مقالات المجلة

ملف العدد(2) :آثار التعرُّض للحرارة الزائدة على صحَّة الإنسان وإنتاجه

مقدمة:

أدَّى تغيُّر المناخ إلى ظواهر الطقس والمناخ المتطرِّفة في جميع أنحاء العالم، كما يتَّضح من الزِّيادة في تواتر وشدَّة موجات الحرِّ، وهطول الأمطار الغزيرة، وحرائق الغابات والجفاف، والأعاصير المداريَّة، وهذا له آثارٌ خطيرةٌ على سلامة العمال الَّذين غالبًا ما يكونون أوَّل مَنْ يتعرَّض لهذه المخاطر، وغالبًا لفتَرات أطول، وبكثافة أكبر من عامَّة السكان. (منظمة العمل الدولية 2023)، وخاصَّةً التعرُّض لدرجات الحرارة الزائدة.

آثار الحرارة المرتفعة على سلامة الإنسان:

للحرارة آثارٌ على المدى القريب (أي: حادَّة)، وطويلة الأجل (أي: مُزْمنة) على سلامة الإنسان، ويستجيب جسم الإنسان للحرارة عن طريق إعادة توزيع تدفُّق الدم إلى الجلد، حيث يتمُّ نَقْل الحرارة إلى البيئة من خلال تمدُّد الأوعية الدموية، أو توسُّع الأوعية، ومن خلال التعرُّق، وفقدان الحرارة التبخيري، وتزيد استجابة التَّنظيم الحراري هذه من الطلب على الأكسجين في القلب، والذي يمكن أن يَفُوق العرض بين المصابين بأمراض القلب الكامنة، ويؤدِّي في النهاية إلى نقص تروية القلب، واحتشاء وانهيار، ويُقلِّل الجفاف من حجم الدَّم، ويمكن أن يضاعف هذه الآثار. 

ويمكن أن يزيد الجفاف أيضًا من خطر الإصابة الحادَّة في الكُلَى، وعندما يتمُّ تجاوز قدرة التَّنظيم الحراري للجسم، يكون من غير الممكن الحفاظ على درجة حرارة الجسم في نطاقٍ ضيِّقٍ طبيعيٍّ، وترتفع درجة حرارة الجسم، ويمكن أن تتطوَّر إلى ضربة الشمس.

أمثلة على العمال المُعرَّضين لخطرٍ كبيرٍ:

  • آثار تغيُّر المناخ، واستخدام الأراضي في المناطق المداريَّة الرطبة:

يشهد الكوكب بالفعل آثار ما يقرب من (1.3 درجة مئوية) من الاحترار العالمي (نسبةً إلى عصر ما قبل الصناعة)، ومستويات الحرارة والرطوبة في المناطق المداريَّة العالمية أقرب بكثيرٍ إلى عَتَبات تحمُّل الإنسان من أيِّ مكانٍ آخر على وجه الأرض، وهناك ثلاثة مُحرِّكات رئيسة لزيادة دَرَجات الحرارة في المناطق المداريَّة: (تغيُّر المناخ العالمي، وتغيُّر استخدام الأراضي المحليَّة، والتحضُّر المحلي)، وتشير الاتِّجاهات الحالية للعوامل الثَّلاثة في المناطق المداريَّة إلى أن الآثار الحرارية ستتفاقم في المستقبل.

ووَفْقًا لمعايير سلامة العمال، تمَّ التجاوز خلال العمل ساعات عديدة في النهار، كان الكثير من المناطق الاستوائية حارًّا ورطبًا بدرجة كافية بحيث تمَّ تجاوز عَتَبات العمل الشاقِّ الآمن (معدل الأيض 415 واط)، المقابلة لقيمة العتبة البالغة (26.5 درجة مئوية  WBGT) خلال العقدين الماضيين، وبالتالي حتى العمال المتأقلمين الذين يرتدون ملابس خفيفة يجب أن يحدُّوا وقتَ عملهم بجزءٍ من الساعة (الشكل التالي)، وفي ظلِّ الاحترار العالمي في المستقبل، يتوقَّع أن تزداد درجة الحرارة والرطوبة المحدَّدة فوق مناطق الأراضي المداريَّة.

وفي ظلِّ الاحترار العالمي في المستقبل: من المتوقَّع أن تزداد درجة الحرارة والرُّطوبة النوعيَّة فوق مناطق الأراضي المداريَّة، وتُظْهر النماذج المناخية أنَّ الحرارة الرطبة المحلية (على سبيل المثال: Tw، WBGT) على مناطق الأراضي الاستوائية ستزداد بحوالي (0.8 درجة مئوية – 1.4 درجة مئوية) لكل درجةٍ من الاحترار العالمي خلال جميع أشهر السَّنة، بِغَضِّ النظر عن سيناريو الاحترار؛ لذلك: حتى في ظلِّ (0.5 درجة مئوية إضافية – 1 درجة مئوية من الاحترار العالمي)، سيتأثَّر العمال في الهواء الطلق بكلٍّ من التوسُّع المكانـي، وزيادة نسبة ساعات النهار (العمل) الَّتي تتجاوز عَتَبات التعرُّض الآمن للحرارة (الشكلان B وC).

  • الحرارة الرطبة والعمَّال في الهواء الطلق في المناطق الاستوائيَّة:

في المناطق المداريَّة، يعمل ما يقرب من (1.2 مليار شخص) في سنِّ العمل (15-64 سنة) في الصناعات الخارجية؛ مثل: الزراعة، والغابات، ومصايد الأسماك، والبناء، وَفْقًا للإحصاءات المُجَمعة الصادرة عن منظمة العمل الدولية، وبيانات السكان في سنِّ العمل العالمية. وقد أدَّت التغيرات واسعة النطاق بالفعل إلى تأثيرات كبيرة سيتمُّ تضخيمها بشكل أكبر على مدار القرن بسبب النمو السكاني المتوقَّع.

الخاتمة:

تمَّ ربط المخاطر المرتبطة بتغيُّر المناخ بالعديد من الآثار الصحية، بما في ذلك الإصابات، والسرطان، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض الجهاز التنفُّسي، وقضايا الصحَّة العقلية، كما أنَّ الآثار المالية كبيرة أيضًا بسبب فقدان الإنتاجيَّة، وتعطُّل الأعمال، والبُنْية التحتيَّة المتضرِّرة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *