مقدمة:
تُعْتبر ظاهرة استخدام الألعاب الناريَّة والمُفَرقعات من الظواهر السلبيَّة المنتشرة في مجتمعاتنا العربية أيضًا، ورغم التحذيرات الصحيَّة والاجتماعيَّة من خطورة تلك الألعاب، فإنَّ بيعها مازال منتشرًا بلا رقيب. وفي الأعياد يزداد إقبال الأطفال والشباب على شراء الألعاب الناريَّة والمُفَرقعات المنتشرة في الأسواق العربية رغم حَظْر معظم السُّلطات الأمنية العربية استخدامها بسبب خطورتها، وككل عامٍ تكثر الإصابات بالعين، والحروق بالجلد والوجه لدى الأطفال، رغم التحذير المستمر من الظاهرة السلبيَّة لاستخدام هذه الألعاب الناريَّة المنتشرة في مجتمعاتنا، ومحاولة توعية الأهل وأفراد المجتمع بمخاطرها.
حوادث الألعاب الناريَّة:
إنَّ سِجلَّ الألعاب الناريَّة يعجُّ بالحوادث الخفيفة والأليمة، العابرة والكارثيَّة، ففي ديسمبر الماضي تحوَّل احتفال بالألعاب النارية في (سيدني) إلى حَدَثٍ حزين بعدما تسبَّبت الشرارات المتطايرة في إصابة (9 أشخاص) على الأقل، كما لقيت سيدة برازيلية مصرعها بعدما انفجرت فيها الألعاب الناريَّة أثناء الاحتفال بليلة رأس السنة، واندلع أيضًا العديد من الحرائق بسبب تلك الألعاب الخطرة، لعلَّ أبرزها في عام 2016م؛ حيث لقي (31 شخصًا) على الأقلِّ مصرعهم، وأُصيبَ أكثر من (70 شخصًا) جرَّاء انفجارٍ في سوق (سان بابليتو) للألعاب النارية في مدينة (تالتيبيك) على بُعْد (32 كيلومتر) من العاصمة المكسيكية (مكسيكو سيتي).
كما تُسجِّل صفحات الحوادث في بلادنا مأسي الأطفال الذين تُبْتر أيديهم نتيجة جَمْعهم أموال العيديَّة، وشرائهم ألعابًا نارية، وتتحوَّل فرحتهم بالعيد إلى مأتمٍ بعد أن أصبحوا أطفالًا عاجزين طوال عمرهم بعد بَتْر أطرافهم، كما لقي طفلان مصرعهما بمحافظة الجيزة المصرية حين شبَّ حريق هائل بشقة أحد الساكنين، وتَبيَّن أن الحريق ترتَّب عليه احتراق حجرة الطفلين التوأمين بالكامل بعد إصابتهما بحروق متفرقة بالجسم، ونُقِلَا إلى مستشفى، وتُوفِّيا عقب وصولهما متأثرين بإصابتهما، وتَبيَّن أن سبب الحادث هو قيامهما باللهو بالألعاب الناريَّة التي ترتَّب عليها الحادث.
وقد تسبَّبت الألعاب الناريَّة في إصابة (40%) من الأطفال دون سنِّ الخامسة عشرة، وَفْقًا لتقديرات الأكاديميَّة الأمريكية لطب الأطفال فرع ولاية (ويسكونسن)، والجدير بالذِّكر أنَّ مخاطر الألعاب الناريَّة المنزليَّة تشمل الحروق، والإصابات بسبب القطع المتناثرة، واستنشاق الدُّخان الذي قد يؤدِّي إلى مشاكل في الجهاز التنفسي؛ مثل: الربو.
الألعاب الناريَّة خطر عظيم:
الألعاب النارية لها تأثيرٌ ضارٌّ على صحة الإنسان والبيئة، ولا يقتصر ضررها على الأشخاص الأكثر عُرْضةً للمخاطر؛ مثل: الأطفال، والمُصَابين بالرَّبو، بل إنَّها تصل في النهاية إلى الحدائق والأنهار والغابات. وقد رصد الخبراء المُتخصِّصون في هذا المجال القدرات الخاصَّة للألعاب النارية في الاشتعال والحرق، مُوضِّحين عدَّة حقائق خطيرة؛ منها: أنَّ الألعاب الناريَّة ذات الشَّرر تصبح أشد سخونةً بمقدار خمس مرات من زيت الطبخ، كما يمكن أن تصل سرعة أحد صواريخ الألعاب الناريَّة إلى (150 م/س)، ويمكن أن تنطلق قذيفة الألعاب الناريَّة إلى ارتفاع يصل إلى (200 متر)، وثبت أيضًا أنه يُولِّد اشتعال ثلاثة أعواد من الألعاب النارية ذات الشرر معًا الحرارة نفسها التي يُولِّدها موقد لحام المعادن، وهذه الحقائق العلمية تُؤكِّد خطورة الألعاب النارية على مُسْتخدميها، وعلى الآخرين المتواجدين في محيط استخدامها أيضًا، وذلك نظرًا لما تُسبِّبه من حروق وتشوُّهات مختلفة تؤدِّي إلى عاهات مستديمة أو مؤقتة، كما أنها تُحْدث أضرارًا في الممتلكات جرَّاء ما تُسبِّبه من حرائق.
فهذه الألعاب الناريَّة تحمل شرارات خطيرة، ويظنُّ مستخدموها أنها آمنة ولا تنفجر، ولكنها في الحقيقة تحمل في تكوينها مظاهر الخطورة، حيث إنَّ سخونة رؤوسها قد تصل إلى (1800 درجة فهرنهايت) = (982 درجة مئوية)، وهي ساخنة بدرجة كافية لإذابة الذهب.
كما تُعتَبر الألعاب النارية من أسباب التلوُّث الكيماوي والفيزيائي، وكلاهما خطرٌ، فالرائحة المنبعثة من احتراق هذه الألعاب تؤدِّي إلى العديد من الأضرار، بالإضافة إلى الأضرار الكارثيَّة التي قد تنتج عن انفجار الألعاب النارية إذا كانت مخزونةً بطريقة خاطئة على سبيل المثال.
نصائح للسلامة:
وبدلًا من أن تتحوَّل احتفالاتنا إلى أحزان وبكاء ومخاطر؛ لذلك لا بد من المحافظة على سلامة أطفالنا في الأعياد، وحمايتهم من أضرار تلك المفرقعات، وذلك من خلال:
- الامتناع كليًّا عن شراء هذه الألعاب الخطرة، وضرورة توعية الوالدين بخطر الألعاب الناريَّة على العين، أو الإصابة بالحروق.
- في حال شراء المفرقعات أو المسدسات ذات الكرات البلاستيكيَّة القاذفة، فلابد أن يكون الأطفال تحت رقابة وإشراف الأهل.
- من الضروري ارتداء نظارات للوقاية، إضافة إلى القُفَّازات لتجنُّب حروق اليدين.
- من الواجب قيام بعض الجمعيات ووسائل الإعلام ببعض البرامج التوعوية؛ ليمرَّ العيد بسلام دون أن يتعرَّض الطفل لمخاطر تهدد سلامته.
- من الضروري معرفة الطرق الصحيحة للتعامل مع الأضرار إذا حدثت بشكل جيد، مع ضرورة توعية الأطفال بأخطار هذه الألعاب، وما تُسبِّبه من كوارث.