المقدمة:
تُعدُّ مواقع الحوادث – لا سيَّما تلك التي تنطوي على حرائق أو انفجارات – من أخطر البيئات التي قد يعمل فيها فِرَق التحقيقات المتخصصة؛ سواء من الجانب الفني، أو الجنائي؛ إذ تحيط بهم مخاطر عديدة قد لا تكون ظاهرةً بشكل مباشر، بل تظهر تدريجيًّا خلال عمليات الفحص، والمُعَاينة، ورفع الأنقاض، ومن هنا تبرز أهميَّة الالتزام بإجراءات السلامة والوقاية لتأمين حياة المحققين، وضمان سَيْر عمليات التحقيق بسلاسة وكفاءة. ويتناول هذا المحتوى أبرز المخاطر المحتملة التي قد يواجهها المُحقِّقون، إلى جانب الإجراءات الواجب اتِّباعها، والمُعدَّات الضرورية لضمان سلامة الفريق وأداء مهامه بدقَّة واحترافية.
المخاطر في مواقع حوادث الحرائق والانفجارات:
قد يواجه فريق التحقيقات في مواقع الحوادث والانفجارات، ومسارح الجرائم- مخاطـرَ متنوعة تؤثر على صحتهم وسلامتهم،

ولا يتَّضح جميع المخاطر فورًا، ويظهر بعضها مع تطوُّر التحقيق، وأثناء الفحص والتفتيش والمعاينة ورفع الأنقاض وحطام الحرائق بحثًا عن آثار مادية, وعند الانتقال من جهة إلى أخرى.
المخاطر | ما يتضمَّنه الخطر |
المواد الكيميائية | تلك الموجودة في مسرح الجريمة، كما في حال المختبرات غير الشرعية، والحوادث الإرهابية، والأبخرة والغازات المتصاعدة من جرَّاء الحرائق أو الانفجارات، ومُخلَّفات الحوادث. |
المواد البيولوجية | مثل: الدم، والسوائل، والمُخلَّفات البشريَّة، والتي تُشكِّل خطر العدوى بالفيروسات والأمراض المُعْدية. |
العوامل البيئية | عوامل البيئة المحيطة لموقع الحادث من برودة، أو حرارة مفرطة، والدخان، والتسريبات. |
البُنْية الخطرة | انهيارات، وخطر، وخاصة أثناء جمع الأدلة والآثار المادية من مواقع الحرائق والقصف والتفجيرات. |
الأسلحة النارية
والمتفجرات |
مثل: الأفخاخ المتفجرة، والعبوات الناسفة، وخطورة مواد التفجير التي لم تنفجر بعد. |
البيئة غير الآمنة | عندما يكون الحريق مفتعلًا، أو أن يكون مُضْرم النار، أو الجاني ما زال موجودًا في مسرح الحادثة (الجريمة)، واحتماليَّة مواجهته لطبيعة سلوكِهِ العدائي. |
المُعدَّات الحادَّة | الأجزاء البارزة، والحادَّة، والمنفصلة، والشظايا من جرَّاء الحريق أو الانفجارات والانهيارات، وما ينتج عنها من معادن وحديد، والأجزاء المبعثرة والمتناثرة في محيط مكان الحادث. |
الكهرباء والغازات | خطوط الكهرباء المكشوفة والمقطوعة، وتسريبات شبكات الغازات. |
مخاطر إشعاعيَّة | إشعاعات مُؤَيَّنة أو غير مُؤيَّنة من جرَّاء أجهزة إشعاعيَّة كيميائية أو طبية. |
وهناك ما يُسمَّى بـ (ضابط السلامة) (Safety Officer)، ويكون مسئولًا عن جميع متعلقات أنشطة السلامة في مواقع الحوادث، ومهمتُهُ التأكُّد من سلامة الإجراءات والممارسات، والتعرُّف على المخاطر والظروف غير الآمنة قبل البدء في مهام التحقيقات، وأثناء المعاينة، وخلال تنفيذ إجراءات التَّحقيق الفني في مواقع ومسارح الحوادث, ويتميَّز ضابط السلامة بالمهارات الفنيَّة التي تساعده على تنفيذ مهمة سلامة فريق التحقيقات بنجاح، كون تخصُّصه مرتبطًا بعمل التحقيقات الجنائية والفنية، وحوادث الحرائق والانفجارات.
إجراءات السلامة في مواقع الحوادث:
- ارتداء مُعدَّات السلامة الشخصية والوقائية من قِبَلِ فريق التحقيقات كافَّة، وكل مَنْ يعمل معهم، أو كان تواجدُهُ ضروريًّا في مكان الحادث.
- أَخْذ الحَيْطة والحذر أثناء دخول مكان الحادث, على أن يكون الدخول من الاتجاهات التي يراها قائد فريق التحقيق آمنةً من حيث سلامة فريق التحقيق، وكذا عدم العبث بالآثار المادية، وكل ما يتواجد في موقع الحادث، ويُغيِّر من طبيعته وترتيبه.
- دخول منطقة الحادثة، والخروج منه عَبْر مسارات محدودة وآمنة (ممر, باب أو جهة دخول، وأخرى خروج).
- من المُسْتحسن استخدام أجهزة قياسات التسريبات، والكشف عن المتفجرات في تحقيقات الحوادث المشكوك في خطورتها.
- إجراءات الصحة والسلامة هي المسائل الأكثر أهميةً التي يجب أن يتَّخذها فريق التحقيق كافَّة، ومن الضروري التفكير فيها لدى الوصول إلى مسارح الحوادث، وتنفيذ إجراءات السلامة قبل الدخول إلى أماكن الحوادث، ويجب أن تَحْظى بالأولوية طوال فترات التحقيقات والمعاينة، وأثناء التحركات, وقد يكون من الضروري تخفيف أو إزالة المخاطر، أو رفعها، وحسَب الحالة وما يتطلَّبه الموقف.
- الحرص والانتباه أثناء التعامل مع الآثار المادية، وعند جَمْع العيِّنات، أو أخذ مُخلَّفات من موقع الحادث لفحصها، وعدم تلوُّثها أو تلفها.
- استدعاء الفِرَق الهندسية والمتخصصة عند الحاجة والضرورة، وخاصةً في حالات وجود أفخاخ ومصائد ومتفجرات لم تنفجر بعد, أو في حالة وجود أجهزة وآلات مريبة وغريبة، ومشكوك فيها في موقع الحادث، ولا تنتمي إليه بحكم طبيعة موقع الحادث.
- الالتزام والتقيُّد بإجراءات السلامة عند البدء بعملية التحقيق، وأثناء مراحل التحقيق جميعها.
- توفير مواد طبية، وعُدَّة إسعافات أولية، وملابس واقية ملائمة؛ كالخوذ، والقُفَّازات، ومُعدَّات مناسبة عند الاحتياج.
- وَضْع خطة أوليَّة واستراتيجية مدروسة ومرتبة بكيفيَّة إجراءات التحقيق وتنفيذها، مع الأخذ بالاعتبار إضافة بنود، أو إعادة ترتيبها، وحسَب أهمية مراحل التحقيقات.
مُعدَّات السلامة الشخصية لفريق التحقيق:
للحماية من المخاطر المحتملة، والَّتي ربما يتمُّ مواجهتها في موقع الحريق أو الحادثة، يجب ارتداء جميع أدوات وتجهيزات الوقاية والسلامة الشخصية، أو استخدام الحدِّ الأدنى من مُعدَّات السلامة والحماية الشخصية، وحسَب طبيعة وبيئة كلِّ حادثة:
- حماية الرأس (خوذة).
- الأحذية الطويلة، وحماية فولاذيَّة فوق الأصابع.
- جهاز تنفس لتنقية الهواء بفلاتر مناسبة.
- معاطف (جاكت).
- قُفَّازات العمل لحماية اليدين.
- حماية العين.
- حماية الأذن (إذا لزم الأمر).
- وأي أدوات أو مُعدَّات قد يتطلَّب الحادث توفيرها، وحسَب الموقف، وبما يضمن سلامة فريق التحقيقات لتأدية مهامهم، وسَيْر أعمالهم بأفضل صوره سليمة.
حقيبة المحقق المختص بالتحقيق في حوادث الحرائق:
تتنوَّع محتويات ومكونات حقيبة المحقق المختص في حوادث الحرائق حسَب الإمكانيات المتوفرة، وحسَب الاحتياج إلى الأجهزة والمُعدَّات المتخصصة لتوفير الإمكانيات، وقدرة اكتشاف الحقائق والمسببات لطاقم التحقيقات, وفي الغالب تحتوي حقائب المُحقِّقين في حوادث وكوارث الحرائق على مُعدَّات متنوعة يتمُّ توفيرها حسَب متطلبات التحقيق؛ مثل: أدوات الرفع والبحث في المُخلَّفات ومُعدَّات القياس، وأخرى قد تتضمَّن أجهزة إلكترونية؛ مثل: أجهزة قياس مستوى الإشعاع، وكميات الغازات في محيط مكان الحادث، وأجهزة قياس التدرُّج الحراري، وكاميرا تصوير رقمية ذات دقة عالية، وعدسات مكبرة، وأكياس بلاستيكية، وأوعية معدنية لحفظ الأدلَّة.
مكونات حقيبة محقق تحقيقات حوادث الحرائق:
عبارة عن أدوات ومُعدَّات، وبعض الأجهزة التي تُسهِّل عمل مُحقِّقي التحقيقات في حوادث الحرائق:
- بوصلة.
- أجهزة مقياس متري (اعتيادية).
- آلة تصوير، وأفلام احتياطية – بطارية – حامل الكاميرا – والوسائط الإلكترونية.
- جهاز إضاءة، أو كشاف ضوء يدوي، ويُفضَّل أن يكون هناك احتياط أيضًا.
- أدوات يدوية صغيرة متنوعة، أو أدوات متعدِّدة الأغراض (مفكات، قواطع أسلاك، سكاكين, منشار كماشة, آلة قص).
- شريط تحذيري لإحاطة المنطقة وعزلها.
- زجاجات وأنابيب ذات أغطية محكمة لحفظ العيِّنات، وعُلَب صفيح معدنية.
- ورق لاصق, ورق أبيض, مسطرة، وممحاة، وأقلام رصاص، وأقلام ألوان، وسائلة متنوعة.
- بعض الزجاجات التي تحتوي على مواد كيماوية كاشفة.
- أجهزة قياس إلكترونية لقياس الأبعاد.
- أدوات حَفْر يدوية، وملاقط للبحث عن الأدلة، ورفع الحطام.
- عدسات مكبرة.
- أجهزة اكتشاف واختبار جهد التيار المتردد.
- قُفَّازات مطاطية.
- أجهزة قياس مقدار التفحم.
- مذكرة للكتابة وتدوين الملاحظات
أسلوب العمل:
- مُعَاينة الحوادث، ورفع الآثار المادية.
- دراسة الآثار المادية للتعرُّف عليها، ثم تحديد طبيعتها وماهيَّتها.
- نسبة الأثر لمرتكب الحادث في سبيل الإثبات الجنائي.
- تحديد الأسلوب الإجرامي المستخدم.
- الاعتماد على نتائج واختبارات المعمل الجنائي.
الخاتمة:
إنَّ العمل في مواقع حوادث الحرائق والانفجارات يتطلَّب جهوزية عالية، ووعيًا كاملًا بالمخاطر التي قد تكون كامنةً أو ظاهرةً؛ لذا فإنَّ الالتزام بتطبيق إجراءات السلامة، وتوفير التجهيزات المناسبة، وتفعيل دور ضابط السلامة، كلها عناصر أساسية تُسْهم في حماية أرواح المحققين، وضمان جودة التحقيقات، كما أنَّ تزويد فِرَقِ التحقيق بالحقائب المُجهَّزة بالأدوات المتخصصة يُعدُّ من العوامل المحورية للوصول إلى نتائج دقيقة تُسْهم في كشف ملابسات الحادث.. إنَّ سلامة المحققين لا تقلُّ أهميةً عن دقة التحقيق، فكلاهما مكملٌ للآخر في تحقيق العدالة، وكشف الحقائق.