تأثير ساعات العمل الطويلة على السلامة النفسية، والمهنية، والجسدية
هل تساءلت يومًا عن تأثير ساعات العمل الطويلة على صحتك، وسلامتك، وعلاقاتك، وسلامة عملك بشكلٍ عامٍّ؟
ليس من الغريب أن يكون العمل الجاد محبوبًا باعتباره شيئًا يمنحك كلَّ النجاح الذي يمكن أن تتمنَّاه، لكن لسوء الحظِّ ما يعتقده معظم المجتمع حول فكرة (العمل الجاد) هو ساعات العمل الطويلة.
إنَّ ساعات العمل الطويلة زادت من احتمال المُعَاناة من المشاكل الصحية بنسبة (24.3%)، والأهمُّ من ذلك كانت فرصة المُعَاناة من مشاكل صحية نفسية وعقلية أعلى من فرصة المُعَاناة من مشاكل صحية جسدية، كما نصَّت منظمة الصحة العالمية في تقريرٍ لها أنَّ ساعات العمل الطويلة قد تكون واحدةً من أكبر المخاطر على هذا الكوكب.
- تأثير ساعات العمل الطويلة على السلامة النفسية:
تمَّ ربط الإفراط في العمل بقضايا الصحَّة العقلية؛ مثل: الاكتئاب والقلق، كما تعتبر منظمة الصحة العالمية الآن أنَّ الاكتئاب هو السبب الرئيس لعدم القدرة على الإنجاز، وتقديم إنتاجيَّة منخفضة جدًّا، وكثرة حوادث العمل؛ مثل:
-
- اضطرابات في النوم: إنَّ العمل لساعاتٍ طويلةٍ، والتركيز المُفْرط يُعرِّض الشخص لاضطرابات النوم والقلق، ويصبح الشخص أكثر تشتُّـتًا وقلقًا، ويصبح سريع الانفعال، وعُرْضةً للمخاطر بشكلٍ أكبر عندما تكون ساعات نومه غير كافية.
- ضعف الإدراك: ممكن أن يكون العمل لساعات طويلة سببًا للإصابة بضعف الإدراك، وتشمل الأعراض صعوبةً في التذكُّر، وتعلُّم أشياء جديدة، واتخاذ قرارات تؤثر على سلامة بيئة العمل، ووقوع الحوادث بشكلٍ متكررٍ.
- الاكتئاب: توصَّلت إحدى الدراسات إلى أنَّ الموظفين الذين عملوا (11 ساعةً) في اليوم كانوا أكثر عُرْضةً لمحاربة الاكتئاب من أولئك الذين عملوا من سبع إلى ثمانـي ساعاتٍ.
- مشاكل في العلاقات: إنَّ العمل لساعاتٍ طويلةٍ يُعرِّض علاقات الشخص للوقوع في الفشل، وذلك لأنه لم يُخصِّص وقتًا كافيًا لها، كما أن التوتر والإرهاق والاكتئاب الذي يعاني منه الشخص بسبب العمل قد يؤثر سلبًا على العلاقات أيضًا.
- تأثير ساعات العمل الطويلة على السلامة المهنيَّة:
إنَّ العمل لساعاتٍ طويلةٍ يُعرِّضك أيضًا بنسبة أكبر للإصابات أثناء العمل، ففي إحدى الدراسات التي نظرت في 110,236 سجلًّا وظيفيًّا من عام 1987 إلى عام 2000 باستخدام الدراسات الاستقصائيَّة الطويلة، ارتبط العمل لمدة (12 ساعة يوميًّا) بزيادة معدل المخاطر بنسبة (37%)، في حين ارتبط العمل لمدة (60 ساعةً) على الأقل في الأسبوع بزيادة معدل المخاطر بنسبة (23%).
- تأثير ساعات العمل الطويلة على السلامة الجسدية:
إنَّ ساعات العمل الطويلة تظهر بصورة ملحوظة على مخاطر الإصابة بأمراض الأوعية الدموية، والإجهاد الحاد، والتوتر، وحالات الاكتئاب والقلق، وجودة النوم، والوفيات الناجمة عن جميع الأسباب، وتناول المشروبات الكحولية والتدخين، كما ترتبط ساعات العمل غير المنتظمة والعمل بنظام النوبات بالتأثيرات السلبية على الصحة بما في ذلك اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية، ومعدلات الحوادث، والصحة العقلية، وخطر الإصابة بنوبة قلبية.
- متى تصبح ساعات العمل طويلةً؟
تنصُّ اتفاقية أجرتها عدَّة دول في عام 2019، وتعهَّدت بضمان الإشراف على العمل بصورةٍ مُشدَّدةٍ على أنَّ ساعات العمل يجب ألَّا تتجاوز (8 ساعات) في اليوم و(48 ساعة) في الأسبوع، مع وجود بعض الاستثناءات بطبيعة الحال.
إنَّ مطالبة الموظف بالعمل لفترات أطول لا يؤدي بالضرورة إلى نتائج أفضل، لكنه من المؤكد أنه سيُعرِّض سلامته للخطر، ويجب أن يسعى الإنسان لإنجاز أعماله بأسلوبٍ صحيٍّ مُسْتدامٍ يضمن أعلى مستويات السلامة النفسيَّة والعقليَّة والجسديَّة. وبالمقابل: فمَن يتهاون في تقدير حالته الصحية، ويفرط بها لأجل إتمام مهام عمله، فقد يخسر كليهما بصورة سيئة.
كما يجب أن يُعَاد التفكير في ساعات العمل القياسيَّة المحلية في الدول العربية، ففي المؤشرات التي أدرجتها منظمة العمل الدولية عن عام 2021 في إحصائيَّاتها، تنبَّأت بازديادٍ ملحوظٍ في عدد الأشخاص الذين يعملون أكثر من (49 ساعة عمل أسبوعيًّا).