نحو عالم أكثر أمانًا وسلامةً
تُلْقي الحرب على فلسطين بظلالها القاتمة على قطاعات السلامة كافَّة، مُخلِّفةً وراءها دمارًا هائلًا، وخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وتشمل تأثيراتها السلبيَّة مختلف جوانب الحياة، بدءًا من الأمن الشخصيِّ للإنسان وسلامته، وسلامة أسرته، وسلامة البنية التحتيَّة، وأبجديات الحياة، وصولًا إلى الصحة العامَّة والبيئة من حوله.
فنتابع جميعًا ما يحدث وقلوبنا يعتصرها الألم، خصوصًا عند تذكُّر الشِّعارات التي دائمًا ما كان ينادي بها العالَم بالمحافظة على البيئة، والمناخ، وقضايا التغيُّرات المناخية، وتأثير كلِّ هذه التغيُّرات على العالَم أجمع، لكن دون ربطٍ بين ما يحدث حاليًا في غزة، وما يسعى له العالَم من ادِّعاءات كاذبة لحفظ الأمن والسلامة في العالَم.
فالحرب على غزَّة لم تؤثر فقط على سلامة الأفراد والمنشآت، بل أثَّرت أيضًا على تلوُّث الهواء والماء والتربة بعد استخدام الأسلحة الكيميائيَّة والبيولوجيَّة؛ ممَّا أدَّى إلى ضرر بالغ بالنُّظم البيئية كافَّة، خصوصًا مع عدم التفريق بين مكانٍ عامٍّ، ومكانٍ سكنيٍّ، ومكانٍ زراعيٍّ، ونَتَج عن ذلك حرق الكثير من الأشجار والمساحات الخضراء، وفقدان التنوُّع البيولوجي.
وقد استهلكت الحرب الكثير من الموارد نَتجَ عنه أضرار بيئيَّة كبيرة، شملت تكلفة العمليات العسكرية البيئية، وتدمير البنية التحتية، والاضطرابات الناجمة عنها في مشاريع وسياسات الطاقة الخضراء، وهي جوانب لا يمكن تجاهلها عند النظر في التأثير الأوسع للحروب.
وبعد استهداف المنشآت الحيويَّة؛ كالمحطات الكهربائيَّة، ومحطات المياه، وشبكات الاتصالات، وحتى المستشفيات والأماكن التي تُقدِّم الرعاية الصحية- زادت مُعَاناة الأفراد، وأدَّى ذلك إلى عدم وجود حياة آدميَّة تَضْمن للفرد سلامته وحقَّه الكامل في الرعاية والغذاء.
ومع انتشار المُخلَّفات الخطرة أثر استخدام المواد الكيميائيَّة والسامَّة والمحرَّمة دوليًّا، نَتَج عن ذلك خطرٌ واضحٌ على البيئة والصحة العامَّة، وانتشار الأمراض المُعْدية، وسوء التغذية، خاصَّة مع مَنْع ووَقْف ومحاربة الرِّعاية الصحيَّة، وعدم توافر المياه التي هي أساس الحياة والدواء، والإغاثات الإنسانيَّة.
وخلَّفت الحرب آثارًا نفسيةً عميقةً، وبثَّت الرعب والهلع في المدنيين؛ ممَّا قد يحتاج إلى سنوات لعلاجه.
وأيضًا نَتَج عن تهجير العديد من الأفراد إلى مواطن جديدة أثر الحرب- عددٌ من الآثار السلبية؛ منها: إزالة العديد من الغابات، وما يترتَّب على ذلك من مشاكل أخرى؛ مثل: تآكل التُّربة، بالإضافة إلى تلوُّث الماء والأرض بسبب النُّفايات البشريَّة، كما قد تلجأ الجيوش إلى استخدام بعض أدوات الحروب غير الشرعيَّة؛ مثل: مبيدات الأعشاب؛ ممَّا يتسبَّب في مشاكل بيئيَّة قد تحتاج بعدها المناطق المستهدفة إلى عقود طويلة حتى تعود إلى طبيعتها.
ومع محاولات العالَم في توفير والرغبة في الحصول على النفط والغاز والمعادن، نجد أنَّ الحرب قد أثَّرت بشكل كبير جدًّا على الاستدامة البيئيَّة مع كثرة إهدار هذه الموارد في الحروب.
ولا يَسعُنا أبدًا ذِكْر مُعَاناة شهداء الواجب، ورجال الإسعاف والطواقم الطبيَّة، والدفاع المدني، ورجال الحرائق والإطفاء، ودَوْرهم في هذه الحرب، فهم الحصنُ والجنودُ الذين يضحُّون بحياتهم دفاعًا عن أرضهم وإخوانهم، ويُحَاولون جاهدين الحفاظ على الأرواح، وإنقاذها من الموت والدمار، والحفاظ على الأرض والوطن.
فاللَّهمَّ إنَّا نسألك السلامة لكل قطاعات السلامة في فلسطين وغزة، وغيرهم من الدول العربية المحتلة، والتي تعانـي من الحروب الخارجيَّة، والصِّراعات المُسلَّحة الداخلية التي لا تثمر إلا عن دمارٍ وخرابٍ للإنسان والبيئة، وإعاقةٍ لتحقيق السلامة والتنمية المستدامة في العالم أجمع.