مقدمة:
تُعدُّ أعمال الحفر، وتمديد شبكات الصرف الصحِّي من أكثر الأنشطة خطورةً في مجال مشروعات البُنْية التحتية؛ نظرًا لِمَا تتطلَّبه من تعاملٍ مباشرٍ مع التُّربة بمختلف أنواعها وظروفها؛ ممَّا يُعرِّض العاملين لمجموعة واسعة ومتنوِّعة من المخاطر التي تشمل احتمالية وقوع الانهيارات الأرضية، وتسريب الغازات السامَّة، والانزلاقات والسقوط، بالإضافة إلى مخاطر التعامل مع المُعدَّات الثقيلة والحركة داخل مواقع العمل المزدحمة، كما أنَّ هناك مخاطر إضافيَّة تتعلق بالتداخل مع المرافق والخدمات القائمة (مثل: خطوط الكهرباء، والمياه، والغاز)؛ ممَّا يزيد من تعقيد العمليَّات، ويتطلَّب إجراءات صارمة للتَّنسيق والحماية.
وبناءً على ذلك، فإنَّ الالتزام الصَّارم بإرشادات ومعايير السلامة والبيئة وَفْقًا للمعايير الدولية، وعلى رأسها: معايير إدارة السلامة والصحَّة المهنية الأمريكية (OSHA) يُعدُّ أمرًا جوهريًّا لا غنى عنه من أجل حماية الأرواح، والحفاظ على سلامة العاملين، وضمان استمراريَّة وكفاءة تنفيذ المشروعات، بالإضافة إلى تعزيز الاستدامة البيئية، والامتثال للمتطلَّبات القانونية والتنظيمية ذات الصلة.

وفيما يلي بعض النِّقاط التي تُوضِّح أهمية السلامة المهنيَّة في هذه الأنشطة:
- التخطيط وحماية الأرواح، وتقليل الإصابات:
تشمل عمليَّات الحفر والعمل في أنفاق أو خنادق التعرُّض للانهيارات الأرضية التي قد تؤدِّي إلى إصابات قاتلة، أو إصابات خطيرة، كذلك فإنَّ التعامل مع المُعدَّات الثقيلة (مثل: الحفَّارات أو الكسَّارات) يُعرِّض العاملين لمخاطر الحوادث.
وأثناء الحفر في بعض المناطق قد يتعرَّض العاملون لتسريب الغازات السامَّة (مثل: الغاز الطبيعي، أو الغازات المنبعثة من التُّربة)، والالتزامُ بمعايير السلامة يُقلِّل من المخاطر المترتبة على هذه المواد.
بيئة العمل في الحفر والبُنْية التحتية غالبًا ما تكون غير مستقرَّة؛ ممَّا قد يؤدِّي إلى انزلاقات أو سقوط العمال من المرتفعات، وهو ما يتطلَّب وجود مُعدَّات الوقاية المناسبة.
وجودُ خطة طوارئ محدَّدة للتعامل مع الحوادث والتسريبات والانهيارات- أمرٌ حيويٌّ لتقليل الأضرار، والاستجابة السريعة للحوادث.
- حماية الحفريات من الانهيار:
ويتمُّ ذلك عن طريق:
-
- تدعيم جوانب الحفر:
يجب استخدام تَدْعيمات (مثل: الألواح الحديدية، أو الأنابيب الصُّلبة)؛ لتقوية جوانب الحفر، وتجنُّب الانهيارات، ويمكن أيضًا استخدام أنظمة الدِّعامات المؤقَّتة، أو الدِّعامات الهيدروليكية؛ للمساعدة في تثبيت الجوانب غير المستقرَّة.
-
- أنظمة التهوية المناسبة:
في الحفريات العميقة يجب توفير أنظمة تهوية ملائمة لضمان تدفُّق الهواء بشكل مناسب لتجنُّب تراكم الغازات السامَّة (مثل: ثاني أكسيد الكربون، أو الميثان)، ويجب تركيب أجهزة الكشف عن الغازات لتنبيه العمال بأي تسريب محتمل.
-
- مراقبة الاستقرار الجيوتقني:
يجب إجراء تحليل استقرار التُّربة قبل البدء في عمليات الحفر مع مراعاة خواص التُّربة، ومدى قابليَّتها للانهيار، ويعتمد نوع التدعيم على نوع التُّربة، وفي حال وجود تربة هشَّة، يمكن استخدام تقنيات؛ مثل: حقن الخرسانة، أو التحسينات الجيوتقنية.
-
- استخدام الحواجز والعوازل:
في الحفر العميقة أو في المناطق التي تحتوي على شبكات مرافق أساسية، يمكن استخدام الحواجز الفولاذية، أو العوازل الخرسانية؛ لتقليل خطر التعرُّض للمرافق المدفونة، أو الانفجارات الناجمة عن التصادم معها.
-
- التدريب المناسب:
تدريب العاملين على أساليب التعامل مع الحفريات العميقة والإنذار المبكر لانهيار الجدران يساعد في حماية الأرواح، ويجب تعليمهم كيفيَّة استخدام أدوات الحماية (مثل: أحزمة الأمان، خوذ الأمان، وأدوات الكشف عن الغازات).
-
- التَّفتيش الدوري:
يَنْبغي إجراء تفتيش دوري على الحفريات، والتأكُّد من أنَّ التدعيمات تعمل بشكل صحيح، وأنَّ الجدران غير مُعرَّضة للتقوُّس أو التشقُّقات، ويمكن استخدام تقنيات (مثل: الرَّصد باللِّيزر، أو أنظمة الإنذار الزلزالي)؛ لمُرَاقبة استقرار الحفر بشكل مستمرٍّ.
-
- مراقبة الطقس:
في المناطق التي تَشْهد تساقطًا غزيرًا للأمطار أو الرياح الشديدة، يجب تأجيل عمليات الحفر إلى حين تحسُّن الظروف الجوية، حيث قد يؤدِّي الطقس السيِّئ إلى زيادة خطر الانهيارات أو الحوادث.
- الحد من المخاطر البيئيَّة:
يمكن أن يتسبَّب الحفر في تلوُّث التربة والمياه الجوفية بسبب تسريب المواد الكيميائية، أو السوائل المستخدمة في عمليات الحفر، ومن خلال تطبيق الإجراءات البيئيَّة المناسبة (مثل: عزل المواد السامَّة، وتدابير الطوارئ)، يتمُّ تقليل هذه المخاطر. والحِفَاظُ على البيئة هو جزءٌ أساسيٌّ من السلامة المهنية، وفي هذا السياق يجب تطبيق تدابير لتقليل تلوث الهواء الناتج عن المعدَّات الثقيلة، واستخدام مواد غير ضارَّة بالبيئة.
- تحسين الإنتاجيَّة وكفاءة العمل:
عندما تكون بيئة العمل آمنةً، تقلُّ الحوادث والإصابات؛ ممَّا يُسْهم في تقليل الفترات الضائعة في التعامل مع الحوادث والإصابات، وبذلك يتمُّ الحفاظ على سَيْر العمل بشكل أكثر كفاءةً وفعاليةً.
وتعزيز ثقافة السَّلامة بين العاملين من خلال التدريب المستمر على كيفيَّة التعامل مع المخاطر والمعدَّات بشكل آمنٍ- يُسْهم في رفع مستوى الأداء، وتحقيق نتائج أفضل للمشروع.
- تجنُّب التَّداخل مع المرافق والخدمات القائمة:
أثناء أعمال الحفر قد يتداخل العمل مع خطوط الكهرباء، أو الغاز، أو المياه الموجودة؛ ممَّا يُعرِّض العاملين إلى مخاطر الصَّعق الكهربائي، أو الانفجارات، أو التسريبات، والالتزام بإجراءات السلامة الدقيقة (مثل: التخطيط المسبق، ومراجعة المواقع) ممَّا يساعد في تجنُّب هذه المخاطر.
- الامتثال للقوانين واللَّوائح:
يلتزم العديد من الحكومات والهيئات الدولية (مثل: منظمة العمل الدولية (ILO)، أو الهيئات الوطنية المختصَّة) بفرض قوانين ولوائح صارمة لتنظيم أعمال الحفر في مشروعات البُنْية التحتية؛ مثل: معايير OSHA أو ISO، وَعَدمُ الالتزام بهذه المعايير يمكن أن يؤدِّي إلى غرامات أو عقوبات قانونية، وقد يُؤثِّر على سُمْعة المشروع.
وَالامتثالُ للوائح المحليَّة والدولية يضمن أن المشروع يُحقِّق معايير السلامة المطلوبة؛ ممَّا يُعزِّز استمرارية العمل والتفاعل الجيِّد مع السلطات المَعْنيَّة.
- تحقيق استدامة المشروعات، وتقليل التكاليف:
السلامة الفعَّالة تعني تقليل الحوادث والإصابات، وهو ما يساعد على تجنُّب التوقُّفات غير المُخطَّط لها، والتي يمكن أن تؤدِّي إلى تأخير المشروع، وزيادة التكاليف، فمن خلال تحسين معايير السلامة يتمُّ تقليل المصروفات المرتبطة بالتأمين الطبي، والعلاج، وتعويضات الإصابات؛ ممَّا يعود بالفائدة على الشركات والهيئات المُنَفِّذة.
- التحكُّم المروري :
هو مجموعةٌ من الأنشطة والتَّدابير التي تهدف إلى تنظيم وتوجيه حركة المرور على الطُّرق لتفادي الحوادث، وتسهيل تدفُّق المَرْكبات والمشاة، وضمان السلامة العامَّة، ويشملُ التحكُّمُ المروري العديدَ من الأدوات والآليَّات التي تُسْتخدم لضبط حركة المَرْكبات والمشاة على الطرق في مختلف الظروف والبيئات.
ومن التَّحديات في التحكُّم المروري:
-
- الازدحام المروري في المدن الكبرى؛ ممَّا يعوق الحركة، ويؤدِّي إلى تأخيرات كبيرة.
- القيادة المتهوِّرة؛ مثل: تجاوز السرعة، أو عدم الالتزام بإشارات المرور.
أهميَّة التحكُّم المروري:
-
- تحقيق السلامة:
من خلال تنظيم الحركة يتمُّ تقليل الحوادث والإصابات الناتجة عن الازدحام، أو القيادة المتهورة، ويضمن حماية حياة الناس وسلامتهم.
-
- تقليل الازدحام المروري:
عن طريق استخدام إشارات المرور، وتنظيم التَّفريعات، يمكن تقليل الاختناقات المروريَّة، وتسريع حركة المَرْكبات؛ ممَّا يُسْهم في تقليل الوقت الذي يقضيه السَّائقون في الطُّرق.
تحسين بيئة الطُّرق:
يمكن للتحكُّم المروري الفعَّال أن يُقلِّل من التلوُّث البيئي الناتج عن التوقُّف المستمر للمَرْكبات والازدحام من خلال السَّماح لحركة المرور بأن تكون بشكلٍ سَلسٍ.
-
- تقليل تكاليف الصِّيانة:
يساعد التنظيم الجيِّد للمرور في تقليل الحوادث الَّتي قد تضرُّ بالطرق؛ ممَّا يُقلِّل من تكاليف إصلاح وصيانة البُنْية التحتيَّة.
استراتيجيَّات تحسين التحكُّم المروري:
-
- الاستثمار في الأنظمة الذكيَّة والرقمنة لتحسين إدارة حركة المرور.
- تعزيز الوعي المروري لدى السائقين والمشاة من خلال حملات التوعية.
- تطوير البُنْية التحتية؛ مثل: إضافة طرق جديدة، أو تَوْسعة الطرق الحالية لتسهيل حركة المرور.
- مراقبة حواف الطُّرق من خلال كاميرات، واستخدام بيانات حركة المرور لضبط وإدارة تدفُّق المَرْكبات بشكل أفضل.
الخلاصة:
الالتزام بمعايير السلامة المهنيَّة في أعمال الحفر والبُنْية التحتية ليس فقط من أجل حماية العاملين، ولكن أيضًا لضمان استدامة المشروعات ونجاحها في المدى الطويل، ومن خلال تطبيق التدابير الوقائيَّة الملائمة يمكن تقليل المخاطر الصحيَّة والبيئيَّة، وتحقيق إنتاجيَّة أعلى، والامتثال للمتطلَّبات القانونيَّة؛ ممَّا يُعزِّز من سُمْعة الشركة، واستمرارية العمل.
ولا تقتصر تحديات هذه الأعمال على الجوانب المتعلِّقة بسلامة العاملين فحَسْب، بل تمتد لتشمل الأثر البيئي الناتج عن الحفر، وتمديد الشبكات؛ ممَّا يتطلَّب اتِّخاذ تدابير فعَّالة لمنع تلوث التربة والمياه الجوفية والسطحية، والحد من انبعاث الملوثات إلى الهواء الجوي، وكذلك إدارة النُّفايات الناتجة بطريقة سليمة بيئيًّا لضمان عدم الإضرار بالبيئة المحيطة، ويساعد التنظيمُ الجيِّد للمرور في تقليل الحوادث التي قد تضرُّ بالطرق؛ ممَّا يُقلِّل من تكاليف إصلاح وصيانة البُنْية التحتية.