مُقدِّمة:
في عالمٍ يتَّسم بالتطوُّر التكنولوجي السريع، أصبح من الضُّروري اعتماد أحدث الابتكارات لتحسين مجالات العمل المختلفة، ومن أبرز هذه المجالات: التدريب على السلامة، وتَبْرز تكنولوجيا الواقع الافتراضي (VR) كأداةٍ فعَّالةٍ ومبتكرةٍ لتقديم تجارب تدريبيَّة واقعيَّة ومُحَاكية للواقع، تُمكِّن العاملين من اكتساب مهارات حيويَّة دون التعرُّض للمخاطر الفعليَّة. ومن خلال الاستفادة من هذه التكنولوجيا، يمكن تعزيز مستوى السَّلامة والكفاءة في بيئات العمل، وتحسين استجابة الموظَّفين للطوارئ؛ ممَّا يُسْهم في تقليل الحوادث، والحفاظ على الأرواح والممتلكات.
إنَّ استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي (VR) في التدريب على السلامة يُوفِّر مجموعةً من الفوائد التي تُعزِّز من فعالية وكفاءة برامج التدريب، ومن بين هذه الفوائد:
1.بيئة تدريب آمنة: واحدة من أكبـر مزايا الواقع الافتراضي للتَّدريب على السلامة هي القدرة على غمر المتدرِّبين في بيئة واقعيَّة، ومُحَاكاة، وهذا يسمح لهم بتجربة وممارسة التَّعامل مع المخاطر المحتملة، وحالات الطوارئ في بيئة خاضعة للرِّقابة دون التعرُّض لخطر الضَّرر الفعلي؛ ممَّا يضمن سلامتهم خلال فترة التدريب.
2. تجارب واقعيَّة: تُمكِّن تقنية الواقع الافتراضي المتدرِّبين من تجربة مواقف واقعيَّة ومعقَّدة بطريقة تفاعلية وملموسة؛ ممَّا يُعزِّز من قدرتهم على تذكُّر الإجراءات الصحيحة، وتطبيقها في الحياة الواقعية.
3 .تعزيز الاستجابة للطوارئ: يمكن استخدام التَّدريب على سلامة الواقع الافتراضي لمُحَاكاة سيناريوهات الطوارئ الَّتي يُمْكن أن تكون جانبًا مُهمًّا من التدريب.
- من خلال مُحَاكاة حالات الطوارئ (مثل: الحرائق، والتَّسريبات الكيميائية، أو الأعطال الميكانيكيَّة)، يمكن تدريب الموظَّفين على الاستجابة السريعة والفعَّالة لهذه المواقف؛ ممَّا يزيد من جاهزيَّتهم للتعامل مع الطوارئ.
- على سبيل المثال: يمكن لرجال الإطفاء ممارسة إطفاء الحرائق في بيئات الواقع الافتراضي، بينما يمكن لمُتَخصِّصي الرعاية الصحية ممارسة إجراءات الطوارئ؛ مثل: التَّعامل مع الوباء.
- يمكن أن يمنح هذا الموظَّفين الثِّقة الَّتي يحتاجون إليها للتعامل مع حالات الطوارئ في العالم الحقيقي؛ ممَّا يؤدِّي في النهاية إلى إنقاذ الأرواح.
- هذا النَّوع من التدريب مهمٌّ بشكلٍ خاصٍّ للموظَّفين في المجالات عالية الخطورة|؛ لأنه يسمح لهم بالتعرُّف على إجراءات الطوارئ، وبناء الثِّقة الَّتي يحتاجون إليها للتعامل مع حالات الطوارئ في العالم الحقيقيِّ.
4. تكرار التَّدريب وتحسين الأداء: يمكن إعادة نفس السِّيناريوهات التدريبيَّة عدَّة مرَّات لتحسين مهارات المتدرِّبين، ومتابعة تقدُّمهم، وتحديد نقاط الضَّعف للعمل على تحسينها.
5. تكلفةٌ أقلُّ، وأثرٌ بيئيٌّ منخفض:
- بالمقارنة مع التدريب العملي التقليدي الذي قد يتطلَّب استخدام مواد ومُعدَّات خاصة، أو تنظيم ورش عمل في مواقع مُعيَّنة، فإنَّ الواقع الافتراضي يُوفِّر حلًّا أقل تكلفةً، وأكثر استدامة بيئيًّا.
- يمكن أن يُقلِّل التَّدريب على الواقع الافتراضي أيضًا من التكاليف المرتبطة بطرق التدريب التقليدية.
- يمكن أن يكون هذا مفيدًا بشكلٍ خاصٍّ للشركات التي لديها عددٌ كبيرٌ من الموظَّفين، أو لتلك التي تتطلَّب تدريبًا منتظمًا على السلامة.
- بدلًا من الحاجة إلى مُعدَّات باهظة الثمن، أو مُدرِّبين، أو السَّفر للتدريب خارج الموقع، يسمح الواقع الافتراضي بإنشاء تجربة تدريب غامرة بجزءٍ بسيطٍ من التكلفة.
- يمكن أن يكون هذا توفيرًا كبيرًا في التكاليف للشركات؛ حيث يمكن أنْ تكون طرق التدريب التقليديَّة باهظة الثَّمن، بالإضافة إلى ذلك فإنَّه يُسْمَح للموظَّفين بتلقِّي التدريب بشكل متكرر؛ ممَّا قد يؤدي إلى أداء أفضل، وزيادة السلامة.
6. التدريب عن بُعْد: يمكن أيضًا استخدام تدريب الواقع الافتراضي للتَّدريب عن بُعْد، والذي يمكن أن يكون مفيدًا بشكلٍ خاصٍّ للشركات ذات المواقع المتعددة، أو لتدريب الموظَّفين الذين يعملون عن بُعْد، وهذا يسمح بتجربة تدريب مُنَسَّقة لجميع الموظفين بِغضِّ النظر عن الموقع؛ ممَّا يُسهِّل عمليَّة التدريب للمجموعات الكبيرة، أو للأفراد الموجودين في مواقع جغرافيَّة مختلفة.
7 .تحليل البيانات، وتقديم التَّغذية الراجعة:
- يمكن جَمْع وتحليل البيانات المتعلِّقة بأداء المتدرِّبين داخل البيئة الافتراضية؛ ممَّا يسمح للمدرِّبين بتقديم تغذية راجعة دقيقة وفوريَّة تساعد في تحسين الأداء، وتطوير المهارات.
8. تعزيز التفاعل والتعاون: يمكن استخدام الواقع الافتراضي لتَدْريب الفِرَقِ على العمل الجماعي، والتَّعاون في حالات الطوارئ؛ ممَّا يُعزِّز من مهارات التَّواصل والتنسيق بينهم.
9. تحسين الوعي بالمخاطر: من خلال تجربة المواقف الخطرة بشكلٍ واقعيٍّ، يمكن للمتدرِّبين أن يصبحوا أكثر وَعْيًا بالمخاطر المحتملة، وكيفيَّة تجنُّبها؛ ممَّا يُسْهم في خَلْق بيئة عمل أكثر أمانًا.
فائدة أخرى للتَّدريب على سلامة الواقع الافتراضي: هي القدرة على تتبُّع التقدُّم، وقياس النتائج باستخدام الواقع الافتراضي.
- يمكن للمُدرِّبين بسهولة تتبُّع تقدُّم المُتَدرِّبين، ومراقبة أدائهم، وتقديم الملاحظات، وهذا يسمح بتجربة تدريب أكثر استهدافًا وفعاليًة.
- يساعد على ضمان إتقان الموظَّفين للمهارات التي يحتاجونها للبقاء آمنين في العمل.
- يسمح ذلك للمُدرِّبين بتحديد المجالات الَّتي قد يحتاج فيها المُوظَّفون إلى تدريب إضافـي، وتقديم تعليمات مُسْتهدفة لمعالجة هذه المجالات.
- يسمح للمُدرِّبين بمراقبة أداء الموظفين، وتقديم الملاحظات؛ ممَّا قد يؤدِّي إلى تحسين الأداء، وزيادة السلامة.
- أظهرت دراسة Welding Journal الَّتي أَجْرتها جامعة ولاية (أيوا) أنَّ عمال اللِّحام الذين خضعوا لتدريب الواقع الافتراضي لِمَا لا يقلُّ عن نصف دروسهم، حقَّقوا نتائج أفضل في أربعة مؤهلات مُقَاسة من أولئك الذين تمَّ تدريبهم بالطريقة التقليدية.
- وأنَّ برنامج التَّدريب على الواقع الافتراضي لسلامة مناجم الفحم الَّذي طوَّروه ونفَّذوه لخدمات الفحم في (نيو ساوث ويلز)، أدَّى إلى انخفاض معدلات الوقت الضائع بنسبة (43% تقريبًا) على الرغم من زيادة قوَّتها العاملة بنسبة (62%)، وزيادة إنتاج الفحم بنسبة (25%).
خاتمة:
تُعْتَبر تكنولوجيا الواقع الافتراضي أداةً قويةً ومبتكرةً في مجال التدريب على السلامة، حيث تُوفِّر بيئة تدريب آمنة وفعَّالة تُمكِّن المتدرِّبين من اكتساب المهارات اللَّازمة للتعامل مع المواقف الخطرة، وتحسين استجابتهم للطوارئ، ومع التقدُّم المستمرِّ في هذه التكنولوجيا يمكن توقُّع المزيد من التطوُّرات والابتكارات التي تُعزِّز من كفاءة برامج التدريب على السلامة، وتُسْهم في خَلْق بيئات عمل أكثر أمانًا.
ويجب على أصحاب العمل التَّفكير في الاستثمار في تقنية الواقع الافتراضي لبَرامج التدريب على السلامة الخاصة بهم لزيادة مشاركة الموظَّفين وأدائهم، وإنقاذ الأرواح في نهاية المطاف.
