مقالات المجلة

حرائق الغابات و إرشادات السلامة من الدخان

مقدمة:

قلق عالمي متزايد، وحالة من الطوارئ أعلنتها العديد من دول ثلاث قارات وسط انتشار واسع لحرائق الغابات. فقد واصلت موجة الحر الشديد اجتياح مناطق عديدة من العالم مع تسجيل درجات حرارة قياسية في أوروبا، من إسبانيا إلى اليونان، والولايات المتحدة، واندلاع حرائق ضخمة امتدَّت إلى شمال أفريقيا، في حين حذرت الأمم المتحدة من تواتر الظاهرة حتى 2060 بسبب تغيُّر المناخ. 

لم تَنْأَ بلادنا العربية؛ مثل: المغرب وتونس -حفظهم الله- من اندلاع تلك الحرائق، ففي المغرب وبعد حوالي أسبوع من اندلاعها، نجحت مختلف فرق الإنقاذ في المملكة المغربية من السيطرة الكاملة على الحرائق التي شبَّت بشكلٍ منفصلٍ في عددٍ من الغابات شمال المملكة المغربية، وبحسب مصطفى بيتاس، الناطق باسم الحكومة المغربية، فقد بلغت المساحة التي أتت عليها النيران نحو (10 آلاف هكتار) في مختلف المناطق، وفَقَد الآلاف من سكان تلك المناطق مساكنهم، حيث بات العديد منهم دون مأوى، أو أي مصدرٍ للرزق بعد أن طالت ألسنة النيران آلاف الهكتارات من الأراضي والغابات، وَالْتَهمت المحاصيل الزراعية والمواشي. 

دخان حرائق الغابات:

يُعَدُّ الدخان المنبعث من حرائق الغابات السبب في وفاة ما يتراوح بين عشرات ومئات الآلاف من البشر على مستوى العالم سنويًّا. ويحتوي دخان حرائق الغابات على جزيئات وغازات قد تكون ضارةً بالعمال أو المجتمع، والدخان خليطٌ معقدٌ من مئات المواد الكيميائية، وقد تحتوي على:

ويعتمد تكوين الدخان على العديد من العوامل، بما في ذلك المواد التي تحترق، ويعتمد تركيز الدخان على ظروف الرياح، والقرب من النار.

بَيْد أنَّ بعضًا من الجسيمات الدقيقة التي لا يتجاوز عرضها (2.5 ميكرومتر) يُعدُّ من أكثر ما يُثير قلقَ العلماء المَعْنيِّين بجودة الهواء. ويُتوقَّع أن يتعرَّض رجال الإطفاء لكميات هائلة من هذه الجسيمات الدقيقة المعروفة باسم PM2.5. ويُعدُّ تلوث الهواء بالجسيمات الدقيقة (PM2.5)  أكبر عامل خطر بيئي منفرد على صحة الإنسان والوفاة. إنَّ أي كمية من تلك الجسيمات الدقيقة تُشكِّل خطرًا حال تنفُّسها مهما بلغ صغر حجمها؛ لأنَّ لديها القدرة على التغلغل في أدقِّ شقوق الرئة، ومن ثَمَّ السريان في مجرى الدم. وتُعدُّ حرائق الغابات مصدرًا رئيسًا لجسيمات PM2.5 ، وقد تمَّ توثيقها لتسبُّبها في آثارٍ ضارة بالصحة التنفُّسية، وزيادة معدل الوفيات، كما تشير الدراسات السُّمية والوبائية إلى أن جسيمات PM2.5 الناتجة عن حرائق الغابات أكثر ضررًا للجهاز التنفُّسي من الجرعات المتساوية من PM2.5 غير الحرائق.

استنشاق دخان حرائق الغابات والمشاكل الصحية:

إنَّه عند دخول الدخان إلى المسالك التنفُّسية، تكون رِدَّة فعل الجسم «مشابهة لِمَا يحدث عند التعرُّض للجراثيم والعدوى»، وتصاحب ذلك مجموعة كبيرة من التغيُّرات الفسيولوجية؛ إذ ترتفع مستويات هرمون الكورتيزول والجلوكوز ارتفاعًا كبيرًا في الدم، وهو ما يؤدِّي بدوره لاضطراب نظم القلب، ويُعزِّز احتمالية تجلُّط الدم، كذلك تحدث التهابات في بطانة الرئتين، وهو ما يُسبِّب صعوبة التنفُّس لدى المصاب، ويمكن أن يكون لاستنشاق الدخان آثار صحية فورية، بما في ذلك:

  • السُّعال الشديد.
  • ضيق التنفُّس.
  • سرعة ضربات القلب.
  • الشُّعور بالنهجان.
  • سيلان في اللعاب.
  • وخز في الأطراف.
  • الغثيان.
  • الإغماء.

وقد يكون كبار السِّنِّ، والحوامل، والأطفال، والأشخاص الَّذين يعانون من أمراض الجهاز التنفُّسي والقلب الموجودة مسبقًا- أكثر عُرْضةً للإصابة بالمرض إذا تنفَّسوا دخان حرائق الغابات.

إرشادات السلامة من دخان حرائق الغابات:

إذا أمكن، قلِّل من تعرُّضك للدخان، وفيما يلي أهم النصائح لمساعدتك على حماية صحتك:

  1. انتبه لإنذارات الطوارئ والإخطارات للحصول على المعلومات والإرشادات، وقُمْ بالإخلاء فورًا إذا طلبت منك السلطات ذلك.
  2. ارتدِ قناع N95 لحماية نفسكَ من استنشاق الدخان، أو الحد من تعرُّضك للدخان.
  3. إذا طُلِبَ منك البقاء في الداخل، فَابْقَ بالداخل، وحَافِظْ على نظافة الهواء الداخلي قدر الإمكان.
  4. اختر غرفةً تمنع دخول الهواء الخارجي، وقُمْ باستخدام منظف أو مرشح هواء محمول للحفاظ على نظافة الهواء في هذه الغرفة حتَّى عندما يكون هناك دخان في باقي أجزاء المبنى، وفي الهواء الطَّلْق.
  5.  استخدم مرشح هواء داخلي قائم بذاته مع إزالة الجسيمات للمساعدة في حماية الأشخاص المصابين بأمراض القلب، أو الربو، أو أمراض الجهاز التنفسي الأخرى، وكبار السن، والأطفال من آثار دخان حرائق الغابات.
  6.  لا تَزِدْ من تلوث الهواء عندما ترتفع مستويات الدخان، ولا تستخدم أي شيء يحترق؛ مثل: الشموع والمدافئ، ولا تستخدم المكنسة الكهربائية؛ لأنَّ المكنسة الكهربائية تثير جزيئات موجودة بالفعل داخل منزلك، ولا تدخن؛ لأن التدخين يزيد أيضًا من تلوث الهواء.
  7. يجب اتِّباع نصيحة الطبيب بشأن الأدوية، وحول خطة إدارة الجهاز التنفُّسي إذا كنت تعانـي من الربو، أو مرض رئوي آخر، أو أمراض القلب والأوعية الدموية. 

إرشادات السلامة للتعامل مع حالات الاختناق أثناء الحرائق:

عند تعرُّض الشخص للاختناق بسبب دخان الحرائق، يجب التدخُّل على الفور للحدِّ من المشكلات الصحية الناجمة عن الحريق، وذلك عن طريق القيام بالإسعافات الأوليَّة المطلوبة، والتي يمكن إجمالها فيما يلي:

  • يجب نَقْل الشخص في مكان جيد التهوية بعيدًا عن مكان الحريق، وذلك لمساعدته على تنفس أكسجين طبيعي، وحتى لا يتشبَّع دمه بالمزيد من ثاني أكسيد الكربون.
  • مساعدته على النوم على الجانب الأيسر، وذلك بهدف تحسين تدفُّق الدماء في الجسم؛ ممَّا يساعد على التنفُّس بصورةٍ أفضل، ويُعرَف هذا الوضع بوَضْع الإفاقة.
  • إذا كان الشخص لا يستطيع التنفُّس، فيجب مساعدته على التنفُّس عن طريق الإنعاش القلبي الرئوي.
  • إذا كان الشخص ما زال لا يتنفَّس، فعلينا مباشرة عملية التنفُّس، وذلك عن طريق ما يُسمَّى بالتنفس من الفم للفم.
  • بالرغم من القيام بالخطوات السابقة، يجب الإسراع إلى نقل المريض للمستشفى؛ لضمان سلامة المريض، وللاطمئنان على سلامة الوظائف الحيويَّة للجسم.

ممارسات خاطئة:

هناك بعض العادات الخاطئة التي يقوم بها البعض عند إسعاف المريض، والتي لا تُجْدي نفعًا، ولكنها تعود عليه بمزيدٍ من الضرر، ومن أبرزها ما يلي:

  • النفخ في وجه المريض؛ ممَّا لا يساعده على التنفُّس بشكل سليم، وإنما يزيد شعوره بالاختناق.
  • محاولة إعطاء المصاب الماء، أو أي مشروبات؛ ممَّا يعمل على سدِّ مجرى التنفُّس، خاصةً عند الإصابة بالسعال.
  • التجمُّع وتكدُّس الكثيرين حول الشخص المصاب؛ ممَّا لا يساعده على التنفُّس بشكلٍ سليمٍ، وإنما يزيد شعوره بالاختناق.
  • البكاء الكثير، والحديث عن المضاعفات التي قد يتعرَّض لها الشخص المُصَاب، ممَّا يزيد من خوفه وقلقه، فهو يحتاج لحسن التصرُّف، ومزيد من الهدوء النفسي حتى يهدأ ذُعْره.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *