مقدمة:
في القطاعات الصناعية عالية المخاطر يتعرَّض العمال باستمرار لأنواع مختلفة من المخاطر المهنيَّة بسبب طبيعة عملهم، وحالة بيئة العمل، والخطوة الأولى في الوقاية من الحوادث هي تحديد المخاطر، ويتطلَّب تحسين أداء السلامة تنفيذ برامج استباقيَّة لتحديد مخاطر العمال والوقاية منها، وفي العديد من القطاعات الصناعية يتمُّ قياس أداء السلامة للعمال
– في الغالب – بناءً على قدراتهم على تحديد المخاطر في بيئة العمل، والاستجابة لها بشكل استباقي، وترتبط المخاطر بالإطلاق غير السليم للطاقة، وتنتج الحوادث عن تفاعل الطاقة أو المُعدَّات أو المواد مع شخص واحد أو أكثر، ويمكن تحديد المخاطر المحتملة المرتبطة بهذا التفاعل بناءً على التعرُّف على مصادر الطاقة.
أهميَّة الوعي بجميع مصادر الطاقة:
غالبًا ما تؤدي الغفلة عن وجود وحجم مصدر الطاقة إلى وقوع حادث نتيجة لذلك، ومن المهم تحديد استراتيجيات مبتكرة وفعَّالة للغاية للتعرُّف على المخاطر؛ مثل: تنفيذ تقنيات لتجنُّب الحوادث المستقبليَّة، ونظرًا لأنَّ المخاطر يمكن أن تُسبِّبها مصادر طاقة مختلفة، فإن الوعي بجميع مصادر الطاقة هو المفتاح لتحديد المخاطر المحتملة، وخَلْق بيئة آمنة، ولا يمكن تحليل المخاطر المرتبطة بالظروف أو المواقف الخطرة في بيئة العمل إلا للوقاية من الحوادث إذا كان من الممكن التعرُّف على المخاطر ذات الصلة، أو تحديدها بشكل صحيح.
إدارة السلامة وتحديد المخاطر في مشاريع البناء:
عب قياسها بسبب طبيعة بيئة العمل، والطريقة التي يتمُّ بها تنفيذ مهام البناء، وتشير الإحصاءات إلى أن معدلات الوفيات والحوادث في صناعة البناء لا تزال أعلى بكثير من متوسط جميع الصناعات في العديد من البلدان، وهذا يجعل صناعة البناء واحدةً من أكثر الصناعات خطورةً وعرضةً للحوادث، وتحدث غالبية الحوادث التي تحدث بسبب عدم قدرة القوى العاملة على التنبُّؤ بالمخاطر في مكان العمل وتحديدها والاستجابة لها، والطبيعة الديناميكية لأعمال البناء وعدم القدرة على التنبُّؤ بالمهام في المشاريع تجعل التعرف على المخاطر صعبًا،
فقد تتسبَّب الطاقة المطلوبة لإنجاز مهام العمل في المشاريع إذا تم إطلاقها بشكل غير لائق في فقدان السيطرة؛ ممَّا قد يؤدِّي إلى إصابة عمال البناء، وسيزداد احتمال وقوع الحوادث عندما لا يتم تحديد المخاطر وتقييمها في مشروع نموذجي.
إدارة السلامة وتحديد المخاطر في مشاريع صناعة الصلب:
في صناعة الصلب يعمل الموظفون باستمرار في بيئات عمل شديدة الخطورة تتميَّز برؤية محدودة، وحالات القرب الخطرة بين المُعدَّات الثقيلة وعمال المشاة، والطبيعة الديناميكية لمهام التصنيع، وتشمل ظروف العمل النموذجية لبيئات تصنيع الصلب كميات متزايدة من مهام العمل المتكررة، ودرجة حرارة مرتفعة، ومحيط صاخب، وبيئة عمل وعرة بشكل عام. وتميل هذه الظروف إلى زراعة المخاطر الشرطية والسلوكية التي تزيد من احتمال تعرُّض الموظفين لحادث في شكل إصابة، أو مرض، أو وفاة. ويعتمد اختيار وتنفيذ تدابير مُحدَّدة لمنع الإصابة والمرض في مكان العمل في صناعة الحديد والصلب على التعرُّف على المخاطر الرئيسة، والإصابات، والأمراض المتوقَّعة، واعتلال الصحة والحوادث.
وعلى الرغم من أن تحديد المخاطر يوفر طريقةً مفيدةً للتخفيف من المخاطر، إلا أن تأثير فئات المخاطر المحددة على الإصابات والأمراض والوفيات لم يتمَّ قياسه كميًّا، ولتحديد المواقف والظروف الخطرة بشكل استباقي، يمكن تحليل التفاصيل من بيانات حوادث السلامة لتحديد متغيرات التنبؤ بالحوادث المستقبلية في بيئات تصنيع الصلب.
التعرُّف على مصدر الطاقة:
تحدث الإصابة عندما يتمُّ إطلاق الطاقة من واحد أو أكثر من هذه المصادر، ونقلها إلى جسم الإنسان، وعلى سبيل المثال: الحمل المعلق هو مصدر للجاذبية والحركة؛ لأن لديه القدرة على السقوط والتأرجح، وإذا أصيب العامل بهذا الحمل المعلق، نقل طاقة الحركة من الحمل إلى العامل، ويمتصها جسم العامل؛ مما يتسبَّب في حدوث إصابة، وتشمل الأمثلة الأخرى لمصادر الطاقة في بيئات العمل الصناعية: الإشعاع من اللحام، والأجسام والبيئات الساخنة والباردة، وأسطوانات الغاز المضغوط، والمواد الخطرة، والمعدات والمركبات المتحركة والصاخبة، والأشياء والأجسام المرتفعة.
المخاطر المتعددة لمصادر الطاقة:
قد يرتبط بعض مصادر وأنشطة الطاقة بمخاطر متعددة، وعلى سبيل المثال: قد يرتبط كابل كهربائي على الأرض بخطر التعثُّر وخطر كهربائي، وقد تحتوي بيئات العمل الصناعية على مخاطر خفية أو نائمة لا يتوقع أو ينظر إليها على أنها تشكل أي خطر وشيك، وغالبًا ما تظلُّ هذه المخاطر في بيئات العمل كطاقة كامنة أو مخزنة لفترات طويلة دون التسبب في أي ضرر، ومع ذلك فإنَّ الإطلاق غير المتوقع لهذه المصادر الكامنة للطاقة المخزنة يمكن أن يؤدِّي إلى إصابات وأمراض دراماتيكية، ونظرًا لأهميَّة التعرُّف على المخاطر، يعتمد أصحاب العمل عدَّة طرق لتحسين مستويات التعرف على المخاطر.
إحدى هذه الطرق هي طريقة التعرُّف على المخاطر بأثر رجعي، والتي تستند إلى استنتاج أو استقراء المعرفة المكتسبة، والدروس المستفادة من حوادث السلامة السابقة (أي: بيانات الحوادث) إلى المواقف والمشاريع الجديدة. وعلى الرغم من هذه التطورات الكبيرة، لا يزال هناك نُدْرة في الأبحاث التي تبحث في الامتداد العلمي والتطبيق العملي لطاقة الخطر في مجال السلامة المهنية.
أهمِّ الاستراتيجيات العامَّة لتحديد المخاطر:
عندما يتعلق الأمر بتحديد المخاطر، فإنَّ الأمر كله يتعلق بكونك استباقيًّا، فيجب أن تكون على اطلاع دائم على التهديدات المحتملة لعملك حتى تتمكن من اتخاذ خطوات للتخفيف منها قبل أن تصبح مشكلةً.
كيف تفعل ذلك؟
هناك عدَّة طرق يمكنك استخدامها، وفيما يلي بعض الأمثلة:
- العصف الذِّهني: يتضمن الخروج بقائمةٍ بجميع المخاطر المحتملة التي يمكن أن تؤثر على عملك.
- مقابلة: قُمْ بإجراء مقابلة مع أعضاء فريقك والعملاء والموردين للحصول على أفكارهم حول المخاطر المحتملة.
- الموارد عبر الإنترنت: بعض الأمثلة الجيِّدة على ذلك، وهي مدونات ومنتديات إدارة مخاطر المؤسسة، ويمكن أن تكون مصدرًا كبيرًا للمعلومات حول المخاطر الجديدة والناشئة.
- قوائم المراجعة: تتكوَّن قائمة مراجعة تقييم المخاطر – عادةً – من قائمة بالمخاطر الشائعة مع أسبابها وآثارها النموذجية، وغالبًا ما يتمُّ استخدامه مرةً واحدةً، ويستهدف سوقًا معينةً أو منطقة تكنولوجية.
- تحليل SWOT: إنَّها طريقة رائعة لفَهْم مخاطر العمل أو مخاطر المشروع باستخدام عوامل مختلفة (نقاط القوة والضعف، والفرص والتهديدات).
- تحليل السبب الجذري: تقوم طريقة تحليل السبب الجذري بتحليل المخاطر السابقة للمشروع، والتحقيق فيها من خلال مقارنة كيفيَّة ارتباطها بالمشروع الحالي.
- رسم تخطيطي: يساعد الرسم التخطيطي في إظهار الأنشطة والقرارات من خلال الرسم التوضيحي، كما يوضح تدفق البيانات، والتحكم عَبْر منطقة معينة.
الخاتمة:
تشمل إدارة مخاطر السلامة: تقييم مخاطر السلامة، والتخفيف من حدَّتها، والهدف من إدارة مخاطر السلامة هو تقييم المخاطر المرتبطة بالمخاطر المحددة، وتطوير وتنفيذ عمليات تخفيف فعَّالة ومناسبة؛ ولذلك فإنَّ إدارة مخاطر السلامة عنصر أساسي في عملية إدارة السلامة على مستوى الدولة، ومستوى المنتج أو مقدم الخدمة على حدٍّ سواء.