عامين من مجلة السلامة العربية
بداية استخدام مفهوم ثقافة السلامة
بدأ استخدام مفهوم «ثقافة السلامة» على المستوى العالمي في أعقاب تقرير أعدَّته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عام 1991 بعد وقوع حادثة (تشيرنوبيل) في السادس والعشرين من أبريل لعام 1986 بأوكرانيا، والتي حدثت نتيجةً للتَّسريبات والانفجار النووي في المحطة.
ومنذ ذلك الوقت اتَّجهت المؤسَّسات والمنظَّمات العاملة في مجال السلامة إلى تنمية وتطوير هذا المفهوم من خلال تنفيذه على مدى أوسع على صناعات غير نوويَّة، وربطه بالحاجة إلى طرق ووسائل وقائيَّة من أجل سلامة العاملين، وكذلك بالجوانب الإنسانيَّة والسلوكيَّة لإدارة فعَّالة للسلامة المهنية.
- تعريف مفهوم: «ثقافة السلامة»:
قدَّم مكتب العمل الدولي تعريفًا لثقافة السلامة بكونها الثقافة التي يكون فيها الحقُّ في بيئة عمل آمنة وصحيَّة- محترمًا على جميع المستويات، وتشارك فیها الحكومات، وأصحاب العمل، والعمال، مشاركةً نشطةً لضمان بیئة عملٍ آمنةٍ وصحیةٍ من خلال نظام من الحقوق والمسؤولیات والواجبات المُحدَّدة، ویُمنَح فیها مبدأ الوقایة أولویَّة قصوى.
ویقتضي تكوین وصَوْن ثقافة وقائیَّة للسلامة والصحة استخدام جمیع الوسائل المتاحة لزیادة الوعي العام، والاطِّلاع على مفاهيم المخاطر والأخطار وفهمها.
أهمية تعزيز ثقافة السلامة:
من خلال التَّعريف السَّابق لثقافة السلامة نستطيع أن ندرك مدى أهميَّة العمل الجماعي، وتدخُّل المُؤسَّسات العاملة والفاعلة في مجال السَّلامة لنشر وتعزيز ثقافة السلامة.
ويُعدُّ تعزيز ثقافة السلامة الإيجابيَّة أمرًا حيويًّا عند تنفيذ وصيانة وتحسين نظام إدارة السلامة في المنظمة.
إنَّ وجود ثقافة سلامة سلبيَّة يمكن أن يخلق مشاكل اجتماعيَّة، ونفسيَّة، وجسديَّة، ويؤدِّي إلى تدهور رفاهية الموظفين وصحتهم.
وعلى مستوى مكان العمل، يُعتَبر وجود ثقافة قويَّة للسلامة المهنية؛ حيث يتمُّ تقدير خَلْق بيئة عمل آمنة وصحية، وتعزيزها من قِبَلِ كلٍّ من الإدارة والعمال. ويعتمد وجود ثقافة إيجابيَّة للسلامة والصحة المهنيَّتين على الإدماج من خلال المشاركة المُجْدية من جانب جميع الأطراف في التحسين المستمر للسلامة في بيئة العمل.
المجتمعات العلميَّة وتعزيز ثقافة السلامة:
يأتي على رأس هذه المؤسسات: المجتمعات العلميَّة التي تُسْهم بكل قوةٍ في تنمية ونشر الثقافة الإيجابيَّة للسلامة المهنية، فتعمل هذه المجتمعات على نَشْر ثقافة السلامة وزيادة الوعي لدى العامَّة بصفةٍ عامةٍ، والعاملين في بيئات العمل المختلفة بصفةٍ خاصةٍ، فتارةً تقيم الندوات والمؤتمرات، وتارةً تُنْشئ التدريبات، وتارةً أخرى تُحرِّر المقالات التي من شأنها تحسين ثقافة السَّلامة في بُلْداننا العربية، وهناك وسائل شتَّى تتنوَّع وتستخدمها تلك المجتمعات العلمية، والتي تعلو من خلالها أهميَّة مشاركة تلك المجتمعات العلمية في تعزيز ثقافة السلامة.
مجلَّة السلامة العربية، ودورها في تعزيز ثقافة السلامة:
هنا يَبْرز الدور الرِّيادي لمجلَّتنا «مجلة السلامة العربية» في تعزيز ثقافة السلامة، أحد أهم وأبرز الكيانات الآن العاملة في مجال السلامة والصحة المهنية، التي لعبت – ولا تزال تلعب – دورًا محوريًّا في خدمة قضايا السلامة في مختلف أنحاء وطننا العربي.
إنَّ المجلة حين تقتحم عامًا جديدًا من عمرها، إنما تقتحم عوالم جديدة من عوالم الثقافة الواسعة من خلال محاولاتٍ صادقةٍ لتقديم ما يفيد القارئ، ويُثْري عقله وتفكيره، ويساعده على تحقيق أقصى قدرٍ من السلامة، فعلى مدى عامين كاملين تمَّ خلالهم إصدار (24 عددًا) للمجلَّة، حملت عبء التَّنوير والتعريف بأهداف السلامة والصحة المهنية، وطرق تحقيق هذه الأهداف، وحملت مَشَاعل التنوير، والتعريف بالمخاطر المهنية في بيئة العمل، وطرق علاجها، والحد منها، والسيطرة عليها؛ حمايةً للعمل والعمال وبيئة العمل.
تنوُّع مقالات المجلة:
تنوَّعت مقالات المجلة خلال العامين الماضيين؛ ممَّا كان له أثـرُه الواضح في نشر وتعزيز ثقافة السلامة لدى أبناء وطننا العربي، فاحتوت أبوابٌ كثيرةٌ منها – على سبيل المثال لا الحصر – السلامة البحرية، والجويَّة، والمروريَّة، والسلامة الإنشائيَّة والكهربائيَّة، والسلامة وعلاقتها بالاستدامة، والسلامة الرياضيَّة، والسلامة في القطاع الطبيِّ، والمنشآت التعليميَّة، وكذلك في قطاع النفط والغاز، وكذلك مُعَايشة الأحداث العربيَّة والعالميَّة، والتَّعليق عليها من منظور السلامة، والحديث عن تقنيات ومُعدَّات السلامة والإطفاء والتكنولوجيا الحديثة في بيئة السلامة، ونشر ثقافة الأكواد العالمية الخاصة بالسلامة، والسلامة الزراعيَّة، والغذائيَّة، والبيئيَّة، والصناعيَّة، وإدارة أنظمة السلامة.