ثقافة السلامة:
هي الوعي بالسلامة لمجتمعٍ أو منظمةٍ أو مؤسسةٍ، ويشمل الوعي بالسلامة أهداف ومسؤوليات وعادات السلامة وَقِيَمها، والإشراف على السلامة، وقوانين وأنظمة السلامة المختلفة، وقواعد وأنظمة سلامة المؤسسة.
الأمن البشرى:
السلامة جوهرها هو مفهوم الأمن البشري، إنه يُحدِّد الطريقة التي يُفكِّر بها الناس بشأن الإنتاج الآمن، وما نحتاجه هو ثقافة سلامة صحية، والهدف هو تَجْذيرها في مفهوم السلامة العلمية والعملية، وحماية صحة الناس، والاعتزاز بحياتهم، وإدراك قيمهم كنقطة انطلاقٍ، ونقطة نهايةٍ.
فالسلامة هي الموضوع الأبدي للبشر، والإنتاج الآمن هو الأولويَّة القصوى لجميع الأنشطة الاقتصادية، وجودة وسلامة موظفي المؤسسة هي ضمان الإنتاج الآمن، وقد تبدو الحوادث عَرضيَّةً في بعض الأحيان، ولكن في الواقع هناك حتمية كبيرة للتحكُّم في الحادث إلى الحدِّ الأدنى، ومن الضروري تحسين جودة سلامة الأفراد بشكلٍ شاملٍ، وتعزيز بناء ثقافة سلامة المؤسسة.
تعزيز ثقافة السلامة:
وانطلاقًا من المبدأ الأخلاقي، ولتعزيز ثقافة السلامة -وليس الوصول لمرحلة نشر الوعي بالسلامة فقط، بل إلى أن تكون السلامة ثقافةً للفرد- كان لِزامًا على كل مَن يحمل هذا اللواء أن تكون بدايته بالمجتمع، فالسلامة قبل كل شيءٍ، وفوق كل شيءٍ؛ أخلاقيًّا وقانونيًّا واقتصاديًّا.
إنَّ أَوْلَى المراحل لتعزيز ثقافة السلامة تبدأ من داخل المنزل، ومن ثَمَّ في المراحل التعليمية الابتدائية، ومن المعروف أنَّ بناء الأسرة يرتكز على التنشئة الصحيحة للأبناء، فتلك القيم والعادات التي ينشؤون عليها تصبح مَغروسةً لديهم، ومن أولويَّات الحياة عندهم، وأنَّ صناعة وإصلاح المجتمع يبدأ كذلك بإصلاح الأجيال الناشئة، وتربيتهم على الأخلاق الحميدة، والقيم الدينية، ومحبة الآخرين، وعدم الضرر بهم، وتلقينهم كيفيَّة خَلْق بيئةٍ آمنةٍ لهم ولغيرهم، وأنَّ حركة الحياة تتطلَّب خَلْق بيئةٍ سليمةٍ مريحةٍ آمنةٍ خاليةٍ من المخاطر حتى يتسنَّى لهم العيش والعمل في أمانٍ.
وهي تُعتَبر أولى المراحل لتعزيز ثقافة السلامة في المجتمع.
فالأسرة التي تُربِّي أبناءها على القيم الدينية والإنسانية، وأولويَّة المحافظة على أرواحهم وسلامتهم، وسلامة غيرهم، وتغرس في نفوسهم حب الخير للغير، والانتماء للوطن، إنما تقوم بدورها الصحيح في بناء المجتمع.
ولا شكَّ أنَّ التعليم والتدريب هما ركائز التنشئة والتربية، وغرس المبادئ، ومن ثَمَّ أساس التطوير والعولمة.
وإن تعميم التدريب والتعليم في مجال السلامة هو أساس إنتاج السلامة، وأساس بناء ثقافة السلامة، إنها طريقة مهمة لنَشْر ثقافة السلامة، فَمِنَ الملاحظ في الوطن العربي بصورةٍ عامةٍ: قصور المناهج المتعلقة بالسلامة في مراحل الدراسة الأولية، وحتى في الثانوية، ودائمًا ما يأتي الحديث عن السلامة بصورةٍ عابرةٍ دون تخصُّصية، ويمكن أن نقول: إنَّها غير لافتةٍ للانتباه؛ لذلك فإنَّ إضافة المزيد من المواد المتعلقة بالسلامة في مناهج التلاميذ يساعد على غرس المعرفة العلمية للسلامة، ونقل تجربة إنتاج السلامة، ومن ثَمَّ ضمان السلامة الاجتماعية والاستقرار، وتعزيز الحضارة الاجتماعية.
إنَّ كثرة المواد الدراسية المتعلقة بهذا المجال يُعتَبر أساسًا متينًا للدعاية والتعليم، وهما السبيلان الوحيدان لتنمية وتنشئة المواهب ذات السلامة العالية، والجودة الثقافية.
وفي هذه المرحلة من الضروري أن نفهم تمامًا أهميَّة وضرورة بناء آلية لثقافة السلامة على المدى الزمني الطويل، وتحسين نظام السياسات واللوائح المتعلقة بزراعة هذه الثقافة، وضمان الدعم والتمويل من الجهات العليا.
والقِيَامُ بأشكالٍ مختلفةٍ من أنشطة الدعاية والتثقيف بشأن ثقافة السلامة- محورٌ لا بد منه، وخطوة يجب دعمها بكلِّ السبل الممكنة، وزيادة تحسين بناء المواقف الدعائية؛ مثل: نوافذ الدعاية، والمسارح والمعارض التي تُوجَّه لهذا العمل من مسارح الشعر والقصص المُصوَّرة، ومسابقات معرفة السلامة للتحفيز، وتحذيرات السلامة، واللَّافتات، ومقالات الصحف، وغيرها من أساليب الترويج الجماعي الذي يصبُّ في تعزيز ثقافة السلامة في المجتمع.
ختامًا وليس آخرًا، نقول: نعم، إنَّ السلامة يجب أن تبدأ كَثَقافةٍ، ولكن هذا لا يُنْسينا أن السلامة أيضًا هي لوائح وقوانين والتزامات وشروط يجب أن تُفرَض من قِبَلِ الجهات العليا لفَرْض هَيْبة الدولة، أو المؤسسة، أو الشارع العام، فهي تبدأ من الشخص نفسه، مرورًا بالأسرة داخل كل بيتٍ، وصولًا للمجتمع الخارجي من أشخاصٍ وممتلكاتٍ خاصةٍ وعامةٍ.
ويتمثَّل الموضوع في الإعلان عن قوانين ولوائح إنتاج السلامة وتنفيذها، وسلسلة من المبادئ التوجيهيَّة، والسياسات الوطنية والإقليمية بشأن تعزيز إنتاج السلامة، مع استكمالها بالتعليم التنويري المتكامل لحوادث السلامة.