منذ الأزل تلعب المرأة دورًا بارزًا وفعالًا في الحياة الأسرية حصرًا، فالمرأة أميرة منزلها , ولكن اليوم كسرنا تلك الصورة النمطيَّة بهدف تسليط الضوء على أهمية مشاركة المرأة في ميادين العمل كافَّة، وخَلْق قدرٍ من المساواة الممكنة بين مفهومي الرجولة والأنوثة, وهنا يبرز مصطلح جديد قوي في معناه ولفظه، ألَا وهو: «تمكين المرأة».
ومصطلح «تمكين المرأة» يحمل تحت طيَّاته مفهوم تقوية المرأة، وفسح المجال أمامها لتُعبِّر عن ذاتها، ولتبرز قوَّتها على جميع الأصعدة حتى ضمن تلك الدائرة الصغيرة (المطبخ) الذي أحاطها بها المجتمع ليُقيِّدها فأبدعت!
«المطبخ» ذلك العالَم الذي يدور في فَلَكه مجالات مهمة، بل محوريَّة في عصرنا هذا، نذكر منها: مجال «سلامة الغذاء/جودة الغذاء…»، الذي يحتلُّ اليوم المرتبة الأولى على عرش السلامة؛ لأنه يرتبط ارتباطًا تامًّا مع صحَّة الإنسان وحياته, فتلك المرأة التي كانت مُبَرمجة على «جَلْي الصحون»، أصبحت اليوم تراقب خطَّ إنتاجٍ ضخم لأهمِّ المنتجات والشركات، وتُشْرف على عمليَّات التنظيم العلمي التي تصف سبل التعامل، مع تصنيع وتخزين الغذاء من خلال طُرُقٍ تَقِي من الإصابة بالأمراض المنتقلة عن طريق الأغذية.
أصبحنا اليوم مُعْتادين على تقبُّل وجود المرأة في المجالات كافَّة، وخاصةً في مناصب حسَّاسة ومهمة لَطَالما كانت محصورةً على الذُّكور فقط, فاليوم وظيفة المراقب الصحي، أو مُدقِّق الجودة، أصبحت تَشغرها النِّساء بجدارةٍ حتى قاربت أن تصبح حِكْرًا لهنَّ، وذلك لما تتطلَّبه من دقَّةٍ وانتباهٍ للتفاصيل، ومراعاة للمعايير الدوليَّة المنصوص عليها، وأهمها: إجراءات الوقاية العامَّة لسلامة الطعام، والتي تنصُّ على ضرورة اتِّباع بروتوكول السلامة لضمان الحصول على منتجٍ سليمٍ وآمنٍ, ويمكننا أن نُذكِّر ببعضٍ من تلك الإجراءات على سبيل المثال، لا الحصر:
أوَّلًا: النظافة على جميع الأصعدة، وأوَّلها على الصعيد الشخصي (للأشخاص الذين هم على احتكاكٍ مباشرٍ مع الطعام في كلِّ مراحل تصنيعه)، ومن ثَمَّ نظافة المكان والأشياء المستعملة في عمليات التَّصنيع والتحضير بدءًا من سطح المطبخ، ومرورًا بألواح التقطيع إلى أدوات الطبخ، أو الماكينات المستعملة على صعيد المعامل والمصانع)، وأخيرًا، نظافة وسائل النَّقل، وانتهاءً بمكان الحفظ والتخزين (لضمان تخزين الأطعمة في درجة حرارة مُعيَّنة بعيدًا عن الرطوبة).
ثانيًا: فصل أنواع الأغذية لتجنُّب خطر التلوُّث بين أصناف الطعام؛ (كفصل منتجات الدواجن واللحوم والأسماك عن باقي الأطعمة الجاهزة للأكل والفاكهة والخضراوات).
وأخيرًا، وصلنا إلى النقطة الجوهريَّة والحرجة، ألَا وهي: (الحرارة):
أولًا: من ناحية طهي الطعام جيدًا لمدة كافية، وعلى درجة حرارة لا تقلُّ عن (85م) لضمان قتل العوامل المُمْرضة (الباثوجين) التي تُسبِّب المرض.
ثانيًا: من ناحية التَّبريد الجيِّد، والتأكُّد من أنَّ حرارة البـرَّاد تصل إلى (4م)، وحرارة الثلاجة (17-م).
هذه النَّقلة النوعيَّة أتاحت للمرأة القدرة على اتِّخاذ القرارات الاستراتيجيَّة التي تُمكِّنها من السيطرة على زمام الأمور في حياتها، وتُكْسبها قوة صُنْع القرار، والاستقلاليَّة الذاتيَّة بعد أن كانت تُعتَبر تابعًا، لا حول لها، ولا قوَّة.
ولكن، رغم دعمنا الكبير لمصطلح «تمكين المرأة»، إلا أنَّنا حريصون جدًّا على إبقاء التوازن في معادلة المساواة بين الرجل والمرأة، وخَلْق التناغم بينهما؛ ليظلَّ كلُّ طرفٍ منهما مُكمِّلًا للطرف الآخر، لا أن يُلْغيه!
ويَطُول الحديث عن دور المرأة، وأهمية تمكينها في المجتمع، ذلك الدور الذي يتَرابط ترابطًا وثيقًا مع مصطلح: «مشاركة المرأة في المجتمع»؛ لأنَّ التمكين يبرز من خلال المشاركة الفعَّالة، وإتاحة المجال أمامها، وخَلْق الفرص، والإيمان بقدراتها الَّتي تتخطَّى حدود الإبداع، وهنا لا يَسعُني إلَّا أن أُحيِّي كلَّ امرأة عاملة ومكافحة؛ لأنَّ «المرأة التي تهزُّ السرير بيمينها، قادرة على أن تهزَّ العالم بيسارها».