ظروف ومُلَابسات الحادث:
بَادَر وزير التجهيز والماء بالمغرب/ نزار بركة، إلى اتِّخاذ إجراءات فوريَّة، وإيفاد لجنة للبحث في ظروف ومُلَابسات مصرع (5 أشخاص) بوِرَش بناء (سد المختار السوسي) بإقليم تارودانت جنوب البلاد.
وأوضحت وزارة التجهيز والماء في المغرب في بيان أنه: «على أثر الحادث المأساوي الذي وقع في وِرَش بناء سد (المختار السوسي) بإقليم تارودانت، والَّذي أسفر عن وفاة خمسة من العاملين في الورش نتيجة انفجار قنينة غاز، أَوْفَد وزير التجهيز والماء/ نزار بركة، لجنةً للبحث في ظروف ومُلَابسات هذا الحادث».
وأضاف البيان: «أعطى/بركة، تعليماته إلى المصالح المختصَّة بالوزارة، في خطوة استباقيَّة لإجراء مهمة تفتيش فورية تهدف إلى تقييم تدابير السلامة المعتمدة في جميع وِرَش بناء السدود قيد الإنجاز بمختلف أنحاء المملكة»، وقد أكَّد الوزير أن «السلامة في وِرَش البناء تُمثِّل أولويةً قصوى في البلاد،

مشيرًا إلى أن مهمة التفتيش التي أطلقتها وزارة التجهيز والماء تهدف إلى التأكُّد من التطبيق الصارم للقوانين والمعايير المتعلقة بالسلامة في جميع ورش السدود الجديدة».
تداعيات الحادث:
وذكرت وسائل إعلام مغربيَّة في وقت سابق أنَّ: «فِرَق الإنقاذ انتشلت جثث (خمسة عمال) كانوا محاصرين داخل نفق قرب سدٍّ بإقليم تارودانت، نتيجة انفجار قارورة غاز البوتان؛ ما أدَّى إلى انسداد النفق، ثم انهياره جزئيًّا».
وأوضحت أنَّ: «الحادث نَجَم عن انفجار قارورة غاز لتلحيم الأنابيب؛ ما تسبَّب في فقدان خمسة عمال داخل النفق بعد بلوغهم مسافة تناهز (300 متـر)»، وأضاف المصدر ذاته أنَّ جهود السلطات المحلية، والدرك الملكي، والوقاية المدنيَّة، تواصلت للوصول الى الضحايا داخل الموقع رغم الصُّعوبات بسبب الركام، وتسريب الغاز، وأضافت المصادر أنَّ فِرَق الإنقاذ قامت بربط النفق بقنوات من أجل إفراغه من الغازات الخانقة التي عمَّت المكان، وذلك من أجل تسهيل الوصول إلى المفقودين.
أسباب الحادث:
وأوضح أقارب الضحايا أنَّ الحادث نَجَم بعد مباشرة العمال الخمسة لأشغال تلحيم داخل نفق (سد المختار السوسي)، بُغْية تمكين السكان من الماء الصالح للشرب ومياه السقي، إلَّا أن انفجار قنينة الغاز الخاصة بالتلحيم حوَّل أمَلَهم في تلبية حاجيات السكان إلى مأساة، وحوَّل أجساد بعضهم في طرفة عين إلى أشلاء بفعل قوة الانفجار.
إنَّ الحادث الأليم نزل كالصاعقة على السكان قبل أن يتمَّ إخطار السلطات المحلية بالموضوع، وباقي المصالح التي هَرَعتْ إلى عين المكان لإنقاذ شهداء الواجب، لكنها اصطدمت بصعوبات كبيرة خاصَّة المتعلقة بانتشار الغاز وسط النفق؛ ممَّا تسبَّب في تأخير عمليَّة الإنقاذ التي استمرَّت لأكثر من (24 ساعة) دون أي توقُّف.
مخاطر اللِّحام بغاز (البروبان):
- البروبان غازٌ عديم اللون والرائحة، وهو هيدروكربون غير حلقي مُشْبع من مجموعة الألكانات التي تضمُّ أبسط الهيدروكربونات، ويتكوَّن جُزِيء (البروبان) من ثلاث ذرات من الكربون، وثمانـي ذرات من الهيدروجين مع البنية الجزيئية H 3 C-CH 2 -CH 3 .
- ينتج عن هذا الصيغة الجزيئيَّة C 3 H 8. مع كتلة مولية تبلغ 44.10 جم/مول وكثافة غاز نسبيَّة تبلغ 1.55، فإنَّ (البروبان) أثقل بكثيرٍ من الهواء، ونتيجةً لذلك يتراكم (البروبان) غير المضغوط، وبالتالي يتراكم دائمًا في أدنى النقاط في الغرفة.
- تشمل الخصائص الَّتي يجب مراعاتها بشكل خاص عند التعامل مع (البروبان) قابليَّته العالية للاشتعال، ولكن أيضًا مخاطر التركيزات المفرطة في الهواء الذي نتنفَّسه، ويُشكِّل (البروبان) خليطًا متفجرًا حتى عند نسبة حجمية تتراوح من (1.7 إلى 10.8٪) (حد الانفجار الأدنى والأعلى) في هواء الغرفة، ويمكن أن يتأكسد أيضًا تلقائيًّا، وربما حتَّى بشكل متفجر عند ملامسته لعوامل مؤكسدة؛ مثل: ثاني أكسيد الكلور، أو الباريوم، أو بيروكسيد.
- وعلى الرغم من أن غاز (البروبان) ليس له تأثيرٌ سامٌّ على جسم الإنسان، إلا أنَّه إذا كان تركيزه في الهواء الذي نتنفَّسه مرتفعًا جدًّا، فقد يؤدِّي ذلك إلى نقص الأكسجين وحتى الاختناق، وإذا تعرَّض الشخص باستمرارٍ لتركيزٍ مُعيَّنٍ من غاز (البروبان)، فقد يؤدِّي هذا إلى مشاكل صحية مختلفة.
- نظرًا لأنَّ غاز (البروبان) المتسرِّب المختلط بالهواء قابلٌ للاشتعال بدرجة كبيرة، ويمكن أن يؤدي إلى انفجارات، فيجب أن تتوافق المُعدَّات الكهربائية لموقع التخزين مع لوائح الحماية من الانفجار في الأجواء القابلة للانفجار، ونظرًا لأنَّ غاز (البروبان) يمكن أن يتفاعل بشكل متفجر عند ملامسته لمواد مُعيَّنة، فيجب أيضًا استبعاد ذلك، ولا يُسْمح بالتخزين مع المواد التالية بسبب المخاطر التي ينطوي عليها ذلك.
- إنَّ مكان تخزين غاز (البروبان) هو دائمًا منطقة قابلة للانفجار؛ لذا يجب تعديل السلوك وَفْقًا لذلك، وينطبق هذا على حظر اللِّحام في غرفة التخزين، واستخدام الأدوات المُولِّدة للشرارات.
الإجراءات الوقائيَّة في حالة الطوارئ:
- في حالة تسريب غاز (البروبان) عن غير قصدٍ، يجب إزالة جميع مصادر الاشتعال على الفور، وضمان التهوية الكافية للغرفة.
- وفي الوقت نفسه، يجب إخلاء المنطقة المُعرَّضة للخطر، ومَنْع أي تسريب آخر.
- يتمُّ الوصول إلى الغرفة باستخدام وسائل الحماية التنفسيَّة المناسبة، وتقنية القياس المناسبة لقياس ومراقبة تركيز الغاز في الهواء.
- إذا تسرَّب غاز (البروبان)؛ سواء كان غازًا سائلًا، أو من أنابيب غير مضغوطة، فيُرْجى ملاحظة أن غاز (البروبان) أثقل بكثير من الهواء، ويتراكم دائمًا في مساحة الأرضية، أو في أدنى نقطة في المبنى.
- لذلك، يجب توخِّي الحذر الشديد دائمًا عند دخول الأقبية، أو المناطق المنخفضة الأخرى بعد تسريب الغاز، وفي حالة الشَّكِّ يجب إخلاء هذه المناطق.
- إذا تمَّ استخدام غاز (البروبان) كغاز لحام، فيجب تطهير المُعدَّات بالغاز الخامل قبل إدخال غاز (البروبان).
- إذا تأثَّر التنفُّس بسبب تعرُّض المصاب لتركيز زائد من غاز (البروبان)، فيجب إنقاذ الشخص من منطقة الخطر على الفور، وإذا كان التنفُّس صعبًا، فيمكن إعطاؤه الأكسجين النَّقي، وفي هذه الحالة من المهم طلب العلاج الطبي على الفور.
- على الرغم من أن غاز (البروبان) لا يُشكِّل أي خطر على البشر في تركيزات طبيعية، إلا أنه قد يكون له تأثيرٌ سامٌّ مزمن في تركيزات عالية، ومع التعرُّض المتكرر، وفي ظلِّ ظروف مُعيَّنة يمكن أن يكون متفجرًا، ويتمُّ شطف مناطق الجلد المتضررة من البرد بعناية بالماء الفاتر الذي لا يزيد أبدًا عن (40 درجة مئوية)، ثمَّ تغطيتها بضمادة مُعقَّمة.
- إذا دخل غاز (البروبان) إلى العين، فإنَّ الشطف الفوري بالماء البارد هو الإجراء الأول، ويجب أن يتبع ذلك النقل إلى طبيب العيون في أسرع وقت ممكن.
جودة الهواء، وسلامة الجهاز التنفسي لعمال اللحام:
يُعدُّ ضمان جودة الهواء الجيِّدة في بيئات اللِّحام أمرًا حيويًّا، لا سيما لسلامة الجهاز التنفسي لعمال اللِّحام في هذه الظروف عالية الخطورة، وغالبًا ما تؤدي التهوية السيئة إلى نقص الهواء القابل للتنفس؛ ممَّا يجعل من الضروري ضمان وصول عمال اللِّحام بشكل ثابت إلى هواء نظيف غني بالأكسجين، ويجب ألَّا تقل مستويات الأكسجين عن (19.5٪)، وأنظمة التهوية المناسبة ضروريَّة للحفاظ على ظروف العمل الآمنة.
أفضل الممارسات لسلامة اللِّحام في الأماكن الضيِّقة:
تتطلَّب المساحات الضيِّقة نهجًا مُخصَّصًا للسلامة، وفيما يلي دليل لأفضل الممارسات للحفاظ على سلامتك:
- الحفاظ على مساحة عمل واضحة: تخلَّص من المواد والغازات الخطرة حيثما أمكن ذلك.
- التحكُّم في المخاطر الكهربائية: قُمْ بتسمية مصادر الطاقة بوضوح، واستخدم طبقات عازلة؛ مثل: الحصائر المطاطيَّة.
- إدارة انبعاثات الغازات: قُمْ دائمًا بإيقاف تشغيل انبعاثات الغازات أثناء فترات الراحة، أو عندما لا تكون قَيْد الاستخدام.
- احصل على موافقات السلامة المكتوبة: اتَّبع احتياطات السلامة الخاصة بالمساحة الضيِّقة التي تعمل فيها.
- تعيين مشرف: لديك مشرف مُخصَّص للإشراف على الامتثال للسلامة.
- إنشاء مركز أمان: قُمْ بتعيين شخص مُدرَّب على الحفاظ على الاتِّصال البصري أو الصوتي، ومستعد للتصرُّف في حالات الطوارئ.
- خطط لاستراتيجية الخروج: حَافِظْ على طرق الهروب واضحة، واتَّبع إجراءات الطوارئ.
- تجهيز عمال اللِّحام بشكل صحيح: جهاز التنفس الصناعي لتنقية الهواء (PAPR) Powered Air Purifying Respirator ، فهو مُغيِّر قواعد اللعبة لتصفية (99.9٪) من الأبخرة والجزيئات الخطرة؛ ممَّا يجعل التنفس سهلًا وباردًا.
- ضمان التهوية المناسبة: الأكسجين الإضافـي أو التهوية المعززة أمرٌ لا بد منه.
- ارتداء مُعدَّات الوقاية الشخصية الكاملة: القُفَّازات، والملابس الواقية، والأحذية، ومُعدَّات التنفس، هي أفضل رفاق في الأماكن الضيِّقة.
الخاتمة:
يُشكِّل (البروبان) خطرًا خاصًّا بسبب وزنه الأثقل بكثيرٍ من وزن الهواء، ونتيجةً لذلك يتراكم الغاز دائمًا في المناطق الأدنى من الغرفة أو المبنى، وإذا تمَّ دخول هذه المنطقة، فإنَّ التركيز العالي المقابل في الهواء الذي يتمُّ تنفُّسه يمكن أن يؤدِّي إلى مشاكل في التنفس، وحتَّى الاختناق بسبب نقص الأكسجين، ويمكن أن تكون الاضطرابات العصبيَّة المركزية نتيجة حادَّة للتلامس مع غاز (البروبان) في المساحات الضيِّقة؛ مثل: الأنفاق، أو هياكل القوارب، أو الأنابيب، فتزداد مخاطر اللِّحام المعتادة، وتزداد شدتها، وتعمل هذه البيئات على تضخيم مخاطر اللِّحام في الأماكن الضيِّقة؛ ممَّا يتطلَّب بروتوكولات سلامة لحام متخصصة للحفاظ على سلامتك.