٍّ بمقاومة المواد العازلة، ويؤدِّي إلى شرارة تتحرَّك حول أو خلال العازل, وقد تكون للحظة (كما عند فَقْد الشحنة الكتروستاتيك)، أو بما تؤدِّي إلى انحناء فَقْد للشحنة متواصل إذا كانت أداة الحماية فشلت في قطع مصدر التيار الكهربائي إلى بقيَّة الدوائر والشَّبكات الأخرى, والقوس الكهربائي هو التَّعطيل الكهربائي مع الغازات يُسبِّب ما يُسمَّى بـ: (التفريغ البلازمي)، ويُشْبه الشرارة، وينتج من تيار يسبح خلال مجال غير موصل؛ كفراغات الهواء, أو بتلامس أجزاء نَقْل التيار (الموجب والسالب)، مع مواد موصلة وناقلة للتيار الكهربائي.

أماكن شائعة لحدوث وميض القوس:

  •  اللَّوحات الكهربائية والمفاتيح.
  •  المُحوِّلات ومراكز التحكُّم في المحرِّكات.
  • أماكن أجزاء الأسلاك التالفة، وأماكن التآكل والصدأ.

رسم مخططات القوس الكهربائي 

Arc Mapping

رسم بيانـي لأماكن حدوث القوس الكهربائي, وهذه طريقةٌ لتوثيق نمط بيانـي عن كيفيَّة حدوث القوس الكهربائي في الدوائر الكهربائية, ورسم المخطط يتألَّف من علامات ونقاط حدوث القوس الكهربائي على أسلاك الكهرباء في البنايات المحترقة بسبب تأثيرات الحريق، بهدف استخدام هذه المعلومات للمساعدة في تحديد منطقة منشأ الحريق، وأعطال الدوائر الكهربائية؛ للتأكُّد من سبب حدوث الحريق، واحتماليَّة منشأ التيار الكهربائي كسببٍ أو أسبابٍ أخرى. 

تمَّ تقديم رسم الخرائط القوسيَّة لأول مرة في إصدار 2001 من NFPA 921، وتمَّ توسيعه لاحقًا بحيث أصبح في طبعات حديثة تُشكِّل واحدةً من أربع طرقٍ رئيسة لتحديد مصدر الحريق, ودراسة متأنِّية من مبادئ الهندسة والدِّراسات التجريبيَّة واسعة النطاق حول هذا الموضوع تُشِيرُ إلى أنَّ الصِّلة وإنْ بروز رسم الخرائط القوسية كمؤشر رائد لمنشأ الحريق مُبالَغ فيه إلى حدٍّ كبيرٍ. وهذه التِّقنية صالحة وقابلة للتطبيق فقط في بعض السيناريوهات المحدودة للغاية.

علاقة الكهرباء بحدوث الحرائق عن طريق إحداث الحرارة التي تُشكِّل إحدى العناصر الثلاثة لمُكوِّنات الاشتعال عَبْر الشَّرر الكهربائي نتيجة الأعطال الكهربائية، أو التشغيل الخاطئ، أو تسخين الأسلاك والدوائر الكهربائية نتيجة الحمل الزائد، أو نتيجة ارتخاء الوصلات الكهربائية، وعدم توافق بين الأسلاك وشدَّة التيار الكهربائي في ظروف مُوَاتية لإحداث تكوين الاشتعال مع وجود غازات وسوائل ومواد قابلة للاشتعال.

وأيضًا في بعض حالاتٍ يمكن حدوث حرائق بسبب الكهرباء الساكنة، وعدم تركيب نظام التأريض لتفريغ الشحنات المتراكمة, وهناك العديد من أدوات وتقنيات التحقيق المستخدمة في التحقيق في الحرائق؛ مثل: تحليل نمط النار، وتحليل الحرارة، والمتجه اللهب، ومسح عُمْق الفحم والتكليس، ورسم خرائط القوس، وديناميكيات النار.

ويتمُّ توضيح التمايز بين ذوبان الأسلاك والانحناء بين الأسلاك وَفْقًا لـ NFPA 921 إنَّ إمكانية عدد الأقواس في النظام الكهربائي الثلاثي الخطوط أكثر من النِّظام أحادي أو ثنائي الطور.

يجب توفُّر بعض الدلائل في الحرائق ذات المنشأ، والسَّبب الكهربائي كالأعطال الكهربائية المؤدية إلى قصور في الدوائر والشبكات الكهربائية (التماس)، وتوفر العطل في مكان بدء الحريق مع وجود مواد سريعة الاشتعال، أو قابلة للحريق حول العطل الكهربائي، يتمُّ التحقيق في حادث الحريق لتحديد مصدر الاشتعال، وسبب الحريق، والوقاية من حوادث الحريق ذات الأسباب المماثلة في المستقبل، والأدوات المختلفة المستخدمة لتحديد أصل وسبب الحريق وَفْقًا لـ NFPA 921 دليل التحقيق في حوادث الحرائق والانفجارات هي معلومات الشهود، وأنماط النار (استقصاء عُمْق الفحم والتكليس)، ورسم الخرائط، وديناميكيات الحريق.

كلَّما كان الحريق يتعلق بأسلاك الدوائر الكهربائية وأسلاك الإمداد بالطاقة والأجهزة الكهربائية، فهناك فرصة للانحناء إذا كانت الدائرة حيَّة. ويوفر وَضْع علامات على الأقواس في مُخطَّط الأسلاك الكهربائية للموقع نمطًا يستخدم لتحديد منطقة منشأ الحريق التي تمَّت مناقشتها في هذه الورقة. وتعتمد هذه التِّقنية على السُّلوك المتوقَّع للدوائر المنشطة التي تتسبَّب في حدوث خللٍ عندما يتعرَّض الغطاء العازل للموصل لنيران منتشرة، ويتمُّ استخدام رسم الخرائط القوسيَّة للعثور فقط على منطقة مصدر الحريق في الموقع، وليس سبب الحريق، وبمُجرَّد تحديد منطقة مصدر الحريق، يتمُّ تحليل المناطق المحيطة لمعرفة مصدر الاشتعال، والوصول إلى النتيجة، حسَب المؤشرات في وقتٍ مبكرٍ من الحريق، وبعد فترةٍ وجيزةٍ من وصول اللَّهب إلى الدوائر المختلفة، ستحدث دائرة كهربائية قصيرة واحدة تلو الأخرى مصحوبة بأقواس كهربائية. تتسبَّب هذه الأقواس في إتلاف الأسلاك، ويمكن للمحقِّق استخدام هذا الضرر لإعادة بناء مسار الحريق لفَهْم مسار التدفُّق الحالي، توجد مسافة بين الطور والمحايد، ولكن من الناحية العملية كلاهما قريبان، ويتمُّ وَضْعهما في قناة يتضمَّن رسم الخرائط القوسية تحديد جميع الأقواس في موقع الحادث، ورسمها في مُخطَّط الخط الكهربائي لخطة الموقع، وتحليل العلاقة المكانية بينهما. تأثير درجة الحرارة على أسلاك الكهرباء النحاسية وتغيير لونها دليلٌ على مصدر الحرارة، بعد الكشف على الأسلاك النحاسية بالكشط لظهور لون النحاس الطبيعي، والذي يدلُّ على مصدر الحرارة خارجيًّا، أمَّا إذا تغيَّر لون النحاس، فالحرارة مصدرها داخلي، وهناك بعض التفاصيل التي يجب جمعها، ويتمُّ رسم مخطط موقع مبنى الحادث، ورسم مخطط التخطيط الكهربائي الكامل، والذي يتضمَّن عدد الدوائر الفرعية، وحجم كل موصل، والتوصيل بجميع الأحمال ولوحات التبديل. ويتمُّ أيضًا جمع التفاصيل حول حالة المصهر، أو قاطع الدائرة، ويتمُّ تحديد الأقواس من خلال فحص الموصلات من مدخل الخدمة إلى الحمل لكلِّ دائرة فرعية. ويجب معرفة التَّفريق بين الذوبان والانحناء، والانحناء يجعل الضَّرر موضعيًّا بين موصلين، موصل وأرضي، أو بين الموصلات والسطح المعدني، بينما الذوبان منتشر على نطاق واسع حيث يوفر NFPA 921 العديد من الأمثلة المرئية، وتظهر عينة الانصهار والانحناء بين الموصلات

إجراءات تنفيذ مخطط إيجاد نقاط حدوث القوس الكهربائي

L إيجاد التوصيلات والموصلات المنتهية والمتأثرة التالفة.
I التعرُّف على نوعية التلف بموجب (حدوث القوس الكهربائي – ذوبان الأسلاك).

 أو اختلاط الأسلاك ببعضها.

M تأثير أماكن حدوث القوس الكهربائي.
P عملية التصوير. 
D مخطط الدوائر الكهربائية، وتحديد أماكنها. 

الغرض من رسم الخرائط القوسيَّة

1) تحديد مكان الحريق الذي اصطدمت فيه الدوائر، وهي لا تزال نشطةً.

2) تحديد الموقع الَّذي اصطدمت فيها النار بالدوائر أثناء عدم تنشيطها بسبب اصطدام النِّيران السابق.

3) قَارِنْ مواقع القوس بالتخطيط المكاني للدوائر من حيث صلتها بنظام إمداد الطاقة وديناميكيات الحريق.

4) تحديد المنطقة الَّتي حدث فيها الحريق في أقرب وقتٍ ممكنٍ.

نظرية رسم الخرائط القوسية

1) المراحل الأوليَّة لتطوُّر الحريق:

  • سوف يتسبَّب في حدوث انحناءٍ في الدوائر النَّشطة.
  •  عادةً ما يتسبَّب الانحناء في إلغاء تنشيط الدوائر عن طريق فتح أجهزة الحماية (القواطع والفيوزات أو الموصلات).

2) مرحلة لاحقة من تطوُّر الحريق:

  •  عندما تبتعد عن منطقة مصدر الحريق باتِّجاه مصدر الطاقة، يجب أن يكون لديك عددٌ أقل من الدوائر النشطة، وبالتالي تقليل الانحناء.
  •  يمكن أن تحدث مواقع متعدِّدة لنشاط القوس على نفس الدائرة.

إجراء رسم الخرائط الانحناء  L.I.M.P.D:

1) موقع تلف الموصل Location.

2) تحديد نوع الضررIdentify .

  • التفريق بين الضرر الناتج عن الانحناء والذوبان والتلف الكلي.
  •  الانحناء الكهربائي، والذوبان والانصهار.
  • اختلاط سبائك ومُكوِّنات الأسلاك/ذوبان الأسلاك وانصهارها.

3) وَضْع علامة على تلف الموصل بسبب الانحناء Mark.

4) صورة فوتوغرافية Photograph.

5) تفاصيل دائرة الرسم التخطيطيDiagram .

  •  مُزَود الطاقة والأجهزة الأخرى.

رسم الخرائط القوسية

1) موقع الأقواس الكهربائية  ATC الانحناء من خلال Char.

  • الموقع على الموصل.
  •  الموقع داخل الكيبل (تيار موجب إلى محايد، تيار موجب الى الأرضي/الارث).

2) إمدادات الطاقة:

  •  لوحة قواطع دوائر.
  •  قاطع (الحجم، تشغيل/إيقاف/تعثر).

3) الدائرة.

  • الأجهزة (المنافذ، المفاتيح).
  •  قدرة التَّحميل (حجم السخَّان، فرن التَّحميص).

4) العلاقة المكانيَّة.

  • داخل الغرفة.
  •  المستوى، الأرضية، الوسط، السقف.
  •  في السقف أو الجدار والحوائط، أو تحت الأرضيَّة.

الخاتمة:

إنَّ استخدام تقنيات متقدِّمة (مثل: رسم الخرائط القوسيَّة، وتحليل التكلسات، وقياس عمق التفحُّم)، إلى جانب الالتزام الصارم بإجراءات السلامة داخل المختبرات، يُمثِّل خطوةً جوهريةً نحو تحقيق أعلى مستويات الدقَّة في التحقيقات الفنية للحرائق. وهذه الإجراءات لا تُسْهم فقط في تحديد الأسباب بدقَّة، بل تساعد أيضًا على وضع توصيات فعَّالة لمنع تكرار الحوادث المماثلة مستقبلًا؛ ممَّا يُعزِّز سلامة المنشآت، ويحدُّ من المخاطر المحتملة على الأرواح والممتلكات، وبذلك يصبح التَّحقيق العلمي في الحرائق أداةً استراتيجيةً لتحقيق الوقاية والسلامة المستدامة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *