سلامة الطُّرق تُعَدُّ من أهمِّ قضايا السلامة عالميًّا، حيث تفيد تقارير منظمة الصحة العالمية بأن حوادث المرور تتسبَّب في وفاة أكثر من مليون شخص سنويًّا، وتُسْفر عن إصابات خطيرة لِمَا يتراوح بين (20-50 مليون شخص)؛ ممَّا يشكل عبئًا كبيرًا على الأفراد والمجتمعات.
في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من التحسينات المستمرَّة في البُـنْية التحتيَّة، والسلامة المرورية، لا تزال الحوادث المرورية تُمثِّل تَحدِّيًا كبيرًا، حيث تُسجِّل البلاد حوالي (37,000 وفاة) سنويًّا على مدار العقد الماضي، وهذه الأرقام تُؤكِّد ضرورة تعزيز تدابير السلامة الوقائيَّة لضمان سلامة جميع مستخدمي الطرق، بما يشمل السائقين، والرُّكاب، والمشاة، وراكبي الدرَّاجات.
ما السلامة؟ وسلامة الطرق؟
(السلامة) تُعرَّف بأنها: «غياب المخاطر أو تقليلها إلى الحدِّ الأدنى»، وتهدف إلى خَلْق بيئة آمنة خالية من التهديدات التي تؤثر على حياة الأفراد.

أمَّا (سلامة الطرق)، فتُعرَّف بأنها: «القدرة على التنقُّل بحريَّة وأمان دون التعرُّض لإصابات أو وفيات»، والنِّظام المثالي للطرق هو الذي يحدُّ من الحوادث تمامًا، وهو ما تسعى إليه مبادرات السلامة؛ مثل: «رؤية صفر وفيات»، والهدف من سلامة الطرق هو توفير بيئة نَقْل آمنة تُقلِّل الحوادث، وتحمي الأرواح باستخدام المعرفة، والتكنولوجيا، وتصميم الطرق بطريقة فعَّالة.
السلامة الاسميَّة والموضوعيَّة:
السلامة الاسمية)، أو ما يُعرَف بـ Nominal Safety، تشير إلى مدى التزام تصميم الطرق بمعايير السلامة الهندسية، والمواصفات الفنية المعتمدة؛ مثل: (عرض الطريق، منحنيات الانعطاف، وإشارات المرور)، وتُعْتَبر الطرق التي تفي بمعايير السلامة آمنةً من الناحية الاسمية، لكنها قد تكون عُرْضةً للحوادث بسبب عوامل أخرى؛ مثل: سلوك السائقين، أو الظروف الجويَّة.
ما (السلامة الموضوعية)،أو Substantive Safety، فتعتمد على الأداء الفعلي للطريق، ومعدلات الحوادث، والطرقُ التي تُظْهر معدلات حوادث منخفضة بناءً على بيانات تاريخية تُعتَبر آمنةً من الناحية الموضوعية، حتى إذا لم تتطابق تمامًا مع معايير السلامة الهندسية الاسميَّة.
ويمكن أن تكون الطرق آمنةً اسميًّا، ولكنها غير آمنةٍ موضوعيًّا إذا كانت معدلات الحوادث فيها مرتفعةً، والعكس صحيح، والجمع بين السلامة الاسميَّة والموضوعيَّة يُتِيحُ تقديم فَهْم أكثر شمولية لمستوى الأمان على الطرق.
أركان السلامة الثلاثة:
تشمل أركان السلامة الثلاثة: (الطريق، والسائق، والمَرْكبة).
- (الطريق): يُمثِّل البُنْية الأساسية التي تعتمد عليها سلامة جميع المستخدمين، ويشمل: تصميم الطريق وصيانته لضمان السلامة والأمان؛ مثل: توفير إشارات مروريَّة واضحة ومحدثة، وإضاءة كافية لتحسين الرُّؤية الليليَّة، واستخدام مواد مقاومة للانزلاق.
- (السائق): يُمثِّل العنصر البشري في نظام الطرق، ويشمل دوره: الالتزام بقوانين السلامة المروريَّة، والقيادة بحذرٍ، والانتباه الكامل للطريق، والالتزام بالسرعات المسموح بها.
- أما (المَرْكبة)، فتعتمد سلامتها على الصيانة الدورية لضمان كفاءة الأداء، واعتماد أنظمة سلامة حديثة؛ مثل: الفرامل المضادَّة للانزلاق (ABS)، وتزويدها بأجهزة إنذارٍ عند الاصطدام.
مستخدمو الطريق واحتياجاتهم:
مستخدمو الطريق؛ مثل: (السائقين، والمشاة، وراكبي الدرَّاجات، وذوي الاحتياجات الخاصة). ويحتاج السائقون إلى طرق واضحة ومُجهَّزة بإشارات دقيقة، ويعتمد المشاة على ممرَّات مخصصة، وإشارات ضوئيَّة تُسهِّل العبور بسلام، ويجب تخصيص مسارات منفصلة لراكبي الدرَّاجات لتقليل التداخل مع المَرْكبات، أمَّا ذوو الاحتياجات الخاصة، فتتطلَّب الطرق تجهيزات بمعايير سلامة خاصة تشمل منحدرات، وإشارات صوتيَّة؛ لضمان سلامتهم.
الخاتمة:
تُمثِّل أركان السلامة الثلاثة: (الوقاية، والجاهزيَّة، والاستجابة)، حجر الأساس في بناء مجتمعات آمنة ومستدامة، ومن خلال الالتزام بتلك الأركان، يمكن تقليل المخاطر المحتملة، وتعزيز القدرة على مواجهة الحوادث والكوارث بفعالية. والسلامة ليست مجرَّد مسؤولية فردية، بل هي جهد مشترك يتطلَّب تعاون الأفراد، والمنظمات، والهيئات الحكومية لضمان بيئة آمنة وصحيَّة للجميع.
أمَّا سلامة الطرق، فهي من أهمِّ مظاهر السلامة المجتمعيَّة، حيث تُسْهم في تقليل الحوادث المرورية التي تُعدُّ من أكبـر التحديات التي تواجه البشرية، وعَبْر الالتزام بقوانين المرور، ونَشْر الوعي بأهمية القيادة الآمنة، وتعزيز البُنْية التحتية للطرق، يمكن تحقيق مستويات أعلى من الأمان، وإنقاذ الأرواح، وضمان بيئة مرورية أكثر سلامة للجميع.
إنَّ سلامة الطرق مسؤوليَّة مشتركة بين الجهات الحكومية والمجتمع، ومن خلال تصميم الطرق بشكل صحيح، والصيانة المستمرَّة، وتوعية المستخدمين، يمكن تحقيق بيئة نَقْل آمنة تُقلِّل من الحوادث، وتحمي سلامة الأرواح.
وفي النهاية، السلامة بمفهومها الشامل هي مفتاحٌ لحياة أفضل، وواجبٌ يتحتَّم على الجميع الالتزام به لتحقيق التنمية المستدامة، وسلامة الأرواح والممتلكات.