إنَّ تطبيق السلامة يُعدُّ أحد أهم مساعي تحقيق الاستدامة في أي مجالٍ «فما لا يُصَان، لا يدوم».
ولعلَّ تطبيق السلامة في بيئة العمل على وجه خاص يعدُّ أحد ركائز تحقيق بيئة عمل مستدامة محافظة على الأرواح والممتلكات في كل مناحي العمل، وجوانبه، وأركانه الأربعة.
ومن هذا المنطلق دَعُونا نُلْقي نظرة على استدامة الأركان الأربعة لبيئة العمل، وكيف يمكن أن تُطبَّق هذه الاستدامة على كل ركنٍ من تلك الأركان، فمن المعروف سلفًا أننا نحافظ في منهجية السلامة والصحة المهنية على ما يلي: (العنصر البشري – المُعدَّات – المواد الخام – البيئة المحيطة؛ داخليًّا أو خارجيًّا).
ولمَّا كانت أجندة التنمية المستدامة الموضوعة أُمميًّا في العام 2015م من قِبَلِ منظمة الأمم المتحدة تحتوي على (17 هدفًا) يعملون أساسًا لصالح العنصر البشري، فإنَّنا لابد وأن ننظر للسلامة من هذا المنطلق على النحو التالي:
تطبيق أهداف التنمية المستدامة لسلامة العنصر البشري في بيئة العمل:
- أولًا: القضاء على الفقر (الهدف الأول):
لابد وأن يقوم كل ربِّ عمل أو صاحب قرار من مراجعة خطة الرواتب والحوافز كل فترةٍ للتأكد من أنها تحقق استقرارًا نسبيًّا للعاملين؛ ممَّا يتيح معه القضاء على الفقر، والحد أيضًا من ظاهرة انتشار الجوع؛ سواء الجوع الدائم، أو الموسمي، وأنه لَمِن دواعي إجادة العاملين هو التقدير المادي، والذي يضمن لهم حياة كريمة، ويضمن استدامة المؤسسة، وبالتالي الربحية المنشودة.
- ثانيًا: الصحة الجيدة والرفاة (الهدف الثاني):
نجد أنَّ توفير التأمين الصحي للعاملين بما يحقق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة يُعدُّ أحد أهم ركائز استدامة المؤسسات لعدة أسباب؛ منها على سبيل المثال لا الحصر: (العامل ذو الصحة الجيدة أكثر إنتاجيةً – أفضل في التواصل) – (عند الاهتمام بصحة العامل وأسرته، والتواجد إلى جواره وقت إصابات المهنة أو الأمراض الناتجة عنها، فإن المؤسسة تضمن ولاءه وانتماءه لها) – (الكشف الدوري على صحة العاملين يقيم بيئة العمل، ويكشف مدى التلوث بها، والأضرار الصحية في هذه الحالة يمكن علاجها قبل حدوث مشكلات صحية بالغة الأثر)، وممَّا سبق فإن ذلك يتيح لصُنَّاع القرار تحقيق الجودة الشاملة لبيئة العمل.
- ثالثًا: التعليم الجيد (الهدف الثالث):
يعدُّ هذا الهدف من أهم الأهداف القومية التي تتكامل فيها جهود المجتمع المدني مع الجهود الحكومية، وقد أدركت المؤسسات الصناعية الكبرى أهمية ذلك، فقامت ببناء المدارس التي تخدم صناعتها، وتدرب الأيدي العاملة لتعود عليها بالنفع مرة أخرى، وباتت تلك المدارس قِبْلةً للكثيرين من أبنائنا الذين ينشدون عملًا وعلمًا في آنٍ واحدٍ.
وكذلك نجد أن المؤسسات التي تهتم بتدريب العاملين وتثقيفهم، وتقديم أحدث البرامج المهنية التي ترتقي بالمستوى العقلي والمهني هي الأفضل على الإطلاق، وتُحقِّق استدامةً بداخل المؤسسة وخارجها؛ حيث نجد أن التدريب أحد أهم جوانب العمل الآن، وقد دخل إلينا التدريب الأخضر المحافظ على البيئة داخليًّا وخارجيًّا؛ مما يجعل الصناعة صديقة للبيئة، ومحافظة على حق الأجيال القادمة في الحياة.
- رابعًا: المساواة بين الجنسين (الهدف الرابع):
تحتاج المؤسسات جميعها الآن إلى العاملات من السيدات وإن لم يكن هناك عدل في إتاحة الفرص الوظيفية للجميع على حدٍّ سواء، فستكون هناك مشكلة كبرى، حيث يسجل العالم الآن نسبًا عاليةً من إعالة النساء للأسر تزيد عن (25%).
وقد جاءت قوانين السلامة والصحة المهنية وقوانين العمل بكلِّ الدساتير مُنْصفةً للمرأة في ذلك، ومُحقِّقةً أَمْنًا كاملًا لها؛ وظيفيًّا وصحيًّا ونفسيًّا بداخل المؤسسات.
ولو نظرنا في مجال السلامة، نجد أنَّ وجود السيدات في مجال الإسعاف الأوَّلي أو كطبيب له بالغ الأثر في تقديم خدمة طبية جيدة بالمؤسسات.
وللحديث بقية عن استدامة العنصر البشري في بيئة عمل آمنة تصحبها السلامة.