حالة من الحزن الشديد سيطرت على منطقة المطرية بمصر بعد حادث حريق مستشفى النور المحمدي، الذي أسفر عن وفاة (3 أشخاص)، وإصابة (32 آخرين)، وقد كافحت سيارات الإطفاء – التي هرعت إلى موقع الحريق بعد تصاعد ألسنة النيران والأدخنة للسماء – لمدة ساعة على الأقل حتى نجحت في إخماد الحريق.
دخان الحريق:
خلافًا للاعتقاد الشائع، فإنَّ السبب الرئيس للوفاة والعديد من الإصابات – في حالة نشوب حريق – ليس الحروق، بل استنشاق الدخان، فيمكن للدخان السام المُحمَّل بالسخام المنبعث من النار أن يقتل شخصًا حتى قبل أن تصله النار. وتُعْزى أسباب معظم الإصابات في الحادث إلى استنشاق دخان الحريق، فأثناء الحريق ينفد الأكسجين بسرعة، ويتمُّ إطلاق كمية كبيرة من الغازات السَّامَّة (مثل: أول أكسيد الكربون، وثانـي أكسيد الكربون، وسيانيد الهيدروجين، وكلوريد الهيدروجين) في الهواء، ثم يتمُّ استنشاقها من قِبَلِ الضحايا، ثم تتسبَّب هذه الغازات السامَّة في إصابات الرئة؛ ممَّا يؤدِّي لاحقًا إلى انسداد الجهاز التنفسي، وإصابة الخلايا، وفشل الأعضاء، والجدير بالذِّكر أن أكثر من (80%) من الوفيات المرتبطة بالحرائق ناتجة عن التسمُّم بأول أكسيد الكربون أثناء الحرائق.
كيف تؤثر هذه الغازات السامَّة على جسم الإنسان؟
أول أكسيد الكربون: يتمُّ إطلاق هذا الغاز القاتل أثناء عملية الاحتراق، ويمكن أن يتسبَّب استنشاقه في نقص الأكسجين في الأنسجة، وموت محتمل عند دمجه مع الهيموجلوبين.
ثاني أكسيد الكربون: منتج ثانوي آخر للحريق، هو ثاني أكسيد الكربون، والذي يمكن أن يزيد من صعوبة التنفس.
سيانيد الهيدروجين: يتمُّ إطلاق هذا الغاز السامِّ عند حرق المنتجات المنزلية؛ مثل: المراتب، أو الأقمشة الحريرية، أو السجَّاد، أو الصوف، أو الأثاث، وهو مثل أول أكسيد الكربون، يمكن أن يتسبَّب سيانيد الهيدروجين في الوفاة بسبب تلف الأنسجة والأعضاء.
كلوريد الهيدروجين: منتج ثانوي لحرق البولي فينيل (مركب شائع يستخدم في المفروشات والأثاث)، وكلوريد الهيدروجين يُسبِّب التهاب الشُّعب الهوائية الحاد عن طريق تدمير الغشاء المخاطي للممرات الهوائية.
أعراض استنشاق الدخان:
تختلف أعراض استنشاق الدخان حسَب شدة التسمُّم، ومن المهم إعطاء العناية الطبية للشخص إذا تجاوزت مستويات الكربوكسي هيموجلوبين (مركب يتكوَّن عندما يتفاعل أول أكسيد الكربون والهيموجلوبين في الدم) نسبة (15%)، وعندما تكون المستويات بين (15% -20%)، قد تعاني الضحية من الصداع والارتباك. وفي عمر (20-40)، يمكن أن يُسبِّب الارتباك والتعب والغثيان، ومشاكل في الرؤية، ويمكن توقُّع الهلوسة والغيبوبة لدى الضحايا بنسبة (40%-60%) من مستويات الكربوكسي هيموغلوبين، وأي شيء يزيد عن (60%) سوف يُسبِّب الموت.
وفيما يلي أهم الأعراض الصحيَّة الفورية الناتجة عن استنشاق الدخان:
السُّعال الشديد.
ضيق التنفُّس.
سرعة في ضربات القلب.
الشعور بالنهجان.
سيلان في اللُّعاب.
وَخْز في الأطراف.
الغَثيان.
الإغماء.
الأكثر عُرْضة للخطر:
على الرغم من أن استنشاق الدخان يمكن أن يكون قاتلًا لأي شخص بغضِّ النظر عن العُمر، أو الحالة الصحية، فإنَّ الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب، والأوعية الدموية، وأمراض الرئة، وآلام الصدر والربو- مُعرَّضون لخطرٍ أكبر.
كما أنَّ كبار السنِّ مُعرَّضون لخطرٍ أكبر بسبب ضعف صحة القلب والأوعية الدموية والرئة.
يميل الأطفال إلى استنشاق المزيد من الهواء لكلِّ رطل من وزن الجسم مقارنةً بالبالغين؛ لذلك هم أيضًا أكثر عُرْضةً للوفيات من استنشاق الدخان.
إرشادات السلامة للتعامل مع حالات الاختناق أثناء الحرائق:
عند تعرُّض الشخص للاختناق بسبب دخان الحرائق يجب التدخُّل على الفور للحدِّ من المشكلات الصحية الناجمة عن الحريق، وذلك عن طريق القيام بالإسعافات الأوليَّة المطلوبة، والتي يمكن إجمالها فيما يلي:
يجب نَقْل الشخص في مكانٍ جيِّد التهوية بعيدًا عن مكان الحريق، وذلك لمساعدته على تنفس أكسجين طبيعي، وحتى لا يتشبَّع دمه بالمزيد من ثاني أكسيد الكربون.
مساعدته على النوم على الجانب الأيسر؛ وذلك بهدف تحسين تدفُّق الدماء في الجسم؛ ممَّا يساعد على التنفس بصورة أفضل، ويُعرَف هذا الوَضْع بـ (وَضْع الإفاقة).
إذا كان الشخص لا يستطيع التنفُّس، فيجب مساعدته على التنفس عن طريق الإنعاش القلبي الرئوي.
إذا كان الشخص ما زال لا يتنفَّس، فعلينا مباشرة عملية التنفس، وذلك عن طريق ما يُسمَّى بـ (التنفُّس من الفم للفم).
بالرغم من القيام بالخطوات السابقة، يجب الإسراع في نَقْل المريض للمستشفى لضمان سلامة المريض، وللاطمئنان على سلامة الوظائف الحيويَّة للجسم.
ممارسات خاطئة:
وهناك بعض العادات الخاطئة التي يقوم بها البعض عند إسعاف المريض، والتي لا تُجْدي نفعًا، ولكنها تعود عليه بمزيدٍ من الضرر، ومن أبرزها ما يلي:
النفخ في وجه المريض؛ ممَّا لا يساعده على التنفس بشكل سليم، وإنما يزيد شعوره بالاختناق.
محاولة إعطاء المصاب الماء أو أي مشروبات؛ ممَّا يعمل على سدِّ مجرى التنفس، خاصةً عند الإصابة بالسُّعال.
التجمُّع وتكدُّس الكثيرين حول الشخص المصاب؛ ممَّا لا يساعده على التنفُّس بشكل سليم، وإنما يزيد شعوره بالاختناق.
البكاء الكثير، والحديث عن المضاعفات التي قد يتعرَّض لها الشخص المصاب؛ ممَّا يزيد من خوفه وقلقه، فهو يحتاج لحسن التصرُّف، ومزيد من الهدوء النفسي حتى يهدأ ذعره.