باب السلامة فى مواقع العمل
المنشآت والحِرَف الخطرة
(مساحة المنشأة)
تهتمُّ هيئات التخطيط والتنظيم العمراني بوضع الأنظمة والتشريعات واللوائح التي تُسْهم في تعزيز منظومة السلامة والوقاية، وحماية العاملين في المنشآت من المخاطر المُتوقَّعة، وذلك عَبْر التوزيع المتكامل لوظائف المنشأة بما يتلاءم مع حَجْمها، وطبيعة أعمالها، وتعتبر المساحة الجزء الأهم والأساسي في تركيبة وتكوين المنشأة، وذلك بما يتوافق مع المهام الوظيفيَّة للمُعدَّات والأدوات والماكينات فيها؛ لذا يجب أن تراعي المساحة ما يلي:
- السلامة الحضرية: وهي السلامة الخاصة بعوامل الأمان؛ لمَنْع انتقال الخطر بالعدوى من خارج المنشأة إلى داخلها، وتختلف من منشأةٍ لأخرى وَفْق طبيعة عملها والمخاطر التي تهدد كينونة المنشأة من خارجها.
- المساحة المخصصة للماكينات: وهي الفراغات التي تتطلَّب حريَّة التحرُّك والتشغيل للماكينات والمُعدَّات والأدوات بما يضمن سهولة التعامل مع المواد الأوليَّة، أو المواد المنتجة.
- مسافة الأمان الداخلية: هي المسافة التي تُحدِّدها الاشتراطات التنظيميَّة لتصميم المنشأة، وتُحدَّد فيها مسافة الأمان بين الماكينات والمُعدَّات بما يسمح بحُريَّة الحركة داخل المنشأة؛ سواء حركة العاملين، أو حركة العربات لنقل الأدوات، وأحيانًا تكون حركة لمَرْكبات الشحن والتفريغ داخل المنشأة؛ مثل: محطات الغاز، يتطلب أماكن لسيارة تفريغ الصهريج المتحرك، وطريق لتحرُّك سيارة تعبئة أسطوانات الغاز، وغيرها، وفي المنشآت الصناعية تحتاج إلى طرق داخلية لتحرُّك العديد من المَرْكبات وَفْق الاستخدام المُخصَّص للمنشآت الصناعية.
- العلاقات الوظيفيَّة للمنشأة: يهتمُّ مهندسو العمارة في رَسْم شبكة العلاقات الوظيفيَّة بين الفراغات داخل المنشأة؛ ممَّا يؤثِّر على طريقة تصميمها، والعلاقة بين تفاعلات الأنشطة، وبالتالي تتحدَّد المساحة بناءً على الاحتياجات التفاعليَّة بين أنشطة المشروع، وهذا يتطلَّب تحديد المساحة بناءً على العلاقات الوظيفيَّة.
- العلاقة بين عوامل السلامة ومصادر الخطر: ترتبط مُتطلَّبات السلامة والوقاية ارتباطًا وثيقًا بمصادر الخطر، وخاصة أنَّ بعض متطلبات السلامة تتطلَّب مساحات خاصة لها؛ مثل: مخارج الهروب، ومسارات الحركة، وكذلك مكان مضخَّات المياه المخصصة لمكافحة الحريق والإطفاء.
- ملاءمة حجم وشكل المنشأة: يُشتَرط أن يتناسب حجم ومساحة المنشأة مع العمليات التشغيليَّة، والتمدُّد المستقبلي، وأن يتَّسع لتوفير فراغات إدارية لرَصْد عمليات التصنيع، واستدامة العمل التشغيلي للمنشأة بحيث لا تُؤثِّر على العمليات الصناعية، مع إمكانية التوسُّع الرأسي؛ نظرًا إلى أن هناك حاجةً مستمرةً لحماية الأراضي من الاستنزاف، وبالتَّالي التأثير السلبي على الاستخدامات الأخرى؛ مثل: تغيُّر استعمالات الأراضي الزراعية لصناعيةٍ، وغيرها من النشاطات البشرية.
- تَرْك مسافة كافية بين مُكوِّنات المنشأة: لا بد أن يكون هناك مسافة بين الأقسام المختلفة للمنشأة بما يُحقِّق سهولة النقل لمُعدَّات العمل، وتوفير المخازن الكافية والملائمة لطبيعة المواد المُخزَّنة وخصائصها الكيميائية والفيزيائية، وخاصةً مخزن المواد الخطرة، والقابلة للاشتعال أو الانفجار.
وتُمثِّل المساحة عنصرًا أساسيًّا كمؤشرٍ لقياس خطورة المنشأة وَفْق مجموعة من العوامل التي تُحدد نسبة الخطر فيها، ويتمثَّل في العلاقات بين مسافات الأمان والعمليات التشغيليَّة، والعلاقة بين مُكوِّنات المشروع، والعلاقة بين الخطر وعوامل السلامة؛ لذا من الممكن أن تهتمَّ المنظمات التي تشرع أنظمة البناء والأنظمة الخاصة بالسلامة والوقاية بوَضْع مُحدِّدات، وحد أدنى لمساحة المنشأة وَفْق طبيعة الأشغال، ونوعية الخطر المُتوقَّع ومستواها، فالمنشآت التي يكون بها أكثر من خط إنتاجٍ تختلف مساحتها عن ذات خط الإنشاء الواحد، كما وأن هناك حاجةً لزيادة عدد الأنظمة الخاصة بتنظيم الحِرَفِ والمنشآت الخطرة، وتحديد المساحات لكل فراغٍ وَفْق طبيعة الأشغال والاستخدام للمنشأة.
ولتحقيق المساحة الأنسب يجب أن تتوفَّر العناصر التالية كفراغاتٍ مستقلةٍ وثابتةٍ في كل المنشآت دون استثناءٍ، وهي:
- صالة التصنيع أو الإنتاج: تختلف مساحة صالات التَّصنيع أو الإنتاج أو صالة بيع المنتجات؛ مثل: (المنتجات البترولية)، وذلك وَفْق كمية الإنتاج، أو عدد خطوط الإنتاج.
- المداخل والمخارج: وهي العنصر الذي يُسْهم في حركة العاملين، والانتقال الآمن لهم داخل وخارج المنشأة.
- نقطة التجمُّع: وهي المساحة المُخصَّصة لتجمُّع العمال وقت وقوع الخطر، وتكون في المكان الأكثر أمنًا.
- مخزن المواد الأوليَّة: وهو المخزن الذي تُحدَّد له اشتراطات السلامة، ومساحة تخصص وَفْق كمية التخزين وخطورتها؛ لأنَّ المساحة ترتبط بزيادة مسافات الأمان بين المواد الخطرة.
- مخزن المواد المنتجة: وهي الفراغات المُخصَّصة لعمليات تخزين المنتجات، ويكون فيها مداخل ومخارج تراعي عمليات الشحن والنقل والتوزيع للمواد المُنتَجة.
- الفراغات الإدارية: وهي المساحات المُخصَّصة لممارسة الأنشطة الإدارية اليوميَّة، وسجلَّات الإنتاج، ومتابعة العمل الإداري والتسوية، وإدارة الموارد البشرية.
- مختبرات فَحْص المنتجات: وهي أماكن مُخصَّصة لعمليات الفحص اليومي للمنتجات، وأَخْذ عيِّنات بما يُسْهم في زيادة مستويات جودة المنتجات.
- غرفة الكهرباء: وهي الفراغ المُخصَّص والمُهيَّأ لوضع خزانة الكهرباء، والتي تتطلَّب أن تكون مفصولةً عن أنشطة الصالات الاجتماعية.
- غرفة الصيانة: وهي الفراغات المخصصة لأعمال الصيانة المستمرة للمُعدَّات والآليَّات التي تستخدم في التصنيع والإنتاج.
- مساحات الحركة: وهي المساحات المخصصة لحركة العمال والأدوات والمُعدَّات بشكلٍ لا يُعِيقُ عمليات التصنيع والإنتاج.
كما ويُراعَى في عمليات التصميم للمنشآت: توفير الارتفاع المناسب للتهوية والإنارة الطبيعية، ويكون دخول الشعاع الشمسي وَفْق مسارات التحكُّم به، والحاجة لتوفير دخوله، فبعض المنشآت لا تتطلَّب التعرُّض للشعاع الشمسي؛ مثل الأماكن المخصصة لصهاريج الغازات الملتهبة أو القابلة للاشتعال أو الانفجار، أو المواد الصلبة التي تتفاعل مع الشعاع الشمسي.
إذن، تختلف مساحة المنشآت من دولةٍ لأخرى وَفْق طبيعة التمدُّد الجغرافي، ومساحات الأراضي المتوفرة، ولكن العامل الأهم هو توفير الحد الأدنى لمسافات الأمان التي تمنع انتقال الخطر من مكانٍ لآخر، وتكون هذه المسافة محسوبةً ضمن المساحة المخصصة للمنشأة الأحدث إنشاءً.
وتهتمُّ مؤسسات إصدار تصاريح الأمن والسلامة في متابعة المساحات والعلاقات البينيَّة للفراغات المصدرة للخطر، وتحديد مساحات تُسْهم في مَنْع انتقال الإشعاع الحراري لزيادة الخطورة، خاصة المنشآت التي ترتفع فيها استعمال المواد الخطرة، أو تداولها؛ ممَّا يُسْهم في تعزيز السلامة والوقاية.