ماذا يُمثِّل مفهوم السلامة في قطاع الصناعات البترولية؟
لقد أصبح للسلامة والصحة المهنية دورٌ مهمٌّ بالمجتمع، وأثرٌ مهمٌّ على الصناعة والنمو الاقتصادي، وتقدُّم الإنسان العامل ورُقيه، والحفاظ عليه باعتباره أهم أحد أهم مقومات الاقتصاد وعناصره، وأصبحت للصحة والسلامة المهنية أنظمة وقوانين يجب على العاملين معرفتها، وعلى المُشغِّلين تطبيقها، وعدم السماح بتجاوزها.
هذا، وتواجه الصناعة بشكلٍ عامٍّ – والصناعات النفطية بشكل خاص – تحديات عديدة تتطلَّب بذل المزيد من الجهود لاتخاذ الإجراءات الممكنة كافَّة لخفض التكاليف والأعباء الناتجة عن تلبية التشريعات الخاصة بخفض الانبعاثات، وتحقيق التنمية المستدامة، وحماية البيئة من التلوث، ويعتبر الاهتمام باشتراطات الصحة والسلامة المهنية من أهمِّ الوسائل التي تُمكِّن الصناعة من مواجهة هذه التحديات، وتُسْهم في تجنُّب التوقُّفات الطارئة التي تُسبِّب هدرًا للموارد، وأضرارًا بالغة بالبيئة، فضلًا عن المخاطر الكبيرة على الصحة العامة وسلامة العاملين في المنشآت الصناعية.
كيف واجهت الصناعات النفطية في الدول العربية هذه التحديات؟
إن ما تتميَّز به الصناعة النفطية من مخاطر متعددة يستلزم إيجاد طرق مبتكرة لإدارة نظم السلامة، والتعامل مع مواد قابلة للاشتعال، وأبخرة سامَّة، ومُركَّبات عضوية متطايرة، وملوثات لمياه الصرف الصناعي الناتجة عن إنتاج وتداول المواد الكيميائية، والمنتجات البترولية، والعمليات الصناعية المختلفة. ولقد حقَّقت الشركات النفطية في الدول الأعضاء في منظمة الأقطار العربية المُصدِّرة للبترول (أوابك) نجاحًا ملحوظًا في تطبيق نظم السلامة المهنية، وذلك من خلال السعي المستمر لتطبيق أفضل الممارسات والتقنيات المتطورة التي تساعد على تحديد المخاطر الحرجة، وتحليل أسباب وقوع الحوادث، وإيجاد الحلول الوقائيَّة لها، ونَشْر ثقافة السلامة؛ حيث حصل العديد من الشركات في الدول الأعضاء العاملة في القطاع النفطي على شهادات للجودة في معايير إدارة الجودة والبيئة والأمن والسلامة ISO 9001، و OHSAS45001، وEMS 14001، والمتوافقة مع أفضل الممارسات الدولية، والتي تهدف إلى التقليل من خطر الأضرار على الصحة، ومن الحوادث في موقع العمل، كما أَوْلَت الدول الأعضاء اهتمامًا خاصًّا بقضايا تدريب العاملين، وعقد الندوات، وورش العمل، والمؤتمرات المتخصصة في هذا الشأن.
هل حققت المشروعات النفطية في الدول العربية المعايير الدولية للسلامة؟
إن ما حقَّقته دولنا الأعضاء من إنجازات وإجراءات تصحيحية لخفض نِسَبِ الحوادث الجسيمة، كان حصيلة المتابعة المستمرة، وتراكم الخبرات التشغيلية التي اكتسبها العاملون في القطاع النفطي لفترة زمنية تزيد عن القرن، ومازالت الجهود تُبذَل في هذا المجال، فعلى سبيل المثال: حقَّقت شركة قطر للبتروكيماويات (قابكو) 20 مليون ساعة عمل بدون ساعات ضائعة بسبب الإصابات، وهو ما يؤكد على الالتزام الراسخ لشركات الدول الأعضاء بمعايير السلامة.
ما آفاق التعاون بين منظمة (أوابك) و(المعهد العربي لعلوم السلامة)؟
وقَّعت منظمة الأقطار العربية المُصدِّرة للبترول (أوابك)، و(المعهد العربي لعلوم السلامة) في عام 2022 مذكرة تفاهم حول التعاون الفني في مجال السلامة، وذلك في ظلِّ التوجهات الجديدة للأمانة العامة لمنظمة (أوابك) بزيادة الاهتمام بتدريب الكوادر الفنية للعاملين في قطاع الصناعات النفطية في الدول الأعضاء في منظمة (أوابك)، وزيادة الوعي نحو مفهوم السلامة؛ لِمَا له من مردود إيجابي للحفاظ على أرواح العاملين، وتقليل الخسائر، وسلامة المنشآت النفطية، مرورًا بتأمين ظروف العمل والسلامة خلال مراحل الإنتاج كافَّة، وسلاسل الإمداد في هذا القطاع الحيوي، وبما يُؤمِّن الارتقاء بمهنة وثقافة السلامة في الدول العربية، خاصةً وأن (المعهد العربي لعلوم السلامة) يُعدُّ إحدى الهيئات المتخصصة، ويهدف إلى تشجيع الابتكار، والمساعدة في حماية الصحة والسلامة العامة، وتطوير مناهج التدريب الفني والشهادات.
أفكار وآراء شخصية تخدم السلامة في الصناعات النفطية في الوطن العربي؟
العمل وتضافر الجهود لدعم القائمين على الصناعة النفطية في الدول العربية للوصول إلى أعلى المستويات العالمية في تطبيق معايير واستراتيجيات ونظم الصحَّة والسلامة المهنية، بما يعود بالنفع على اقتصاد الدول العربية، وتحسين كفاءة استخدامها لمواردها الطبيعية.
دكتور/ ياسر بغدادي
حاصل على:
- دكتوراه في علوم المواد، معهد الدراسات العليا والبحوث، جامعة الإسكندرية «تأثير بعض المواد المضافة على الخصائص الكيميائية والفيزيائية لبعض المنتجات البترولية المختارة».
- ماجستير في علوم المواد، معهد الدراسات العليا والبحوث، جامعة الإسكندرية «أداء زيوت المُحوِّلات من حيث متغيرات تركيبها الكيميائي».
- عضو الجمعية العربية لعلوم المواد – مصر.
ويعمل حاليًا :
- خبير أول صناعات نفطية في منظمة (أوابك).
- مُمثِّل منظمة (الأوابك) في برنامج الأمم المتحدة للبيئة لإعداد اتفاقية دولية مُلْزمة للحد من النُّفايات البلاستيكية.
وله من الخبرات العملية حوالي (٣٠ عامًا) في مجال الصناعات النفطية في مجال إنتاج زيوت المُحرِّكات والشحوم، ومراقبة الجودة، وإعداد الدراسات الفنية في مجال صناعة البتروكيماويات. وخبرة في مجال الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ومعالجة مياه الصرف الصناعي، والاستغلال الأمثل للنُّفايات البلاستيكية، واستخدامات غاز ثاني أكسيد الكربون في تعزيز إنتاج البتروكيماويات، ودور البحث العلمي في تطوير الصناعة مع رصد تطور إنتاج البتروكيماويات والطاقات المتجددة والنظيفة في الدول العربية والعالم، وتحليل الأسواق.
أمَّا عن الدراسات المنشورة في مجال العمل، فهي عديدة؛ ومن أهمِّها :
- تحسين أداء صناعة البتروكيماويات 2023.
- دور المواد الكيميائية المتجددة والوقود الحيوي في إنتاج البلاستيك الحيوي 2022.
- احتجاز غاز ثانـي أكسيد الكربون، واستخدامه في صناعة البتروكيماويات؛ الإمكانات والتحديات 2021.
- دور البحث العلمي في تطوير صناعة البتروكيماويات 2021.
- إعادة تدوير النُّفايات البلاستيكية، فرص استثمارية وحلول بيئية 2020.
- تقنيات معالجة مياه الصرف الصناعي لمشروعات البتروكيماويات 2019.
- دور صناعة البتروكيماويات في تنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة 2018.
- صناعة البتروكيماويات في الدول العربية 2017.