مقالات المجلة

ثلاثة أعوام على انطلاقة المعهد العربي لعلوم السلامة

إنَّ نَشْر ثقافة تعزيز السلامة وَفْق منظورٍ ينسجم مع الثقافة والتراث والإرث الحضاري للشعوب العربية، ولا يتعارض أخلاقيًّا مع معتقداتها، هو أحد أهم المساعي الرَّامية إلى مساعدة هذه المجتمعات في الدخول في (مجتمعات المعرفة)؛ كوسيلةٍ لتحقيقِ التنمية المستدامة، وبَلْورةِ الفكر، وترسيخِ حبِّ الاطِّلاع والمعرفة، وكل ما يحيط بجوانب الحياة وصُنْع القرار، دون تَخلٍّ عن القِيَمِ والثوابت والسِّمات الثقافية المميزة لها؛ حيث إنَّ ما شهده العالَم من ثورة صناعية في السابق، وما يشهده حاليًا من ثورة في تكنولوجيا المعلومات والاتصال والهندسة الوراثية وعلوم الجينات، شكَّلت – وما تزال – تحديات علمية واجتماعية وثقافية كبيرة أمام الدول والشعوب العربية،

ولأنَّ ثقافة السلامة هي عنصر أساسي من عناصر رسم الهُويَّة، فإنَّ قضية تعزيز ثقافة العلمية العربية عمومًا، وثقافة السلامة خصوصًا، تُعَدُّ من القضايا بالغة الأهمية اجتماعيًّا واقتصاديًّا، فهي ركيزةٌ من الرَّكائز الضروريَّة لضمان مستقبلٍ أفضل للأجيال العربية الناشئة في ظلِّ التوجُّهات العالمية نحو (مجتمعات علمية في تعزيز ثقافة السلامة العربية)

ومن هنا نستطيع القول: إنَّ ثقافة السلامة هي مجموعةٌ من التوجيهات والقِيَمِ والمواقف والممارسات التي يتبنَّاها الموظفون والشركات والمؤسسات العلمية لجعل قضايا السلامة ذات أولويَّة قُصْوى، وبالرغم من أهمية الإدارة العليا في الشركات والهيئات في تبنِّي ثقافة السلامة، إلا أنها ليست مسؤوليتها وحدها، بل إنَّ السلامة مسؤولية الجميع (كل فرد في الشركات والمؤسسات)، ولكي يتم ذلك، يجب غَرْس وتعزيز ثقافة السلامة وتنميتها بالوعي والتدريب والمشاركة في كل أنحاء الوطن العربي؛

حيث أصبح العالَم مُدرِكًا لأهميَّة وجود نظامٍ قويٍّ للسلامة والصحة المهنيَّتين، نظام يتضمَّن المشاركة الفعَّالة من قِبَلِ الحكومات وأصحاب الأعمال والعمال والجهات الفاعلة في مجال الصحة العامة، والأطراف الأخرى ذات الصلة؛ لحماية بيئات العمل، بالإضافة إلى سلامة العمال وصحتهم.

لذا، فإنَّ المعهد العربي لعلوم السلامة هو مجتمع عربي غير هادفٍ للربح، يهدف إلى نَشْر الوعي والمعرفة بمجالات علوم السلامة بتخصُّصاتها كافَّة؛ حيث يُنظِّم المعهد مؤتمرات، ووِرَش عمل، ودورات تدريبية للمهتمِّين والعاملين في هذا المجال.

وتكمُنُ أهميَّة المعهد في دوره في تعزيز ثقافة السلامة والاستدامة في الوطن العربي، وتحسين جودة الحياة والبيئة، وانطلاقًا ممَّا تقدَّم، وانسجامًا مع أهداف ومهام مجلة السلامة العربية، وقرارات مؤتمراتها ومجالسها، وإدراكها بأنَّ أرضية الوطن العربي وتاريخه وثقافته العربية ولغته الواحدة تُتِيحُ العديد من الفرص من أجل تجسيد التعاون العربي في هذا المجال.

فكان من توصيات (مجلة السلامة العربية) في مؤتمراتها وندواتها واجتماعات الخبراء ذات الصلة: بَذْل جهودٍ كبيرةٍ للإسهام في نشر الثقافة العلمية في المجتمعات العربية بمختلف فئاتها، مع مراعاتها لخصوصية كل دولة عربية، فقد نفَّذت العديد من الأنشطة والبرامج المتخصِّصة لتعزيز نشر الثقافة العلمية في وطننا العربي، ومن المُؤمَّل أن تُفْضي تدريجيًّا إلى تحويل المتلقِّي للعلوم المُيسَّرة إلى مُثقَّفٍ علميٍّ لديه دِراية واعية بطبيعة المعارف العلمية والتكنولوجية، ويسعى – دومًا – إلى اكتساب المزيد من المعلومات حول تعزيز ثقافة السلامة في كلِّ جوانب الوطن العربي.

الأستاذ الدكتور/ أحمد النجار

  •  أستاذ ورئيس قسم علوم الحاسب.
  •  كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي، جامعة بني سويف.
  • مدير مركز الدراسات التكنولوجية والمعلوماتية، جامعة بني سويف.
  • مؤسس ورئيس المجموعة البحثية الابتكارية SIGR

مصر

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *