مقدمة:
يُعدُّ الشباب والشابات هم أساس التقدُّم والإعمار، وتَكمُنُ أهمية النشأة الصحيحة خلف بيئة تعليمية لائقة وآمنة ومناسبة للحياة السعيدة، كما أنه – بلا شكٍّ – للفرد احتياجات متعددة ومؤثرة على شخصيته، وربما كانت الأساس واللَّبِنَة الأولى للحاجات الأخرى، ومن هذه الحاجات: حاجة الإنسان إلى الشعور بالأمان كون الشعور بالأمان يُعتَبر مصدرًا للتفاؤل والأمل بالمستقبل؛ لأنَّ الشعور بالأمان لدى الطالب يُعزِّز الطاقة المعنويَّة، ويُعزِّز الإيجابية.
كما أنَّ حاجة الطالب إلى السلامة لا يقلُّ أهميةً عن حاجته إلى الغذاء والكساء والدواء، فالشعور بالأمان يجعل النفس مطمئنةً، وأكثر قدرةً وفعاليةً على الفهم والاستيعاب.
وتهدف إدارة المخاطر في المدارس إلى رفع كفاءة الطلبة والمُعلِّمين في التعامل مع المخاطر المتوقَّع حدوثها؛ مثل: حدوث زلزال، أو إعصار، أو فيضانات، أو نشوب حريق، أو ماس كهربائي، أو تسريب غاز مضغوط، أو انسكاب مادة كيماوية ، أو جائحة، أو أوبئة في المدرسة، وتدريبهم على كيفيَّة التعامل مع مثل هذه المخاطر بالطرق المُثْلى التي تضمن حفظ سلامة الجميع.
أهمية سلامة البيئة التعليمية:
يجب أن تكون البيئة التعليمية بيئةً آمنةً ولائقةً تتوفر فيها التجهيزات والأدوات و متطلبات السلامة المهنية كافَّة، وَفْقًا للمعايير المحلية والدولية، وأن تكون جميع المخاطر المحتملة في المنشآت التعليميَّة تحت السيطرة، ووَفْقًا لهرم السيطرة والتحكُّم بالمخاطر والكوارث.
وذلك لحماية الطلاب من المخاطر والكوارث الطبيعيَّة التي قد يتعرَّضون لها، والتي قد تكون سببًا في وفاتهم، أو إعاقتهم جسديًّا، أو تحدث لهم تشوُّهات جسدية نتيجة الحروق من الدرجة الثالثة، والتي قد تحدث لهم بسبب الحريق، وتُدْخلهم في دوَّامة الحالة النفسية والتنمُّر، أو الأمراض التي قد يتعرَّضون لها بسبب البيئة المجاورة.
لذلك، باتت إدارة المخاطر ضرورة حتميَّة لفهم جوانب الخطر كافَّة، فالخطرُ حدثٌ مفاجئٌ يحدث في وقت ضيق، ويصعب التنبُّؤ به، ويُسْهم في فقدان التوازن في الدراسة .
لذا، يتطلَّب من الإدارة وَضْع خطة استراتيجية للتعامل معه، واتِّخاذ الضوابط والتدابير والإجراءات اللازمة لمحدوديَّة البدائل.
وتَبْرز أهمية إدارة المخاطر في المدرسة كونها تتَّسم بالديناميكية المنظمة والمستمرة، وتعمل على منع أو الحد من الخطر قبل وقوعه، والتعامل معَه بأكبَر قدرٍ من الفعالية والكفاءة، وكذا من خلال سَعْيها للتقليل من الهدر والضياع في الموارد؛ لأنَّها تستهلك تلك الموارد المتاحة نتيجةً لوقوع الخطر، والحد من الآثار المُعِيقَة لحالة عدم التأكُّد، والخسائر المحتملة من خلال العمل على التقليل من نسبة احتمالية وقوع الخطر، وتوقُّع موعد حدوث ذلك الخطر، وتوفير الثقة والسلامة والاستقرار لدى جميع مُنْتسِبِي المدرسة، والتحرُّك بشكل منظم للتدخل في التعامل مع الخطر وإدارته بشكلٍ سليمٍ وفعالٍ، ومواجهته بشكل فوري وسريع لتحقيق السيطرة الكاملة على موقف الخطر، إضافةً إلى ذلك تتَّسم الأوامر والتعليمات اللازمة لإدارة المخاطر، أو الخطر، أو الكارثة بوضوحٍ تامٍّ وشفافيةٍ.
الاستثمار في مجال السلامة في البيئة المدرسية:
كما يُعدُّ الاستثمار في مجال السلامة استثمارًا مربحًا مقارنةً بتكاليف إعادة الوضع بعد حدوث الخطر أو الكارثة.
ومن المُرجَّح أن تثير السلامة المدرسية – وهو موضوع معقد – مشاعر قويَّة، وبناءً على ذلك يجب أن يشمل هذا الاستخدام المُحدَّد للموازنة التشاركيَّة في ممارسات لتعزيز السلامة النفسيَّة، وفيما يلي بعض التقنيات التي يمكن استخدامها:
- قدم أمثلة: يمكن أن تكون الأمثلةُ على كيفيَّة تحسين السلامة المدرسية مفيدةً في زرع بعض الأفكار.
- السعي إلى مشاركة واسعة: يجب تشجيع كلِّ طالب على المشاركة، وهذا لا يعني أنَّ كل طالب سيقوم بإنشاء اقتراح أو تحسينه، ومع ذلك يجب تشجيع كل طالب مُؤهَّل للتصويت على المقترحات الفائزة، وتمويلها على المشاركة كعضوٍ متساوٍ في المجتمع.
وقد يكون خَلْقُ السلامة النفسيَّة أمرًا صعبًا، خاصةً بالنسبة للمدارس أو المناطق التي تتعافَى من حدثٍ صادمٍ أو عنيفٍ، واستمرَّ في المسار، واستمرَّ في طَمْأنة جميع أصحاب المصلحة بالالتزام بالسلامة.
تداعيات انعدام وجود خطة لإدارة المخاطر:
إنَّ انعدام وجود خطة لإدارة المخاطر على مستوى كل مدرسة، وعدم تطبيق ضوابط وتدابير وإجراءات السيطرة والتحكُّم بالمخاطر في المدرسة لمنع أو تقليل المخاطر- يُعدُّ كارثةً قد ينتج عنها كوارث بشرية ومادية لا تُحمَد عقباها، فيا ترى أليسَ من حقِّ هؤلاء الأطفال الحصول على السلامة والبيئة التعليمية اللائقة والآمنة والنظيفة الخالية من المخاطر والكوارث؟! أليس من حقِّهم أن يشعروا بالأمان والرفاهية؟!!
إنَّ حماية حياة وسلامة الطفل بالمدرسة تُعدُّ مسؤوليةً أخلاقيةً وإنسانيةً تكامليةً تقع على جميع الأطراف ذات العلاقة لخَلْق بيئة تعليمية آمنة تتوفَّر فيها مُقوِّمات حماية حياة الأطفال وصحتهم، ولديها القدرة على التَّعافِي من المخاطر والكوارث، واستدامة نشاطها، ومسيرتها العملية والتعليمية، واستمرار حصول الأطفال على حقِّهم الطبيعي في التعليم.
البيئة التعليمية الآمنة تطبيقٌ إجرائيٌّ لاتفاقية حقوق الطفل:
تُعدُّ البيئة التعليمية الآمنة تطبيقًا إجرائيًّا لاتفاقية حقوق الطفل التي استندت إلى أنظمة قانونية وتقاليد ثقافية متنوعة، وهي تُشكِّل مجموعة من المعايير والالتزامات المُتَّفق عليها عالميًّا؛ حيث تضمَّنت هذه الاتفاقية حقوق الطفل في كلِّ مكان، ومنها: المدرسة، والمحافظة على حقوقهم، ومناصرتهم، ومساعدتهم في تلبية احتياجاتهم الاساسية، وتوسيع الفُرَص المتاحة لهم لبلوغ الحدِّ الأقصى من طاقاتهم وقدراتهم، وتُوضِّح هذه المعايير التي يُطْلق عليها أيضًا حقوق الإنسان الحدَّ الأدنى من استحقاق الحريات التي يجب على الحكومات الالتزام بها تُجَاه الأطفال، كما تُعدُّ آليَّات إدارة المخاطر في المدارس بمثابة صمام الأمان الذي يضمن المحافظة على السلامة العامَّة للطلبة والمعلمين في المدرسة.
الخاتمة:
إضافةً إلى ذلك تعمل آليَّات إدارة المخاطر على تعزيز عامل السلامة في المدرسة، وتضمن فعاليتها واستمرارها؛ إذ تُعدُّ بيئة التعليم الآمنة حَجَر الأساس الذي يحافظ على سلامة الطلبة الفكرية والجسدية، وتُنمِّي لديهم حُبَّ المعرفة، وتغرس فيهم الحماس والدافعيَّة والهمَّة والشَّغف لمواصلة التعليم، وتُعزِّز لديهم قِيَم الولاء والانتماء للمدرسة، وتزيل مشاعر الخوف والقلق لديهم، كما يجب علينا أن نستخلص الدروس المستفادة من جائحة (كوفيد 19) التي لا تَخْفى على أحد، والتي ألحقت خسائر كبيرة في الأرواح والموارد الماديَّة في المجتمعات على مستوياته كافَّة.