مقدمة:
بينما تُعدُّ تكنولوجيا الواقع الافتراضي (VR) واحدةً من أكثر التقنيات الواعدة في العصر الحديث، حيث تُقدِّم فوائد متعددةً في مجالات سلامة التدريب، والتعليم، والتَّرفيه، فإنَّها تأتـي أيضًا مع مجموعة من المخاطر والتَّحديات التي يجب مراعاتها، وفَهْمُ هذه المخاطر يُعدُّ أمرًا حيويًّا لضمان استخدام هذه التقنية بشكلٍ آمنٍ وفعالٍ، وتقليل أي آثار سلبيَّة محتملة على المستخدمين.
بعض المخاطر المحتملة لاعتماد تقنية الواقع الافتراضي:
على الرغم من فوائد تقنية الواقع الافتراضي في مجال السلامة والتدريب، إلا أنَّ هناك بعض المخاطر المحتملة الَّتي يجب أَخْذها في الاعتبار عند اعتماد هذه التقنية، ومن بين هذه المخاطر:

المخاطر الصِّحيَّة:
- الإجهاد البصري والدُّوار (مرض المحاكاة):
- يمكن أن يؤدِّي استخدام نظَّارات الواقع الافتراضي لفترات طويلة إلى إجهاد العينين، والشُّعور بالدُّوار أو الغَثَيان، وينبع دُوَار الحركة المستحث بصريًّا، والمعروف أيضًا باسم: (مرض المُحَاكاة)، من الانفصال بين العينين/الدماغ والجسم؛ حيث تنقل عَيْناك إلى عقلكَ أنك في حالة حركة، على الرغم من أنَّ جسمك ليس كذلك، وهي حالة تُعْرف بـ(دُوَار الواقع الافتراضي)، أو Cybersickness.
- ولتقليل خطر الإصابة بمرض المُحَاكاة يُوصَى بأنَّ الوقت لا يزيد عن (20 دقيقة) في الواقع الافتراضي .
- نصيحة: تجنَّب التحوُّلات المفاجئة في مجال رؤية المستخدمين
المخاطر الجسدية:
- يمكن أن يتسبَّب الاستخدام المُفْرط للواقع الافتراضي في آلام جسديَّة؛ مثل: آلام الرقبة والظَّهر، نتيجة الوضعيَّات الثابتة لفترات طويلة.
- ويُعدُّ الاصطدام بالطاولات والجدران والأشياء الأخرى مَصْدر قلقٍ واضحٍ يجب مراعاته، ويُوصَى بمنع المتدرِّبين من المشي أكثر من (30 قدمًا) في أيِّ اتجاه ما لم يكن مُهمًّا ومَدْعومًا.
المخاطر النفسية:
- التأثير النفسي:
- التَّشويش بين الواقع والافتراضي: بعض الأفراد قد يتأثَّرون نفسيًّا من جرَّاء تجارب واقع افتراضي قد تكون مُرْعبةً أو مؤلمةً؛ ممَّا قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصحة النفسية.
- يمكن أن يؤدِّي الاستخدام المكثَّف للواقع الافتراضي إلى صعوبة في التَّفريق بين العَاَلمين الافتراضي والحقيقي؛ ممَّا قد يؤثر على الصحَّة النفسية للمستخدم.
- الإدمان: قد يتطوَّر الإدمان على استخدام التقنية بشكلٍ مُفْرطٍ، خاصةً إذا كانت التجارب الافتراضية مثيرةً للاهتمام بشكلٍ كبيرٍ.
- العُزْلة الاجتماعية: يمكن أن يؤدِّي الانغماس في عالم افتراضي إلى العُزْلة الاجتماعية، حيث يمكن للأفراد قضاء وقتٍ طويلٍ داخل بيئة افتراضية، وتجاهل التفاعلات الاجتماعيَّة الحقيقية.
المخاطر الأمنيَّة والخصوصية:
- اختراق البيانات: قد تكون بيانات المستخدمين الشخصيَّة والحسَّاسة مُعرَّضةً لخطر الاختراق والسرقة إذا لم تكن هناك إجراءات أمان كافية.
- التتبُّع والمراقبة: يمكن أن تستخدم تقنيات الواقع الافتراضي لتتبُّع تحرُّكات وسلوكيَّات المستخدمين؛ ممَّا يثير مخاوف بشأن الخصوصية.
المخاطر التكنولوجية:
- المشاكل التقنية: قد تواجه تقنيات الواقع الافتراضي مشاكل تقنية (مثل: التأخير في الاستجابة، أو الأعطال المفاجئة)؛ ممَّا يمكن أن يُفْسد تجربة المستخدم.
- تحديات التنفيذ: إنَّ التنفيذ الناجح للواقع الافتراضي يتطلَّب فريقًا متعدِّد التخصُّصات لإنشاء محتوًى مؤثر؛ مثل: المُبَرْمجين، وفنَّانـي الجرافيك، ومُصَمِّمي واجهة المستخدم، وخبراء الموضوع، وخبراء حالات الاستخدام.
- الحاجة لمُعدَّات متقدِّمة: تتطلَّب تكنولوجيا الواقع الافتراضي مُعدَّات متطوِّرة، وغالبًا ما تكون باهظة الثمن؛ ممَّا يجعلها غير متاحةٍ للجميع.
التحديات التعليميَّة:
- التَّأقلم مع التكنولوجيا الجديدة: يحتاج المستخدمون إلى وقتٍ وجهدٍ للتأقلم مع تقنيات الواقع الافتراضي، وفَهْم كيفيَّة استخدامها بشكلٍ صحيحٍ وآمنٍ.
- التقليل من التعلُّم التقليدي: قد يؤدِّي الاعتماد المُفْرط على الواقع الافتراضي إلى تقليل التَّركيز على طُرق التعلُّم التقليدية المهمَّة؛ مثل: القراءة والتفاعل المباشر.
- الاختلافات بين الأجيال:
- الجيل الأصغر (جيل الألفيَّة، والتبنِّي السريع للتكنولوجيا): يميل الجيل الأصغر إلى تبنِّي التكنولوجيا بسرعة، والتأقلم معها بسهولةٍ؛ ممَّا يُقلِّل من بعض المخاطر؛ مثل: الإجهاد البصري، والدُّوار، ويميل الشَّباب إلى استخدام التكنولوجيا لفتَرات طويلة؛ ممَّا يزيد من مخاطر الآثار الجسديَّة والنفسيَّة.
- الجيل الأكبَر، والتحدِّي في التكيُّف: قد يجد الجيل الأكبر صعوبةً في التكيف مع التكنولوجيا الجديدة؛ ممَّا يجعلهم أكثر عُرْضةً للمخاطر المرتبطة بالاستخدام غير الصحيح، وقد يكون الأفراد الأكبر سنًّا أكثر عُرْضةً للآثار الصحية السلبية؛ مثل: الدُّوار، والإجهاد البصري.
يجب الأخذ في الاعتبار أيضًا المخاطر:
- قضايا بيئة العمل: هذا مصدر قلق يستحقُّ النظر، وَفْقًا لباحثين من جامعتي شمال (إلينوي) وولاية (أوريغون)، الذين وجدوا أنه عندما مدَّ مُسْتخدمو الواقع الافتراضي أذرعهم مباشرةً أثناء التمرين، شعر البعض بعدم الراحة في أقل من ثلاث دقائق، ووجدوا أيضًا أن سماعات الرأس VR يمكن أن تُسبِّب ضغطًا على العمود الفقري العنقي؛ ممَّا قد يؤدي إلى إجهاد الرقبة.
- كإجراءٍ وقائيٍّ، يحتاج المُطوِّرون والمُبَرمجون إلى ضمان تفاعل المشاركين أو المتدرِّبين مع الأشياء على مستوى العين قَدْر الإمكان، ويجب أن تكون هذه الأشياء قريبةً من الجسم.
- التكاليف: بناء وتطوير تجارب الواقع الافتراضي يمكن أن يكون مكلفًا؛ سواءً من ناحية المُعدَّات اللازمة، أو تطوير البـرمجيَّات؛ ممَّا قد يُشكِّل عبئًا ماليًّا على المؤسسات والأفراد.
ولاحظ أنَّ هذه المخاطر ليست معروضةً في كلِّ الحالات، ويمكن تقليلها بواسطة تصميم منصَّات وتجارب واقع افتراضي تأخذ في الاعتبار مبادئ السَّلامة والتَّوجيهات الاجتماعية.
خاتمة:
في حين أنَّ تكنولوجيا الواقع الافتراضي تُقدِّم إمكانيات هائلة، وتَعِدُ بفتح آفاق جديدة في العديد من المجالات، من المهمِّ الاعتراف بالمخاطر المحتملة المرتبطة بها، والعمل على معالجتها، ومن خلال فَهْم هذه التحديات، واتِّخاذ التدابير اللازمة للتخفيف منها، يمكن تحقيق استخدام آمن وفعَّال لهذه التكنولوجيا المتقدمة؛ ممَّا يضمن تحقيق فوائدها الكاملة دون المساس بصحَّة وأمان المستخدمين.
ويمكن تطوير استراتيجيات لتَوْجيه استخدام الواقع الافتراضي بشكلٍ أكثر أمانًا وفعاليةً؛ ممَّا يضمن تحقيق أقصى استفادة من هذه التقنية المتقدِّمة مع تقليل الآثار السلبية المحتملة.