مقدمة:
يترك الآلاف من الأشخاص يوميًّا وظائفهم لأسباب كثيرة؛ من أهمها: أن بيئة العمل ليست ملهمةً لهم، وغير آمنة، ولا يوجد بها أي استراتيجيات تحمي العاملين من الأمراض والإصابات المهنية، وهو الأمر الذي يؤدِّي في نهاية المطاف إلى تراجع كبير في مستوى الإنتاج؛ لذا تُعتبَر الصحة والسلامة المهنية للموظفين من الضروريات الأساسية لأي بيئة عمل، وأصبح هذا الأمر سهلًا بعد ظهور العديد من تقنيات التكنولوجيا الحديثة التي تُوفِّر الصحة العامة والسلامة المهنية للمُوظَّفين في بيئة العمل.
وهنا نطرح سؤالًا مهمًّا:
كيف تساعد التكنولوجيا في سلامة الموظفين عامة؟
المخاطر:
رغم أن التطور التكنولوجي يساعد في تطور الشركات، وتحقيق الأهداف خلال فترة زمنية قصيرة، إلَّا أن هذا التطور أدَّى إلى ظهور العديد من المخاطر التي يجب على أصحاب الشركات ورُوَّاد الأعمال إدراكها، وتجنُّب الوقوع فيها، فبيئات العمل المختلفة (مصانع، وورش، ومختبرات) هي الأكثر عُرضةً للمخاطر والإصابات، وانتشار الأمراض التي من الممكن أن يتعرَّض لها العاملون؛ مثل: ارتفاع درجات الحرارة، ومخاطر المواد السامَّة والغازات المتصاعدة، ومخاطر الآلات الضخمة والأجهزة الحسَّاسة وغيرها؛ لذا لجأت كلُّ هذه الصناعات إلى تقنيات إنترنت الأشياء التي توفر البيئة الآمنة والسلامة المهنية للعمال، ومراقبة صحتهم وقياساتهم الحيوية، وبث كل المعلومات والبيانات إلى غرفة التحكُّم، وتحذيرهم من الأخطار المحتملة.
أجهزة الاستشعار القابلة للارتداء:
تُعتَبر أجهزة الاستشعار القابلة للارتداء من أبرز الوسائل الفعَّالة التي يُمكن استخدامها في بيئة العمل لمواجهة المخاطر، وتوفير جميع حلول السلامة المهنية للموظفين، فمن خلال هذه الأجهزة يمكن للمؤسسات الصناعية الاعتماد عليها لمراقبة البيئة المحيطة بالموظفين، وتحذيرهم من أي خطر، وتساعد البيانات المستخرجة والمخزونة في تطبيق الاستراتيجيات التي تهدف إلى مواجهة المخاطر المحتملة التي تنطوي عليها العمليات، فعندما تتخذ المؤسسات ذات المخاطر المرتفعة مبادرةً مثل: أجهزة الاستشعار القابلة للارتداء لضمان السلامة في مواقع العمل، فإنَّها لا ترفع من معنويات العاملين فقط، بل تُعزِّز مصداقيتها هي نفسها.
وتحتوي تلك الأجهزة على مُعَالجٍ دقيقٍ واتصالٍ بالإنترنت، ويتمُّ ربط كاميرات الفيديو في الغالب أو المستشعرات بجهاز يمكن ارتداؤه لتسمح لنا بمراقبة حركاتٍ مُعيَّنةٍ من الكائنات، أو مراقبة النشاطات المختلفة في المنطقة، أو حتى تتبُّع نشاط الدماغ والقلب والعضلات.
أمثلة على الأجهزة القابلة للارتداء:
أحدثت الأجهزة القابلة للارتداء ثورةً في القطاع الصحي، وتحوَّلت إلى رفيق دائم للإنسان في السنوات الأخيرة بعد أنْ مكَّنته من استخدام العديد من التكنولوجيا المتعلقة بالصحة، بالإضافة إلى قوة أجهزة الاستشعار الحيوية القادرة على مراقبة الحركة والضوء والضغط والحرارة والرطوبة. ومن الممكن أن تستخدم لأغراضٍ أخرى؛ مثل: الإجراء الطبي الإكلينيكي، أو التشخيصي، أو العلاجي. واليوم أصبحت سوق الرعاية الصحية هي الأهم للكثير من العلامات التجارية بعد أن حصلت شركة (أبل) على المركز الثاني بفضل الساعة الذكية التي حصلت على الموافقة للاستخدام الطبي من قَبل من إدارة الغذاء والدواء الأميريكية؛ ومنها:
- أجهزة تتبُّع اللياقة: تكون على شكل أشرطةٍ تُوضَع على الجسم، وتقوم بمراقبة النشاط البدني، وتتصل لاسلكيًّا مع تطبيقٍ على جهازك لتخزين البيانات، والإبلاغ عنها.
- الساعات الذكية: من أكثر الأنواع الشائعة في الأجهزة القابلة للارتداء، وتُلبَس مثل ساعة المِعْصم العادية، وتتصل عبر الـ Bluetooth بهاتف المستخدم، وإبلاغه بالمكالمات والرسائل ووسائل التواصل، والعديد من تلك الساعات لديها القدرة على مراقبة الصحة، ومقاييس اللياقة البدنية؛ كمعدل ضربات القلب، أو عدد الخطوات في اليوم، أو السُّعرات الحرارية المحروقة.
- جهاز مراقبة نظام القلب (هولتر): يُسْتخدم لرصد القلب للمرضى الذين يعانون من عدم انتظام ضربات القلب ومراقبته خارجيًّا، وقد تمَّ اختراع شريحة تُزرَع تحت الجلد لتنظيم ضربات القلب كشريحةٍ علاجيةٍ.
- ملابس ذكية: مصنوعة باستخدام أليافٍ مغلفةٍ بالفضة بقدراتٍ إلكترونيةٍ تستخدم لإرسال البيانات من الملابس إلى الهاتف الشخصي، أو إلى تطبيقاتٍ أخرى. ويمكن لهذه القطع أن تستخدم درجة حرارة جسم الشخص لتوليد كمياتٍ من الكهرباء لتشغيل الأجهزة الشخصية، بالإضافة لتطبيقات يمكنها قياس درجة الحرارة الخارجية، ثم ضبط درجة حرارتها لتلائم تلك الحرارة، فإذا أحسَّت – مثلًا – بالجوِّ البارد، تقوم بتوليد حرارة لتدفئة جسم المستخدم.
تاريخ الأجهزة القابلة للارتداء، وكيف بدأت؟
على الرغم من أنها قد لا تبدو قطعة التكنولوجيا الأكثر تطورًا، إلا أن النظارات كانت في الواقع واحدةً من أوائل الأجهزة القابلة للارتداء، وتشير التقديرات إلى أنه تمَّ تصميم النظارات لأول مرة، واستخدامها في نهاية القرن التاسع عشر، وقد كان ذلك على الأرجح في مكانٍ ما في إيطاليا.
وبعد النظارات كانت أجهزة تحديد الوقت هي التقدُّم التالي في الأجهزة القابلة للارتداء، فالسجلَّات تشير إلى أن الساعات ظهرت لأول مرة في القرن السادس عشر، وتمَّ ارتداؤها في البداية حول رقبة الشخص، وبعدها بدأ الناس بحملها في جيوبهم، وأخيرًا بعد مائة عام أصبحت ساعات المِعْصم رائجة، وبقيت ثابتةً حتى نهاية القرن التاسع عشر، وبعد ذلك ظهرت أجهزة السمع الإلكترونية، وأصبح استخدامها الأكثر شيوعًا.
وكنقلة نوعية في تلك التكنولوجيا وإدخالها في مجال الطب، تمَّ اختراع أجهزة لمراقبة معدل ضربات القلب، وكان يتكوَّن من صندوقٍ كبيرٍ، وأقطابٍ كهربائيةٍ متصلةٍ بصندوق الشخص، ثم بدأت بعدها الاختراعات؛ كاختراع الآلة الحاسبة، وإطلاق ساعات ذكية بشَّرت بعصرٍ جديدٍ من التكنولوجيا.
ما مخاطر تلك الأجهزة؟
- مثلًا في الأجهزة القابلة للارتداء إذا لم يتمَّ نقل بيانات تلك الأجهزة بشكل صحيح، ستواجه الشركات الصانعة لها دعاوى بحجة سوء التصنيع، والتأثير على سُمْعتها.
- أخطار جسدية: يمكن أن يُسبِّب تلف تلك الأجهزة موت مُرْتديها، وبالتالي تُحمَّل شركات التصنيع مسؤولية تلفها.
- إذا فشل عمل الجهاز كما يجب، ستتحمل الشركات مسؤولية الخسارة الاقتصادية.