مقدمة:
تُعْتَبر صناعة البترول والغاز من أكثر الصناعات حيويَّة واستراتيجيَّة في العالم، ولكنها أيضًا من الأكثر خطورةً وتعقيدًا. إنَّ التعامل مع المواد القابلة للاشتعال والخطرة يتطلَّب تطبيق أعلى معايير السلامة والأمن؛ لذا تلعب مخططات الأمن والسلامة دورًا حيويًّا في حماية الأفراد، والممتلكات، والبيئة من المخاطر المحتملة، وتشمل هذه المخططات مجموعةً من الإجراءات والتدابير الوقائيَّة التي تهدف إلى منع الحوادث والإصابات، وكذلك خطط الاستجابة السَّريعة في حالات الطوارئ لضمان تقليل الأضرار، ويُعدُّ الالتزام الدقيق بهذه المخططات أساسًا لضمان التشغيل الآمن والفعَّال لمنشآت البترول والغاز.
ويُعْتَبر مجال البترول والغاز مجالًا ممتلئًا بالمخاطر المهنيَّة؛ لذلك يتوجَّب على العمال بها التقيُّد بمنهج السلامة المهنيَّة، ومن أهمِّ هذه الأخطار: خطر الانفجار، والتسمُّم؛ لذلك وَجَب اتِّخاذ تدابير منتظمة لحماية المنشأة والعمال من الأخطار كافَّة.

وفي مجال الأمن الصناعي يمكن تقسيم مُخطَّط الأمن والسلامة إلى ثلاث مراحل:
1- مخطط استباقي: يتمثَّل في تعيين المكان المناسب للمنشأة، والذي يتوافق مع طبيعة نشاطها، ويشمل أيضًا مخطط البناء؛ حيث يجب أن يتضمَّن إجراءات السلامة ضدَّ الحرائق والانفجارات؛ كتحديد مخارج النجدة، وأماكن الإجلاء، ومآخذ المياه، وأماكن الطفايات.
2- مخطط علاجي: يتمثَّل في المُحَاكاة الواقعيَّة للحادث، ومن خلاله يتبيَّن مدى استعداد مهندسي السلامة للتصدِّي للأخطار الحقيقيَّة التي تمسُّ المنشأة وحياة العمال، ويُعْتبر تدريبًا واقعيًّا للمهندسين والعمال، والداخلين في مجال السلامة.
3- مخطط وقائي: هو مُخطَّط استعجالي يهدف إلى إعادة المنشأة للعمل بكفاءة بعد الحادث، ويشمل كيفيَّة تجهيز العمال للاستمرار في العمل بعد الواقعة.
وضمن المخططات الثلاثة يستعين مهندس السلامة بأدوات تقنية، ومناهج علمية تتوافق مع أخطار الغاز والبترول، فمثلًا: لتقليل خطر الانفجار لابدَّ من استعمال الخرسانة المقاومة للحرارة، ويجب أن يكون سُمْك الجدار يتوافق مع نوع المادة المخزونة، وهذا كمثالٍ في مجال الهندسة المدنية، أمَّا من ناحية مُخطَّط التوقُّع، فيجب إحاطة المنشأة بمجموعة من الأجهزة الإلكترونية لمراقبة كلِّ المخاطر؛ كاستعمال الكاميرات، والمجسَّات الحرارية، والمُسْتشعرات الكهربائية، كما لا نَنْسى مُعدَّات الإطفاء الرغويَّة للتصدِّي للمحروقات الدسمة والغازية لمكافحة الحريق المتفجِّرة، وشاحنات وصهاريج المياه
كما يجب توفير المُخطَّطات، وهي وسيلةٌ لجمع معلومات عن الطوارئ والكوارث، وتوثيق وتحليل ما بعد الحادث، وتُعْتَبر أساسًا لتدريب الداخلين في عمليَّة الإنقاذ فيما بعد.
دور مخططات الأمن والسلامة: يتلخَّص في إدارة الطوارئ، وتتمثَّل في أربع مراحل:
1- التأهُّب والاستعداد للحادث:
- وَضْع خطط الطوارئ: تطوير خطط استجابة للطوارئ تتضمَّن توجيهات واضحة حول ما يجب القيام به في حالات الطوارئ المختلفة.
- تدريب الطواقم: تنظيم تدريبات دوريَّة للفرق المسؤولة عن الاستجابة للطوارئ لضمان جاهزيَّتهم للتعامل مع أي حادث.
- التواصل والمعلومات: تجهيز وسائل اتِّصال فعَّالة لضمان التواصل السريع والواضح بين الأفراد والفِرَقِ المعنيَّة خلال الطوارئ.
2- تقليل تأثير الحادث على الإنتاج والسلامة:
- تنفيذ خطط الطوارئ: تفعيل خطط الطوارئ، والاستجابة السَّريعة للحوادث فور وقوعها.
- إجراءات الإخلاء والإنقاذ: تنفيذ عمليَّات الإخلاء والإنقاذ بشكلٍ آمنٍ وسريعٍ لضمان سلامة الأفراد.
- التنسيق مع الجهات المختصَّة: التعاون مع خدمات الطوارئ؛ مثل: الشرطة، والإسعاف، والإطفاء لتقديم الدعم والمساعدة.
3- معالجة الآثار الناجمة عن الحادث:
- إصلاح المُعدَّات والمرافق: إصلاح أو استبدال المُعدَّات والمرافق التي تضرَّرت لضمان استعادة العمليَّات الطبيعية بأمانٍ.
- الصيانة الوقائية: تنفيذ عمليات صيانة وقائيَّة لمنع تكرار الحوادث مستقبلًا.
- الدعم الطبي والنفسي:
- تقديم الرعاية الصحيَّة: تقديم العلاج الطبي الفوري للمصابين، ومتابعة الرعاية الصحية اللازمة.
- الدعم النفسي: توفير الدعم النفسي والمشورة للمتضررين من الحادث، بما في ذلك العاملين والشهود وعائلات المصابين.
- التحقيق في أسباب الحادث: إجراء تحقيق شامل لتحديد الأسباب الجذرية للحادث.
- تحليل النتائج: تحليل نتائج التحقيق لتحديد الأخطاء أو الفجوات في السياسات والإجراءات.
- معالجة التعويضات: التعامل مع تعويضات المتضررين؛ سواء كانوا موظفين، أو عملاء، أو أفرادًا آخرين، ويشمل ذلك: دَفْع التعويضات المناسبة للعلاج الطبي، أو الإصلاحات، أو الخسائر الأخرى.
- التنسيق مع شركات التأمين: التعاون مع شركات التأمين لتقديم المطالبات، والحصول على التعويضات الماليَّة المناسبة.
- إجراءات التَّنظيف والاستعادة: في حالة الحوادث البيئيَّة (مثل: التسريبات الكيميائيَّة)، يجب تنفيذ عمليات تنظيف فوريَّة، واستعادة البيئة المتضررة.
- إعادة التأهيل البيئي: تنفيذ برامج إعادة التأهيل البيئي للتخفيف من الأضرار طويلة الأمد.
إنَّ معالجة الآثار الناجمة عن الحوادث تتطلَّب تنسيقًا وجهودًا مشتركة من مختلف الأطراف المَعنيَّة لضمان تعافـي المؤسسة والمجتمع المتضرر بأفضل صورة ممكنة.
4- التعافـي وإعادة بناء المنشأة:
- استعادة العمليات: إعادة تشغيل العمليات، وإعادة المنشأة إلى حالتها الطبيعية بأسرع وقتٍ ممكن.
- تقييم الأضرار: تقييم الخسائر والأضرار التي لحقت بالمنشأة أو الأفراد، وتحديد الإجراءات اللَّازمة للإصلاح.
- مراجعة وتحسين الخطط: مراجعة وتحليل أداء خطط الطوارئ، والتحقُّق من فعاليتها، ثمَّ تعديل وتحسين الخطط بناءً على الدروس المستفادة لضمان تحسين الاستجابة المستقبلية.
وكلُّ مرحلة من هذه المراحل تتكامل مع الأخرى لضمان قدرة المنشآت على التعامل مع الطوارئ بشكلٍ فعالٍ، وتقليل الأضرار والخسائر، وتعزيز سلامة الأفراد والممتلكات.
وفي الختام،
تلعب مخططات الأمن والسلامة دورًا حيويًّا في الحفاظ على سلامة الأفراد، وحماية الممتلكات، ومن خلال تطبيق المراحل الأربع لإدارة الطوارئ (الوقاية، والتأهُّب، والاستجابة، والتعافـي)، يمكن للمؤسسات والأفراد تقليل المخاطر، والتعامل بفعالية مع الأزمات عند حدوثها.. إنَّ الاستثمار في التخطيط والتدريب المناسبين، بالإضافة إلى الالتزام بالإجراءات الوقائيَّة، يُعزِّز من قدرة المجتمع على الصمود والانتعاش بعد الأزمات، كما أنَّ الالتزام الدائم بتحديث وتطوير هذه المخططات يعكس حرصنا على خَلْق بيئةٍ آمنةٍ ومستدامةٍ للجميع.