مُقدِّمة:
شهد إقليم (دارفور) في غرب السودان كارثةً طبيعيةً مأسويةً تمثَّلت في انزلاق أرضي هائل اجتاح قرية (ترسين) في منطقة (جبل مرة)، ما أدَّى إلى تدمير القرية بالكامل، ومصرع جميع سكانها الذين يُقدَّر عددهم بأكثر من ألف شخصٍ، ولم يَنْجُ من الحادث إلا ناجٍ واحد فقط، جاء هذا الانزلاق كنتيجةٍ للأمطار الغزيرة التي هَطَلتْ بشكلٍ غير معتادٍ خلال الفترة الأخيرة؛ ممَّا أدَّى إلى زيادة تشبُّع التربة، وفقدان تماسكها، وتصاعدت الانهيارات الأرضية بشكلٍ متسارعٍ ومدمرٍ.
وتُسلِّط هذه الحادثة الضوء على الحاجة المُلحَّة لتعزيز نُظُم إدارة المخاطر والكوارث بالمنطقة من خلال دَمْج أساليب التَّقييم الهندسي والجيولوجي، والتخطيط الوقائي المبني على البيانات المناخيَّة والجغرافيَّة، بالإضافة إلى تطوير أنظمة الإنذار المبكِّر، وتدابير الاستجابة السَّريعة بما يضمن تقليل الخسائر المستقبليَّة، وحماية الأرواح والممتلكات.
تقييم السَّلامة في كارثة انزلاقات (دارفور) الأرضية:

- الانزلاقات الأرضية كانت مفاجئةً وشديدة السرعة؛ ممَّا يترك فرص نجاة ضئيلة للغاية، لا سيَّما في المناطق الجبليَّة ذات التضاريس الحادَّة، والأمطار الغزيرة، وهذا يجعل التدابير الوقائيَّة (مثل: إدارة استخدام الأراضي، ومراقبة الأراضي الوعرة، وأنظمة الإنذار المبكر)– ضروريَّة.
- صعوبة الوصول إلى الموقع بسبب التَّضاريس الوعرة، والحرب المستمرَّة في المنطقة تُعِيقُ وصول فِرَقِ الإغاثة والمساعدات، وهي تهديدٌ كبيرٌ للسلامة العامَّة، ولاستمرارية عمليَّات الإنقاذ.
- نقص الأدوات والمُعدَّات في موقع الكارثة اضطرَّ الناجين إلى الحفر بأيديهم للبحث عن المفقودين؛ ممَّا يزيد من خطر الإصابات، ويُبطِّئ جهود الإنقاذ.
- المنطقة تقع على خطِّ صدعٍ تكتوني، ما يعني أنَّ الانزلاقات الأرضية قد تتكرَّر، وتحتاج إلى دراسات جيولوجية ومسح دقيق، ومراقبة مستمرَّة لتقليل المخاطر المستقبليَّة.
- الإغاثة الإنسانية مُعقَّدة في ظلِّ الصراعات المُسلَّحة المستمرَّة؛ ما يجعل تأمين سلامة العاملين في المجال الإنسانـي والمجتمع المحلي أولويَّة قصوى.
كيف يمكن تحسين إجراءات السَّلامة لمواجهة الانزلاقات الأرضيَّة؟
يمكن تحسين إجراءات السَّلامة لمواجهة الانزلاقات الأرضيَّة عَبْر مجموعةٍ شاملةٍ من التدابير الوقائيَّة والتقنيَّة والإداريَّة؛ منها:
- التقييم والمراقبة المبكِّرة:
- إجراء مسح جيولوجي دقيق لتحديد المناطق المُعرَّضة للانزلاقات.
- تركيب أنظمة مراقبة ذكيَّة بالأجهزة الحسَّاسة لقياس تحرُّكات التُّربة، ومستوى الرُّطوبة، مع تحليل البيانات للتنبُّؤ بالانزلاق، وإصدار إنذارات مبكِّرة.
- استخدام تقنيات الاستشعار عن بُعْدٍ، وصور الأقمار الصناعية؛ لرصد تغيُّرات الأراضي.
- تثبيت المنحدرات:
-
- بناء جدران استناديَّة لتثبيت التربة، وتصريف المياه الزائدة.
- زراعة النَّباتات ذات الجذور العميقة لتثبيت التُّربة، وامتصاص المياه، مع الحفاظ على الغطاء النباتـي.
- تطبيق طرق هندسيَّة؛ مثل: التيراس (المدرَّجات)، وتقنيات التَّثبيت بالأوتاد الفولاذيَّة.
- التخطيط والإدارة:
-
- مَنْع البناء في المناطق الخطرة (مثل: منحدرات شديدة الانحدار، وأماكن تواجد الانزلاقات السَّابقة).
- وَضْع خطط إخلاء واضحة، وتدريب المجتمعات المحليَّة على الاستجابة السَّريعة.
- المحافظة على نظافة وتصريف المياه، وتجنُّب انسداد المجاري لمنع تجمُّع المياه الَّتي تزيد من خطر الانزلاق.
- التوعية والتَّدريب:
- تنظيم حملات توعية لسكان المناطق المُعرَّضة لتعريفهم بعلامات التَّحذير من الانزلاقات، وكيفيَّة التصرُّف في حالة حدوثها.
- تجهيز الأُسَر والأفراد بحزم الطوارئ، والنشرات الإرشاديَّة.
- إجراءات الطوارئ:
- إعداد خطط طوارئ تضمُّ طرق إخلاء بديلة بسبب احتمال انغلاق الطُّرق.
- تجهيز فِرَقِ إنقاذٍ مُدرَّبة ومجهَّزة بأدوات الحفر والإنقاذ.
- التنسيق مع السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية لضمان استجابة فعَّالة.
- تطبيق هذه الإجراءات بشكلٍ متكاملٍ يُقلِّل من مخاطر الانزلاقات الأرضيَّة، ويُعزِّز السلامة العامَّة للمناطق المُعرَّضة لها.
تأثيرات التغيُّر المناخي في خطط إدارة الكوارث والسَّلامة في المنطقة:
«تشير تقارير الهيئة الحكومية الدولية المَعْنيَّة بتغير المناخ (IPCC) إلى أن شدَّة وتواتر الأمطار الغزيرة في مناطق واسعة من العالم، بما في ذلك إقليم الساحل الإفريقي الذي يتضمَّن (دارفور)– آخذة في الزيادة؛ نتيجةً لتغيُّر المناخ العالمي، وتشير النماذج المناخيَّة المستقبليَّة إلى أنَّ إقليم الساحل الإفريقي -بما فيه (دارفور)– سيشهد زيادةً في معدلات الأمطار بنسبة تتراوح بين (10–20%) بحلول عام 2050؛ ممَّا يرفع من احتماليَّة حدوث الانزلاقات الأرضيَّة، والكوارث المرتبطة بها بشكلٍ ملحوظٍ».
كيف يمكن تحسين أنظمة الإنذار المبكر استنادًا إلى الأحوال الجويَّة؟
يمكن تحسين أنظمة الإنذار المبكِّر استنادًا إلى الأحوال الجويَّة عَبْر عدَّة آليَّات وتقنيات حديثة، تشمل:
- استخدام الذَّكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الكبرى: تحليل بيانات مناخيَّة تاريخيَّة، وبيانات حيَّة من الأقمار الصناعيَّة لمُحَاكاة سيناريوهات الطقس، وتوقُّع الأحداث المناخيَّة الحادَّة بشكل أكثر دقَّة؛ ممَّا يتيح إصدار إنذارات مبكرة وموثوقة.
- تطوير قاعدة معلومات شاملة: توفير قواعد بيانات مُنَسقة تجمع معلومات الرَّصد الجوي والتاريخي لدعم اتِّخاذ القرار الاستراتيجي في حالات الإنذار المبكر، مع تحديثٍ مستمرٍّ للمعلومات.
- الشبكات والرَّصد المتكامل: رَبْط مراكز الرَّصد الأرضية، والجوية، والأقمار الصناعية لتوفير مراقبة متكاملة ودقيقة، مع ضمان اتِّصالات سريعة لنَقْل الإنذارات إلى الجهات المختصَّة والجمهور.
- أنظمة التَّحذير الشاملة: تطبيق نُظُم إنذار مبكر متعدِّدة المخاطر تتضمَّن الفيضانات، والعواصف، والجفاف عَبْر منصَّات رقميَّة تخدم الحكومات والمجتمعات المحليَّة.
- التوعية والتدريب: رفع وَعْي السكان والمجتمعات المحليَّة بالتعامل مع الإنذارات؛ مثل: معرفة كيفيَّة الاستجابة بسرعة، واتِّباع خطط الإخلاء والتعليمات الأمنيَّة.
دور نُظُم المعلومات الجغرافية (GIS) في رصد وتحليل مخاطر الكوارث:
دور نُظُم المعلومات الجغرافية (GIS) في رصد وتحليل مخاطر الكوارث يتمثَّل في كونها أداةً حيويةً تسمح بجمع، وتخزين، وتحليل، وعرض البيانات الجغرافية بشكل طبقات بيانات متكاملة، ومن خلال GIS يمكن قراءة الخرائط الجغرافيَّة الموضعيَّة بدقة عالية؛ ممَّا يُمكِّن من:
- تحليل توزيع المخاطر على المناطق المختلفة بناءً على عوامل؛ مثل: التَّضاريس، ونوعية التربة، والأنهار، والبُنْية التحتية؛ لتحديد المناطق الأكثر عُرْضةً للكوارث.
- دمج طبقات متعدِّدة من البيانات الجغرافية؛ مثل: مواقع المدارس، والمستشفيات، وخطوط النقل، والمناطق الصناعية، والمناطق السكنيَّة، وبذلك يتمُّ تقييم المخاطر وتأثيراتها المحتملة على السكان والمنشآت.
- دَعْم التخطيط والإنذار المبكِّر من خلال تحديد طرق الإخلاء المُثْلى، وتخطيط مواقع الملاجئ، ومُحَاكاة سيناريوهات الكوارث لتقليل الأضرار البشريَّة والماديَّة.
- توفير قاعدة معلومات مكانيَّة تستخدمها الجهات الحكوميَّة والخاصَّة لاتِّخاذ قرارات سريعة ومدروسة أثناء وبعد الكوارث.
- الاستفادة في تقييم الأضرار بعد وقوع الكوارث؛ ممَّا يُسهِّل عمليات الإغاثة، وإعادة الإعمار.
ما الدُّروس المستفادة من تجارب الدول ذات النَّجاح في إدارة الكوارث؟
الدروس المستفادة من تجارب الدُّول ذات النَّجاح في إدارة الكوارث تشمل:
- إطار تنظيمي وقانونـي متكامل: الدُّول الناجحة تضع أُطُـرًا قانونيةً وسياسات واضحة لإدارة مخاطر الكوارث؛ منها: أُطُر لتقليل المخاطر، والتأهُّب للطوارئ، والاستجابة الفعَّالة، مع وضع خطط وطنيَّة ومحليَّة مدعومة بقوانين مُلْزمة.
- الاستثمار في الوقاية والتأهُّب: نجاح الإدارة يتطلَّب استثمارًا مُسْتدامًا في الوقاية، والتقليل من مخاطر الكوارث؛ مثل: البُنْية التحتيَّة المقاومة، وأنظمة الإنذار المبكر، والتدريب المتواصل للمجتمعات المحليَّة والكوادر الفنيَّة.
- التنسيق المؤسسي: وجود آليَّات واضحة للتنسيق بين الحكومة والقطاع الخاص، والمنظمات الإنسانيَّة، والمجتمعات المحليَّة، يُحسِّن فعالية الاستجابة، ويضمن تكامل الجهود دون ازدواجيَّة.
- التخطيط للتعافـي والمرونة: الدُّول الناجحة تُخطِّط لِمَا بعد الكارثة بحيث تدعم التعافـي المستدام، وبناء القدرات لتعزيز الصُّمود، وتقليل الأثر الاقتصادي والاجتماعي للكوارث.
- التوعية والتدريب المجتمعي: تثقيف السُّكان حول مخاطر الكوارث، وكيفيَّة التصرُّف في المواقف الطارئة يُعْتَبر ركيزةً أساسية تُسْهم في تقليل الخسائر البشرية والمادية.
- استغلال التكنولوجيا والبيانات: دول مثل اليابان وأوروبا تعتمد على أنظمة متطورة للرَّصد والإنذار المبكِّر، وتحليل البيانات الكبيرة لرفع دقَّة التنبُّؤ بالكوارث، والتخطيط المبكِّر.
- التكيُّف مع تغيُّر المناخ: دمج إدارة مخاطر الكوارث مع سياسات التكيُّف مع تغيُّر المناخ يضمن استدامة الاستراتيجيات، ويُعزِّز المستوى العام للأمن والسلامة.
وفيما يلي بعض الأمثلة الواقعيَّة لنماذج ناجحة في إدارة الكوارث على المستوى الدولي:
- اليابان: تَعْتمد اليابان على نظام متكامل للإنذار المبكر، وتَحليلُ المخاطر قائمٌ على التكنولوجيا الحديثة؛ مثل: أجهزة الاستشعار الزلزاليَّة، وأنظمة الإنذار التنبؤيَّة التي تصل السكان بالرسائل النصيَّة والهاتفيَّة في الوقت الحقيقي، كما أنَّها تنفذ تمارين دوريَّة وحملات توعية مكثَّفة لتعزيز الجاهزيَّة المجتمعيَّة.
- الاتحاد الأوروبي: لديه منصَّة (عين أوروبا على الأرض) الَّتي تجمع بيانات استشعار عن بُعْد، ورصد بيئي لتحليل المخاطر البيئية والكوارث الطبيعيَّة، ما يساعد في التخطيط والإدارة السَّريعة بفعالية عالية مع دعم دول الأعضاء.
- الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة: يستخدم نظام National Disaster Recovery Framework الذي يُنسِّق بين الجهات الحكومية الفيدرالية والمحلية والقطاع الخاص لإدارة الطوارئ، والتَّعافـي بِناءً على تقييمات دقيقة، وخطط مَرِنة لتعزيز الصمود المجتمعي.
- كوبا: تُعدُّ نموذجًا ناجحًا في تقليل الخسائر البشرية من الأعاصير عَبْر نظام تحذير مبكِّر مبني على رَصْد الطقس المكثَّف، وتدريب السُّكان على الإخلاء السَّريع رغم الإمكانيَّات المالية المحدودة.
- إيطاليا: نَجَحتْ في دمج الرِّقابة الجيولوجية مع أنظمة إنذار متقدِّمة لرصد الانزلاقات الأرضيَّة، والفُوهَّات البركانيَّة، وتوفير نماذج مخاطر دقيقة للمدن والمناطق الجغرافية.
هذه النماذج تُظْهر أهميَّة تكامل التكنولوجيا، والتنسيق المؤسَّسي، والاستثمار في التوعية والجاهزيَّة، والتخطيط المتقدِّم لتعزيز إدارة الكوارث، وتقليل أضرارها بشكل ملموس على المجتمعات.
المعايير الدوليَّة التي تُطبَّق في مثل هذه الكوارث:
المعايير الدولية التي تُطبَّق في إدارة الكوارث تشمل:
- إطار (سينداي) للحدِّ من مخاطر الكوارث 2015-2030 (Sendai Framework): وهو الإطار الأساسي دوليًّا الذي يُحدِّد أولويات للعمل، تشمل فَهْم المخاطر، وتعزيز إدارة مخاطر الكوارث، والاستثمار للحدِّ منها، وتعزيز الاستعداد للردِّ وإعادة البناء بشكلٍ أفضل بعد الكوارث.
- قوانين ومبادئ قانون مواجهة الكوارث: وضعها الاتِّحاد الدولي لجمعيَّات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، تُوفِّر إرشادات لدعم القوانين والسِّياسات المحليَّة لتعزيز الحد من مخاطر الكوارث، والتأهُّب والاستجابة.
- المعايير الدوليَّة لأجهزة الرِّقابة العليا (INTOSAI): مثل المعيار 5540 الذي يُعْنى بتحليل استخدام المعلومات الجغرافيَّة المكانيَّة في تدقيق إدارة الكوارث، والمساعدات المتعلقة بها.
- معيار ISO 22301:2019؛ لإدارة استمراريَّة الأعمال والذي يوجه المؤسسات في كيفيَّة وَضْع نُظُم تضمن الاستمرارية والتكيُّف في حالات الطوارئ والكوارث.
- المبادئ التوجيهيَّة لإدارة مخاطر الكوارث الَّتي تصدر عن هيئات دولية؛ مثل: الاتحاد الدولي لجمعيَّات الصليب الأحمر، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمات أخرى، وتُغطِّي جوانب التقييم، والوقاية، والاستعداد، والاستجابة، والتعافـي.
هذه المعايير تُوفِّر إطار عمل متكامل يمكن للدول والجهات المَعْنيَّة اعتماده لتطوير سياسات وإجراءات فعَّالة للحدِّ من مخاطر الكوارث، وحماية المجتمعات المتضرِّرة.
التَّحديات في تطبيق معايير إدارة الكوارث الدولية:
تطبيق معايير إدارة الكوارث الدوليَّة يواجه عدَّة تحديات رئيسة؛ منها:
- ضَعْف الإطار القانونـي والتنظيمي: بعض الدُّول تفتقر إلى أُطُر قانونية وسياسات واضحة ومُتَّسقة لإدارة مخاطر الكوارث؛ ممَّا يُعِيقُ تنفيذ المعايير بشكلٍ فَعَّالٍ.
- تعدُّد الفاعلين، وضَعْف التنسيق المؤسسي: غياب التَّنسيق الجيِّد بين الجهات الحكومية، والقطاع الخاص، والمنظمات الإنسانيَّة- يؤدِّي إلى ازدواجية الجهود، أو ثغرات في الاستجابة.
- نقص التمويل والموارد: تكاليفُ تنفيذ برامج إدارة مخاطر الكوارث عاليةٌ، ويفتقر بعضُ الدول إلى التمويل الكافي لتطوير البُنْية التحتية، والتطبيقات التكنولوجية، وبرامج التدريب.
- قلَّة الوعي والتَّثقيف: ضَعْف التوعية المجتمعية حول مخاطر الكوارث، واستجابة الطوارئ، يُقلِّل من فعالية خطط الوقاية والإخلاء.
- المشاكل التقنية: تحديات في استخدام التكنولوجيا الحديثة (مثل: أنظمة الإنذار المبكِّر)، وضَعْفُ البُنْية التحتيَّة الرقمية يُشكِّل عقبةً في التطبيق السَّلِسِ.
- تغيُّر المناخ والتَّعقيد المرافق: زيادة وتيرة وشدَّة الكوارث المرتبطة بتغيُّر المناخ تضع ضغوطًا إضافيةً على أنظمة الإدارة الحالية، وتتطلَّب تحديثات متواصلة.
- صعوبة تقييم الأداء والمُسَاءلة: نقص آليَّات تدقيق واضحة وشفَّافة لمراقبة جودة تنفيذ سياسات إدارة الكوارث، ومُسَاءلة الجهات المَعْنيَّة يؤثر على تحسين الأداء المستمر.
- التَّحديات السياسيَّة والاجتماعيَّة: عدم الاستقرار السِّياسي والصِّراعات الداخلية يمكن أن تُعِيقَ جهود نَشْر المعايير الدولية وتطبيقها بشكل فعَّال.
هذه التحديات تتطلَّب جهودًا متكاملةً لتعزيز القوانين، وتفعيل دور الجهات الفاعلة، وتأمين التَّمويل، وتطوير القدرات البشريَّة والتكنولوجيَّة، مع رَفْع مستوى الوعي العام لضمان تطبيقٍ ناجحٍ وفعالٍ لمعايير إدارة الكوارث الدوليَّة
أهميَّة الأدوات التِّقنية الحديثة (مثل: الاستشعار عن بُعْد، والطائرات دون طيَّار) في تقييم المواقع المتضرِّرة، والتدخُّل السريع:
تؤدِّي الأدوات التِّقنية الحديثة دورًا حيويًّا في تحسين تقييم المواقع المتضرِّرة، والتدخُّل السريع خلال الكوارث، ومن أبرز هذه الأدوات:
- تقنية الاستشعار عن بُعْد (Remote Sensing): تستخدم صور الأقمار الصِّناعية والطائرات المُجهَّزة بأجهزة استشعار لرَصْد وتحليل التغيُّرات البيئيَّة بشكل مباشر؛ ممَّا يتيح تقييم حجم الأضرار، ومراقبة تطوُّر الكارثة، وتوجيه جهود الإنقاذ بكفاءةٍ عاليةٍ دون الحاجة للتواجد الميدانـي المباشر في الأماكن الخطرة.
- الطائرات دون طيَّار (الدرونز): تُوفِّر تصويرًا جويًّا عالي الدقَّة للمناطق المتضرِّرة، وتُمكِّن من الوصول إلى الأماكن الَّتي يصعب على الفِرَقِ البشرية الوصول إليها بسرعةٍ، وتستخدم الدُّرونز لنقل المعلومات الميدانيَّة اللحظيَّة، ومساعدة فِرَقِ الإنقاذ في تحديد مواقع المحاصرين، وأفضل طرق التدخُّل.
- الذكاء الاصطناعي، والتحليل البيانـي: تجمع هذه التِّقنيات البيانات من مختلف المصادر، وتقوم بمعالجتها وتحليلها بشكلٍ سريعٍ، والتنبُّؤ بمسار الكوارث، أو تقييم خطورتها؛ مثل: التنبُّؤ بالفيضانات، أو تقدير شدَّة الأضرار بعد الزلازل.
- أنظمة تحديد المواقع GPS: تساعد على تتبُّع فِرَقِ الإنقاذ والمُعدَّات، وتحديد المواقع الجغرافيَّة بدقَّة أثناء عمليات الاستجابة الطارئة.
الخاتمة
في الختام، يتَّضح أنَّ إدارة الكوارث تُمثِّل مهمةً محوريةً لتحقيق الاستدامة والأمان على مستوى الدول والمجتمعات، وتُوَاجه إدارة الكوارث تحديات مُعقَّدة ومتزايدة بسبب تغيُّر المناخ، وتنامي المخاطر الطبيعيَّة والبشريَّة، إلا أن التطوُّر في الأُطُر القانونية، والتقنيات الحديثة، والابتكارات في أنظمة الإنذار المبكِّر، والتنسيق المُؤسَّسي المكثَّف، مع تعزيز الوعي المجتمعي، كلُّها عوامل أساسيَّة تُعزِّز القدرة على الحدِّ من الأضرار والوفيات المرتبطة بالكوارث، وبالاعتماد على تجارب الدول الناجحة ونماذج الإدارة الفعَّالة يمكن تحسين السِّياسات والتدابير على المستوى الوطنيِّ والمحليِّ بما يضمن حماية الأرواح والممتلكات، وتخفيف الأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية والبشرية على حدٍّ سواء.