مقدمة:
محطات معالجة مياه الصرف الصحي أصبحت ذات أهميةً كبيرةً في هذه الأيام؛ نظرًا لأهمية التخلص من المياه الملوثة، وتدوير المياه للاستخدام مرة أخرى في الأعمال الزراعية والصناعية وغيرها، وأيضًا هي تعتبر وسيلةً لمكافحة خطر نقص المياه بوطننا العربي العزيز.
وأحواض المعالجة هي أحواض كبيرة من صُنْع الإنسان يمكن فيها معالجة المياه الرمادية، أو المياه السوداء، أو حمأة مياه المجاري إلى نُفَايات سائلة ذات جودة عالية نسبيًّا ومناسبة لإعادة استخدامها في الزراعة (مثل: الري)، أو تربية الأحياء المائية (مثل: النباتات الكبيرة، أو أحواض الأسماك)، إنَّها أنظمة معالجة شبه مركزية يتمُّ دمجها بعد جمع مياه الصرف الصحي من المراحيض، وللحصول على المعالجة الأكثر فعاليةً، يجب ربط Wastewater Stabilization Ponds WSPs في سلسلة من ثلاثة أو أكثر مع نقل النُّفايات السائلة من البِرْكة اللَّاهوائية إلى البِرْكة الاختيارية، وأخيرًا إلى البِرْكة الهوائيَّة.
تقنيات محطات معالجة الصرف الصحي:
وتقنيات محطات المعالجة هي: (طبيعية – كيميائية- بيولوجية).
ومن أهمِّ التقنيات وأكثرها استخدامًا: التقنيات البيولوجية؛ مثل: المعالجة بالحمأة النشطة – المعالجة ببرك الأكسدة – المعالجة النباتية – المرشحات الزلطية.
وقد تمَّ تصميم أنظمة تنقية بيولوجية مختلفة (BPS) لمعالجة مياه الصرف الصحي المحتوية على مبيدات الآفات باستخدام الكائنات الحيَّة الدقيقة القادرة على هضم المبيدات، وعادةً ما تكون الخلائط الحيوية مصنوعةً من مواد غنيَّة بالدبالية لزيادة احتباس المبيدات والتربة والكائنات الحيَّة الدقيقة، ويمكن أن تكون البكتيريا الموجودة في الخليط الحيوي من أصول داخليَّة أو خارجيَّة، وعينات التربة التي تمَّ جمعها من الأماكن الغنيَّة بالمبيدات الحشرية، وتحتوي على كائنات دقيقة مكيفة من شأنها أن تعمل بشكل أفضل ككائنات دقيقة محلية المنشأ ذات تحلُّل بيولوجي، وتجدر الإشارة إلى أنَّه ليس من السهل هضم المبيدات باستخدام الكائنات الحيَّة الدقيقة بسبب سميَّة المبيدات على البكتيريا والفطريات المختلفة.
وفي التِّقنيات الطبيعيَّة تستخدم تقنيات التَّرشيح الغشائي على نطاق واسع في محطات معالجة مياه الصرف الصحي اعتمادًا على أنواع الأغشية والملوثات المستهدفة، ويمكن تنفيذ الترشيح في أي مرحلة أثناء معالجة المياه، ويعتمد نوع التَّرشيح على حجم قطع الغشاء، وتُعتَبر أغشية الترشيح النانوي ذات أحجام المسام بين (10−2 و10−3 ميكرومتر) مثاليةً لإزالة البكتيريا والفيروسات والجزيئات العضوية الكبيرة.
وتتكوَّن معالجة مياه الصرف الصحي الكيميائية من مجموعة متنوِّعة من التفاعلات الكيميائية التي تساعد في التحلُّل المائي للملوثات إلى مواد كيميائية أكثر أمانًا. والطرق الكيميائية الرئيسة هي التخثُّر، وعملية الأكسدة المتقدمة (AOPs)، بما في ذلك الأوزون، ومعالجة فنتون, وعادةً ما تستخدم المعالجات الكيميائية مع تقنيات التحفيز الضوئي و/ أو الأغشية.
وأنظمة المعالجة للصرف الصحي يتكوَّن أغلبها من أحواض سطحية كبيرة لكي تتمَّ بها عمليات الترسيب، والقضاء على الأحمال العضوية، والتخلُّص من الشوائب.
صور لأحواض محطات المعالجة:
المخاطر الكامنة بأحواض محطات معالجة مياه الصرف الصحي:
1- مخاطر بيولوجيَّة: وتكون في مياه الصرف الصحي، وما بها من الكائنات الحيَّة والبكتيريا والفيروسات والجراثيم والفطريات والحشرات المُسبِّبة للأمراض المُعْدية والخطيرة.
ويمكن أن يؤدِّي التعرُّض للكائنات الحيَّة الدقيقة إلى التهابات وأمراض الجهاز الهضمي، وتخفف ممارسات الصرف الصحي المناسبة ومُعدَّات الحماية الشخصية (PPE) من مخاطر التلوُّث البيولوجي.
2- مخاطر الغرق في محطات معالجة الصرف الصحي:
حيث إنَّ أحواض المعالجة تتميَّز بأعماقها الكبيرة، وقد باتت حوادث غرق عمال الصرف الصحي في البالوعات تتكرَّر كثيرًا، وتمتلئ صفحات الحوادث بأخبار مصرعهم أثناء قيامهم بعملهم دون توافر إجراءات السلامة والصحَّة المهنية لهؤلاء العمال.
وقد يُصَاب العمال بجروح خطيرة، أو حتى يغرقوا إذا سقطوا في خزانات، أو حفر، أو أماكن ضيِّقة أخرى تحتوي على سوائل.
مخاطر الأماكن الضيقة: ويُشكِّل الدخول إلى الخزانات، أو الحفر، أو الهاضمات، أو خطوط الصرف الصحي، أو غيرها من الأماكن الضيِّقة مخاطر الابتلاع والانحباس، ونقص الأكسجين، والتعرُّض للأجواء السامَّة.
3- مخاطر كيميائيَّة:
الغازات المنبعثة من مياه الصرف الصحي والحمأة؛ مثل: غاز كبريتيد الهيدروجين H2S))، والروائح الكريهة التي تُسبِّب الإغماء والغثيان، ويتلامس العمال في محطات المعالجة مع مختلف المواد المُسبِّبة للتآكل والمواد السامَّة من الكلور والأمونيا إلى ثاني أكسيد الكبريت، ويمكن أن تؤدِّي هذه المواد الكيميائية إلى مشاكل صحية خطيرة إذا لم يتَّخذ العمال الاحتياطات المناسبة، كما يمكن أن يؤدِّي استنشاق هذه المواد، أو ابتلاعها، أو ملامستها للجلد إلى مشاكل في الجهاز التنفسي، وحروق كيميائية، ومضاعفات صحيَّة طويلة المدى.
4- مخاطر الأماكن الضيِّقة:
تُشكِّل الأماكن الضيقة؛ مثل: الخزانات، والحفر، وغُرَف التفتيش- مخاطر كبيرة على السلامة، ويمكن أن تؤدي نقاط الدخول والخروج المحدودة، وسوء التهوية، ووجود الغازات الخطرة إلى زيادة احتمالية وقوع حوادث؛ مثل: الاختناق، أو الابتلاع، أو الانحباس.
ويُعدُّ دخول الأماكن المحصورة أحد أكثر المخاطر شيوعًا وأخطرها، وهي التي يواجهها عمال معالجة مياه الصرف الصحي، وأن يكون هناك تعريفٌ عالمي للمساحة الضيقة هو أمرٌ بعيد المنال بشكل عام، ومع ذلك فإنَّ المساحة الضيقة هي منطقة ذات وسائل دخول وخروج محدودة لم يتمَّ تصميمها لسكن بشري مستمر، ولا تحتوي على تهوية كافية.
وتحدث المخاطر عندما يرتبط المكان المحصور بنقص الأكسجين، أو وجود مادة كيميائية سامَّة، أو مادة غارقة؛ مثل: الماء، ويمكن أن يكون انخفاض مستويات الأكسجين نتيجةً لمجموعة متنوعة من الظروف بما في ذلك استبدال غاز آخر بالأكسجين؛ مثل: الميثان، أو كبريتيد الهيدروجين، أو استهلاك الأكسجين عن طريق تحلُّل المواد العضوية الموجودة في مياه الصرف، أو نضح جزيئات الأكسجين في عملية الصدأ لبعض الهياكل داخل الفضاء الضيِّق، ونظرًا لأنَّ المستويات المنخفضة من الأكسجين في الأماكن الضيقة لا يمكن اكتشافها من خلال المراقبة البشرية دون مساعدة، فمن المهمِّ للغاية استخدام أداة يمكنها تحديد مستوى الأكسجين قبل الدخول إلى أيِّ مكان محصور.
5- المخاطر الميكانيكية:
وتشمل الآلات الأجزاء المتحركة، وأنظمة الضغط العالي، والأحمال الثقيلة، ويمكن أن تحدث حوادث مثل: أعطال المُعدَّات، والتشابك، وإصابات السَّحق دون احتياطات السلامة المناسبة.
6- المخاطر الكهربائيَّة:
الأنظمة الكهربائية، ومضخَّات الطاقة، والمُحرِّكات، ولوحات التحكم، ومع ذلك فإنَّ المخاطر الكهربائية؛ مثل: الصدمات، والصعق بالكهرباء، والحريق تُشكِّل مخاطر كبيرة على العمال دون إدارة مناسبة للسلامة.
ملاحظات:
- مياه الصرف الصحي بها أنواع عدة من الكائنات الدقيقة؛ كالفيروسات، والبكتيريا، والطحالب، وغيرها، والتي تسبب أمراضًا عديدة؛ مثل: الكوليرا والدوسنتاريا والتيفود والديدان المعوية والبلهارسيا وفيروس C وB وغيرها من الأمراض الخطيرة.
- وتجذب أيضًا الحشرات الضارة؛ مثل: البعوض والناموس المحيطة بأحواض الصرف الصحي، وهي ضارة جدًّا، وتسبب الأمراض، ويمكن أن تلدغ الإنسان، وتضع بُوَيضاتها تحت جلده؛ مثل:
بعوضة الأنوفوليس:
حيث يمكن أن تضع بُوَيضاتها بعد اللدغ تحت جلد الإنسان، وتبدأ تتغذَّى على دم الإنسان، ثم تتحول لطفيليات غير ناضجة، وتُنقَل إلى الكبد، وتسبب مرض الملاريا.
- في أحواض التهوية بمحطات الحمأة النشطة نجد أنَّ هناك تطاير رذاذ من مياه الصرف الصحي بفعل نفاخات الهواء، أو القلابات الميكانيكية بالأحواض.
تعليمات السلامة والصحة المهنية بأحواض معالجة الصرف الصحي:
1- عند العمل بأحواض المعالجة يجب تغطية كامل الجسم، وعدم تَرْك أي جزء مكشوف للحماية من رذاذ المياه والحشرات الضارَّة كما بالشكل.
حيث يجب ارتداء قُفَّازات وأحذية مقاومة للمياه، ويجب ارتداء كمامة مُزوَّدة بفلتر تنقية هواء، ولو أمكن ارتداء قناعٍ واقٍ بالفلتر للحدِّ من استنشاق الغازات المنبعثة من الأحواض.
2- يجب توافر مُعدَّات الإنقاذ من الغرق؛ مثل: طوق النجاة، وجاكيت النجاة.
3- يجب أن يكون جاكيت النجاة مُزوَّدًا بحبل طويل؛ نظرًا لاتِّساع أحواض المعالجة حتى يسهل مُنَاولته والإنقاذ.
4- يجب عمل درابزين للأحواض، ويكون مطابقًا لمعايير (الأوشا)؛ لمنع السقوط بالأحواض.
5- عند التنظيف لجوانب الحوض يجب أن يرتدي العاملون أحزمة أمان، وبها حبال قوية مثبتة بنقاط قوية لمنع السقوط بالأحواض.
6- توفير صابون طبي، والمحاليل المُعقِّمة للعاملين لغسل الأيدي، والتطهير بعد العمل.
7-يجب ارتداء قُفَّازات التطهير، وبدلات التطهير لعمال الصيانة عند المحابس وأبواب الأحواض.
8- توقيع الكشف الطبي الدوري للعاملين بمحطات معالجة الصرف الصحي، وإعطاؤهم التطعيمات اللَّازمة للوقاية من الأمراض.
9- إذا كانت الأحواض بها هوايات عائمة لغرض المعاجة البيولوجية كما بالشكل:
فيجب توافر قارب مُجهَّز لنقل العمال وفنيِّي الصيانة أثناء الأعطال، وفي هذه الحالة يجب فصل التيار الكهربائي، ويجب مراجعة الأسلاك والكابلات الكهربائية التي قد يحدث لها تآكلٌ بسبب مياه الصرف الصحي، والأفضل عمل كوبري للهواية يُسهِّل الحركة، ويقلل تكاليف شراء وصيانة القارب كما بالشكل:
ويمكن ربط الهواية العائمة بحبال قوية من الجانبين للتثبيت في الحوض، وتكون الحبال عازلةً كهربائيًّا؛ حيث يمكن شد الهواية نهاية شاطئ الحوض عند عمل صيانة لها في حالة حدوث تلفٍ لها، وأيضًا في حالات فحص سلامة تشغيلها كما بالشكل:
لإسعافات الأوليَّة، والتصرفات الصحيحة:
-
- عند حدوث لمس جزءٍ من الجسم لمياه الصرف الصحي الموجودة بالأحواض، بادر فورًا بالغسل بالصابون الطبي، واستخدام المحاليل المعقمة، واغمس الجزء الذي تلوَّث بالمياه في محلول مِلْحيٍّ مُركَّز.
2- عند حدوث إغماء للأشخاص أثناء العمل، أو التواجد في الأحواض، يجب إبعادهم فورًا، ونقلهم لمكان جيد التهوية، وليس به روائح كريهة، واتصل بالإسعاف، وضَعْه في وَضْع الإفاقة، وإذا لم يُفِقْ، ابدأ في عمل إجراءات الإنعاش الرئوي حتى يصل الإسعاف.
3- في محطات برك الأكسدة تكون الأحواض كبيرة جدًّا، وبينها طرق واسعة؛ لذلك تستخدم السيارات للتجوُّل بينها، فينبغي ألَّا تزيد السرعة عن (30كم/ساعة)، ويجب أيضًا رصف هذه الطرق، وتبطين جوانب وقيعان الأحواض بالحجارة والإسمنت حتى لا تنمو عليها الحشائش.
الخاتمة:
تُعتَبر محطات معالجة مياه الصرف الصحي ضرورية في الحفاظ على الصحة العامة والاستدامة البيئيَّة، ومن الترشيح الفيزيائي إلى المعالجات الكيميائية يتطلَّب كل خطوة في عملية معالجة مياه الصرف الصحي الدقَّة والاجتهاد، وتُعتَبر تدابير السلامة والتأمين على صناعة المياه ذات أهمية قصوى؛ نظرًا للمخاطر الكامنة المرتبطة بالتعامل مع المواد الخطرة، وتشغيل الآلات المُعقَّدة.
ويتعرَّض العاملون بمحطات معالجة الصرف الصحي لمخاطر بيولوجية، فينبغي أن يتمَّ تغطية جميع أجزاء الجسم، ويحذر من لمس المياه، أو التعرُّض للدغات البعوض المنتشر بالمحطة، كما يجب ارتداء ملابس السلامة المناسبة، ويجب عليهم تلقِّي التطعيمات اللازمة لمكافحة العدوى والأمراض.