15- المنشآت والحرف الخطرة…إدارة المخاطر والمهددات
“المخاطر الفيزيائية”
تعتبر البيئة المكانية المكان الفراغي المحدد للوظيفة الأساسية، والذي تُشكِّله العوامل التي تتسبَّب في استقرار بيئة العمل والراحة لتحقيق التكامل المكاني، والفاعلية البيئية المحيطة للوظيفة، وقبول الطبيعة البشرية لشكل الفراغ، ويتمُّ ذلك عبر توفير أفضل الوسائل لتحقيق البيئة الملائمة للإنسان بما يتوافق مع المؤشرات الصحية والنفسية لطبيعة الفراغات، وانعكاسها على بيئة العمل، وتوفير التهوية والإنارة والاستقرار والوقاية من المخاطر المحيطة فيها، ويتمُّ تقييم ذلك عبر مجموعة من المعايير الوظيفية لأداء الفراغ المكاني ومساحته بما يتوافق مع الاحتياجات البشرية لتحقيق الراحة من الإجهاد النفسي والبشري وَفْق مؤشرات السلامة والصحة والبيئة.
أهم العوامل المؤثرة على بيئة العمل:
أولًا: الإضاءة أو الإنارة:
تُسْهم الإنارة الطبيعية في بيئة العمل على تطوير الإنتاجية، وتحسين المزاج النفسي والراحة؛ ممَّا يعزز الارتياح في العمل؛ إذ يؤكد الخبراء أنَّ المهام والمستويات المناسبة من الإضاءة تُسْهم في تحقيق الراحة البصرية والنفسية بما يُعزِّز قدرة العاملين على اتخاذ أدوات مهمة في وقاية العاملين من المخاطر، وحمايتهم من الأضرار التي يمكنها أن تؤثر على حياتهم.
ويقصد بالخطر الناجم عن الإنارة: الزيادة أو النقص عن الحدود المسموح بها من شدة الإضاءة ممَّا يتسبب في مشكلات في الإبصار تؤثر على سلامة العيون، أو تعرض العاملين للأشعَّة الضوئية أو الكهرومغناطيسية، والتي تقع ما بين الأشعَّة تحت الحمراء والأشعَّة فوق البنفسجية، ويتعرَّض العاملون تحت سطح الأرض في المناجم والأنفاق أو معامل التصوير إلى الإضاءة المنخفضة، بينما يتعرَّض العاملون في القطع واللحام إلى الإضاءة الشديدة الناتجة عن الوهج أثناء العمل، أو شدة الإضاءة أثناء التصوير.
أخطار الإضاءة غير المناسبة:
- ضعف التركيز.
- تشتُّت الانتباه.
- سوء الإبصار.
- العتمة في عدسة العين.
الوقاية من مخاطر الإضاءة غير المناسبة:
- توفير الإضاءة المناسبة في بيئة العمل؛ سواء كانت طبيعية أو صناعية حسَب طبيعة الأعمال الخطرة.
- توزيع فتحات التهوية للإضاءة الطبيعية بتوزيعها بما يتلائم مع بيئة العمل.
- التنظيف الدوري لزجاج النوافذ من الداخل والخارج، وإزالة عوائق الإبصار والإنارة الطبيعية.
ثانيًا: الرطوبة:
تعتبر من المخاطر الفيزيائية؛ إذ إنَّ نسبة بخار الماء الموجودة في الهواء والتي من شأنها ارتفاع درجة الحرارة، وعدم الشعور بالراحة والاختناق؛ إذ تعتمد بعض الحِرف والمنشآت الصناعية على الرطوبة كعامل أساسي في العملية التصنيعيَّة، ومن أبرز المخاطر المصاحبة للرطوبة:
- الشعور بالتعب وعدم الراحة نتيجة عدم تبخُّر العرق.
- الارتفاع في درجة حرارة الجسم.
- الأمراض النفسية، والآلام العصبية وآلام الأسنان، وأمراض روماتيزمية نتيجة لزيادة الرطوبة في الجو.
الوقاية من مخاطر الرطوبة:
- أن تتناسب الرطوبة في بيئة العمل مع طبيعة المهام للعاملين، وألَّا تزيد عن (80%)، والاستمرار في قياسها بشكل دوري، ومقارنتها مع درجات الحرارة.
- ارتداء مهمات الوقاية الشخصية المناسبة، وخاصةً المصنوعة من المطاط أو الجلد لعدم نفاذيَّتها للرطوبة والمياه.
ثالثًا: الضجيج والضوضاء:
يُقصَد بها الأصوات العالية المؤذية، والمنتشرة في بيئة العمل، وتؤثر على أداء العاملين، وتُسبِّب الصمم لهم في حال تعرُّض الإنسان لمستوياتٍ من الإزعاج تَفُوق الحدود المسموح بها، أو تدرج في ضعف السمع، وتتنوَّع أوقات التعرض للضجيج ما بين تعرُّض يومي مباشر، وضمن ساعات العمل التي قد تصل إلى (8 ساعات)، أو التعرُّض المفاجئ بشكل يومي متقطع، ويتنوَّع التلوث السمعي ما بين تلوث مزمن بشكل دائم يتسبَّب في ضعف مستديم للسمع، وتلوث مؤقت ذي أضرار فسيولوجية؛ مثل: التعرُّض لأصوات الماكينات، وتلوث دون ضرر يؤدي لضعف مؤقت بالسمع، ثم يعود لحالته الطبيعية.
المخاطر المصاحبة للضوضاء:
- صعوبة التخاطب بين العاملين والمشرفين، والشعور بالعصبية والضيق ونقص التركيز.
- خطر يهدد الجهاز السمعي، والتأثير على الأذن بطريقة تُسْهم في الصمم المؤقت أو الدائم أو المهني
الوقاية من المخاطر الخاصة بالضجيج:
- منع الضوضاء من مصدرها عَبْر تحسين تصميم العمليات الإنتاجية، وعزل الماكينات والأجهزة المُصْدرة للضوضاء.
- استبدال الآليات التي يتدنَّى فيها حدوث الضجيج بالعمليات الإجرائية المنتجة للضوضاء.
- استخدام ميكانيكا عزل الأصوات بواسطة آليات التحكم والضوابط الهندسية.
- تقليل فترات تعرُّض العاملين للضوضاء.
- الحد من الذَّبْذبات عبر استخدام ضوابط هندسية عازلة تمتصُّ الاهتزازات المُسبِّبة للضوضاء.
- زيادة استخدام المواد التي تمتصُّ الأصوات؛ سواء المستخدمة في الأسقف أو الجدران للحد من الضوضاء، أو المواد العاكسة للأصوات، وتعمل على تحويلها خارج بيئة العمل.
- اتِّباع مسافات الأمان بين العاملين ومصدر الضوضاء.
- الكشف الطبي الابتدائي والدوائي على العاملين المُعرَّضين للنِّسب المختلفة من الضوضاء، وفحص الجهاز السمعي لهم.
- تحييد الأشخاص الذين يعانون من أمراض سمعية عن الأماكن التي تزيد من مستوى التأثير السلبي للضوضاء.
- استخدام مُعدَّات الوقاية الشخصية للعاملين (سدَّادات الأذن، سمَّاعات، الخوذة التي تغطي الرأس).
رابعًا: الاهتزاز:
هي عبارة عن ذبذبات صادرة عن حركة ترددية تكرر نفسها، وتنتقل من الآلات إلى الإنسان عَبْر اليد والذراع، ثم باقي أجزاء الجسم، وتؤثر على العديد من أجزاء الجسد والأعصاب، وخاصة الأطراف، وتظهر تأثيراتها على المدى البعيد، وتؤثر على المباني والمُعدَّات والآلات والماكينات، وتنتج الاهتزازات عبر الاستناد إلى آلة تُصْدر اهتزازًا، أو العمل بجوار المُعدَّات الثقيلة؛ كالمُعدَّات الهيدروليكية المستخدمة في أعمال الهدم والردم والقص في الصخور وغيرها، وتنتقل عبر الأطراف لجسم الإنسان.
المخاطر المصاحبة للاهتزازات:
- تتسبَّب في التأثير المباشر على العظام، والمفاصل وضعفها، والإصابة بالمفاصل وأمراض الغضروف، وضعف العظام والمفاصل.
- التأثير على الأحشاء الداخلية على الجسم والجمجمة، ممَّا يؤثر على القدرة على التركيز والرؤية الجيدة.
- الاضطراب في الأوعية الدموية مما يؤثر على الدورة الدموية.
- التأثير على الروابط الفقرية، وخاصة العمود الفقري والأعصاب.
- الاضطراب العضلي نتيجة الجهد المبذول لمقاومة الاهتزاز والسيطرة على القطع المهتزة المتسبِّبة في أذى الأنسجة الرقيقة.
الوقاية من مخاطر الاهتزاز:
- استخدام مخدَّات مُصمَّمة لتقليل تأثير الاهتزازات على الجسم.
- استخدام المخدَّات الهوائية للآلات والمطارق الهيدروليكية.
- الصيانة المستمرة والوقائية للآلات لضمان عملها بشكل جيد.
- استخدام القُفَّازات الوقائية للتخفيف من تأثيرات الاهتزازات على الأيدي.
هو عمليات تأثير الضغط الواقع على جسم الإنسان بسبب التواجد في أجواء ما، أو القيام بأعمال مُعيَّنة؛ مثل: العمل في الأنفاق، أو أعمال الغطس تحت المياه أو الطيران، ويتسبَّب ارتفاع الضغط في إصابة الأذن الوسطى، وتدفُّق الدماء من الأحشاء إلى الرأس ممَّا يتسبب في صداع مزمن، أو صعوبة التنفس، بينما يؤثر انخفاض الضغط على الاضطراب في الجهاز العصبي، والتشنُّجات والتأثير على حركة الرئتين، أو الإصابة بمرض للغوَّاصين نتيجة الصعود المفاجئ من ضغط مرتفع إلى ضغط منخفض.
الوقاية من مخاطر الضغط الجوي:
- توفير أجهزة الأكسجين اللازمة وَفق طبيعة العمل وبيئته.
- توفير مُعدَّات السلامة الشخصية المناسبة لطبيعة المهام الخطرة، والتغذية المناسبة حسَب البيئة التشغيلية.
- التدرُّج في الصعود من الخنادق، أو الأنفاق، أو الصعود التدريجي للغوَّاصين.
- الفحص الطبي الابتدائي والدوري للعاملين المُعرَّضين لانخفاض الضغط أو ارتفاعه.
- اللياقة البدنية المستمرة للمُعرَّضين لاختلاف الضغط.
سادسًا: التهوية:
هي عمليات تجديد الهواء في بيئة العمل لتحسين جودة الهواء، وخفض درجات الحرارة للحدِّ من الملوثات، على أن تكون في الحد المسموح به، ومنع انتشار الأمراض المُعْدية والأوبئة بين العاملين، وتنقسم إلى نوعين: طبيعية وصناعية، ويتسبَّب سوء التهوية في مشكلات مؤثرة على العاملين وأدائهم، وإصابتهم بالإرهاق وقلة التركيز، وزيادة درجات الحرارة في بيئة العمل، والشعور بالاختناق في بعض الأحيان، وصعوبة السيطرة على الحرائق في بعض الأحيان.
التحكُّم في مخاطر سوء التهوية:
- توفير فتحات تهوية في أماكن العمل ذات التهوية السيئة.
- أن تكون فتحات التهوية لا تقل عن 1/6 المنشآت أسفل سطح الأرض.
- ألَّا تقل كمية الهواء النقي عن (18-75 متر مكعب) في الساعة وَفْق طبيعة الأعمال، والمجهود البدني أو العضلي للعاملين.
- الحد الأدنى للفراغ المخصص للعامل في بيئة العمل (11.5م3)، بينما الأعمال المكتبية (7م3).
- ألَّا تزيد سرعة الهواء في مكان العمل عن (15م/دقيقة) بالشتاء، و(50م/دقيقة) في الصيف.
وسوف يتمُّ العمل على استكمال مقالات إدارة المخاطر في المنشآت والحِرف الخطرة – إن شاء الله – في الأعداد القادمة ، مع استكمال باقي العوامل الفيزيائية المؤثرة على بيئة العمل في مقالات منفردة ضمن سلسلة المقالات الخاصة بالمنشآت والحرف الخطرة. ونسأل الله – عزَّ وجلَّ – أن ينفعنا بما علَّمنا، وأن يزيدنا علمًا.