نقطة تحول في عالم البترول والغاز
بعد تمرد آبار الغاز فائقة الضغط والحرارة
في بحر الشمال
في عام 2012 حدث تدفق للغازات من البئر بشكل غير متوقع ومفاجئ، وخرجت الأمور عن السيطرة، وكان الموقف معرضًا لكارثة وانفجار مما أدى إلى إخلاء جميع العاملين (حوالي 230 فردًا)، ولم يتم السيطرة إلا بعد (51 يومًا)، ودفعت شركة توتال حوالي مليار جنيه استرليني لشركة Elgin، وتمَّ التحقيق، وإصدار توصيات وإجراءات بالغة الأهمية غيَّرت مسار عالم البترول، كما في مصدر 1
مقدمة:
الغاز النفطي المسال (يسمى أيضًا غاز البترول المسال, والغاز النفطي السائل, Liquid Petroleum Gas): هو خليط من غازات هيدروكربونية المستخدمة كوقود في أجهزة التدفئة والمركبات, وفي الآونة الأخيرة تزايد استخدامها في مقابل الغازات الكلورو-فلورو- كربونية؛ مثل: غاز الثلاجات؛ للتقليل من الأضرار المُسبِّبة لتقلُّص طبقة الأوزون.
وهناك أنواع كثيرة من LPG تُبَاع في السوق اعتمادًا على الموسم؛ منها الخليط بأكثرية غاز البروبان, وخليط آخر بأكثرية بيوتان، وهناك خليط يتكوَّن منهما بنسبة (60% بروبان، و40% بيوتان)، حيث يكثر الطلب على بروبان في الشتاء عكس الصيف؛ حيث الطلب فيه على البيوتان أكثر، ويضاف إليها مادة إيثانثيول ذات الرائحة النفاذة لاكتشاف التسربات بسهولة، ويخضع ذلك إلى النظام القياسي الأوروبي EN 589.
وينتج النفط والغاز الطبيعي بنفس العملية الجيولوجية، وهي التحلُّل اللَّاهوائي للمادة العضوية تحت أعماق غائرة من سطح الأرض؛ ولذلك فغالبًا ما يتواجد النفط والغاز الطبيعي معًا، ويشار إلى الآبار الغنية بالنفط بحقول النفطK وتلك الغنية بالغاز بحقول الغاز الطبيعي.
وعند البدء في مشروع حفر الآبار النفطية يجب تحقيق هدفين:
- حفر البئر وإنهائه بطريقة آمنة (دون إصابات بشرية، أو مشاكل فنية)، وحسَب الغرض منه.
- إكمال المشروع بأقل تكلفة.
لحفر بئر البترول من الضروري تنفيذ الإجراءات التالية في وقت واحد أثناء عملية الحفر (drilling process).
-
- التغلب على مقاومة الصخور، وسحقها إلى جزيئات صغيرة لا يتجاوز حجمها بضعة ملميترات.
- إزالة جزيئات الصخور، مع الاستمرار في الحفر عبر الطبقات.
- الحفاظ على ثبات جدران تجويف البئر.
- منع الموائع الموجودة في الطبقات المحفورة من دخول البئر، والهجرة بين الطبقات الإنتاجية.
- يمكن تحقيق ذلك باستخدام أجهزة الحفر الدورانية (rotary drilling rigs) التي تعمل اليوم في مجال التنقيب عن الهيدروكربونات وإنتاجها.
حفر الآبار النفطية Oil wells:
الآبار النفطية هي تجاويف تحفر في أعماق الأرض للوصول إلى الصخور التي تحتوي على هيدروكربونات زيت البترول؛ لتتمَّ عملية استخراجه إلى السطح، والاستفادة منه اقتصاديًّا. وعادةً ما يتمُّ استخراج بعض الغاز الطبيعي كغاز بترولي مصاحب للنفط.
وقد بدأت عملية الحفر الحديثة للآبار لأول مرة في القرن التاسع عشر، ولكنَّها أصبحت أكثر كفاءة مع التقدُّم في منصَّات التنقيب عن النفط خلال القرن العشرين.
كم يبلغ عمق البئر النفطي؟
يصل عمق بعض الآبار النفطية إلى (10 كيلومترات) = (6 أميال)، ويصل بعضها إلى أكثر من (10 كيلومترات) = (6 أميال) من الجوانب إلى أعماق باطن الأرض.
أنواع الآبار النفطية بناءً على الغرض منها:
- الآبار الاستكشافية/ الاستطلاعية Exploration Wells:
يأتي الحفر الاستكشافي بعد اﻟﻤﺴﺢ اﻟﺠﻴﻮﻓﻴﺰﻳﺎﺋﻲ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺠﻴﻮﻛﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺃﻧﺴﺐ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺟﺢ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﻘﻮًﻻ نفطية ﻣﻨﺘﺠﺔ، ﻭاﻷﻋﻤﺎﻕ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻬﺎ، فالآبار الاستكشافية هي أول الآبار التي يتمُّ حفرها في الحقل، وذلك بعد تعقيم المنطقة وتسويتها؛ لتسهيل إقامة طرق الوصول إلى النفط، وحفر حفرة احتياطية لإلقاء قطع الصخور والطين داخلها خلال عملية الحفر، ويستوجب الأمر لزومًا اتباع أعلى درجات الأمان في التخلُّص من الصخور والطين في حال كانت البيئة شديدة الحساسية.
- ومن أغراض حفر الآبار الاستكشافية:
- التأكُّد من احتواء الصخور المكمنيَّة على الموائع الهيدروكربونية.
- جمع المعطيات والمعلومات اللازمة عن الصخور الجيولوجية.
- ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺃﻧﻮاع وﺳُﻤﻚ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ الصخرية.
- ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺃﻋﻤﺎﺭ ﺍﻟﺼﺨﻮﺭ ﻃﺒﻘًﺎ ﻟﻠﺤﻔﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻃﺒﻘﺔ.
- تحديد القياسات الخاصة (اﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ اﻟﻜﻬﺮﺑائية، ﻭﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻹﺷﻌﺎﻋﻲ، ﻭﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻤﻮﺟﺎﺕ ﺍﻟﺼﻮﺗﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻜﺜﺎﻓﺔ).
- تحديد اﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ للصخور؛ ﻣﺜﻞ: ﺍﻟﻤﺴﺎﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﺫﻳﺔ، ﻭكذلك ﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ.
- ﺗُﺴﺠَّﻞ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻓﻲ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻞ الخاصة بالبئر Well Logging، ﻭﺗﺘﻢُّ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻌﻴِّﻨﺎﺕ ﺍﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ﺃﻭﻻً ﺑﺄﻭّﻝ ﺧﻼﻝ ﺣﻔﺮ ﺍﻟﺒﺌﺮ ﺍﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻲ ﺑﻬﺪﻑ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻭﺗﺤﺪﻳﺪ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﻟﻠﺼﺨﻮﺭ ﺍﻟﺮﺳﻮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻮﻝ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈرﺓ.
- 2الآبار التقييميَّة/ التحديدية Wells Delineation:
- بعدما تؤدِّي الآبار الاستكشافية أغراضها، يتمُّ حفر آبار البترول التقويمية في حال التأكُّد من احتواء الصخور المكمنيَّة على الموائع الهيدروكربونية، أي: بعد اكتشاف النفط أو الغاز.
ومن أغراض حفر الآبار التقييميَّة:
- تحديد أبعاد المكمَن النفطي.
- توفير الحد الأدنى من المعطيات والمعلومات الجيولوجية والمكمَنية اللازمة بغرض تقييم ومعرفة احتياطي النفط الموجود، وإقرار تطوير المكمَن من عدمه.
- 3الآبار الإنتاجية Production Wells:
- تحفر الآبار الإنتاجية لاستخراج النفط أو الغاز من التكوينات الجوفية بعد التأكُّد من النتائج التي سُجِّلت عند حفر الآبار الاستكشافية والتقييمية، وبالتالي بعد التأكُّد من وجود كميات تجارية من البترول تَفُوق فائدتها الربحية تكاليف استخراجها.
- 4آبار المراقبة Obseving Wells:
- تستخدم هذه الآبار لغرض مراقبة مستويات جبهة تماس نفط – ماء ( Conact Water-Oil)، وجبهة تماس نفط – غاز ( Contact Oil-Gas)، ومدى تغيُّرها مع استمرار عمليات الإنتاج.
- 5آبار الحقن Injection Wells:
- تحفر آبار الحقن للمساعدة والمساهمة في استمرار الإنتاج من البئر الإنتاجية عن طريق الحفاظ على الضغط فيها، وذلك بحقن الماء، أو كبس الغاز في هذه الآبار، وبالتالي رفع مستويات النفط في الطبقات المنتجة ضمن الآبار الإنتاجية بعد انخفاض الضغط بسبب عمليات الإنتاج. وقد تستخدم الآبار الإنتاجية الناضبة لغرض عمليات الحقن.
فكرة عن هذا الحادث وحوادث مشابهة:
أثناء العمل على المنصة البحرية Elgin التابعة لتوتال لإنتاج الغاز الطبيعي – إنجلترا في 25 مارس 2012 ضمن مجموعة آبار تسمى: المرتفعة الضغط والحرارة HPHT. – أعلى من 1000 رطل على البوصة المربعة، وشديدة الحرارة أعلى من 300 فهرنهيت، لُوحظ ازدياد مستمر في ضغط مواسير البئر، وهذا أعطى مؤشرًا على وجود شرخ أو عيب في بطانة الإسمنت حول مواسير البئر، ولكن فجأة تضاعف الضغط والتدفق، وحدث تسريب للغاز يقدر بكثافة 12 MMCF/day. وتوقَّف الإنتاج، وتمَّ الإخلاء لجميع العاملين الذين نَجَوْا من الموت بأعجوبة.
وقد كانت هناك حادثتان مشهورتان هما: مونتارا – أستراليا 2009- وماكوندا 2010 في خليج المكسيك؛ حيث حدثت زيادة غير عادية مفاجئة، وتدفق خارج عن السيطرة غير متوقع، وتسريب ضخم للهيدروكربون، وتمَّت دراستهم، والاستفادة منهم.
- الإجراءات التي تمَّ اتخاذها بعد هذا الحادث:
في عام 2016 قامت هيئة البترول والغاز الإنجليزية للآبار المُسمَّاة بـ UKOG-HPHT. بإصدار دليل الآبار مرتفعة الضغط والحرارة من أجل تطبيق الإجراءات بعد الاستفادة من الدروس المستفادة، وخاصة في مجالات جودة إنشاء ومتانة البئر، والتحكُّم في هذه النوعية من الآبار. وتمَّ وَضْع الدروس المستفادة من حوادث بحر الشمال (مثال فيما يتعرض إلى الضرر الواقع على البئر من الداخل بسبب زيادة الضغط والتآكل الداخلي لمواسير البئر بواسطة مواد تتكون غير متوقعة، وعمليات تشغيل الآبار مرتفعة الضغط والحرارة، وهكذا، ويحتوي الدليل على قوائم للمراجعة من أجل المساعدة في التسجيل الدقيق، وعمل التقارير أثناء الحفر.
وقد قامت هيئة السلامة والصحة التنفيذية الإنجليزية- HSEx. بإصدار خطوات موحدة لاختبار أنشطة الحفر في أجهزة الحفر البحرية، ودليل تفتيش تتعلق بالمراحل الأساسية؛ مثل: إنشاء والتحقق من متانة وكفاءة هيكل البئر، والسيطرة على البئر، انظر: مصدر 2
كما قامت الشركة المالكة لمنصة الآبار بتقديم تقرير مفصل عن الحادث، والإجراءات التي تمَّ اتخاذها لمنع تكراره، وغيرها من التقارير الفنية.
التغيير الكبير بعد الحادث:
تمَّ تكليف الجهات الفنية العليا في إنجلترا بإجراء عملية تقييم لجميع أجهزة الحفر للآبار مرتفعة الضغط والحرارة، وإلزام شركات الحفر بتنفيذ التفتيش والتدقيق الخارجي المستقل بواسطة لجان معتمدة، واتباع الإجراءات الفنية في الدليل الصادر في 2016.
خاتمة
إن فَقْد السيطرة أثناء عمليات الحفر أو الإنتاج في الآبار البترولية – وخاصة شديدة الضغط والحرارة – أمر بالغ الخطورة، وغالبًا ما يصل إلى مستوى الكوارث والخسائر في الأرواح والاقتصاد، وتلوث البيئة، وبعد التحقيقات تمَّ إصدار التوصيات العلمية المهمة، وتمَّ إنشاء هيئات جديدة مخصصة لمراجعة التصميمات للآبار – وخاصة شديدة الضغط والحرارة – لجميع المنصات البحرية، وضمان تطبيق إجراءات التشغيل، والتحكُّم في الآبار، وتطبيق الإجراءات الاستباقيَّة لعمليات التدقيق الخارجي على أجهزة الحفر لمنع تكرار مثل هذه الكوارث.