مع تطور تقنيات الصناعات والبحث عن حلول تقلل من الإصابات المهنية الناتجة عن الأعمال الشاقة، ظهرت الهياكل الخارجية المساعدة (Exoskeletons) كابتكار ثوري يدعم القوة البدنية للعمال ويزيد كفاءتهم. ورغم أنها تمثل مستقبلًا واعدًا في تقليل الإصابات العضلية الهيكلية، إلا أنها تحمل في طياتها مخاطر جديدة تتطلب إدارتها بوعي.
ما هي التقنية؟
الهياكل الخارجية المساعدة هي أجهزة تُرتدى على الجسم، ميكانيكية أو كهربية، تهدف إلى تعزيز قدرات العضلات والمفاصل. منها ما يخفف الضغط عن العمود الفقري أثناء رفع الأوزان، ومنها ما يدعم الركبتين أو الكتفين لتقليل التعب.
أين تُستخدم؟
- في مصانع السيارات والمعدات الثقيلة لتقليل الإصابات أثناء رفع المكونات.

- في قطاع البناء حيث تتطلب المهام مجهودًا بدنيًا متكررًا.
- في المجال الطبي لمساعدة المرضى أو الممرضين أثناء تحريك المرضى.
- في الخدمات اللوجستية والمستودعات عند التعامل مع الشحنات.
أبرز المخاطر
- الإصابات الميكانيكية: فشل في النظام الهيدروليكي أو الكهربائي قد يؤدي لانضغاط غير مقصود على الجسم.
- الاعتماد المفرط: قد يضعف العامل قدراته البدنية الطبيعية على المدى الطويل بسبب الاعتماد الزائد على الجهاز.
- مشاكل بيئة العمل: الأجهزة تضيف وزنًا إضافيًا (قد يتراوح بين 5–20 كجم)، ما قد يسبب إجهادًا في حال الاستخدام الطويل.
- المخاطر الكهربائية: في النماذج المدعومة بالكهرباء أو البطاريات، هناك احتمالية لارتفاع الحرارة أو حدوث ماس كهربائي.
التأثيرات على صحة العاملين
الهياكل قد تقلل من الإصابات العضلية بنسبة تصل إلى 40% حسب بعض الدراسات، لكنها قد تسبب مشاكل أخرى مثل:
- ظهور آلام جديدة في مناطق غير مدعومة (مثل الرقبة).
- زيادة الضغط النفسي بسبب الحاجة للتكيف مع التكنولوجيا الجديدة.
- مخاطر فقدان التوازن إذا لم يكن العامل مدربًا بشكل كافٍ.
دراسات عالمية
- دراسة حديثة (2023) وجدت أن الهياكل الخارجية تقلل من نشاط العضلات بنسبة 20–30% عند رفع الأوزان الثقيلة، لكنها تزيد من الضغط على المفاصل غير المدعومة.
- دراسات NIOSH أشارت إلى أن التدريب غير الكافي قد يضاعف من خطر الحوادث المرتبطة بفقدان التوازن.
حادثة واقعية
في عام 2021، سجلت إحدى الشركات الأوروبية حادثة أثناء استخدام عمال لمجموعة من الهياكل الخارجية في خط إنتاج سيارات. بسبب خلل في وحدة الطاقة، تعرض عامل لضغط مفاجئ على كتفه أدى إلى تمزق عضلي. التحقيق كشف عن غياب برامج الصيانة الدورية والتدريب العملي الكافي.
استراتيجيات الوقاية
- تصميم بروتوكولات تشغيل واضحة تشمل حدود الوزن والمدة الزمنية المسموح بها.
- فرض فترات راحة منتظمة لتقليل الإجهاد الناتج عن الوزن الإضافي للجهاز.
- إجراء فحوصات دورية للجهاز للكشف المبكر عن الأعطال الميكانيكية أو الكهربائية.
التدريب والتوعية
لا يكفي تزويد العمال بالجهاز، بل يجب:
- تنظيم تدريبات عملية على كيفية ارتدائه وتشغيله بأمان.
- رفع وعي العمال حول حدوده، وأنه وسيلة مساعدة وليست بديلًا عن إجراءات السلامة الأخرى.
- إدماج برامج التثقيف النفسي لتقليل مخاطر الاعتماد المفرط والشعور بالضغط من التكنولوجيا.
المعايير الدولية ذات الصلة
- ISO 13482:2014: متطلبات السلامة للروبوتات القابلة للارتداء.
- OSHA Ergonomics Guidelines: إرشادات الوقاية من الإصابات العضلية الهيكلية.
- IEC 60601-1: معايير السلامة للأجهزة الكهربائية القابلة للارتداء.
الهياكل الخارجية المساعدة قد تكون ثورة في عالم السلامة المهنية، لكنها ليست حلاً سحريًا. نجاحها يعتمد على الدمج بين التصميم الموثوق، التدريب المستمر، والصيانة الوقائية. الأهم هو بناء ثقافة سلامة تجعل من هذه الأجهزة وسيلة دعم للعمال، لا مصدرًا لمخاطر جديدة.