مقالات المجلة

سلامة الجهاز التنفسي للعاملين في فصل الشتاء

لماذا يسبب موسم البرد مشاكل في الجهاز التنفسي؟

يمكن أن يؤدي انخفاض درجة الحرارة، وضعف جهاز المناعة، ونقص ضوء الشمس إلى الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الموسمية؛ حيث يتعرَّض العديد من الناس باختلاف أعمارهم للإصابة بالأنفلونزا، والربو، ومشاكل الرئة خلال أشهر الشتاء، فعندما يكون الجو باردًا بالخارج، يجب أن تكون على درايةٍ بانخفاض مستويات الرطوبة، وزيادة الأمراض المعدية، والظروف الصحية الموسمية.

فالشتاء هو الوقت الذي اعتاد فيه معظم الناس على البقاء في منازلهم؛ لذا يمكن أن يصبحوا محاصرين مع ملوثات الهواء الداخلية، وبالنسبة للموظفين الذين يعملون في مجالات البناء، والمهن التجارية، والصناعية، والميكانيكيين، وأعمال التدفئة والتهوية وتكييف الهواء، فإن التعرض اليومي للمواد الضارة يمكن أن يتراكم بمرور الوقت، ويسبب أعراض مشاكل الرئة، ويمكن أن يعاني العمال الذين يقيمون في الداخل بشكلٍ متكررٍ من تفاقم أعراض أمراض الجهاز التنفسي الموجودة مسبقًا، أو عدم قدرتهم على الهروب من هذه الملوثات.

ما هي المخاطر المهنية التي يمكن أن تسبب أمراض الجهاز التنفسي؟

قد يجد الأشخاص المصابون بأمراض الجهاز التنفسي أن أعراضهم تتفاقم بسبب فصل الشتاء ومكان العمل، بينما يطالب القانون أصحاب العمل والشركات بتوفير الحماية والوقاية، فإن التعرُّض للسموم في مكان العمل له آثار صحية مزمنة بعد فترة طويلة من التعرض الأولي.

إن الجسيمات الناتجة عن العمل المهني هي المصدر الأساسي لأمراض الجهاز التنفسي، ويمكن أن تكون الألياف الدقيقة والغبار خطرة للغاية على الرئتين؛ لأنها يمكن أن تبقى داخل الجسم إلى أجلٍ غير مسمًّى، وتصبح هذه الجسيمات جزءًا من الهواء؛ حيث يمكنك استنشاقها دون أن تدرك ذلك. وتعدُّ الطرق غير المُمهَّدة، أو الحقول، أو مواقع البناء، أو المداخن، أو الحرائق من مصادر تلك الجسيمات، كما ينتج عن التفاعلات المُعقَّدة من المواد الكيميائية في محطات الطاقة والسيارات والصناعات تلوث الهواء أيضًا.

أمراض الجهاز التنفسي المتعلقة بالعمل:

يمكن أن يصاب العمال بأمراض الجهاز التنفسي المتعلقة بعملهم، مثل:

  • ورم المتوسطة الخبيث (الميزوثليوما)، أو داء الأسبستوس:

يمكن أن تُشكِّل الوظائف التي تحتوي على مواد تحتوي على الأسبستوس- مخاطر على صحة العمال، فعند تنفُّس ألياف الأسبستوس المستخدمة في مقاومة الحريق والقوة والمقاومة الكيميائية، تترك ندبات دائمة في أنسجة الرئة من الأسبستوس المتبقي، والتي تلتصق ببطانة الرئة، ويتم تشخيص هذا لاحقًا على أنه ورم الظهارة المتوسطة أو التليف، والذي يحدث عندما تكون بطانة الرئتين مصحوبة بالتهاب دائم.

  • مرض الرئة البنية أو السحار القطني:

يصيب في الأغلب العاملين في مصانع الغزل والنسيج، وهو مرض انسدادي مزمن في المسالك الهوائية التنفسية، وقد يتولد ويتطور لدى العمال المعرضين لغبار القطن؛ مثل: الكتان وأنواع أخرى من النسيج.

  • مرض الرئة السوداء:

يصيب على الأغلب عمال مناجم الفحم نتيجة استنشاقهم للهواء المليء بالكربون، وتجمع الكربون داخل العُقَد اللمفاوية، ويعدُّ التهاب الرئة وضيق التنفس من أعراض التعرض لغبار الفحم.

  • الربو المهني:

تتمُّ الإصابة بالربو المهني نتيجة استنشاق الأبخرة الكيميائية، أو الغازات، أو الأتربة، أو مواد أخرى من العمل، ويمكن أن تنجم إصابة العامل بالربو المهني عن التعرض للمواد التي لديه حساسية تجاهها وتتسبَّب في رد فعل تحسسي أو مناعي، أو التعرُّض لمواد سامة ولها تأثير مهيج؛ مثل أنواع الربو الأخرى، ويمكن أن يتسبب الربو المهني في ضيق الصدر، والأزيز، وضيق النَّـفَس، ويرجح أن يكون الأشخاص المصابون بأنواع الحساسية أكثر عرضةً للإصابة بالربو المهني، ويُمكن أن تسبب الإصابة بالربو المهني تلفًا دائمًا في الرئتين، أو العجز، أو الوفاة في حالة التشخيص الخاطئ، أو عدَم اتخاذ إجراءات الحماية والوقاية. 

  • التهاب الرئة مفرط الحساسية:

التهاب الرئة مفرط الحساسية هو مرض رئوي يؤدي إلى حدوث التهابات في أنسجة الرئة نتيجة الاستنشاق المستمر لأحد مسببات الحساسية التي تؤدي إلى حدوث تفاعلات حساسية في الجسم، ويُسمَّى أيضًا: التهاب الحويصلات الهوائية الخارجي. ويعتبر التهاب الرئة مفرط الحساسية أحد تفاعلات الحساسية النادرة الناتجة عن التعرض لأحد مسببات الحساسية الموجودة في البيئة، فعندما يتنفَّس العمال باستمرار مواد مختلفة بما في ذلك البكتيريا، وبعض المواد الكيميائية، وجراثيم الفطريات- يمكن أن يكون لديهم مرض رئوي تحسسي، ويؤدي الغبار العضوي إلى التهاب الأكياس الهوائية، والأنسجة الندبية في الرئتين.

  • السحار السيليسي:

السحار السيليسي هو مرض رئوي ينشأ بسبب استنشاق جزيئات غبار سيليكا حرة، أي: ثاني أكسيد السيليكون (SiO2 حيث تدخل هذه البلورات إلى الحويصلات الهوائية، وهناك يتمُّ ابتلاعها من قِبَل خلايا البلعمة الموجودة في الجدار والنسيج الخلالي. ويوجد غبار السيليكا المتبلور المحمول جوًّا في هواء المناجم والطين والمسابك والزجاج والحجر وعمليات التفجير، وليس للسحار السيليسي المبكر من غبار السيليكا أي أعراض، أو يكون ضيق التنفس فقط، ويمكن أن يتطور في جميع أنحاء الرئتين إلى ضيق التنفس الشديد، وارتفاع ضغط الدم الرئوي، وضعف الجهاز التنفسي.

ماذا تفعل إذا كنت معرضًا لخطر الإصابة بهذه الأنواع من أمراض الرئة؟

يسهم تواتر وشدة وإمكانية الوقاية من أمراض الرئة المهنية في الانتشار المستمر, وتتطور غالبية أمراض الجهاز التنفسي بسبب التعرض الطويل الأمد والمتكرر، على الرغم من أن حادثةً واحدةً -مثل التعرض لألياف الأسبستوس- يمكن أن تكون ضارة جدًّا بالصحة.

ويجب على العمال ارتداء أجهزة الحماية المناسبة لتجنب التلامس مع المواد السامة المعروفة واستنشاقها، وينصح باستخدام أقنعة الوجه عند العمل بالقرب من الجزيئات والغبار والمهيجات المحمولة بالهواء. ويؤدي التدخين بشكلٍ عامٍّ إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان، ومضاعفات الجهاز التنفسي بشكلٍ كبيرٍ، ولكنه قد يؤدي بالمثل إلى الإصابة بأمراض الرئة المهنية. ويجب على أرباب العمل توفير الموارد التعليمية لتثقيفهم بشأن المخاطر التي يتعرضون لها أثناء العمل، ويمكن أيضًا تعيين متخصص في الصحة المهنية للتحقيق في بيئة العمل، والبحث عن أي تهديداتٍ لصحة الجهاز التنفسي.

خاتمة

باختلاف طبيعة العمل لا ينبغي أبدًا إغفال حماية الجهاز التنفسي، ففي الشتاء قد تحتاج إلى قضاء المزيد من الوقت في الداخل، حيث قد تؤدي التهوية غير السليمة، وساعات العمل الطويلة إلى تعرُّض الجهاز التنفسي للإصابة، والدخول في العمل مع الحساسية الموجودة مسبقًا في فصل الشتاء ومشاكل صحة الرئة يمكن أن تؤدي إلى تفاقمها بسبب بيئة العمل، مع تزايد الأمراض الموسمية، ويجب ألا تكون بيئة العمل مكانًا تتعرض فيه صحة العمال للخطر.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *