مقالات المجلة

السلامة المهنية في الجيوش

 يتعرَّض الجنود في الجيوش والمؤسسات العسكريَّة لمخاطر متعلقة بالسلامة المهنية، ويمكن أن تختلف عن تلك التي يتعرَّض لها العمال في المصانع والمؤسسات المدنيَّة؛ لأن العمل العسكري ينطوي على مخاطر أكبر من المهن الأخرى؛ حيث يتمُّ العمل في بيئات مُعقَّدة في الغابات، والصحراء، والمناطق المتضررة، والبيئات التي يكثر بها التلوث والأمراض المُعْدية، والتعامل مع الذخائر والأسلحة، وما ينتج عنها من تلوث إشعاعي، بالإضافة إلى مخاطر الضوضاء الناتجة عن الرماية بالأسلحة الخفيفة والمدفعية، والقلق النفسي، والغبار، وأبخرة الوقود، وغيرها.

 ولعلَّ أشهر مثال على ذلك: أعراض المرض الذي ظهر على الجنود العائدين من حرب الخليج، وسُمِّي لاحقًا بـ (مرض حرب الخليج)، وبالرغم من مُضيِّ أكثر من (20 عامًا) على ظهور أعراضه، ما زالت الدراسات والأبحاث تتناول حتى الآن هذا المرض للبحث عن أسبابه؛ حيث يعزو بعض الدراسات أسبابه إلى ذخائر اليورانيوم المستنفذ، وبعضها الآخر ينسبه إلى بعض العوامل الكيميائية المستخدمة في الحروب، وغالبًا ما يتم نَشْر الجنود للعمل في بيئات ذات طقس متطرف، ويمكن أن يتـراوح هذا من البرد الذي يُهدِّد الحياة إلى الحرارة الخطيرة، حيث تشمل مخاطر الطقس المتطرف قضمة الصقيع، والانزلاق، والسقوط، وضربة الشمس، وأمراض الحرارة.

 لقد أثبتت الدراسات والأبحاث أنَّ دمج السلامة في المهام العسكريَّة يزيد من احتمالات نجاح المهمة، وتشير المصادر التاريخية إلى أن كثيرًا من القادة العسكريين خسروا معاركهم بسبب عدم اعتبار أمور السلامة لدى جنودهم.

هل تنطبق معايير إدارة السلامة المهنية  OSHA على الجيش؟

في الحقيقة معايير (أوشا) لا تنطبق على الأفراد العسكريين، والمُعدَّات والأنظمة والعمليات القتالية، ولكنها تنطبق على القوى العاملة المدنيَّة في الجيش، وعلى سبيل المثال: يمكن لموظفي (أوشا) تفتيش منشآت خفر السواحل؛ حيث يقوم المدنيون بأعمال مكتبية دون إشعارٍ مسبقٍ، تمامًا كما يتمُّ التفتيش في القطاع الخاص. وفي عام 2003 عملت (أوشا) على تقليل وفيات العمال المدنيين، والإصابات والأمراض بنسبة (3٪ سنويًّا). 

والمشكلة تكمُنُ في صعوبة التمييز بين ما هو تحت اختصاص (أوشا)، أو ليس تحت اختصاصها، ويمكن أن يصبح هذا التمييز مُعقَّدًا بعض الشيء، فمثلًا: تحت اختصاص (أوشا) تشمل الأنشطة إصلاح المَرْكبات، والخدمات الطبية، والبناء، والهندسة المدنية، والأشغال العامَّة، وخدمات التوريد، والأعمال الإدارية، ومع ذلك حتى هذه الأنشطة تخضع فقط لولاية (أوشا) عند مقارنتها بأنشطة القطاع الخاص، وعلى سبيل المثال: يعتبر إصلاح المَرْكبات عسكريًّا عندما تعمل على مركبات تكتيكيَّة (مثل: الدبَّابات)، عندها لا تنطبق لوائح (أوشا) على هذا العمل.

ويشير دليل العمليات الميدانيَّة إلى المُعدَّات والأنظمة والأنشطة التي تعتبر عسكريةً، وتُعفَى من لوائح (أوشا)، وهي:

  • الطائرات العسكرية، والسفن، والغوَّاصات.
  • المدفعية، والدبابات، والمَرْكبات التكتيكيَّة.
  • العمليات البحرية، وعمليات الطيران العسكرية، وأنشطة اختبار وتطوير البحوث المرتبطة بها.
  • القذائف ومواقع الصواريخ.
  • المنظومات الفضائيَّة العسكريَّة.
  • المناورات والتدريبات الميدانيَّة.

هل توجد معايير  OSHA عسكرية؟

صحيح أنَّ معايير (أوشا) الحكومية لا تنطبق على العمليات والأنظمة القتالية في الجيش، لكن هذا لا يعني أنَّ الجيش ليس لديه إجراءات السلامة في مكان العمل، فالمعايير العسكريَّة المتعلقة بالسلامة (أوشا العسكرية) تدمج متطلبات  OSHA في برنامج سلامة الجيش، بالإضافة إلى متطلبات خاصة تُوفِّر درجةً أعلى من الحماية.

وعلى سبيل المثال: تتجاوز متطلَّبات السلامة برنامجًا صارمًا للوقاية من فقدان السمع، والهدف من برنامج الحفاظ على السمع هو مَنْع فقدان السمع للأفراد العسكريين، ومن أجل تلبية لوائح (أوشا العسكرية) يجب على أفراد البحرية ووزارة الدفاع:

  •  إجراء مُسوحات للضوضاء لتحديد الأفراد الذين قد يتعرَّضون لضوضاء يحتمل أن تكون خطيرة.
  • تطوير طرقٍ لإحاطة الضوضاء التي يحتمل أن تكون خطيرة.
  • توفير مُعدَّات السمع الواقية.
  • مراقبة مستويات الضوضاء.
  • تثقيف الأفراد الذين قد يتعرَّضون لضوضاء خطيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *