الحياة التي تتضمَّن الرفاهية والاستقلال والجدارة والكفاءة الذاتية بين الأجيال وإمكانات الفرد الفكرية والعاطفية.. هذا هو مفهوم الصحة النفسية وَفْقًا لتعريف منظمة الصحة العالمية، والتي تُعدُّ من أهم المنظمات الداعمة للصحة النفسية.
ولهذا، فقد طالبت منظمة الصحة العالمية بإدراج متلازمة (الاحتراق النفسي المهني) ضمن قائمة التصنيف الدولي للأمراض، وسيتمُّ الاعتراف بهذه المتلازمة عالميًّا في عام ٢٠٢٢م.
ولقد وافقت جمعيَّة الصحة العالمية على عمل خطة لتحسين الصحة النفسية في الفترة من ٢٠١٣ إلى ٢٠٢٠م.
هذه الخطة تشمل سياسات مُعيَّنة يتمُّ الالتزام بها من قِبَلِ الدول الأعضاء بالمنظمة للوصول إلى الأهداف التالية:
- تعزيز القيادة الفعَّالة، وتصريف شؤون الصحة النفسية.
- توفير خدمات الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة التي تستجيب لاحتياجات السكان، وخدمات الرعاية الاجتماعية في المرافق الصحية المجتمعية.
- تنفيذ استراتيجيات لتعزيز الصحة النفسية والوقاية.
- تقوية نُظُم المعلومات والبيانات والبحوث اللَّازمة للصحة النفسية.
فلماذا تعطي منظمة الصحة العالمية هذا الاهتمام الكبير بالصحة النفسية؟ وما دور أجهزة السلامة والصحة المهنيَّة للحفاظ عليها؟
وفقًا للدراسات والإحصائيات العالمية، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تنفق سنويًّا حوالي (١٢٥مليار دولار) على الرعاية الصحية للعاملين الَّذين يعانون من مشاكل صحية ونفسية بسبب ضغوطات العمل.
بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية والإنتاجية، والتي تحدث نتيجة زيادة الأخطاء في العمل والبطء، وزيادة الحوادث، والتغيُّب المستمر، وانخفاض الروح المعنوية للعاملين الذين تعرَّضوا لضغوطٍ نفسيةٍ بسبب العمل.
ولذلك، يجب على العاملين بأجهزة السلامة والصحة المهنية بالهيئات المختلفة توفير بيئة عمل آمنة للحفاظ على السلامة النفسية للعاملين، وذلك عن طريق:
- تقييم المخاطر، واتِّخاذ خطوات للقضاء عليها أو تقليلها للحد الأدنى.
- توعية العاملين بأهمية الصحة النفسية عن طريق الوعي بالقوانين واللَّوائح المنظمة للعمل، والتي تحافظ على حقوقهم؛ مثل: القوانين المنظمة لإصابات العمل، والحوادث الجسيمة.
- الكشف الطبي الدوري على العاملين للتأكُّد من صحتهم، ومُلَاءمة المهام المكلفة إليهم بالحالة الجسدية والصحية.
- حماية العاملين في حالات الطوارئ والحريق عن طريق عمل خطط إخلاء، وتدريب العاملين عليها، كذلك توفير مخارج طوارئ آمنة، وعلامات إرشادية لاتِّباعها في هذه الحالات.
- متابعة أعمال الصيانة والنظافة والأمن داخل المنشأة بصورةٍ دوريةٍ.
- المرور اليومي بالمنشأة للتأكُّد من التزام جميع العاملين بارتداء الواقيات الشخصية، وسير العمل بطريقة صحيحة حرصًا على سلامتهم.
- تشجيع العاملين الملتزمين، وتحفيزهم شهريًّا؛ ماديًّا أو معنويًّا.
- الاختيار الدقيق للأجهزة والمُعدَّات، والتأكُّد من مطابقتها للمواصفات القياسية، وإجراء صيانة دورية لها، وإصلاح أي أعطالٍ في أسرع وقتٍ لتوفير الراحة للعاملين، وتقليل الإصابات.
- الاجتماع الدوري مع الإدارة العليا لبحث مشاكل العمل والعاملين، وتوفير الحلول والدعم النفسي للعاملين.
- وفي النهاية، فإنَّ مشاكل الصحة النفسية لا تصيب اثنين أو ثلاثةً من كل خمسة أشخاص، بل تصيب الجميع؛ لذا فإنَّ سلامة الصحة النفسية يجب أن تكون أولوية في كل المجتمعات كما قال الطبيب النفسي الشهير: (كارل مينينجر).