مقدمة:
لقد أسهم العلم والتكنولوجيا بدرجةٍ هائلةٍ في رفاهية الإنسان ورخائه من خلال ما تُقدِّمه لنا التكنولوجيا الحديثة من تطبيقات تقنية تمَّ الاستعانة بها، واستثمارها في أغلب ميادين الحياة، فالثورة التكنولوجية باتت سمةً من سمات العصر الذي نحياه الآن، بل إنَّها أصبحت جزءًا من حياتنا، وأداةً معاونةً لتسيير تلك الحياة.
ويمكن للمؤسسات الاستفادة من مجموعةٍ متنوعةٍ من التقنيات التكنولوجية المختلفة لمعالجة جميع جوانب برنامج الحماية من السُّقوط، بدءًا من الأساليب المحدثة لتحديد مخاطر السقوط والتحكُّم فيها إلى الأدوات القائمة على الخرائط الرقميَّة التي تتيح لنا إدارة برنامج على مستوى المؤسسة.
تحديد مخاطر السقوط:
تعتمد الطريقة القديمة لتحديد مخاطر السُّقوط – والَّتي لا تزال هي الطريقة الوحيدة للكثيرين – على قيام شخصٍ ما بوضع عينيه على المشكلة، والتقاط الصُّور، وتدوين الملاحظات على الحافظة، وفي كثيرٍ من الأحيان حِفْظ تلك الملاحظات بحيث لا تتمُّ رؤيتها مرةً أخرى حتَّى عند استخدام أدوات أكثر قوة؛ مثل: جداول البيانات، ونماذج إدخال البيانات الإلكترونيَّة، ويمكن أن يؤدِّي الحجم الهائل للبيانات أحيانًا إلى التقاعس عن العمل، مع عدم معرفة المتخصِّصين في السَّلامة أو مديري المرافق من أين يبدؤون، وغالبًا ما يكون للعديد من هذه المخاطر أوجه تشابه
ويمكن الاستفادة من نهجٍ موحدٍ، ولكن عندما لا تكون البيانات منظمةً، أو يسهل الوصول إليها، تضيع القدرة على اتِّخاذ مثل هذه القرارات المستنيرة، كما أنَّ الاعتماد على الأفراد ليكونوا حاضرين جسديًّا لتحديد مخاطر السقوط قد يُعرِّضهم لمخاطر السُّقوط الَّتي يجب معالجتها.
استخدام الطائرات بدون طيارٍ:
وصلت تكنولوجيا جَمْع البيانات اليوم إلى نقطةٍ يمكن فيها لطائرةٍ بدون طيارٍ لمدة ساعة أن تجمع بيانات كافية لإنشاء نموذج تفاعلي بالكامل ثلاثي الأبعاد للمبنى، مع القدرة على قياس العناصر بدقة عالية، بينما يمكن – عمليًّا – تجهيز أي طائرة بدون طيارٍ بكاميرات تلتقط صورًا ثابتة أو مقاطع فيديو، فلا يمكن لكلِّ طائرة بدون طيارٍ الاستفادة من القدرات القويَّة التي يوفرها نموذج ثلاثي الأبعاد، ومن الأهميَّة بمكان الاستفادة من الموظفين ذوي الخبرة الذين يعرفون كيفيَّة جمع ومعالجة البيانات التي تجمعها الطائرة بدون طيارٍ.
نماذج المنشآت الافتراضيَّة:
بينما تُسْتخدم الطائرات بدون طيارٍ بشكلٍ أكثر شيوعًا لالتقاط البيانات الخارجية، يمكن للمؤسسات أيضًا الحصول على نموذج تفاعلي ثلاثي الأبعاد لمنشأة قائمة باستخدام الماسحات الضوئيَّة الأرضية، ومرَّة أخرى يمكن للخبراء الَّذين يعرفون أفضل ممارسات إعداد الماسح الضوئي ومعالجة البيانات إنشاء نموذج افتراضي للمنشأة في وقتٍ قصيرٍ، وتعمل هذه الأنواع من النَّماذج الافتراضية أيضًا على حلِّ نصف مشكلة جمع البيانات، نظرًا لأنَّ استخدامها يُلْغي أو يُقلِّل بشكلٍ كبيرٍ في النهاية الحاجة إلى تعرُّض الأفراد لمخاطر السقوط أثناء جَمْع البيانات.
إنَّ امتلاك التكنولوجيا اللَّازمة لإنشاء هذه النماذج الافتراضية المُعقَّدة للمرافق الحالية أمرٌ رائعٌ حقًّا، ولكن ماذا عن المرافق التي لم يتمَّ بناؤها بعد؟ في هذه الحالات يحتاج مُتخصِّصو السلامة إلى البحث عن المهندسين المعماريين والمهندسين المسؤولين عن تصميم المنشأة، فينشئ المُصمِّمون نموذجًا افتراضيًّا للمساحة كما ستكون، بما في ذلك جميع مخاطر السقوط التي لم يتمَّ تحديدها بعد، ويمكن لمتخصص السلامة البحث عن هؤلاء المهندسين المعماريين، واستكشاف النموذج ثلاثي الأبعاد فعليًّا لتحديد مخاطر السقوط، والقضاء عليها حقًّا قبل إدخالها في العالم الحقيقي أثناء البناء.
تقييم وتنفيذ ضوابط مخاطر السقوط:
على الرغم من قوَّة المسح والنمذجة، فإنَّ جَمْع البيانات ليس هو الفرصة الوحيدة لاستخدام هذه التقنيات لتقليل مخاطر السقوط.
إنَّ الهدف من تحديد مخاطر السقوط هو القدرة على اتِّخاذ خطوات استباقيَّة لتحسين السلامة، وتقليل المخاطر.
ويُتِيحُ استخدام نموذج افتراضي أيضًا للمؤسسات إنشاء سيناريوهات (ماذا لو…)؛ للحدِّ من المخاطر، وتُتِيحُ تجربة التكوينات المختلفة للمنصَّات، ودرابزين الحماية، وأنظمة منع السقوط، والمزيد في البيئة الافتراضية- تصوير كيفيَّة عمل الحلول المختلفة دون إجراء أي استثماراتٍ كبيرةٍ في التصميم أو المواد.
وتُقدِّم المراجعة الافتراضيَّة نظرةً ثاقبةً حول كيفيَّة تفاعل أنظمة السلامة مع عمليات المنشأة دون التعلُّم بالطريقة الصعبة، وتُشجِّع القدرة على اختبار الخيارات المختلفة المؤسسات على التفكير – على الأقلِّ – في حلول تحكُّم أكثر هندسيةً، وليس مجرد افتراض أنَّ نظام منع السقوط هو الطريقة الوحيدة؛ نظرًا لأوجه القصور التي لا تُعدُّ ولا تُحصَى لنظام الحماية من السقوط النشط (احتماليَّة إساءة استخدام المُعدَّات أو فشلها، والإصابة بسبب صدمة التعليق).
والحاجةُ إلى تخطيط الإنقاذ تجعل من الأفضل دائمًا السعي لإيجاد حلٍّ أعلى في التسلسل الهرميِّ لعناصر التحكُّم باستخدام النموذج الافتراضي كأداةٍ، ومن السهل تصوُّر ما يمكن أن تكون عليه هذه الحلول.