مقالات المجلة

دور التوعية في نشر ثقافة السلامة

       يقول الله تعالى في سورة (الذاريات): {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}، هذه الآية العظيمة تظهر لنا مدى أهمية التذكير في إيقاظ النفوس، وإنارة العقول، خاصةً مَن يملك الإيمان في قلبه، وهنا أتحدث عن الإيمان بشكل عام، وليس الحصر في الإيمان العقائدي.

والتذكير نوعان

تعتبر السلامة المهنية من أهم المواضيع التي تَشغل بال المديرين والمسؤولين؛ نظرًا لما تُشكِّله من أهميةٍ في الحفاظ على العنصر البشري من جهةٍ، والآليات والبيئة من جهةٍ أخرى، ومن هنا كان لزامًا التركيز على العنصر البشري بالعمل على تقوية وتطوير قدراته في مجال السلامة المهنية؛ سواء عن طريق التكوين المستمر، أو عن طريق عمليات التحسيس والتوعية.

يفية توعية الموظفين بالصحة والسلامة في العمل؟

  •  تذكير بما لم يعرف تفصيله، مما عرف مجمله بالفطر والعقول، فإن الله فَطر العقول على محبة الخير وإيثاره، وكراهة الشر والزهد فيه، فإنه من التذكير، وتمام التذكير أن يذكر ما في المأمور به من الخير والحسن والمصالح، وما في المنهيِّ عنه من المضار.
  •  والنوع الثاني من التذكير: تذكير بما هو معلوم، ولكن انسحبت عليه الغفلة والذهول، فيُذكَّرون بذلك، ويكرر عليهم؛ ليرسخ في أذهانهم، وينتبهوا ويعملوا بما تذكَّروه من ذلك، وليُحدث لهم نشاطًا وهمةً تُوجب لهم الانتفاع والارتفاع.  

وهنا يطرح التساؤل حول كيفية توعية الموظفين؟

من أجل إنجاح عملية التوعية يجب اتباع ما يلي:

  •  اختيار الموضوع المناسب

خلال هذه المرحلة يجب على مسؤول السلامة اختيار موضوع مناسب يتماشى مع الوضعية الراهنة حتى يستجيب المتلقي بشكلٍ جيدٍ، ويمكن تحقيق الأهداف المطلوبة.

مثال: تمَّ تداول خبر انفجار شاحن الهاتف في منزلٍ؛ ما أدى إلى وفاة طفلة، ونشوب حريق كبير، وهنا يجب على مسؤول السلامة أن يخصص حصة التوعية حول موضوع استخدام شاحن الهواتف، والأخطار الناجمة عن سوء الاستعمال، وطرق الوقاية منها، حتى نتجنَّب تكرار مثل هذه الحوادث؛ سواء داخل الأوراش، أو داخل المنازل.

 مثال: منذ بداية الوردية، هناك مشاكل في المنشأة بحيث ظلَّ أغلب العمال يعملون بشكلٍ مستمرٍّ حتى قرب نهاية الورديَّة، وهنا لا يمكن لمسؤول السلامة أن يخصص وقتًا للتوعية؛ لأنه لن يتمَّ الاستجابة من طرف العمال؛ نظرًا للتعب الذي لَحِقَ بهم.

  •  اختيار التوقيت المناسب

سبق لنا أن تعرَّفنا على تأثير السلوك في تجنب وقوع حوادث العمل، وقلنا: إنَّه يصعب التحكُّم في السلوك، ومن هنا كان وجوبًا على مسؤول السلامة أخذ الحَيْطة والحذر في اختيار التوقيت المناسب للقيام بعملية التحسيس والتوعية حتى تتحقق الأهداف المرجوَّة.

  •   استعمال لغة سهلة وبسيطة

التواصل أساس نجاح العلاقات الإنسانية، وكما قرأنا في عدد شهر (سبتمبر) لمجلة السلامة العربية حول موضوع دور التواصل في نشر ثقافة السلامة المهنية، يجب على مسؤول السلامة أن يستعمل لغةً سهلةً واضحةً، وأسلوبًا سهل الفهم وموجزًا، حتى يتم إيصال المعلومة بشكل صحيح، وتحقيق الأهداف المرجوَّة من عملية التوعية والتحسيس.

ويمكن الاعتماد على الخريطة الذهنية في عمليات التوعية؛ لأنها تسهم في حفظ الذاكرة، وتبسيط الفهم والشرح.

مثال: داخل الورش هناك أشخاص لا يتحدثون اللغة الفرنسية، وهنا يجب تجنب الحديث واستعمال مصطلحات غير مفهومةٍ، بل يجب استعمال لغةٍ يفهمها الجميع.

خلاصة

في مجال السلامة المهنية لا يمكن الحديث عن الوصول للقمة أو النهاية بحكم أنه لا يوجد (صفر خطر)، لهذا كان التذكير أمرًا حتميًّا حتى نتجنَّب وقوع حوادث مميتة، وتبقى عمليات التحسيس والتوعية تقوم بدورٍ مهمٍّ جدًّا في التذكير بالمخاطر الموجودة داخل الورش، والتنبيه إليها ولو بشكلٍ بسيطٍ وسهلٍ.

وفي الأخير، لا تحتقر أي عملٍ أو فعلٍ يسهم في إنقاد روح بشرية، ولنا في قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} [سورة المائدة: الآية 32].

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *