مقدمة:
الابتكار التكنولوجي في المعالجة هو أحد الرَّكائز الأساسيَّة التي يتوقَّف عليها تحسين كفاءة وربحيَّة صناعة الأغذية، ومن بين التقنيات التي تمَّت دراستها في السَّنوات الأخيرة يتمتَّع (ليزر ثاني أكسيد الكربون) بقدرةٍ رائعةٍ على تحويل إنتاج الغذاء في المستقبل.
ومن خلال معالجة الطاقة المُشعَّة لشعاع (ليزر ثاني أكسيد الكربون)، يتمُّ إنتاج تأثيرات كيميائيَّة ضوئيَّة وحراريَّة وميكانيكيَّة تغسل الطعام، وتُطهِّره وتُقطِّعه دون ملامسته، وتجعل الدقَّة الزَّمنية والمكانية لليزر من الممكن تركيز طاقة اللِّيزر في بقعةٍ صغيرةٍ، واتِّباع أنماطٍ مُعقَّدةٍ دون التأثير بشكلٍ مُفْرطٍ على المواد الغذائية القريبة.
هذا مهمٌّ بشكلٍ خاصٍّ في العديد من العمليَّات الميكانيكيَّة والحراريَّة على سبيل المثال: تمَّ اقتراح تعطيل الكائنات الحيَّة الدقيقة على الأسطح الملامسة للأغذية. ويمكن استخدامه أيضًا للقطع غير الملامس، وتجنُّب مشاكل التلوُّث الفيزيائيَّة والكيميائيَّة والميكرو بيولوجيَّة للأنظمة الأخرى؛ مثل: الشفرات، أو نفاثات الماء، أو لتعليم الطعام، واستبدال الملصقات الورقيَّة/ البلاستيكيَّة والأحبار.
(ليزر ثاني أكسيد الكربون)؛ الخصائص والتأثيرات:
يتكوَّن الليزر من نظام إمدادٍ بالطاقة يعمل على تنشيط جزيئات وسيطة إلى حالة الإثارة؛ ممَّا ينتج عنه الضوء، ويتمُّ تضخيم هذا الضوء في تجويفٍ بصريٍّ مُقيَّدٍ بمرآتين؛ إحداهما: شفَّافة جزئيًّا تسمح بمرور حزمة ليزر متماسكة واتجاهيَّة، والَّتي يمكن أن تُركِّز على المادَّة المستهدفة بدقَّة زمنية ومكانية بواسطة نظام عدسة يتحكَّم فيه برنامجٌ.
أُعْطِيَ (ليزر ثاني أكسيد الكربون) (CO 2 ) اسمها؛ لأنَّها تستخدم ثاني أكسيد الكربون كمُكوِّنٍ رئيسٍ للوسط؛ ممَّا ينبعث منها شعاع ليزر بأطوال موجيَّة متوسِّطة تحت الحمراء (عادةً 10600 نانومتر)، وتنتقل الأطوال الموجيَّة للأشعَّة تحت الحمراء دون فَقْدٍ في الغلاف الجوي تقريبًا، علاوةً على ذلك، يمكن أن يمتصَّها الماء بشكلٍ فعَّال، وهو المُكوِّن الرئيس للأطعمة، وبالتالي من المحتمل أن يكون كلاهما من الأسباب الرَّئيسة للاهتمام الذي يلقاه (ليزر ثاني أكسيد الكربون) في معالجة الأغذية.
ومن خلال تعديل الطَّاقة المُشعَّة لشعاع (ليزر ثاني أكسيد الكربون)، يتمُّ إنتاج التأثيرات الكيميائيَّة الضوئيَّة والحراريَّة والميكانيكيَّة تدريجيًّا في الطعام، فإذا كانت طاقة (ليزر ثاني أكسيد الكربون) منخفضةً، فإنَّ الليزر يزعج الروابط بين الذرَّات وبين الجزيئات فقط، وعند استخدام طاقة إشعاعيَّة أعلى، يتمُّ تحويل طاقة شعاع اللِّيزر إلى طاقةٍ حراريةٍ؛ ممَّا يؤدِّي إلى تسخين سطح الطعام (على عمق بضع ملليمترات) بطريقةٍ دقيقةٍ ومنضبطةٍ، ومن خلال زيادة الطاقة المُشعَّة يمكن إنتاج تأثيرات ميكانيكيَّة مباشرة على سطح الطعام؛ ممَّا يؤدي في النهاية إلى تشكيل فُوَّهة بركان على أساس ظاهرة التَّبخير والاستئصال.
ويمكن تكرار عمليَّة الاجتثاث في الطبقات السُّفلية من الطعام؛ ممَّا يُمكِّنها من التعمُّق فيها، أو الاستمرار في المناطق المجاورة باتباع نمطٍ مُعيَّنٍ، وبناءً على هذه التأثيرات يمكن استخدام (ليزر ثاني أكسيد الكربون) في مجموعةٍ واسعةٍ من التَّطبيقات الغذائيَّة، بما في ذلك إزالة التلوُّث الميكروبي، والطهي، ووضع العلامات، والقطع.
كيف ستفيد صناعة الغذاء؟
يمكن استخدام (ليزر ثاني أكسيد الكربون) في الأطعمة لعددٍ كبيرٍ من التَّطبيقات؛ مثل: الطَّهي/الشَّوي، ووضع العلامات، والتَّقطيع، والتقشير، أو لتعطيل الكائنات الحيَّة الدقيقة الموجودة على الأسطح الملامسة للأغذية.
ويُعتَبر تطبيق اللِّيزر الوحيد الذي تمَّ تصنيعه بالكامل، وانتشاره في سوق المواد الغذائيَّة للعمل المباشر على الطعام- هو الوَسْم بالليزر للفواكه والخضراوات، ومع ذلك، فإنَّ النتائج التي تمَّ الحصول عليها في التطبيقات الأخرى واعدةٌ، وهناك حاجةٌ إلى مزيدٍ من الجهود لتقديمها إلى السوق، وتوجد اليوم أنظمة (ليزر ثاني أكسيد الكربون) تتمتَّع بالقدرة والخصائص اللَّازمة لتصنيع معظم التطبيقات السابقة.
ولا يُتوقَّع حدوث مشكلاتٍ كبيرةٍ في التوسُّع، ومن المُتوقَّع أن يبدأ استخدامها الصِّناعي في الانتشار في السَّنوات القادمة، ومنذ استخدام (ليزر ثاني أكسيد الكربون) في القطاعات الصناعيَّة الأخرى، انخفضت تكلفتها بشكلٍ كبيرٍ في العقدين الماضيين، مع أخذ ذلك في الاعتبار، فإنَّ التكلفة الأرخص ستُسهِّل – بلا شكٍّ – تنفيذها في صناعة الأغذية، حيث تكون الهوامش أقل من قطاعات الإنتاج الأخرى.