في زمن القلق النووي: كيف نحمي أنفسنا في حال وقوع انفجار نوويٍّ؟
مقدمة:
كأحد التَّهديدات التي تستدعي الجاهزيَّة والوعي مع تصاعد التوترات الجيوسياسيَّة في المنطقة، فالانفجار النوويُّ -وإنْ حدث دون سابق إنذارٍ- يحمل معه سلسلةً مدمرةً من التأثيرات المباشرة والمتأخِّرة تمسُّ سلامة الإنسان، وتزعزع البُـنَى التحتيَّة، وتُرْبك الاستجابة الإنسانيَّة، وفـي هذا المقال دليلٌ مبسطٌ لأهمِّ الإجراءات الوقائيَّة المعتمدة من المؤسسات الدولية بهدف تعزيز فُرَص النجاة، وتقليل الأضرار قَدْر الإمكان، من اللحظة الأولى للانفجار، وحتَّى اليوم الثانـي من وقوعه.
أولًا: المخاطر المترتبة على الانفجار النووي:
الانفجارُ النوويُّ ليس مجرَّد كرة لهب، بل حَدَثٌ فيزيائيٌّ شديد التعقيد، يُخلِّف سلسلةً من التأثيرات الخطيرة؛ منها:

- وميضٌ فوري: قد يُسبِّب العمى المؤقَّت حتى على بُعْد أكثر من (10 كيلومترات) من مركز الانفجار.
- نَبْضة حراريَّة هائلة: تؤدِّي إلى اشتعال الحرائق على نطاقٍ واسعٍ، خصوصًا في المواد القابلة للاشتعال.
- موجة انفجاريَّة قويَّة: تُلْحق أضرارًا جسيمةً بالمبانـي، وتُحوِّل الزجاج والحطام إلى شظايا قاتلة.
- إشعاع أوَّلي مباشر: ينبعث من كرة النار، وقد يكون مُمِيتًا في محيط عدَّة كيلومترات.
- تساقط إشعاعي (الغبار الذرِّي): يبدأ عادةً بعد (10 دقائق) من الانفجار، ويُعدُّ الأخطر خلال أول (24 ساعةً).
- نبضة كهرومغناطيسية (EMP) : تُعطِّل شبكات الكهرباء والاتصالات؛ ممَّا يُعِيقُ عمليات الإغاثة، ويزيد من عُزْلة المناطق المتضرِّرة.
ثانيًا: الاستعداد المُسْبق… مفتاح النجاة:
الاستعداد المُسْبق قد يُحْدث فارقًا كبيرًا في حماية الأرواح، وتشمل أبرز خطوات التأهُّب:
- تحديد مواقع الملاجئ المناسبة في البيت، ومكان العمل والمدرسة.
- تجهيز حقيبة طوارئ تحتوي على: مشعل يدوي، راديو AM يعمل بالبطارية لتلقِّي التعليمات الرسميَّة، بطاريات إضافية، أدوية أساسيَّة، مياه (2-4 لتر يوميًّا للفرد)، طعام طويل الأجل، ملابس احتياطية، ومستندات رسمية.
- التدريب على مهارات الإسعاف الأوَّلي والنَّجدة.
- عدم التوجُّه إلى المستشفيات إلا للحالات الطبيَّة الطارئة لتقليل الضغط على المرافق الصحيَّة.
- الامتناع عن محاولة جَمْع شمل العائلة بشكل فرديٍّ، وانتظار الإرشادات الرسمية.
ثالثًا: ما الذي يجب فِعْلُهُ خلال أول (10 دقائق)؟
اللَّحظات الأولى حاسمة للغاية، ويُنْصح بالقيام بما يلي فَوْر وقوع الانفجار:
- الدُّخول مباشرةً إلى مأوًى داخليٍّ آمنٍ، ويُفضَّل أن يكون في قبوٍ أو مركزٍ مبنى خرسانـي.
- تجنُّب النظر نحو الانفجار، والابتعاد عن النوافذ لتقليل خطر الإصابة.
- البقاء داخل الملجأ، وعدم المغادرة تحت أيِّ ظرفٍ، لتفادي التعرُّض للإشعاع المبكر.
رابعًا: حماية النفس من التَّساقط الإشعاعي (خلال أول 24 ساعة):
تُعدُّ الساعات الأولى بعد الانفجار الفترة الأشد خطرًا من حيث الإشعاع؛ ولذا يُوصَى باتِّباع الخطوات التالية:
- خلع الملابس الخارجية الملوَّثة، وغسل الجلد والشعر جيدًا.
- تنظيف الحيوانات الأليفة لتجنُّب نَقْل الغبار الإشعاعي.
- الامتناع التام عن مغادرة المأوى، خاصةً الأطفال والحوامل.
خامسًا: اليوم الثانـي.. استمرار الحذر والاستعداد للإخلاء:
رغم انخفاض مستويات الإشعاع بعد مرور (24 ساعةً)، إلا أن البقاء في المأوى يبقى الخيار الآمن، ما لم تَصْدر تعليمات رسمية بالإخلاء، وفي حال الضرورة القصوى للخروج:
- يجب ارتداء ملابس تُغطِّي كامل الجسم، وتغطية الأنف والفم بقناعٍ أو قطعة قماش.
- إزالة الملابس الخارجيَّة قبل الدخول مُجدَّدًا إلى الملجأ.
- تناول الأغذية والمشروبات المُعلَّبة فقط، ومسح العبوات جيدًا قبل الاستخدام.
- الامتناع عن تناول المنتجات المزروعة محليًّا؛ لاحتمال تلوُّثها إشعاعيًّا.
الخاتمة:
مع تصاعد التوترات الجيوسياسيَّة في المنطقة، ورغم سوداويَّة هذا السيناريو، فإنَّ الوعي بخطورتِهِ، والاستعداد له بجديَّة يُشكِّلان أولى خطوات النجاة، فالحرب قد تندلع دون إنذارٍ، لكن الوقاية تبدأ من المعرفة، والإجراءات تبدأ الآن، وليس بعد فوات الأوان.