تهدف السلامة إلى الحدِّ من الحوادث في المجال الصناعي، وتقليلها قدر الإمكان، وتقليل تكاليف إصابات العمل الناتجة عن الحوادث، وتوفير الحماية اللازمة لجميع عناصر الإنتاج، والتقليل من عوامل الخطر، وخاصة فيما يتعلَّق بالعنصر البشري، والحد من الإصابة بالأمراض المهنية، وتقليل فرص إصابات العمل وحوادثها، ومنع وقوع الحرائق ومكافحتها، والعمل على إيجاد عوامل الوقاية من ذلك.
لقد غيَّر عام 1970 تاريخ سلامة العمال وصحتهم بشكل عام، ودور مدير السلامة بشكل خاص، فقد كان التغيير التاريخي في ذلك العام هو إقرار قانون السلامة والصحة المهنية الذي أنشأ الإدارة الفيدرالية للسلامة والصحة المهنية OSHA، والتي مُنحت سلطة وَضْع معايير إلزامية من شأنها أن يكون لها تأثير كبير على دور مدير السلامة النموذجي في تلك الأوقات.
وقد عملت عدَّة مراكز وهيئات عالمية على وَضْع المعايير اللازمة والأنظمة الهادفة إلى الحدِّ من/ أو منع المخاطر والإصابات، وسلامة العمليات، ومنها المعهد الأمريكي للمهندسين الكيميائيين “ALCHE”، والذي اعتبر نظام «سلامة العمليات» من الاعتبارات الجوهريَّة والمهمَّة في مجال الهندسة الكيميائية؛ ممَّا أسهم في تكوين وإنشاء قسم (السلامة والصحة المهنية وسلامة العمليات) بالمعهد عام 1979.
كما أُنْشئ مركز سلامة العمليات الكيميائية “Center of Chemical Process Safety CCPS“، التابع للمعهد الأمريكي للمهندسين الكيميائيين في عام 1985 كتحالف صناعي لنَشْر وتطوير المعلومات الفنيَّة لاستخدامها في الوقاية من/ وتجنُّب الحوادث الكيميائية الكارثية، أو التخفيف من آثارها.
ومن جانبٍ آخر، ركَّزت الشركات الصناعية جهودها في مجال الوقاية من الحوادث على تحسين التكنولوجيا والعوامل البشرية، وفي منتصف الثمانينات، وفي أعقاب سلسلة الحوادث الكيميائية الخطيرة في جميع أنحاء العالم، بدأت الشركات والصناعات والحكومات في تحديد أنظمة الإدارة باعتبارها السبب الرئيس وراء هذه الحوادث، كما عملت الشركات الصناعية على تطوير السياسات، ونشر المعايير، وأصدرت الحكومات اللوائح التنظيمية بهدف تسريع اعتماد نهج أنظمة الإدارة لسلامة العمليات. وبدأ نهج جديد يتضمَّن توقُّع الحوادث الخطرة قبل وقوعها، كما أسهم الوعي المتزايد بمخاطر المنشآت الصناعية من قبل المجتمع والإدارات إلى حدٍّ كبير في تحسين معايير السلامة من خلال اتباع نهج متكامل.
ومن هنا جاءت أهمية وجود كيانات عربية متخصصة لنشر مفهوم السلامة، ولعلَّ (المعهد العربي لعلوم السلامة)، والذي يُعدُّ أحد أهم الهيئات العربية الوليدة، والمتخصصة في مجال السلامة، والذي يُعدُّ منصةً حواريةً يلتقي فيها الخبراء من الدول العربية كافَّة لتبادل الخبرات والآراء، ودراسات الحالة من خلال الدورات التدريبية المتخصصة في مجالات السلامة والصحة المهنية كافَّة والبيئة، ومن خلال عَقْد المؤتمرات السنوية، والتي يلتقي فيها لفيفٌ من الخبراء والمختصين العرب لتطوير وزيادة الوعي العربي، وتقديم الاستشارات الفنية من خلال اللجان الفنية المختصة.
د/ ياسر بغدادي
- خبير أول صناعات نفطية في منظمة (أوابك).
- مُمثِّل منظمة (الأوابك) في برنامج الأمم المتحدة للبيئة لإعداد اتفاقية دولية مُلْزمة للحد من النُّفايات البلاستيكية.
الجنسية/ مصري