يرتفع مستوى المخاطر الناتجة عن التفاعلات الكيميائية، وتعتمد عملية زيادة الخطورة في المنشآت أو الحرف على طبيعة العمل، والخطوة التي تُسْهم في خطورة تصنيف المنشآت، فكلما ارتفعت مستويات التفاعلات الكيميائية -سواء الذاتيَّة، أو بالفعل البشريِّ، أو بالإهمال في عمليات التخزين والتشوين، أو التعامل الخاطئ مع المواد الكيميائية- تكون مؤشرات خطورة هذه المنشآت عالية؛ ممَّا يتطلب تدخلات بشريَّة عاجلة للحد من تأثيراتها الخطيرة على حياة العاملين فيها، أو السكان في البيئة المحيطة بها، خاصةً في الورش المنتشرة بين المناطق السكنية.
ولا تقتصر عمليات التفاعلات الكيميائية على مختبرات الكيمياء، أو العلوم، أو أنابيب أو قارورة المختبر، بل دخلت في حياة الإنسان كافَّة حتى إنَّنا نستخدمها في بيوتنا، فعند استخدام الصودا الكاوية مع مادة الكلور في عمليات التنظيف، ينتج عنها غاز الكلور الضار والمؤثر سلبًا وخطورةً على حياة المجتمعات، وبعض التفاعلات يقع دون تدخلات بشرية، وذلك عَبْر الظواهر الطبيعية؛ مثل: حرائق الغابات، أو التفاعلات الناتجة عن البراكين، أو الاشتعال الذاتي لبعض المواد الكيميائية.
ويُقصَد بـ «التفاعلات الكيميائيَّة»: «أنها تكسيرٌ للروابط الكيميائيَّة الموجودة بين جزيئات المواد المتفاعلة لإنتاج روابط جديدة في المواد الناتجة عن التفاعل؛ ممَّا يُسْهم في إنتاج مواد جديدة لها صفات كيميائية وفيزيائية جديدة»، وتشمل تغيُّرات في الذات الخاصة بالجزيئات الكيميائيَّة عَبْر اتِّحادها بطرقٍ أخرى لتكوين شكلٍ أو مُركَّبٍ أكبر، أو تفكيك مُركَّبات لتكوين جزيئات أصغر، وعادةً تعتبر تكسير روابط أو تكوين روابط جديدة.
وتنقسم التفاعلات إلى كلٍّ من: (الأكسدة والاختزال)، والتي يحدث بها تغيُّر في عدد أكسدة الذات للمواد المتفاعلة نتيجة انتقال الإلكترونيات، وهي كما يلي:
- تفاعلات الأكسدة: هي عملية فقدان للإلكترونات من قِبَلِ الذرَّات، أو الجزيئات، أو الأيونات، ينتج عنها زيادة في الشحنة الموجبة، أو نقصان في الشحنة السالبة.
- تفاعلات الاختزال: هي عملية اكتساب للإلكترونات من قِبَلِ الذرَّات، أو الجزيئات، أو الأيونات، ينتج عنها نقصان في الشحنة الموجبة، أو زيادة في الشحنة السالبة.
مخاطر التفاعلات الكيميائية:
تتسبَّب التفاعلات الكيميائية في العديد من المخاطر المُهدِّدة للمنشآت والحِرَفِ الخطرة، والتي يمكن أن تتسبَّب في خسائر فادحة، وتتلخَّص هذه المخاطر فيما يلي:
- الانفجارات: وهي عبارة عن إطلاق الطاقة بشكلٍ سريعٍ وزائدٍ يكون مصحوبًا بتوليد درجات حرارة عالية، ومعها غازات، ويكون أحد أهمِّ أسبابها: الصدمات والاحتكاك للمواد الكيميائية ذات الحساسية العالية أو الحرارة العالية؛ ممَّا يتسبَّب في انطلاق غازاتٍ بطريقةٍ لا يمكن التحكُّم فيها، وذلك بخروج بخارٍ قابلٍ للاشتعال، أو زيادة الضغط الذي يؤدِّي إلى تمزُّق المحتويات وفقدانها.
- الحرائق: تتسبَّب التفاعلات الكيميائية في إطلاق طاقةٍ حراريةٍ هائلةٍ تتسبَّب في حرائق في الوسط المحيط، وللمحتويات الموجودة في المنشأة ومُكوِّناتها، وهذه الحرائق تؤثر على الخسائر البشريَّة العاملة في المنشأة، أو تؤدِّي إلى تلفٍ في الأصول، وتوقُّف عجلة الإنتاج، وخسائر مالية ومادية، وكذلك مخاطر على سمعة المنشأة بين المنافسين.
- التسرُّب: ينتج عن التفاعلات الكيميائيَّة انطلاق مساحةٍ واسعةٍ من الغازات الكيميائية السامَّة التي تتسبَّب في الاختناق، أو التأثير السلبي على الخلايا العصبيَّة لدى العاملين في المنشآت؛ لذا يهتمُّ أصحاب المنشآت باتخاذ خطوات وقائية تمنع التسرُّب؛ تجنُّـبًا لتأثيراته السلبية على حياة العاملين، وتوقُّف العمل في المنشأة.
تأثيرات التفاعلات الكيميائية:
- تأثيرات الحرارة: تشمل السخونة والبرودة، ومن أمثلتها:
- مثال على السخونة: الحروق بسبب النار؛ مثل: (الناتج عن حرائق المواد البترولية).
- مثال على البرودة: لَسْعة الصقيع التي تُسبِّبها مواد فائقة التبريد (الأوكسجين السائل، والغاز الطبيعي السائل).
- التأثيرات الميكانيكية: تتضمَّن الضرر الناتج عن الأجزاء المتطايرة التي تصطدم بشخصٍ وتؤذيه، أو تُدمِّر مبنًى مجاورًا؛ مثل: انفجار خزان.
استخدام الحواس في الكشف عن التفاعلات الكيميائية في بدايتها:
- ما الذي تراه؟ (سحابة بخار، مواد مُتسرِّبة، دخان، حريق).
- ما الذي تسمعه؟ (صوت غاز مُتسرِّب، صوت انفجار).
- ما الذي تشمُّه؟ (الروائح المختلفة في مكان الحادث).
الأسئلة التي تقودنا لمخاطر التفاعلات الكيميائية:
- ما الوضع حول المنشأة؟ (الفرص والتهديدات الخارجية): وهنا يتمُّ دراسة التهديدات كافَّة المؤثرة خارجيًّا على زيادة المخاطر المؤثرة على المنشآت، والفرص التي يمكن تسخيرها لترتيب وسائل السلامة والوقاية لمنع انتقال الغازات والأبخرة السامَّة من البيئة المحيطة للمنشأة، وتأثيراتها السلبية على الحرفة أو المنشأة، وكذلك كميات المواد الخطرة الموجودة في المنشآت المحيطة بها.
- ما الوضع الداخلي في المنشأة؟ (نقاط الضعف والقوة الداخلية): وهنا يتمُّ تحليل العوامل كافة داخل المنشأة المؤثرة على زيادة الخطورة، وما يترتب على ذلك من زيادة الخطر المهدد لحياة العاملين، وارتفاع معدل الخسائر البشرية والمادية، وتهديد أصول المنشأة؛ لذا يتمُّ العمل على الحدِّ من نقاط الضعف، وزيادة متطلبات السلامة التي تمنع وقوع التفاعلات الكيميائية داخل المنشأة أو الحرفة.
- ما المواد الخطرة؟ (العلاقة بين مصادر الخطر): تعتمد المنشآت الخطرة على توزيع المواد الخطرة بطريقةٍ تُسْهم في تعزيز سلامة المنشآت، وحمايتها من أيِّ مشكلات يمكن أن تتسبَّب في وقوع الحوادث، وذلك عَبْر ترك مسافات أمانٍ بين مصادر الخطر داخل المنشأة، أو داخل المنشأة وحركة مركبات تمَّ نقلها وتخزينها.
- ما المعرفة المتوافرة لدى العاملين للتعامل مع الخطر؟ تهتمُّ المنظمات بزيادة المعرفة والفهم والإدراك للعاملين كافَّة حول آليَّات التعامل مع الخطر القائم داخل المنشأة وزيادته، وارتفاع مؤشرات السلامة التي تُعزِّز حماية العاملين والموارد البشرية في المنشأة.
الخزانات المتنقلة:
يهتمُّ أصحاب المنشآت والحرف الخطرة بالعمل على نقل المواد الخطرة بصهاريج تمنع وقوع التفاعلات الكيميائية أثناء النقل على الطريق؛ وذلك لحماية التجمُّعات العمرانية التي تمرُّ بها الصهاريج، وحماية الاقتصاد الخاص بالمواد الخطرة، وتنقسم الصهاريج الناقلة للمواد الخطرة الآمنة والتي تراعي عدم حدوث تفاعلات كيميائية إلى ما يلي:
- الشاحنات بالإطارات لنقل الوقود.
- الشاحنات بالإطارات لنقل المواد الكيميائية.
- الشاحنات بالإطارات لنقل المواد الأكالة (الأحماض والقلويات).
- الشاحنات بالإطارات لنقل الغازات المضغوطة (البروبان).
- هناك شاحنات في الطرقات العامة خاصة لنقل المواد الخطرة في الطرقات العامة (في المناطق السكنية، أو في المناطق الصناعية).
وسوف نستكمل في المقالة القادمة باقي سلسلة المقالات الخاصة بالمنشآت والحرف الخطرة.