تُعتَبر المنشآت أحدى المُكوِّنات الأساسيَّة لتكوُّن الدول ونموها، واستدامة تدفُّق العمليات التنمويَّة الاقتصادية، اهتمَّت المؤسسات المشرفة على منظومة تصنيف المخاطر إلى فئات متعددة؛ أبرزها:
(الخطورة الحالَّة)، والتي يُقصَد بها: «أي فِعْلٍ تترتَّب عليه الأضرار في الأرواح، أو الممتلكات، أو البيئة بشكلٍ مخالفٍ للقواعد الفنية والنِّظامية أثناء ممارسة الأعمال والنشاطات التِّجارية والاقتصادية والصناعية والتنمويَّة في المنشآت والحِرَفِ».
وتعتمد عمليات تصنيف الخطورة الحالَّة على ضعف القدرة البشريَّة على التعامل مع تَبِعَات الأفعال الناتجة عن سوء التخزين، أو التداول، أو التصنيع للمواد ذات الخطورة العالية في بيئة تشغيلية رديئة تُعزِّز الخطر بالمكان، أو ضعف التَّقييد بضوابط الإنتاج الصِّناعي المرتبط بالمنشآت والحِرَف ذات الإشعاع الحراري المرتفع، والذي يؤثر على تفاعلاتٍ خطيرةٍ داخل المكونات التشغيلية للمنشأة.
مؤشرات تصنيف الحالَّة في المنشآت والحِرَفِ:
- ارتفاع مستويات الإشعاع الحراري: تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على بيئة العمل، وذلك ممَّا يرفع معدل الإجهاد الحراري لدى العاملين، ويُهدِّد سلامتهم؛ لذا تهتمُّ المؤسسات والإدارات التي تُشْرف على منظومة السلامة والحد من المخاطر في متابعة المتوسط الحراري بما يُحقِّق الراحة الحرارية للعاملين.
- إدارة العمليات التشغيليَّة: يتسبَّب الإهمال في العمليات التشغيلية للمنشآت والحِرَف، واتباع التعليمات الفنية لعمليات التشغيل في زيادة مستوى المخاطر التي تُؤثِّر على المنشآت والحِرَفِ والعاملين فيها، والإخلال في المنظومة المتكاملة لسلامة بيئة العمل.
- الضغط المرتفع: يُسْهم الضغط المرتفع في تغيير الخصائص الكيميائيَّة والفيزيائيَّة للبيئة المكانيَّة، والتي تتطلَّب تفريغ الضغط بشكلٍ مستمرٍّ؛ ممَّا يُسْهم في توفير بيئة خصبة لعمليات انفجار المواد الخطرة في المنشآت.
- الرطوبة العالية: ينتج عن عمليَّات التشغيل والأنشطة في المنشآت والحِرَفِ: ارتفاع مستويات الرُّطوبة، والتي تُؤثِّر على حياة العاملين، وتُؤثِّر على الإجهاد الجسماني لهم، وبالتالي تأخير العمليات الإنتاجية.
- التخلُّص من النُّفايات الخطرة بطريقة غير آمنة: غالبًا ما تُسْهم المنشآت الاقتصادية في تخفيض تكاليف العمليات التشغيلية، وتُهْمل في التخلُّص من المخلفات الخطرة بطرق غير آمنة ممَّا ينعكس على أدائهم.
- عدم ارتداء مُعدَّات السلامة الشخصيَّة: تُعتَبر مُعدَّات السلامة الشخصية إحدى الوسائل الأساسيَّة في تعزيز منظومة السلامة، وتخفيض مستويات الخطورة المؤثرة على العاملين؛ لذا يتوجَّب على أصحاب المنشآت التِّجارية والاقتصادية والصناعية توفير متطلبات السلامة العامة كافَّة.
إذن، (الخطورة الحالَّة): «هي الأفعال والسلوكيات التي تعمل على تحوُّل الحوادث المُتوقَّعة إلى مُتحقِّقة، وتُسْهم في خسائر بشرية ومادية تهدد كيان المنشأة، وتوقف عملها، وخاصةً في المنشآت التي تنتشر فيها المواد الكيميائية الخطرة».
وقد عكفت الجهات الحكوميَّة على تعزيز أنظمة الرقابة والتفتيش المستمر، وفرض العقوبات التي تُسْهم في الحدِّ من الأضرار والخسائر المُؤثِّرة على المنشأة، أو البيئة المحيطة بها.
لذا، تُقَاس تأثيرات الخطورة الحالَّة بِناءً على طبيعة النشاطات الداخلية للمنشأة:
- خسائر مادية تهدد البيئة المحيطة بالمنشأة.
- تسرُّب مواد خطرة على السكان والتجمعات الحضرية المحيطة؛ ممَّا يُهدِّد بزيادة مُعدَّلات المخاطر المستقبلية؛ كالأمراض السرطانيَّة.
- إصابات بشريَّة مباشرة عند وقوع حالة الخطر.
- توقُّف القوة الاقتصادية للمنشآت التي ترتفع فيها المخاطر الحَالَّة.
- خسائر في الأصول والممتلكات.
- تضرُّر بيئة العمل، وتوقُّف العاملين عن العمل بسبب الخطر الذي أثَّر بشكل مباشر على قوة المنشأة.
لذا، لا بدَّ من العمل على التخطيط الجيد للسلامة التشغيلية في المنشآت والحِرَف التي تنتشر فيها المخاطر والمهددات، ومَنْع وصولها لأعلى مستويات تُنْذر بوقوع حوادث تتسبَّب في أضرار وخسائر في بيئة العمل، أو الأماكن المحيطة بها، وقد تهتمُّ مؤسسات السلامة والوقاية بالعمل على صناعة فرص السلامة العامَّة بالمنشآت من خلال الرقابة عليها، ومتابعتها بشكلٍ دوريٍّ، والتدريب المستمر للعاملين على اتخاذ آليَّات واضحة لسلامة العمليات التشغيلية بما يُسْهم في تحقيق جودة أفضل للعمل.
وسوف نستكمل في المقالة القادمة باقي سلسلة المقالات الخاصة بالمنشآت والحِرَف الخطرة.