مقدمة:
مواد التنظيف الفعَّالة هي العمود الفِقْري لأيِّ نظام تنظيف؛ سواء في المنزل، أو في بيئة تجارية، ومع ذلك فإنَّ استخدام مواد التنظيف بشكل صحيح أمرٌ بالغ الأهميَّة لتحقيق النظافة المُثْلى، وضمان السلامة، وتقليل المخاطر البيئيَّة. وتُعدُّ النظافة الصحية من أهمِّ العادات الَّتي من شأنها تقليل انتشار الأمراض المُعْدية، وتقليص الإنفاق على الرعاية الصحية، بل وتضمن وضعًا اجتماعيًّا جيدًا للأسرة في بعض السِّياقات، وتساعد الأفراد على المحافظة على الثِّقة بالنفس. وفي هذا المقال سنتعمَّق في الحقائق والنصائح حول استخدام مواد التنظيف بشكل صحيح لتحقيق بيئة نظيفة وآمنة، والآثار الجانبيَّة من استخدام مواد التنظيف، وكيفيَّة الحماية منها، والطرق الواجب اتِّباعها من أجل السلامة العامَّة.
الآثار الجانبيَّة لمواد التنظيف المنزلية:
تقضي ربَّات المنزل أكثر أوقاتهن في أعمال التنظيف الرُّوتينية، لكن المفارقة أنَّ تلك العادة اليومية

تتحوَّل أحيانًا إلى سبب خفيٍّ وراء معاناة طويلة الأمد مع أمراض الصدر والجلد، وغيرها من المشكلات الصحيَّة التي تتحوَّل معها رائحة النظافة إلى رائحة المرض. ويشير العديد من الأبحاث إلى ارتباط مجموعة بعينها من الأمراض للسيدات اللَّاتـي يقمن بتنظيف منازلهنَّ بأنفسهن، وهي ذاتها الأمراض الَّتي تطارد العاملات في المنازل، بل تتسبَّب لهنَّ بالمعاناة، وأحيانًا وفاة الكثير منهنَّ في صمت؛ مثل: مشاكل الصدر، ومشاكل الجلد؛ ومنها:
- أمراض الصدر:
مثل: السعال، والعطس، وضيق النفس، وكل مشاكل الصدر، والجيوب الأنفيَّة التي تعانـي منها نسبة ليست قليلة من السيدات، وهي ليست مُجرَّد مصادفة، فثمَّت علاقة وثيقة بين استخدام منتجات التنظيف وأمراض الجهاز التنفسي، لا سيَّما الربو، كما هذا هو ما أثبتته دراسة علميَّة ربطت بين زيادة استخدام بخَّاخات التنظيف، ومنتجات التنظيف عمومًا بما فيها من مُبيِّضات الكلور، والمُطهِّرات وغيرها بأعراض الجهاز التنفسي المزمنة، وتأتـي النِّساء على قائمة المتضرِّرين.
- حساسية الجلد:
في الوقت الذي لا يلتزم فيه أغلب ربَّات البيوت بارتداء القُفَّازات أثناء عملية التنظيف، تشير الدراسات إلى الآثار المؤذية لمنتجات التنظيف على الجلد بما فيها تلك المُخصَّصة لذوي البشرة الحسَّاسة، وربما لأنَّ منتجات التنظيف المستخدمة في المهام اليوميَّة للتنظيف تحتوي في الغالب على مواد مُهيِّجة للجلد؛ لذلك عادةً ما يكون التعرُّض للمشكلات الجلدية في نطاق اليدين.
- مشاكل العيون:
منتجات التنظيف في العموم ومنتجات تنظيف الأفران والصرف خصوصًا قد تكون سببًا في أضرار بالغة للعينين؛ نظرًا لارتفاع الأس الهيدروجيني بها، الأمر الذي يجعل الحروق الكيميائيَّة الناتجة عنها أكثر خطورةً، ويتضمَّن هذا ندبات القرنية، أو إعتام عدسة العين، وصولًا إلى الغلوكوما؛ لذا يُوصَى في حالة الإصرار على استخدام المواد الخطرة بارتداء نظارات سلامة، وعدم فَرْك العينين أثناء التنظيف، أمَّا في حالة دخول هذه المواد العينين، فيجب غَسْلهما بالماء على الفور، واستشارة الطبيب إذا لزم الأمر.
- مضاعفات الحساسية:
يذهب أثر مواد التنظيف مع الحساسية إلى ما هو أبعد من مجرَّد إصابة ربَّات المنازل والعاملين في مجال النظافة بالحساسية على اختلاف أعراضها من عطسٍ، وحكَّةٍ، وضيق تنفُّس، وغير ذلك، بل يتعلَّق الأمر أيضًا بالأجنَّة في حالة الحمل، وبالأطفال البالغين الواقعين في محيط مواد التنظيف المستخدمة في نطاق المنازل، والمدارس، والأماكن العامَّة والعمل، وصولًا إلى حمامات السباحة.
- سرطان الثدي:
ربَّما يبقى كلُّ الآثار الجانبية لاستخدام مواد التنظيف والمبيدات المنزلية في كفَّة، وذلك الأثر بالذات في كفة أخرى؛ حيث يُعدُّ سرطان الثدي واحدًا من المخاطر غير المتوقَّعة لعملية التنظيف، لكن ما لا يعلمه الكثير أنَّ العديد من منتجات التنظيف تحتوي على مواد كيميائية تؤدي إلى اختلال الغدد الصمَّاء، ومن المُنظِّفات إلى بخاخات التنظيف، يحذر الخبراء في مؤسسة Breast Cancer UK من أنَّ بعض المنتجات المنزلية يمكن أن تحتوي على مُكَوِّنات اصطناعية تُعْرف باسم: المواد الكيميائية المُسبِّبة لاختلال الغدد الصمَّاء Endocrine-disrupting chemicals (EDCs)، المرتبطة بسرطان الثدي.
وفي دراساتٍ أُجْريت في العام 2010 خلص باحثون إلى أنَّ استخدام منتجات التنظيف يُسْهم في زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، وربما لهذا شنَّت مؤسسة (شُرَكاء الحماية من سرطان الثدي) حملةً من أجل إعادة تعريف ما يُسمَّى: بـ (رائحة النظافة)، فالرائحة المُنْعشة ليست إلا مواد كيميائيَّة، بينما البيت النظيف الصحي هو البيت الَّذي يعتمد على التنظيف بالمواد الصحيَّة الآمنة، ولا تعتمد على مواد كيميائيَّة مثيرة للقلق؛ مثل المواد المُسبِّبة للسرطان أو الربو مثلًا.
أهمُّ مواد التنظيف المُسبِّبة لسرطان الثدي:
الأكيد أنَّ منتجات التنظيف والتعطير المنزلية ليست بريئةً على الإطلاق من كونها أحد الأسباب للإصابة بالسرطان، تحديدًا تلك التي تحتوي على مُكوِّنات تمَّ تصنيفها أنها مسرطنة في كلٍّ من:
- معطرات الجو.
- منتجات التنظيف.
- مُنعِّم الملابس.
- المطهرات.
- مزيلات العرق.
- الأيروسولات (سوائل التنظيف المضغوطة في عبوات؛ مثل: المبيدات الحشرية، والمعطرات).
ما مواد التنظيف الآمنة؟
المسألة ببساطة تتعلَّق باستخدام مواد طبيعيَّة في التنظيف متوفرة في الأسواق، وليست باهظة الثمن؛ مثل:
- الخل الأبيض: فهو مُطهِّر طبيعي غير مُهيِّج للجسم.
- بروكسيد الهيدروجين: الَّذي يُسْتخدم في تنظيف الجروح، كما يستخدم في التبييض والتطهير.
- بيكربونات الصوديوم، أو صودا الخبز: هي واحدة من أكثر مواد التنظيف الآمنة والفعَّالة للأحواض، والأرضيات، والأسطح.
- صابون قشتالة: هو الصابون النباتـي الخالي من الدهون الحيوانيَّة، والمُكوِّنات الصناعية، يُصْنع من الزيوت الطبيعية؛ مثل: زيت الزيتون والغار.
- الملح الخشن: يزيل الأوساخ الملتصقة بالأوانـي، والدهون الصعبة، والبقع العنيدة بأنواعها من الأوانـي، فضلًا عن فوائده في التطهير.
- البوراكس:وهو معدن طبيعي، ومُنظِّف متعدد الاستخدام.
- الليمون: يُسْتخدم للتعطير، والتعقيم، والتلميع.
التخزين والاستخدام الآمن لمواد التنظيف المنزليَّة:
- يجب تخزين هذه المواد في مكان بارد وجاف بعيدًا عن متناول الأطفال، ويجب تَهْوية المكان المراد تنظيفه لتجنُّب استنشاق الأبخرة الناتجة عن استخدام المنتجات.
- قراءة التعليمات: تَحقَّقْ من التعليمات المكتوبة على العبوة، واتِّباعها بدقة.
- ارتداء الكمامات والملابس الواقية؛ حيث إنَّ ارتداءها يُخفِّف من الآثار الجانبيَّة للمنتجات.
- يجب اختبار المواد: جرِّب المنتج على مساحة صغيرة غير واضحة؛ للتأكُّد من عدم تضرُّر السطح.
- تخفيف المواد: بعض المواد يحتاج إلى تخفيفه بالماء باتِّباع النِّسب المحددة؛ مثل: بيكربونات الصوديوم الَّتي يجب خَلْطها بكميات متساوية بينها وبين الماء، وتجنب استخدامه على الأسطح الحسَّاسة؛ مثل: الرخام، كذلك يمكن من شدَّة حموضته أن يُسبِّب حرقًا لليدين.
- يجب عدم خَلْط مواد التنظيف الكيماوية الخطرة؛ مثل: الكلور، ومادة ماء النار(حمض النتريك HNO3، وذلك لأنَّها تُسبِّب أمراضًا في الجهاز التنفسي، وكذلك خلط الكلور مع سائل الجلي يُسبِّب أمراضًا جلدية، ويمكن أن تصبح أمراضًا جلدية مُزْمنة؛ مثل: الإكزيما، وكذلك يؤثر على الرئتين، والقصبات الهوائيَّة.
- يجب ارتداء الكمامات والمريول الخاص بالتنظيف، والقُفَّازات، ولبس الحذاء حتى لا تُصَاب الأرجل بالتشقُّقات أيضًا، ولتجنُّب التزحلق.
- عند استخدام مواد التنظيف، استخدم التقنيات المناسبة لزيادة فعاليتها، على سبيل المثال: ابدأ في تنظيف الأسطح من الأعلى، وشق طريقك لأسفل؛ لمَنْع التلوث المتبادل.
- اسمح لعوامل التنظيف بالبقاء على الأسطح لوقت التلامس المُوصَى به قبل الشطف أو المسح.
- أخيرًا وليس آخرًا، نتمنَّى من جميع العاملين في مجال النظافة – وخصوصًا النساء، وربَّات البيوت – الالتزام بتعليمات السلامة العامَّة، والتعليمات المكتوبة على عبوات التنظيف؛ للحصول على بيئة نظيفة وصحيَّة بعيدًا عن الأمراض التي قد تُسبِّبها هذه المنتجات.
الخاتمة:
إنَّ استخدام مواد التنظيف بشكلٍ صحيحٍ يتعلَّق بتحقيق النظافة، وتعزيز السلامة والمسؤولية البيئيَّة. ومن خلال فَهْم الحقائق حول مواد التنظيف، واتِّباع النصائح المُقدَّمة، يمكنك ضمان التنظيف الفعَّال مع تقليل المخاطر، والتأثير البيئي؛ سواء كُنْتَ تقوم بتنظيف مكان عملكَ في منزلك، أو الاستعداد لتنظيف نهاية الإيجار، فإنَّ اختيار مواد التَّنظيف المناسبة، واستخدامها بشكلٍ صحيحٍ- أمرٌ ضروري للحفاظ على بيئة نظيفة وصحيَّة.