السلامة البصريَّة للمباني هو جزءٌ لا يتجزَّأ من عناصر المباني المستدامة، فله دورٌ كبيرٌ في سلامة المستخدمين فكما ذكرت الكاتبة(سينثياماكولو) في كتابها، تصميم مبني على الأدلة لمنشآت الرعاية الصحية، المنشور عام 2010، (يُعدُّ المشهد المرئي الرائق مهمًّا لتقليل مستوى الضغط على المستخدمين)، وبالتالي تكاد لا تخلو المباني المستدامة من السلامة البصرية.
وقد بَعُد دور المرأة بعض الشيء عن المباني في القرون الأولى، إلا أنَّها لم تَغِبْ عن دورها في السلامة البصرية، فمنذ بداية الخليقة حيث كانت المرأة هي العنصر الأساسي والمهم في المحافظة على السلامة البصرية في محيطها، وقد كافح العديدُ من النساء لإظهار مواهبهنَّ في السلامة البصرية للعامة، وهذا ما فعلته المعماريَّة والمخترعة الأمريكية (آنا واجنركيشلين)، التي كانت «واحدة من أوائل النِّساء اللواتي مارسن الهندسة المعمارية باحتراف»، وقد تمَّ تكريمها في عام 2002 بوضع علامة تاريخيَّة رسميَّة في ولاية (بنسلفانيا) أمام مسرح (بلازا) الذي صمَّمته في عام 1925.
ولاتزال المرأة محافظةً على دورها في السلامة البصرية، فمن أهمِّ الأمثلة الحديثة: ما فعلته المهندسة المعماريَّة الراحلة(زاها حديد)، التي غيَّرت مفهوم الناس عن المباني، وكسرت جمودها بتصاميمها المختلفة، وأثرت بتصاميمها السلامة البصريَّة في المكان؛ حيث حصلت المهندسة الراحلة على جائزة (بريتزكر) للهندسة المعماريَّة، والتي غالبًا ما يُشَار إليها باسم: (نوبل للهندسة المعماريَّة)، و(وسام الشرف الأعلى في المهنة)، وذلك عام 2004، وذلك لما أظهره عملها المبني على مزجٍ في الصفات من الموهبة والرُّؤية والالتزام، والتي أنتجت مساهمات مُتَّسقة ومهمَّة للإنسانية والبيئة المبنيَّة من خلال فنِّ العمارة.
ولم تكتفِ المرأة بهذا القدر، بل أصبحت عنصرًا مُهمًّا في تطوير السلامة البصرية للمدن, ولم يكن عائقًا صِغَر سنِّهم، بل تحدَّوا جميع العوائق, ذلك ما قام به ثماني مهندسات سعوديات في أمانة محافظة جدَّة على تطوير ثلاث حدائق نوعيَّة في أحياء الفضيلة:(الرياض، والريان، وحديقة السجى)، على مساحة إجمالية تُقدَّر بـ (30,431م٢)، وذلك في إطار تحسين جودة الحياة، والتي تُعدُّ أحد مُستهدَفات رؤية المملكة 2030، لتحسين السلامة البصرية.
وقد أفادت مُصمِّمة الديكور (سابينا جورجينو)أنَّ النِّساء لديهنَّ القدرة على التفكير خارج الإطار التقليدي، واكتشاف مقاربات جديدة في التصميم،وتكاد لا تنفصل السلامة البصرية عن دور المرأة؛ حيث بدأ من ترتيبها لبيتها، وتنسيقها له، حتى إبداعها في جميع مجالات السلامة البصرية والتصاميم.
وفي الدراسات التي تفحص الروابط داخل الدماغ، وُجِدَ أنَّ النساء يَمِلْنَ إلى أن تكون لديهنَّ روابط أقوى جنبًا إلى جنبٍ؛ ممَّا قد يؤدِّي إلى تفكيرٍ أفضل، وتحليلٍ، واستخلاص النتائج، ومن ناحيةٍ أخرى: يميل الرجال إلى امتلاك روابط أقوى من الأمام إلى الخلف؛ ممَّا قد يؤدي إلى زيادة الإدراك، ومهارات حركية أقوى، وذلك ما أكَّدته (هالبيرن) الحاصلة على درجة الدكتوراه، والرئيسة السابقة لجمعيَّة علم النفس الأمريكية، في كتابة الطبعة الأولى من نصِّها الأكاديمي الشهير: «الفروق بين الجنسين في القدرات المعرفية».
إنَّ المرأة تتميَّز في قدرتها على استرجاع الأشكال بشكلٍأكبر من الرجل، يقول: «ترى الفروق بين الجنسين في القدرة على التصوُّر المكاني عند الرُّضع بعمر شهرين وثلاثة أشهر»، وتستجيب الفتيات الرضيعات بسرعةٍ أكبَر للوجوه، ويبدأن التحدُّث مبكرًا، ويتفاعل الأولاد مبكرًا في سنِّ الرضاعة مع التناقضات الإدراكيَّة في بيئتهم البصريَّة.