مقدمة:
«في عالَمٍ يهيمن عليه الرجال، وتَسُوده ثقافة ذكورية، لن نتمكَّن من زحزحة كفَّتي الميزان نحو المساواة ما لم نعتبر حقوق المرأة هدفنا المشترك، ونرى فيها مسارًا لتغييرٍ ينتفع به الجميع»، هكذا كانت افتتاحية هيئة الأمم المتحدة لفعاليات الاحتفال بيوم المرأة العالمي، وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة أن مشاركة المرأة تجعل اتفاقات السلام أكثر استدامةً.
في عام 1986م، كانت (14 ولاية) قد أعلنت بالفعل شهر مارس شهر تاريخ المرأة، وتمَّ استخدام هذا الزَّخم والإجراءات التي تتَّخذها كل ولاية للضغط على الكونجرس لإعلان شهر مارس 1987م بأكمله شهرًا وطنيًّا لتاريخ المرأة.
وفي عام 1987م، تمَّ الإعلان بالفعل، وأصبح يصدر إعلان رئاسي خاص كل عامٍ يكرم الإنجازات غير العادية للمرأة الأمريكية، وانتقل هذا التقليد إلى دول العالَم فيما بعد.
وفي يوم المرأة العالمي نتذكَّر الكثير من النساء العربيات اللواتي لم تتمكَّن الصعوبات والتحديات من إيقافهنَّ، فبفضل العزيمة والإصرار تَمكَنَّ من تخطي كل العقبات، وتسجيل أسمائهن بالأحرف العريضة في كُتب التطور والتقدم, والتاريخ مليءٌ بالنماذج النسائية التي حققت نجاحات في مجالات مختلفة.
المرأة والسلامة والصحة المهنية:
كما هو معروف عن مجال السلامة والصحة المهنية أنَّه من المجالات التي يسيطر عليها الرجال كأغلبية مشاركة، ولكن في الآونة الأخيرة كان للنساء رأي آخر؛ حيث تمكَّن بعضهن من مشاركة الرجال في هذا المجال، بل وأظهرن براعة وكفاءة تدل على حرصهن على نَشْر ثقافة: «كَوْنِي أنثى لا يتعارض مع قدرتي على خوض أصعب التحديات»، فكان لبعضهنَّ بصمة؛ سواء من خلال العمل في القطاع الخاص، أو القطاع الحكومي, بل خاض بعض النساء أيضًا تجربة العمل كمُفتِّشي سلامة وصحة مهنية، والتردد على المصانع والورش المختلفة، وكذلك المنشآت الحكومية والخاصة للتفتيش، والتأكد من وجود معايير السلامة، وتوفُّر مهمات السلامة في بيئة العمل؛ حرصًا على سلامة العاملين في المنشأة, كما حرصت النساء اللائي يعملن في المعامل الطبية والبحثية على تلقِّي أعلى الدورات التدريبية في مجال السلامة والصحة المهنية لضمان سلامة بيئة العمل؛ سواء من خلال تأمين وتفادي خطر الأجهزة أو المواد الكيميائية المستخدمة، أو من خلال الالتزام بقوانين السلامة والصحة المهنية وتطبيقها.
التحديات التي واجهتها المرأة في قطاع السلامة والصحة المهنية:
لم تتمكَّن العقبات والتحديات من إيقاف نساءٍ عربيات من اقتحام جميع مجالات العمل من أوسع أبوابها ليثبتن قدرتهنَّ على التميز والنجاح, حيث وصلت في مجال السلامة والصحة المهنية إلى التفتيش وتأمين بيئات العمل المختلفة، وتنظيم دورات تدريبية للعاملين في القطاع العام والخاص لنشر الوعي بأهمية السلامة والصحة المهنية مع تدريبهم على الاستخدام الصحيح لمهمات الأمن الصناعي, كما خاضت تجربة العمل الخاص في إعداد خطط الطوارئ لكبرى المنشآت الحكومية والخاصة.
ويُعتَبر خوض المرأة هذه التجربة هو التحدي الأكبر لها، ولكنها برعت في تخطِّيه، بل والانتصار عليه، وإثبات كفاءة عالية, فوجود عنصر أنثوي في بيئة ذكورية تعني أن تكون القيادة من نصيب الرجل، ولكن بعض النساء غيرن تلك القاعدة، ونالت مناصب قيادية في مجال السلامة والصحة المهنية.
كما أن الله -سبحانه وتعالى- قد حبى النساء بخاصية استشعار الخطر (الأمومة)، واستغلَّتها أحسن استغلالٍ في مجال السلامة والصحة المهنية كوسيلةٍ للنجاح في العمل, حيث إنَّ استغلال الموهبة لا يقلُّ أهمية عن ابتكارها، والسيدات رائدات في هذا المجال، فهنيئًا لكُنَّ يا سيدات العالَم على اجتيازكنَّ أصعب الطرق والمجالات، وتغلُّبكن على أصعب التحديات والعقبات، وهنيئًا لمجتمعٍ يزخر بكفاءات نسائية قادرة على التفكير والتطوير والإدارة، فكان لِزامًا على العالم أجمع تكريمهنَّ، والاعتراف ببطولتهنَّ بتخصيص يوم عالمي لهُنَّ (اليوم العالمي للمرأة).