المقدمة:
يُوفِّر وقود الطيران المستدام Sustainable aviation fuel- أو SAF – لصناعة الطيران مصدرًا بديلًا للطاقة؛ ممَّا يُمكِّنها من تقليل بصمتها الكربونيَّة، واعتمادها على مصادر الوقود الأحفوري، ويُعْتَبر وقود الطيران المستدام بديلًا آمنًا ومطابقًا كيميائيًّا تقريبًا لوقود الطائرات التقليدي، ويمكن أن يُقلِّل وقود الطائرات البديل المنتج بشكل مستدام من الانبعاثات بنسبة تصل إلى (80%) اليوم طوال دورة حياة الوقود، مع إمكانيَّة تقليل (100%) في المستقبل. ومنذ أوَّل رحلة تجريبيَّة للوقود الحيوي على متن طائرة تجارية في عام 2008، كان هناك قدرٌ هائلٌ من العمل من قِبَلِ الصناعة سمح اعتماد SAF من خلال وكالة معايير الوقود العالميَّة بإجراء حوالي ثلاثة أرباع مليون رحلة باستخدام وقود SAF، ومزيج الوقود التَّقليدي منذ عام 2011.
ما الذي يجعل وقود الطائرات مستدامًا؟
لكي يكون الوقود مستدامًا، يجب أن:

- يكون الوقود مشتقًّا من مادة خام منخفضة الكربون يمكن الحصول عليها بشكل مستمر ومتكرر، ويجب ألَّا تستنفد الموارد الطبيعيَّة أو تتنافس مع متطلَّبات أخرى؛ مثل: إنتاج الغذاء، واستخدام الأراضي والمياه.
- أن تكون بديلًا لمصادر طاقة الطيران التقليدية، وتتمُّ معالجتها لإنشاء وقود الطائرات بطريقةٍ بديلةٍ.
- تلبية نفس المتطلَّبات الفنيَّة الصارمة، وتشترك في نفس خصائص وقود الطَّائرات التقليدي، بحيث يمكن مَزْجها مع وقود آخر، واستخدامها في الطائرات التِّجارية دون الحاجة إلى تغييرات في التكنولوجيا الحالية، وأنظمة الوقود، ولا تزال السلامة ذات أهميَّة قصوى.
تطوير وقود الطيران المستدام (SAF):
تشير الدِّراسات إلى أنَّ وقود الطيران المستدام يمكن أن يُسْهم بحوالي (65%) من خفض الانبعاثات الَّتي يحتاجها الطيران للوصول إلى صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصِّفرية بحلول عام 2050، وسيتطلَّب ذلك زيادةً هائلةً في الإنتاج من أجل تلبية الطلب، ومن المتوقَّع أن يشهد تسارعًا أكبَر في عام 2030، مع تحوُّل الدعم السياسي إلى عالمي، ويصبح الوقود المستدام قادرًا على المنافسة مع الكيروسين الأحفوري.
الاستراتيجية نحو صافـي انبعاثات ثانـي أكسيد الكربون الصِّفريَّة:
سيتطلَّب تحقيق صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصِّفرية بحلول عام 2050 مزيجًا من القضاء الأقصى على الانبعاثات من المصدر، وتقنيات التَّعويض، واحتجاز الكربون.

65٪ وقود طيران مستدام (SAF).
13٪ تكنولوجيا جديدة وكهرباء وهيدروجين.
3٪ البُنْية التحتية والكفاءات التشغيليَّة.
19٪ تعويضات الكربون واحتجاز الكربون.
مميزات التزوُّد بوقود الهيدروجين المستدام في المطارات:
يُعدُّ استخدام الهيدروجين في الطيران ظاهرةً جديدةً ومتطورةً حول الطائرات الهيدروجينيَّة، والتقنيات المرتبطة بها، وقد تضمَّن بعض نتائج الأبحاث أن قابليَّة الهيدروجين للاشتعال أعلى بكثير من الكيروسين، مع نطاق قابليَّة للاشتعال يبلغ (4%)، مقارنةً بالكيروسين (1.4%)، وهذا يزيد من مخاطر الحريق إذا تَجَاوز تركيز الهيدروجين (4%)، في حين أنَّ درجة حرارة الاشتعال التلقائي (550 درجة مئوية) أعلى من درجة حرارة الكيروسين (220 درجة مئوية)، لكن الهيدروجين يتطلَّب طاقة اشتعال أقل؛ ممَّا يجعله أكثر عُرْضةً للاشتعال.
بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ خصائص الهيدروجين مثل تحلُّل المواد وتغلغلها، تُشكِّل مخاطر طويلة الأجل على أنظمة وقود الطائرات والتخزين والمُحرِّكات، خاصةً في درجات الحرارة المبردة، ويمكن أن يؤدِّي التسريب إلى مخاليط خطيرة مع الهواء؛ ممَّا يزيد من مخاطر الانفجار.
ومع ذلك، يتمتَّع الهيدروجين بمَيْزة أمان على الكيروسين من حيث إنَّ الحرائق لا تدوم طويلًا؛ لأنها لا تتراكم بالقرب من الأرض (المعروفة باسم التجميع) على عكس حرائق الكيروسين، وقد استعرضت الدِّراسات أهميَّة أنظمة التخزين والمُنَاولة والتزوُّد بالوقود المناسبة للتخفيف من هذه المخاطر في نطاق الطيران. ويُعدُّ الكشف الفعَّال عن الهيدروجين، وأنظمة الضغط العالي والمواد المقاومة للتحلُّل والتسريب- أمرًا ضروريًّا، علاوةً على ذلك يلزم تصميم النِّظام الدقيق لمنع الخلائط الخطرة بالهواء، وضمان التَّبديد السَّريع لأيِّ هيدروجين يتمُّ إطلاقه أثناء التزوُّد بالوقود.
اعتبارات وتحديات سلامة وقود الهيدروجين المستدام في الطيران:
باختصار، غالبًا ما تشير الدِّراسات حول استخدام الهيدروجين في قطاع الطَّيران إلى السلامة كموضوع بحث مهمٍّ، ومع ذلك هناك نقصٌ كبيرٌ في الأبحاث حول اعتبارات سلامة الهيدروجين في الطيران؛ ممَّا يدلُّ على الحاجة إلى مزيدٍ من الاستكشاف والتحليل في قطاع الطيران. وأظهرت الدِّراسات تحديات تقنية كبيرة في السَّلامة في محطات التزوُّد بالوقود بالهيدروجين؛ مثل: تلف المُعدَّات، وخسائر الغليان، ومخاطر التسريب، ومستويات القابليَّة العالية للاشتعال، والتخزين، وبعض المخاوف حول العوامل البشريَّة؛ مثل: مخاطر الأخطاء البشرية، وعدم كفاية التَّدريب في الصناعات الأخرى، ولكن هناك نقصٌ كبيرٌ في الأبحاث حول اعتبارات السلامة في بيئة المطار مع تحدياتها الفريدة.
«الشاغل الرئيس هو التَّعامل مع الهيدروجين، يجب أن يكون هناك نظام مناسب لضمان اكتشاف التَّسريبات عند حدوث التزوُّد بالوقود إذا كان هناك تسريب؛ لأنَّه عديم اللَّون والرَّائحة، وقابل للاشتعال للغاية، فيجب أن يذهب إلى الطائرة دون أي تسريب؛ لأنه يمكن أن يكون مصدر قلق للسلامة». [خبير في العوامل البشرية].
لذلك، قد يتطلَّب التعامل مع مُعدَّات الهيدروجين مهارات مختلفة مقارنةً بالوقود القائم على الكيروسين، حيث غالبًا ما يكون للمُعدَّات مَيْزات فريدة، ويمكن أن يؤدِّي ذلك إلى زيادة التَّعب والإجهاد البدني، وعدم الراحة لمُوظَّفي التزوُّد بالوقود في الطائرات، وفي بيئة المطار يكون خطر البخار الناتج عن الانسكاب مثيرًا للقلق بسبب التفاعلات المحتملة مع المواد الأخرى على مَدْرج المطار.
الحدُّ من مخاطر استخدام الهيدروجين كوقودٍ مستدامٍ في الطيران:
وللحدِّ من المخاطر، يَنْبغي للمطارات:
- تقييم آثار اختلاط البخار الكيميائي في المجال الجويِّ المحيط بمحطات التزوُّد بالوقود، ففي إعدادات المطارات يكون خطر البخار الناتج عن انسكاب الوقود مثيرًا للقلق بشكل خاص بسبب التَّفاعلات المحتملة مع المواد الأخرى على مَدْرج المطار.
- للتَّخفيف من المخاطر، يجب على المطارات تقييم آثار خَلْط البخار الكيميائي بالقرب من محطات التزوُّد بالوقود، بالإضافة إلى ذلك أدركت الدِّراسة أن المواد يمكن أن تواجه عطلًا؛ لذلك أَوْصَى الخبراء باستخدام التعريف البصري للإشارة إلى الإخفاقات.
- لتعزيز ممارسات السلامة، يلزم إصدار تعليمات السلامة الفنية Technical Safety Instruction (TSI) لتحديد الإجراءات الآمنة المطلوبة للتزوُّد بالوقود، وبالنَّظر إلى المخاطر الفنية المحدَّدة، يمكن استخدام TSI من قِبَلِ مُشغِّلي المطارات لتحديد السُّلوكيات الآمنة، والتواصل معها، وإدارتها بين عمَّال التزوُّد بالوقود في المواقف الخطرة لتقليل المخاطر والسَّلامة.
الخاتمة:
وقود الطيران المستدام (SAF) هو وقودٌ بديلٌ مصنوع من المواد الأوليَّة غير البترولية التي تُقلِّل من الانبعاثات من النَّقل الجويِّ، ويمكن إنتاج الوقود المستدام من المواد الأوليَّة المتجدِّدة غير القائمة على البترول، في حين أنَّه لا يزال إنتاج مؤسَّسة الطيران المستدام في مراحلِهِ الأولى، وتُعدُّ رحلة الطيران بوقود الهيدروجين جزءًا مُهمًّا من الطريق إلى صافي انبعاثات صفريَّة، ومع ذلك، فإنَّ تحديات السلامة حول التزوُّد بالوقود المستدام ليست مفهومةً جيدًا، ولكنها ذات أهميَّة قصوى لتمكين المطارات من أن تكون أكثر راحةً مع استخدام الهيدروجين في بيئة المطار.