مقدمة:
البيانات هي أفضلُ أداة لدينا لتقليل المخاطر في مكان العمل، وفي هذا المقال نُلْقي نظرةً على نوع مهمٍّ من بيانات السلامة يُسمَّى: (المؤشرات الرائدة)، أو (التحليلات التنبُّؤية لتحسين مستوى السلامة في مكان العمل)، والكلمة التي ينبغي التَّركيز عليها فيما ذكرناه حتى الآن هي: (تنبُّؤية)، فيمكن أن تؤدِّي مراقبة هذه المؤشرات الرائدة إلى منع الحوادث قبل وقوعها.
أنواع بيانات السلامة، وكيفيَّة استخدامها:
يمكن تصنيف مؤشرات الأداء الرَّئيسة للسلامة في واحدة من فئتين:
- المؤشرات الرائدة الَّتي تعمل بشكل استباقي، وتساعد على مَنْع أحداث ومشكلات السَّلامة في المستقبل.
- المؤشرات المتأخرة الَّتي تساعد في تحديد شيءٍ ما قد حدث بالفعل (الحوادث والإصابات).
والمؤشرات الرائدة هي تدابير استباقية ووقائيَّة وتنبُّؤية تُوفِّر معلومات حول الأداء الفعَّال لأنشطة السلامة والصحَّة الخاصَّة بك، وتستخدم لقياس الأحداث التي تؤدِّي إلى الإصابات والأمراض والحوادث الأخرى، وللكشف عن المشاكل المحتملة في برنامج السلامة والصحة الخاص بك. وفي المقابل تقيس المؤشرات المتأخرة حدوث وتواتر الأحداث التي حدثت في الماضي؛ مثل: عدد أو معدل الإصابات والأمراض والوفيات.
وبعبارةٍ أخرى، المؤشرات الرائدة تُقدِّم إشارات تنبُّؤية (قبل وقوع الأحداث)، والمؤشرات المتأخرة تُصْدر إشارات تستند إلى توجهٍ جارٍ بالفعل، أو أحداث قد انتهت، بينما يمكن أن تُنبِّهك المؤشرات المتأخرة إلى وجود فشلٍ في مجال برنامج السلامة والصحة الخاص بك، أو إلى وجود خطر، وتسمح لك المؤشرات الرائدة باتخاذ إجراءات وقائيَّة لمعالجة هذا الفشل أو الخطر قبل أن يتحوَّل إلى حادث.
وعلى سبيل المثال: قد يكون أحد المؤشرات الرئيسة الجيدة هو مقدار الوقت المستغرق للاستجابة لتقرير مخاطر السلامة، وقد يشير انخفاض وقت الاستجابة إلى زيادة الوعي بالسلامة، والتزام المديرين بالسلامة في مكان العمل. وعلى العكس من ذلك: يمكن أن تشير الزيادة في وقت الاستجابة إلى عدم وجود مخاوف من الإدارة؛ ممَّا قد يعني أن المخاطر من المرجح أن تظلَّ خارج نطاق السيطرة، ومن المُرجَّح أن تحدث الحوادث، علاوةً على ذلك: قد يقرر العمال التوقُّف عن الإبلاغ عن المخاطر إذا شعروا أنَّ الإدارة لا تستجيب لمخاوفهم، ويمكن أن يؤثر هذا على الرُّوح المعنويَّة؛ ممَّا قد يكون له آثار سلبية واسعة على مكان العمل.
مميزات استخدام المؤشرات الرائدة:
يمكن أن تلعب المؤشرات الرائدة دورًا حيويًّا في مَنْع وفيات العمال وإصاباتهم وأمراضهم، فضلًا عن تعزيز نتائج السلامة والصحَّة في مكان العمل، وأصحابُ العمل الذين يستخدمون المؤشرات الرائدة كأداةٍ لتحقيق هذه الأهداف لديهم مَيْزة كبيرة على منافسيهم، ومن خلال اتِّخاذ إجراءات مدروسة يمكن أن تمنع الوفيات والإصابات والأمراض، ويُظْهر أصحاب العمل التزامهم بالحفاظ على مكان عمل مسؤول اجتماعيًّا يقدِّر العمال، ومن خلال تعزيز العناصر الرئيسة لبرامج السلامة والصحة الخاصة بهم، يمكنهم أيضًا تحسين أدائهم التنظيمي العام.
تصنيف المؤشرات الرائدة:
وعلى الرغم من وجود العديد من المؤشرات الرائدة المُحدَّدة التي يمكن جمعها، إلا أنه من الأسهل تصنيفها إلى أداء وظيفي محدد، كما هو موضح أدناه:
- المراقبة القائمة على (السلوكيات/البيئة): يمكن تعريف ذلك على أنه مثالٌ محدد لسلوك أو حالة يمكن تقييمها لتحديد مخاطر الإصابة، ويمكن أن تشتمل الأمثلة على المؤشرات الرئيسة (عمليات المراقبة الآمنة، والملاحظات غير الآمنة، والمشاركة).
- القاعدة التشغيليَّة: يمكن تعريف ذلك على أنَّه مؤشرات تتعلَّق بعمل البنية التحتية للمؤسسة، ويمكن أن تشمل الأمثلة تأثيرات الجدول الزمني/الإنتاجية، وتقييمات المخاطر، وتخفيف المخاطر من خلال تحسين التسلسل الهرمي للضوابط، والصيانة الوقائيَّة، وجهود التدريب، وإغلاق قضايا السلامة المفتوحة في الوقت المناسب.
- النُّظم القائمة: يمكن تعريفها على أنَّها مؤشرات تتعلَّق بإدارة نظام السلامة، ويمكن أن تشمل الأمثلة جهود الالتزام الإداري، والجوانب النفسيَّة والاجتماعيَّة (على سبيل المثال: العلاقات الشخصيَّة، والخوف والتوتر، والثقافة والتصميم).
مؤشرات رائدة تعتمد على البيانات التي نقوم بجمعها بالفعل:
إذا كنَّا قد بدأنا للتَّوِّ في استخدام المؤشرات الرائدة، فقد نجد أنه من الأسهل التعامل مع البيانات التي تجمعها بالفعل؛ سواء كانت البيانات التي يمكن أن تُحسِّن أحد عناصر برنامج السلامة والصحة، أو البيانات التي يمكن أن تساعد في معالجة أحد المخاطر، أو تحقيق بعض نتائج أخرى تتعلَّق بالسلامة أو الصحة، ويوضِّح المثال التالي كيف يمكنك تحويل هذه البيانات إلى مؤشر رائد للمساعدة في تحقيق أي من هذه الأهداف.
الخطوة (1): اختر المؤشر الرائد:
كل ثلاثة أشهر، تتأكَّد من أنك قد قدَّمت تدريبًا إلزاميًّا لتجديد معلومات السلامة لعمالك، ومع ذلك لاحظتَ في الماضي أن بعض العاملين لديك لم يحضروا هذه التدريبات؛ ونظرًا لأنك تتابع بالفعل مَنْ يحضر التدريب، وتريد التأكُّد من توفير التدريب المناسب لعمالك، فإنك تُقرِّر أن هذه قد تكون بيانات جيِّدة لتحويلها إلى مؤشر رائد؛ لذلك تُحدِّد المؤشر الرائد الخاص بك على أنه النسبة المئويَّة للعاملين الذين يَتلقَّوْن تدريبًا تنشيطيًّا ربع سنويًّا.
الخطوة (2): حدد هدفًا:
في هذا المثال: المؤشر الرائد الخاص بك هو النسبة المئويَّة للعمال الذين يَتلقَّوْن تدريبًا تنشيطيًّا، وهدفك هو إكمال (100%) من العاملين لديك للتدريب التنشيطي بحلول نهاية كل ربع سنة.
الخطوة (3): ابدأ في استخدام المؤشرات الرائدة:
- اجمع البيانات:
لجمع البيانات، قد تُقرِّر مراجعة ورقة الحضور التي يستخدمها العمال لتسجيل الدخول قبل بدء التدريب.
- قُمْ بشكل دوري بقياس التقدُّم نحو هدفك، واتِّخاذ الإجراءات اللازمة إذا لم تُحقِّقه:
احسب عدد العمال الذين حضروا التدريب التنشيطيَّ في كل ربع سنة، وإذا لم يحضر بعض العمال التدريب، اكتشف السبب، وحاول معالجة المشكلة.
الخطوة (4): أَعِدْ تقييم هدفك ومؤشرك بشكل دوريٍّ:
تحقَّق ممَّا إذا كنتَ تستوفي معدل الحضور بنسبة (100%).
وفيما يلي ثلاثة سيناريوهات يمكن أن تظهر بعد أن تبدأ في تتبُّع هذا المؤشر الرائد، ويعرض كلُّ سيناريو نوع الأفكار التي يمكنك الحصول عليها، والإجراءات التي يمكنك اتِّخاذها بمجرد البدء في استخدام المؤشر الرائد.
- السيناريو الأول: لقد راجعتَ ورقة الحضور من الربع الأخير، وقد حضر (70%) من العمال التدريب التنشيطي الإلزامي – جيد، لكن أقل من هدفك، وهو (100%)، وبعد مناقشة هذا الأمر مع العاملين لديك، علمتَ أن بعضهم لم يحضر؛ لأنهم كانوا خارج العمل في ذلك اليوم، وبالنسبة للجلسات المستقبليَّة، عليك التأكُّد من جدولة جلسات التدريب، والاستمرار في تتبُّع المؤشر الرائد الخاص بك.
- السيناريو الثانـي: لقد راجعتَ ورقة الحضور من الربع الأخير، وهناك تحسُّن في عدد العاملين الذين حضروا التدريب التنشيطي عن الربع السابق، لكنك لم تُحقِّق هدفك بنسبة (100%)، وبعد مناقشة هذا الأمر مع العاملين لديك، علمتَ أنَّ بعضهم قد ترك العمل بالفعل في الوقت الذي تمَّ فيه تحديد موعد التدريب، وأنت تُذكِّر العاملين لديك بأنَّ التدريب إلزامي، وتُوجِّههم لإخطار المشرف إذا لم يتمكَّنوا من الحضور، وأنت تستمرُّ في تتبُّع المؤشر الرائد الخاص بك.
- السيناريو الثالث: لقد راجعتَ ورقة الحضور من الربع الأخير، وكانت نسبة العمال الذين حضروا التدريب التنشيطي (100%)، وعليك أن تُقرِّر ما إذا كنتَ ستستمر في تتبُّع الحضور كل ربع سنة بعد أن أصبح أمرًا روتينيًّا (أو ضَعْ في اعتبارك تقليل تكرار التعقُّب إلى كل رُبْعين)، ثم ابدأ في تطوير وتتبُّع مؤشرٍ رئيسٍ جديدٍ للبيانات الأخرى التي تجمعها بالفعل.